منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية

منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية (http://al-ershaad.net/vb4/index.php)
-   قسم التوبـة والدعوة الى الله وتزكية النفس (http://al-ershaad.net/vb4/forumdisplay.php?f=39)
-   -   لماذا يملك العاصون والمجاهرون بالمعصية أموالا طائلة؟ (http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=5579)

محتارة 02-03-2010 09:56 AM

لماذا يملك العاصون والمجاهرون بالمعصية أموالا طائلة؟
 
فضيلة الشيخ

ارجو ان تقدم لي اجابة شافية عن سؤال يؤرقني.

انا فتاة كنت اعمل في شركة صاحبها يمتلك الملايين. كان صاحب الشركة يجاهر بالمعصية سواء بالإجهار بالإفطار ايام شهر رمضان المبارك جهارا نهارا، وتناول المشروبات الكحولية. يصف من يقوم للصلاة خلال مؤتمر او ما شابه بالشيخ او الإخوان المسلمين على سبيل الاستهزاء من العبادات ومن يقوم بها، بل وانه كان يطلب منا كموظفين الافطار بشهر رمضان قائلا: العمل عبادة واهم من الصيام وانتم بصيامك تقصرون بحق العمل الذي تتلقون عليه اجرا، انا احلل لكم الافطار في رمضان!! وعن شروط الشركه لملابس الفتيات فحدث ولا حرج، والويل كل الويل لمن ارتدت ملابس محتشمة، فقد جاء في أمر إداري: يمنع لبس الملابس الغريبة كالجلباب والعباية!! المواقف المشابهة كثيرة. تركت العمل في هذه الشركة منذ ما يزيد عن عام ويعلم الله اني لم اكن اعلم ان هذا هو الحال قبل ان اتوظف. أعمل الآن في مجال ليس فيه اختلاط.

السؤال الذي يؤرقني ويقض مضجعي: لماذا يمتلك المجاهرون بالمعصية والمستهزؤون بالدين الاموال الطائلة ويحار الملتزم في زاد يومه وفي تسديد التزاماته؟ لا اريد ان نمتلك الأموال الطائلة فقط حد الكفاف

أهذا ابتلاء لنا؟ وان كان فقرنا ابتلاءنا، فما هو ابتلاءهم هم؟؟

عبد الرحمن السحيم 04-03-2010 07:54 AM

الجواب :

الابتلاء يكون بالخير والشرّ .
ويكون الابتلاء بالمال وبالفَقْر .

وأشْرف الْخَلْق هو نبينا صلى الله عليه وسلم ، وقد مات ولم يشبَع مِن خُبْز الشعير .
قَالَ أبو هريرة رضي الله عنه : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الدُّنْيَا وَلَمْ يَشْبَعْ مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ . رواه البخاري .
وسُئل سَهْلَ بْنَ سَعْد رضي الله عنه : هَلْ أَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّقِيَّ ؟ فَقَالَ سَهْلٌ : مَا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّقِيَّ مِنْ حِينَ ابْتَعَثَهُ اللَّهُ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ . رواه البخاري .
وقالت عائشة رضي الله عنها : إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلالِ ثُمَّ الْهِلالِ ، ثَلاثَةَ أَهِلَّة فِي شَهْرَيْنِ ، وَمَا أُوقِدَتْ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَارٌ . فقيل لها : مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ ؟ قَالَتْ : الأَسْوَدَانِ : التَّمْرُ وَالْمَاءُ . رواه البخاري ومسلم .

قال عمر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : وإنه لعلى حصير ما بينه وبينه شيء ، وتحت رأسه وسادة من أدَم حشوها ليف ، وإن عند رجليه قرظا مصبوبا ، وعند رأسه أُهُب معلقة ، فرأيت أثر الحصير في جنبه فَبَكَيت ، فقال : ما يُبكيك ؟ فقلت : يا رسول الله إن كسرى وقيصر فيما هما فيه ، وأنت رسول الله ! فقال : أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة ؟ رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية لمسلم : وإنه لَعَلَى حَصير ما بينه وبينه شيء ، وتحت رأسه وسادة من أَدَم ، حشوها لِيف ، وإن عند رِجليه قَرَظا مَضْبُورا ، وعند رأسه أُهُبًا مُعَلّقة ، فرأيت أثر الحصير في جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكيت ، فقال : ما يُبكيك ؟ فقلت : يا رسول الله إن كسرى وقيصر فيما هما فيه ، وأنت رسول الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما ترضى أن تكون لهما الدنيا ولك الآخرة .

