نسمات الفجر
الصورة الرمزية نسمات الفجر

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 19
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 3,356
بمعدل : 0.65 يوميا

نسمات الفجر غير متواجد حالياً عرض البوم صور نسمات الفجر


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسم الخُطب المنبرية
افتراضي خُطبة جُمعة (الصلاة وفوائدها)
قديم بتاريخ : 22-12-2013 الساعة : 07:51 PM

أيُّها المؤمنونَ
إنَّ اللهَ عزَّ وَجَلَّ ما شَرَعَ الشرائعَ ولا فَرَضَ الفرائضَ ولا حدَّ الحدودَ ؛ إلاّ لِمصالِحِ العبادِ .
ولا أرسَلَ الرُّسُلَ ، ولا أْنَزلَ الكُتبَ ، إلاّ لِتحقيقِ التقوى .
فَبِها قِوامُ حياتِهم ، وبِها يَصِلُونَ إلى الدرجاتِ العُلى ، ويترَقَّونَ في دَرَجاتِ الجنةِ ، ويتسنّمونَ الذُّرَى في الدنيا وفي الآخرةِ .
وإنَّ مِن أجلِّ أعمالِ المسلمِ ما فُرِضَ عليه أداؤهُ في كلِّ يومٍ وليلةٍ ، تِلَكَ الفريضةُ التي ضيَّعَها كثيرٌ مِنَ النَّاسِ ، ودَخلوا بذلِكَ في وصْفِ المنافقينَ : (وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلا) ، هذا وَهُمْ يَقُومونَ إليها ، فَكيفَ بِمنْ تَرَكَها بالكُلِّـيَّةِ ؟
وأمَّا أهلُ النَّارِ ، فإنَّهم إذا سُئلُوا: (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ) ؟ (قَالَوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) .

أيُّها الموفَّقُ :
عَمَلُكَ هو أَمَلُكَ ، وَهُوَ حياتُكَ ومستقبلُكَ .
كُلُّ عامِلٍ يَعملُ لِمَصلحةِ نَفْسِهِ (وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ)

أيُّها المبارَكُ :
الصلاةُ خيرٌ مَوضوعٌ وَشَرٌّ مَدفوعٌ ، وعَمَلٌ صالِحٌ مُتَقَبَّلٌ مَرفوعٌ ، وفي الحديثِ : الصَّلاةُ خَيْرُ مَوْضُوعٍ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَسْتَكْثِرَ فَلْيَسْتَكْثِر . رَوَاهُ الطبرانيُّ في الأوسطِ ، وَحسَّنَهُ الألبانيُّ .
قَالَ الخطّابيُّ : يُريدُ أنَّها أفضلُ ما وُضِعَ مِنَ الطاعاتِ, وَشُرِعَ مِنَ العباداتِ . اهـ .

الصلاةُ مَفْزَعٌ لِكُلِّ مكروبٍ . لِذا كَانَ مِنْ هديهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّهُ إذا حَزَبَهُ أمْرٌ صَلّى . كما في مُسندِ الإمامِ أحمدَ وسُننِ أبي داودَ ، وحسَّنَهُ الشيخُ الألبانيُّ .

الصلاةُ قُرّةُ العَيْنِ ، وراحةُ النَّفْسِ ، وطُمأنينةُ القَلْبِ
قَالَ رسولُ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : جُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاةِ . رَوَاهُ الإمامُ أحمدُ والنسائيُّ .
وَكَانَ رسولُ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقولُ لِبلالٍ : أرِحْنا بِها . رَوَاهُ الإمامُ أحمدُ وأبو داودَ.

الصَّلاةُ نُورٌ يُضيءُ القلوبَ والقبورَ .
وفي الحديثِ : الصَّلاَةُ نُورٌ ، وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ . رَوَاهُ مُسلِمٌ .
قَالَ ابنُ رَجَبٍ : فَالصَّلاةُ نُورٌ مُطْلَقٌ .. فَهِيَ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الدُّنْيَا نُورٌ فِي قُلُوبِهِمْ وَبَصَائِرِهِمْ، تُشْرِقُ بِهَا قُلُوبُهُمْ، وَتَسْتَنِيرُ بَصَائِرُهُمْ ، وَلِهَذَا كَانَتْ قُرَّةَ عَيْنِ الْمُتَّقِينَ .. وَهِيَ نُورٌ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي قُبُورِهِمْ، وَلاسِيَّمَا صَلاةُ اللَّيْلِ كَمَا قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: صَلُّوا رَكْعَتَيْنِ فِي ظُلَمِ اللَّيْلِ لِظُلْمَةِ الْقُبُورِ.. وَهِيَ فِي الآخِرَةِ نُورٌ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي ظُلُمَاتِ الْقِيَامَةِ، وَعَلَى الصِّرَاطِ، فَإِنَّ الأَنْوَارَ تُقَسَّمُ لَهُمْ عَلَى حَسَبِ أَعْمَالِهِمْ . وَفِي " الْمُسْنَدِ " وَ " صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ " عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو عَنِ النَّبِيِّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ذَكَرَ الصَّلاةَ، فَقَالَ: مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا، كَانَتْ لَهُ نُورًا وَبُرْهَانًا وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا، لَمْ يَكُنْ لَهُ نُورٌ وَلا نَجَاةٌ وَلا بُرْهَانٌ . اهـ .

الصلاة نُورٌ في الآخِرَةِ .
وفي الحديثِ : بَشِّرِ المشائينَ في الظُّلَمِ إلى المساجدِ بالنورِ التامِ يومَ القيامةِ . رَوَاهُ أبو داودَ والترمذيُّ . وصَحَّحَهُ الألبانيُّ .

الصلاةُ مَنْهَاةٌ عَنِ الإثمِ .
(وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)
قَالَ القرطبيُّ : الصَّلاةُ تَشْغَلُ كُلَّ بَدَنِ الْمُصَلِّي، فَإِذَا دَخَلَ الْمُصَلِّي فِي مِحْرَابِهِ وَخَشَعَ وَأَخْبَتَ لِرَبِّه وَتَذكَّرَ أَنَّهُ وَاقِفٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَنَّهُ مُطَّلِعٌ عَلَيْهِ وَيَرَاهُ، صَلُحَتْ لِذَلِكَ نَفْسُهُ وَتَذَلَّلَتْ، .. وَظَهَرَتْ عَلَى جَوَارِحِهِ هَيْبَتُهَا، وَلَمْ يَكَدْ يَفْتُرُ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى تُظِلَّهُ صَلاةٌ أُخْرَى يَرْجِعُ بِهَا إِلَى أَفْضَلِ حَالَةٍ .. لأَنَّ صَلاةَ الْمُؤْمِنِ هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ .. لا سِيَّمَا وَإِنْ أَشْعَرَ نَفْسَهُ أَنَّ هَذَا رُبَّمَا يَكُونُ آخِر عَمَلِهِ . اهـ .
وفي الحديثِ : إذا قُمْتَ في صلاتِكَ فَصَلِّ صلاةَ مودعٍ . رَوَاهُ الإمامُ أحمدُ وابنُ مَاجَه . وَحَسَّنَهُ الألبانيُّ .

الصلاة تُكفَّرُ بها الخطايا وتُرْفَعُ بِها الدرجاتُ
وفي الحديثِ : أَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا ، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ ؟ قَالَوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ ، وَانْتِظَارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ ؛ فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ . رَوَاهُ مسلمٌ .

الصلاةُ أمَانٌ مِنَ الْجَزَعِ والْهَلَعِ والشُّحِّ والبُخلِ ، وفي التَّنْزِيل : (إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلاَّ الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ)

الصلاةُ مِنْ أعظَمِ أسبابِ التوفيقِ في الدنيا وفي الآخرةِ ، وبابٌ مِن أبوابِ الرِّزقِ أيضا ، كما قَالَ تعالى : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى) .

الصلاةُ مِنْ أعظَمِ أسبابِ الثباتِ .
قَالَ تباركَ وتعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) .
قَالَ ابنُ كثيرٍ : الصلاةُ مِنْ أكبرِ العَوْنِ على الثباتِ في الأمْرِ . اهـ .
قَالَ ابنُ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : مَنْ سَرَّهُ أن يَلْقَى الله غَدًا مُسْلِمًا فَلَيُحافِظْ على هؤلاءِ الصلواتِ حيثُ يُنادَى بِهنَّ ، فإنَّ اللهَ شَرَعَ لِنبيِّكِم صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَنَ الْهُدى ، وإنَّهنَّ مِن سُنَنِ الْهُدى ، وَلَو أنَّكُم صَلّيتُم في بيوتِكِم كَما يُصَلِّي هَذا الْمُتَخَلِّفُ في بيتِهِ لَتَرَكْتُم سُنةَ نَبيكِم ، ولو تَركْتُم سُنةَ نَبيِّكِم لَضَللتُم ، وما مِن رَجَلٍ يَتطهرُ فيُحْسِنُ الطُّهورَ ثم يَعْمَدُ إلى مَسجدٍ مِن هذِهِ المساجدِ إلاَّ كَتَبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ خطوةٍ يَخطُوها حَسَنَةً ، وَيَرفَعُهُ بِها درجةً ، ويَحُطُّ عنه بِها سَيئةً ، وَلَقَدْ رأيتُنا وما يَتَخَلَّفُ عَنها إلاَّ مُنَافِقٌ مَعلومُ النِّفاقِ ، وَلقدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤتَي به يُهَادَى بَينَ الرَّجُلَينِ حتى يُقَامَ في الصَّفِّ. رَوَاهُ مُسلِمٌ .

الصلاةُ : صَبْرٌ لِمَكْلُومٍ وَسُلْوانٌ لِمَحْرُومٍ
نُعِي إلى ابنِ عَبَّاسٍ أخُوه قُثَمٌ وهُوَ في سَفَرٍ ، فاسترْجَعَ وَتَنّحَى عَنِ الطَّريقِ وصَلَّى ، ثُمَّ انصرفَ إلى راحِلَتِهِ وهو يَقْرَأُ : (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) . رَوَاهُ ابنُ جَريرٍ في تَفسيرِهِ .

في الصلاةِ : صُحبةُ المتّقينَ الأخيارِ
وفي الحديثِ : مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَتْ لَهُ نُورًا، وَبُرْهَانًا، وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نُورٌ، وَلا بُرْهَانٌ، وَلا نَجَاةٌ، وَكَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ، وَفِرْعَوْنَ، وَهَامَانَ، وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ . رَوَاهُ الإمامُ أحمدُ بإسنادٍ حَسَن .
فمَنْ لَمْ يُصلِّ صَحِبَ الأشرارَ في النارِ .

شفاعةُ المؤمنينَ إنَّما تَكونُ للمُصلِّينَ .
فقد ذَكَرَ رسولُ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصِّراطَ ومُجَاوزَتَهُ، فقَالَ : حَتَّى يَمُرَّ آخِرُهُمْ يُسْحَبُ سَحْبًا، فَمَا أَنْتُمْ بِأَشَدَّ لِي مُنَاشَدَةً فِي الحَقِّ، قَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنَ المُؤْمِنِ يَوْمَئِذٍ لِلْجَبَّارِ، وَإِذَا رَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ نَجَوْا، فِي إِخْوَانِهِمْ، يَقُولُونَ: رَبَّنَا إِخْوَانُنَا كَانُوا يُصَلُّونَ مَعَنَا، وَيَصُومُونَ مَعَنَا، وَيَعْمَلُونَ مَعَنَا، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: اذْهَبُوا، فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ دِينَارٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ، وَيُحَرِّمُ اللَّهُ صُوَرَهُمْ عَلَى النَّارِ، فَيَأْتُونَهُمْ وَبَعْضُهُمْ قَدْ غَابَ فِي النَّارِ إِلَى قَدَمِهِ، وَإِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ، فَيُخْرِجُونَ مَنْ عَرَفُوا . رَوَاهُ البُخاريُّ .

الصلاةُ بِها النَّجاةُ مِنَ النَّارِ
وفي الحديثِ : حَتى إذا أرَادَ اللهُ رَحْمَةً مَنْ أرَادَ مِنْ أهْلِ النَّارِ أمَرَ اللهُ الْمَلائكَةَ أنْ يُخْرِجُوا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللهَ ، فَيُخْرِجُونَهم ويَعْرِفُونَهُم بِآثَار السُّجُودِ ، وحَرَّم اللهُ على النَّارِ أنْ تَأكُلَ أثَرَ السُّجُودِ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ فَكُلُّ ابْنِ آدَمَ تَأكُلُهُ النَّارُ إلاَّ أثَرَ السُّجُودِ ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ . رَوَاهُ البُخاريُّ ومُسلِمٌ .

ضيافةُ الْجَنةِ تُعَدُّ لأهلِ الصلاةِ كُلَّما بادروا إلى الصلاةِ .
وفي الحديثِ : مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ وَرَاحَ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ نُزُلَهُ مِنْ الْجَنَّةِ كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ. رَوَاهُ البُخاريُّ ومُسلِمٌ .

الصلاةُ أدخلتْ بِلالاً الجنةَ وهو يَمشي على الأرضِ !
قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لِبلالٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، فإنَّهُ قَالَ : يا بلالُ حَدِّثني بأرْجَى عَمَلٍ عَمِلتَهُ عِنْدَكَ في الإسلامِ مَنفعةً ؟ فَإنِّي سمعتُ الليلةَ خَشفَ نعليكَ بين يديْ في الْجَنَّةِ . قَالَ بِلالٌ : ما عَمِلْتُ عملا في الإسلامِ أرْجَى عِندي مَنفَعَةً مِنْ أنَّي لا أتَطَهَّرُ طَهورا تاما في ساعَةٍ مِنْ لَيلٍ ولا نَهَارٍ إلاَّ صَليتُ بِذلِكَ الطُّهورِ ما كَتَبَ اللهُ لي أنْ أُصَلِّي . رَوَاهُ البُخاريُّ وَمُسلِمٌ .


الثانية :

عِبادَ اللهِ
في الصلاةِ - فَرضها ونَفْلها - فوائدٌ لا تُحصَى فيا حَسْرةَ الْمُفرِّطينَ .
قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ دَأَبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ ، وَإِنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ قُرْبَةٌ إِلَى اللَّهِ ، وَمَنْهَاةٌ عَنْ الإِثْمِ ، وَتَكْفِيرٌ لِلسَّيِّئَاتِ ، وَمَطْرَدَةٌ لِلدَّاءِ عَنْ الْجَسَدِ . رواه الترمذي ، وحسّنه الألباني .

ومِنْ فوائدِ قيامِ الليلِ : محبةِ اللهِ لِعَبْدِهِ .
وقيامُ الليلِ مِنْ أسبابِ دُخولِ الجنةِ ، كَمَا قال عليه الصلاة والسلام : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، أَفْشُوا السَّلامَ ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ ؛ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلامٍ . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه .
وقال عليه الصلاة والسلام : إنَّ في الجنةِ لَغُرَفًا يُرى بُطونُها مِن ظُهورِها ، وظُهورُها مِن بُطونِها . فقال أعرابيٌّ : يا رسولَ اللهِ ، لِمَنْ هي ؟ قال : لمن أطابَ الكلامَ ، وأطعمَ الطعامَ ، وصلى للهِ بالليلِ والناسُ نِيامٌ . رواه الإمامُ أحمدُ والترمذي .
وقيامُ الليلِ دليلٌ على الإخلاصِ ؛ لأنه أبْعَدُ ما يكونُ عَنْ أعينِ الناسِ .
قال الشيخُ ابنُ سعدي رحمه الله : ومِنْ أفضلِ أنواعِ الإحسانِ في عبادةِ الخالِقِ : صلاةُ الليلِ ، الدالةُ على الإخلاصِ ، وتواطؤِ القلبِ واللسانِ . اهـ .

وقد عَدّ ابن القيم فوائد كثيرة للصلاة ، فقال :
وَالصَّلاةُ مَجْلَبَةٌ لِلرِّزْقِ ، حَافِظَةٌ لِلصِّحَّةِ ، دَافِعَةٌ لِلأَذَى ، مَطْرَدَةٌ لِلأَدْوَاءِ ، مُقَوِّيَةٌ لِلْقَلْبِ ، مُبَيِّضَةٌ لِلْوَجْهِ ، مُفْرِحَةٌ لِلنَّفْسِ ، مُذْهِبَةٌ لِلْكَسَلِ، مُنَشِّطَةٌ لِلْجَوَارِحِ، مُمِدَّةٌ لِلْقُوَى، شَارِحَةٌ لِلصَّدْرِ مُغَذِّيَةٌ لِلرُّوحِ، مُنَوِّرَةٌ لِلْقَلْبِ، حَافِظَةٌ لِلنِّعْمَةِ، دَافِعَةٌ لِلنِّقْمَةِ، جَالِبَةٌ لِلْبَرَكَةِ، مُبْعِدَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، مُقَرِّبَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ .
وَبِالْجُمْلَةِ: فَلَهَا تَأْثِيرٌ عَجِيبٌ فِي حِفْظِ صِحَّةِ الْبَدَنِ وَالْقَلْبِ، وَقُوَاهُمَا وَدَفْعِ الْمَوَادِّ الرَّدِيئَةِ عَنْهُمَا، وَمَا ابْتُلِيَ رَجُلانِ بِعَاهَةٍ أَوْ دَاءٍ أَوْ مِحْنَةٍ أَوْ بَلِيَّةٍ إِلاَّ كَانَ حَظُّ الْمُصَلِّي مِنْهُمَا أَقَلَّ، وَعَاقِبَتُهُ أَسْلَمَ .
وَلِلصَّلاةِ تَأْثِيرٌ عَجِيبٌ فِي دَفْعِ شُرُورِ الدُّنْيَا ، وَلا سِيَّمَا إِذَا أُعْطِيَتْ حَقَّهَا مِنَ التَّكْمِيلِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا ، فَمَا اسْتُدْفِعَتْ شُرُورُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، وَلا اُسْتُجْلِبَتْ مَصَالِحُهُمَا بِمِثْلِ الصَّلاةِ، وَسِرُّ ذَلِكَ أَنَّ الصَّلاةَ صِلَةٌ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَعَلَى قَدْرِ صِلَةِ الْعَبْدِ بِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ تُفْتَحُ عَلَيْهِ مِنَ الْخَيْرَاتِ أَبْوَابُهَا، وَتُقْطَعُ عَنْهُ مِنَ الشُّرُورِ أَسْبَابُهَا، وَتُفِيضُ عَلَيْهِ مَوَادُّ التَّوْفِيقِ مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالْعَافِيَةُ وَالصِّحَّةُ، وَالْغَنِيمَةُ وَالْغِنَى، وَالرَّاحَةُ وَالنَّعِيمُ، وَالأَفْرَاحُ وَالْمَسَرَّاتُ كُلُّهَا مُحْضَرَةٌ لَدَيْهِ، وَمُسَارِعَةٌ إِلَيْهِ . اهـ .

وقَالَ الشيخُ السَّعدِيُّ : وَمِنْ فضائلِها [يَعني: الصَّلاةَ] أنَّها أكْبرُ عَونٍ لِلعَبْدِ عَلى مَصالِحِ دِينِهِ ودُنياهُ , قَالَ تعالى : (وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ) أيْ : عَلى كُلِّ الأمورِ .
أمَّا عونُها على الْمَصالِحِ الدينيةِ فإنَّ العَبْدَ إذا دَاومَ على الصَّلاةِ وحَافَظَ عَليها قويتْ رَغبتُهُ في فِعْلِ الخيراتِ وَسَهُلَتْ عليه الطاعاتُ وَبَذَلَ الإحسانَ بِطَمأنينةِ نَفْسٍ واحتسابٍ ورَجَاءٍ للثوابِ ، وتَذْهَبُ أو تَضْعُفُ داعيتُهُ لِلمَعَاصي ، وهذا أمْرٌ مَحسوسٌ مُشاهَدٌ ؛ فإنَّك لا تَجِدُ مُحافِظا على الصلاةِ فروضِها ونوافِلِها إلاَّ وَجَدْتَ تأثيرَ ذلِكَ في بَقِيةِ أعمالِهِ ، ولِهذا كانتِ الصلاةُ عُنوانا للفلاحِ ، قَالَ تعالى (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) ، والْمرادُ : عمارتُها بالصلاةِ والقرباتِ .
وأمَّا عَونُها على الْمَصالِحِ الدنيويةِ فإنَّها تهوِّنُ المشاقَّ وتُسلِّي عنِ المصائبِ ويُجازِي اللهُ صاحِبَها بتيسيرِ أمورِهِ ، ويُبَارِكُ لَهُ في مالِهِ وأعمالِهِ وجميعِ ما يَتَّصِلُّ بِهِ ويُباشِرُهُ .
ومِنْ فضائلِها أنَّ مَنْ أكملَها وأتْقنَها فَقَدْ فَازَ وسَعِدَ ، وفي حديثِ أبي هريرةَ مرفوعا : " أولُّ ما يَحاسَبُ عَنْهُ العبدُ صلاتَهُ ، فإنْ كَانَ قَدْ أتَمَّها فَقَدْ أفْلَحَ وأَنْجَحَ "
وقَالَ :
وللصلاةِ خَمْسُ فوائدَ كُلُّ واحدةٍ خَيرٌ مِنَ الدُّنيا وما عَليها : تَكميلُ الإسلامِ التي هِيَ أكْبرُ أركانِهِ ، وتكفيرُ السيئاتِ ، وزيادةُ الحسناتِ ، ورِفعةُ الدَّرجاتِ ، وزيادةُ القُرَبِ مِنْ رَبِّ السماواتِ ، وزيادةُ الإيمانِ في القَلْبِ ونورِهِ .
وقَالَ رِحَمَهُ اللهُ : وَمَعلُومٌ عِنْدَ جَميعِ الأطباءِ أنَّ السعيَ في راحَةِ القَلْبِ وسُكُونِهِ وَفَرَحَهِ وَزوالِ غَمِّهِ وَهَمِّهِ مِنْ أكْبَرِ الأسبابِ الجالِبَةِ لِلصِّحَةِ الدَّافِعَةِ للأمراضِ الْمُخَفِّفَةِ للآلامِ .
وذلِكَ مُجَرَّبٌ مُشاهَدٌ وخُصُوصا صلاةَ الليلِ أوقاتَ الأسحارِ فإنَّ النَّبيَّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ في الحديثِ الصحيحِ أنَّ العَبْدَ إذا قَامَ مِنَ الليلِ فَذَكَرَ اللهَ وتوضأَ ثُمَّ صَلَّى مَا كُتَبَ لَهُ انحلَّتْ عَنْهُ عُقَدُ الشيطانِ كُلُّها ، فَأصْبَحَ طَيِّبَ النَّفسِ نشيطا ، وإلا أَصْبَحَ خَبيثَ النَفْسِ كَسْلانا .
وَمَصالِحُ الصَّلاةِ الدينيةِ والاجتماعيةِ والبدنيةِ لا تُعَدُّ ولا تُحْصَى . اهـ .

أيُّها الْمُبارَكُ :
علِّقْ قَلبَكَ في المساجِدِ
ففِي حديثِ السَبْعَةِ الذينَ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ : وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ . رَوَاهُ البُخاريُّ ومُسلِمٌ .
قَالَ النوويُّ : مَعْنَاهُ : شَدِيدُ الْحُبِّ لَهَا وَالْمُلازَمَةِ لِلْجَمَاعَةِ فِيهَا ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ : دَوَامُ الْقُعُودِ فِي الْمَسْجِدِ . اهـ .

أيُّها الموفَّقُ :
لتُكُنْ الصلاةُ أكْبرَ همِّكَ ، لتأتيكَ الدُّنيا راغِمَةً .
ففي الحديثِ : مَنْ كَانَتِ الآخرةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللهُ غِناه في قَلْبِهِ ، وجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ ، وأتَتْهُ الدُّنيا وَهِيَ رَاغِمَةٌ ، ومَنْ كَانتِ الدُّنيا هَمَّهُ جَعَلَ اللهُ فَقْرَهُ بينَ عَينيهِ ، وفَرَّقَ عَليهِ شَمْلَهُ، ولَمْ يأتِهِ مِنَ الدُّنيا إلاَّ ما قُدِّرَ لَهُ . رَوَاهُ الترمذيُّ ، وحسَّنَهُ الألبانيُّ بِمجموعِ طُرُقِهِ .

قَالَ عُدَيُّ بِنُ حاتِمٍ : ما جاءتِ الصَّلاةُ قطُّ إلاَّ وأنَا إليها بالأشواقِ ، ولا جاءتْ قطُّ إلاَّ وأنا مُسْتَعِدّ .

إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
خُطبة جُمعة .. في شأن الماء نسمات الفجر قسم الخُطب المنبرية 0 24-11-2015 08:33 PM
خُطبة جُمعة عن .. (الإنصاف) نسمات الفجر قسم الخُطب المنبرية 0 15-11-2015 01:24 PM
خُطبة جُمعة عن .. (خطر النفاق) نسمات الفجر قسم الخُطب المنبرية 0 06-10-2015 07:57 PM
خُطبة جُمعة .. عن الوَرَع نسمات الفجر قسم الخُطب المنبرية 0 03-04-2015 08:06 AM
خُطبة جُمعة .. عن (الإحسان) نسمات الفجر قسم الخُطب المنبرية 0 03-01-2015 08:22 AM

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 06:20 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى