|
|
المنتدى :
تزكية النفس وما يتعلق بها
كيف يمتلك المؤمن قلبا حيا سليما ؟
بتاريخ : 05-10-2018 الساعة : 06:36 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا فضيلة الشيخ
كيف يمتلك المؤمن قلبا حيا سليما لينطيق عليه قوله تعالى: {يوم لا ينفع مال ولا بنون * إلا من أتى الله بقلب سليم}
بارك الله بجهودكم
_____________________________________
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا ، وبارك الله فيك .
يكون ذلك بِتعاهد القلب وإصلاحه ، وتنظيفه مِن الأحقاد والأضغان ، ومِن كل خُلُق مذموم مرذول .
ولذا لَمّا قيل لِرسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الناس أفضل ؟ قال : كل مَخْمُوم القلب ، صدوق اللسان . قالوا : صدوق اللسان نَعْرِفُه ، فما مَخْمُوم القلب ؟ قال : هو التَّقِيّ النَّقِيّ ، لا إثم فيه ولا بَغْي ، ولا غِلّ ولا حَسَد . رواه ابن ماجه ، وصححه الألباني .
ويكون بسؤال الله أن يُصلِح قَلبه ، وأن يرزقه قلبا سليما .
فقد كان مِن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : ربِّ اعني ولا تُعِن عليّ ، وانصرني ولا تنصر عليّ ، وامْكُر لي ولا تمكر عليّ ، واهدني ويسِّر الهدى لي ، وانصرني على مَن بَغَى عليّ ، رب اجعلني لك شكّارا ، لك ذكّارا ، لك رهّابا ، لك مُطواعا ، إليك مُخْبِتا ، لك أوّاها مُنِيبا ، ربِّ تقبّل دعوتي ، واغسل حَوبَتِي ، وأجِب دعوتي ، وثبّت حُجّتي ، واهدِ قلبي ، وسدد لِساني ، واسْلُل سَخِيمة قلبي . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه . وصححه الألباني والأرنؤوط .
والقلب السليم لا يَحمل الحقد ، ولا ينطوي على البغضاء للمسلمين ، ولا يكون فيه غِلّ ولا حسد .
قال صلى الله عليه وسلم : ثلاث لا يَغِلّ عليهن قلب مسلم : إخلاص العمل لله ، ومُناصَحة وُلاة الأمر ، ولزوم الجماعة ؛ فإن دعوتهم تُحيط من ورائهم . رواه أحمد وابن ماجه ، وصححه الألباني والأرنؤوط .
قال ابن عبد البر : معناه : لا يكون القلب عليهن ومعهن غليلا أبدا ، يعني لا يَقْوَى فيه مرض ولا نفاق إذا أخلص العمل لله ، ولزم الجماعة ، وناصَح أولي الأمر . اهـ .
وقال ابن رجب : هذه الثلاث الخصال تنفي الغِلّ عن قلب المسلم . اهـ .
القلوب السليمة تتمنّى الخير للناس ، ولا تتمنّى لهم الشرّ .
القلوب السليمة تتمنّى للناس النجاة مِن كل شرّ في الدنيا والآخرة .
القلوب السليمة تدعو للناس ولا تدعو عليهم .
قال نوح عليه الصلاة والسلام : (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) .
وقال إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام : (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ) .
وقال الله عَزّ وَجَلّ لِنبيِّه صلى الله عليه وسلم : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) .
ولَمّا جاء مَلَك الجبال إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا محمد إن الله قد سَمع قول قومك لك وأنا مَلَك الجبال ، وقد بعثني ربك إليك لتأمُرني بأمْرك ، فما شئت ؛ إن شئت أن أطبق عليهم الأخْشَبَيْن . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : بل أرجو أن يُخرج الله مِن أصلابهم مَن يَعبد الله وحده لا يُشرك به شيئا . رواه مسلم .
ولَمّا قيل : يا رسول الله ادعُ على المشركين ، قال : إني لم أبعث لَعّانا ، وإنما بُعِثت رَحْمة . رواه مسلم .
القلوب السليمة تعرِف لكل ذي حقّ حقه .
قال الله تبارك وتعالى في الثناء على الأنصار : (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) .
القلوب السليمة تحمل الناس على أحسن الْمُحامِل ، وتلتمس لهم الأعذار .
والقلوب المريضة تحمل الناس على أسوأ الْمُحامِل ، وتُسيء الظنّ بهم ، ولا تلتمس لهم الأعذار .
القلوب السليمة لا تنطوي على أحقاد ، ولا تُضمرّ الشرّ ، ولا يَغلبها حُبّ الانتقام .
وبِضِدّ ذلك : القلوب المريضة .
القلوب السليمة خَلَتْ مِن الفخر والخيلاء ، ومِن البغي على الناس .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله أوْحَى إليّ أن تواضعوا حتى لا يَفخر أحد على أحد ، ولا يَبْغِ أحَد على أحد . رواه مسلم .
وقال عليه الصلاة والسلام : أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن : الفخر في الأحساب ، والطعن في الأنساب ، والاستسقاء بالنجوم ، والنياحة . رواه مسلم .
القلوب السليمة تَرْك تتبّع عورات الناس ، وتَدَع القِيل والقال ، وتنشغل بإصلاح عيوبها ، وتتعامَى عن عيوب الناس .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله كَرِه لكم ثلاثا : قيل وقال ، وإضاعة المال ، وكثرة السؤال . رواه البخاري ومسلم .
ويُروَى عن عيسى ابن مريم عليه السلام أنه قال : لا تُكثروا الكلام بِغير ذِكر الله تعالى فتَقْسُو قلوبكم . ولا تَنظروا في عيوب الناس كأنّكم أرباب ، وانظروا في ذنوبكم كأنكم عبيد ، فإنما الناس مُبْتَلَى ومُعافَى ؛ فارحَمُوا أهل البلاء ، واحْمَدوا الله على العافية . رواه الإمام مالك بلاغا ، ورَواه ابن أبي شيبة أن محمد بن يعقوب قال : قال عيسى ابن مريم ، فَذَكَره .
قال الباجي : وقوله : " لا تنظروا في عيوب الناس كأنكم أرباب " يُريد أن العبد لا ينظر في ذنوب غيره ؛ لأنه لا يُثيب على حَسَنها ، ولا يُعاقب على سَيّئها ، وإنما ينظر فيها رَبّه الذي أمَره ونَهاه ؛ فيُثِيبه على حَسَنها ، ويُعاقبه على سَيّئها ، وأما العبد فإنه ينظر في عيوب نفسه ، ليُصلح منها ما فَسَد ، ويتوب منها عمّا فَرَط . اهـ .
وقال ذو النون : مَن نَظر في عيوب الناس عَمِي عن عيوب نفسه ، ومَن عُني بالنار والفردوس شُغِل عن القال والقِيل .
قال رجل لعبد الله بن المبارك : أوْصِني .
فقال له : اتْرُك فضول النظر تُوفَّق للخشوع ، واتْرُك فضول الكلام تُوفَّق للحكمة ، واتْرُك فضول الطعام تُوفَّق للعبادة ، واتْرُك التجسس على عيوب الناس تُوفَّق للاطلاع على عيوب نفسك ، واترك الخوض في ذات الله تُوقَ الشكّ والنفاق .
وسبق الجواب عن :
هل الكُره مذموم شرعا ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=13016
كيف تكون محاسبة الإنسان لنفسه ؟
https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14206
هل يُحاسِب الله المرءَ على الحقد الذي يحمله في قلبه مرغما تجاه مَن أساء إليه ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=9399
كيف يحقق المسلم التوازن النفسي و تكون أقواله مطابقة لأفعاله ؟
https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=15630
كيف أعفو عن من ظلمني ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=10051
ما هو علاج الغيرة والحقد والحسد ؟
https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=15605
كيف تكون الأم المسلمة قدوة لبناتها ؟
https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=15486
تزكية النفس ..
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=7933
كيف نبدأ تزكية النفس ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=7135
مقال : خَلَل في الـتَّدَيُّـن
http://saaid.net/Doat/assuhaim/292.htm
خُطبة جُمعة عن .. (قسوة القَلبِ)
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14042
خُطبة جُمعة عن .. (آثار قسوة القلب)
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14029
خُطبة جُمعة عن .. ( أسباب رِقّة القلب وصلاحه)
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14029
والله تعالى أعلم .
المجيب فضيلة الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
|
|
|
|
|