وكان قارون مِن أكثر الناس مالاً ، فما أغنى عنه ماله ، وكذلك كل شَبيه لِقارون ! فإنما يُعذّب بِسبب مالِه وحَرْصه على جَمْعه ، وخَوفه عليه ، ثم يكون هو كَنْزه الذي يُعذّب به في قبره ويوم القيامة .

وقد أخبر الله عَزّ وَجلّ عن تعذيب أصحاب الأموال بأموالهم ، فقال عَزّ وَجلّ : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَاب أَلِيم (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ) .

ومَن مَلَك مالاً ولم يُؤدِّ زكاته كان وَبَالاً عليه في الدنيا وفي البرزخ - في القبر - ويوم القيامة .
قال عليه الصلاة والسلام : مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ لَهُ زَبِيبَتَانِ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَيْهِ - يَعْنِي شِدْقَيْهِ - ثُمَّ يَقُولُ : أَنَا مَالُكَ ، أَنَا كَنْزُكَ ، ثُمَّ تَلا : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) الآيَةَ . رواه البخاري .

وقد قال الله عَزّ وَجلّ لِنبيِّه صلى الله عليه وسلم : (فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ) .

قال عليه الصلاة والسلام : إذا رأيت الله يُعْطِي العبد مِن الدنيا على مَعَاصِيه ما يُحِبّ فإنما هو استدراج ، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْء حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ) . رواه الإمام أحمد ، وصححه الألباني والأرنؤوط .

قال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه : ابْتُلِينا بالضراء فَصَبَرْنا ، وابْتُلِينا بالسراء فلم نَصبر . رواه عبد الرزاق .

كما أنه لا دلالة لكل تضييق على العبد ، ولا لكل ابتلاء ؛ على أنه شرّ .

قال القرطبي : فَبَسْط الرزق على الكافر لا يدلّ على كَرَامته . اهـ .

,قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : فليس كل مَن وُسّع عليه رزقه يكون مُكرَما ، ولا كل من قُدِر عليه رزقه يكون مُهانا ، بل قد يوسّع عليه رزقه إملاء واستدراجا ، وقد يقدر عليه رزقه حماية وصيانة له ، وضيق الرزق على عبدٍ من أهل الدِّين قد يكون لِمَالَه مِن ذُنوب وخطايا ، كما قال بعض السلف : إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه . اهـ .

قال الله تعالى : (فَأَمَّا الإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ) .. فهذا مغْرُور .. ويُقابِله الْجَاحِد (وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ) .

قال ابن القيم : " فَـرَدَّ اللهُ سُبحانه على مَن ظّن أنَّ سَعَة الرِّزْق إكْرام ، وأنَّ الفَقْر إهَانة ، فقال : لَم أبْتَلِ عبدي بالغِنى لِكَرَامَتِه عَلَيَّ ، ولم أبْتَلِه بالفَقْر لِهَوانِه عليَّ . اهـ .

وحقيقة الغِنى هو غِنى النفس ، كما قال عليه الصلاة والسلام : ليس الغنى عن كثرة العَرَض ، ولكن الغِنى غِنى النفس . رواه البخاري ومسلم .

وكم مِن الناس يشقى بِجَمْع المال ، ثم يشقى بِحِفظه والحرص عليه ؟ ثم لا يستمتع مِنه إلاّ بالقليل !
بل إن المشاهَد أن أكثر الناس أمراضا هم التجّار ! لِكثرة ما يُولُون أموالهم مِن عناية واهتمام وحِرص بالِغ !

وسبق :
كيف نُوفّق بين حديث " إن العبد ليحرم الرزق من ذنب يصيبه " ، وبين التوسيع على العُصاة في الرزق ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=10428

والله تعالى أعلم .


الساعة الآن 01:15 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى