العودة   منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية فتاوى الإرشاد قسـم المقـالات والـدروس والخُطب
منوعات المجموعات مشاركات اليوم البحث

 
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع

راجية العفو
الصورة الرمزية راجية العفو

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 13
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 4,421
بمعدل : 0.85 يوميا

راجية العفو غير متواجد حالياً عرض البوم صور راجية العفو


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم المقـالات والـدروس والخُطب
افتراضي كَالْمُنْـبَتّ
قديم بتاريخ : 11-03-2010 الساعة : 01:41 AM


كَالْمُنْـبَتّ

لكل عمل بداية ، ولكل بِداية نهاية
قد تَصْعُب البدايات ، وقد تَثْقُل وطأتها ، وربما تألم الإنسان فصبر – رجاء ثَمَرَة عَمَله ، وقِطاف جُهده ، ونتيجة صَبْرِه .
كما يَصبر الفلاح في رجاء الثمر ..
أو كما تتحمل المرأة ألَم الْحَمْل والوَضْع رَغبة في زينة الحياة الدنيا
وتَعْظُم مصيبة كل منهما حينما لا يتحقق ما رَجَاه ، ولا يَتِمّ ما أمَّـلَـه
وحينما يعمل الإنسان عملا - يظن أنه لله - مع رفقة يؤمل معهم النجاح
أو يَرجو معهم الفلاح
فيفاجأ في منتصف الطريق أنه كَالْـمُـنْـبَـــتّ .. لا أرْضًا قَطَع ، ولا ظَهْرًا أبْقَى !
وأنه إن تَعِبَتْ دَابَتُه ، أو كَلّ ، أو تَنَقّبَتْ أقْدَامه ، أو تَخَلّف عن رُفْقَته ؛ فلن يَجِد مَن يَسأل عنه ، أو يَشُدّ مِن أزْره .
بل قد يَجِد من يَخذُلَه ..
ويَعظُم في عِينِه الْمُصاب إذا كان ذلك ممن يُؤمِّل مِنه شَدّ عَضُده !
شأن ذلك الإنسان شأن بعير أجْرب هزيل ، وَقَفَ بِصاحبه في أرض مَسْبَعَة ! فَنَفَذَ صاحِبُه بِجِلْدِه وتَرَك الأجْرب طَعاما للسِّباع !
أو كَجَمَلِ السّوء .. كَثُرَتْ سَكاكِينه إن سَقَط في سُوق جَزّارِين ، أو بين جَوعَى !

ومَنْزِلة ذلك الإنسان - الذي استبان له ما استبان - مَنْزِلة النوى من الثمر !
كان النوى يَظُن أنّ إحَاطَة أجزاء الثمر به - حَفاوة به ، فلما أُكِلَ الثمر اسْتَبَان له لِمَن كان القَدْر ، وبِمَن كانت الْحَفَاوة !
ما زِيدَ على أن رُمِي بالـنَّوى رَمْـيًا ! أو أُطْعِم الدّواب على أحْسَنِ حال !
وهذا حال الأصحاب حينما تكون العلاقة بينهم مَبْنِيّـة على تَشَاكُل الطِّبَاع وتَوافق الهوى

قال ابن القيم رحمه الله :

الاجتماع بالإخْوان قِسْمَان :
أحدهما : اجتماع على مُؤانَسَة الطّبع وشَغْل الوقت ؛ فهذا مَضَرّته أرْجَح مِن مَنْفَعَتِه ، وأقَلّ ما فيه أنه يُفْسِد القَلْب ، ويُضِيع الوقت .
الثاني : الاجتماع بهم على التعاون على أسباب النجاة ، والتواصي بالحقّ والصّبر ؛ فهذا من أعْظم الغنيمة وأنْفَعها ، ولكن فيه ثلاث آفات :
إحداها : تَزَيّن بَعضهم لِبعض .
الثانية : الكَلام والخلطة أكثر مِن الحاجة .
الثالثة : أن يَصير ذلك شَهوة وعَادة يَنْقَطِع بها عن المقصود . اهـ .

وقد يَكون الاجتماع على هَوى نَفس .. قال الجاحظ : وخلاف الهوى يُوجِب الاستثقال ، ومُتَابَعَتُه تُوجِب الألفَـة . اهـ .

فالاجتماع على مُؤانَسَة الطّبع وشَغْل الوَقْت .. قد نَظُـنّـه اجتماعا على طاعة الله ، وفي ذات الله ..
أو نَحسبه لأجْل العمل لله ..
وقد يَستبين لنا أن ذلك مُجرّد ظَنّ أو وَهْم ..

وقُل مِثْل ذلك في عَمَل عامِل داخل بَوتَقَة حِزبيّة ! أو إطار جَمَاعة .. وهو يَظُنّ أنه يَعمَل لله .. ويُؤاخي في الله ..
إلا أنه سُرْعان ما تتكشّف لك حقائق الأمور حينما يُطْعَن في جَمَاعته ، أو يُنال مِن حِزبه ! أو تُنْتَقَد طريقته في العمل .. فتجِده ينتفض ! ويغضب .. لا لله .. ولكن للجماعة أو الْحِزْب !

إذا كان هذا في الدنيا .. فكيف يكون الحال حين ينكشف المستور ؟
ويوم تكون الخلة عداوة ؟ ( الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذ بَعْضُهُمْ لِبَعْض عَدُوٌّ ) .
أو حِين يَبدو لأقْوام من الله ما لم يَكونوا يَحْتَسِبُون .
وحين يتجلى لنا - في هذه الدنيا - أنّ ما كُـنّا نَظُـنّـه بَانَ أنه ليس سِوى ظنّ ، وما كُـنّا نَحسبه قد تلاشى وتبدد - حينها نَتَذَكّر اعْترافات أقوام طالت بهم الحسَرات : ( إِنْ نَظُنُّ إِلاَّ ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ ) .
أو حِين يَستبين لأقوام أنهم كانوا الأخْسَرين (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) .

فيا لَهْف نفسي .. ويا طول حَسْرَتي .. إن بَدَا لي ذلك يوم لا ينفع مال ولا بنون .
أما إن بَدَا لي في دنياي فَحَسْب - فأمْره أيْسَر وأهْون .

والسؤال الذي يَطرح نفسه :
ما مَدى مَتانة علاقاتنا وصداقاتنا ؟
وهل هي قائمة على التواصي بالحق والصبر عليه؟

كَم هِي علاقاتنا التي بحاجة إلى كَشف حساب ومن ثم مراجعة ؟
وكَم هُم الأصحاب الذين هم بحاجة إلى مَحَكّ في قاعة اختبار ؟!
حفظت من أبي – مَـتّع الله به – كلمة في هذا الباب يقول : جَرّب صَديقك قبل أن يُجَرّبَك .
ويُروى أن لقمان قال لابنه : إذا أرَدْت أن تُؤاخِي رجلا فأغْضِبه ، فإن أنْصَفَك وإلا فاحْذَرْه .
وقال سفيان الثوري : إذا أرَدْتَ أن تَعْرِف مَالَك عِند صَدِيقك فأغْضِبه ، فإن أنْصَفَك في غَضَبِه وإلا فَاجْتَنِبْه .

قال الشاعر :
لا تَحْمَدَنّ امْرءًا يُرْضِيك ظَاهِره *** واخْبُر مَوَدّته في العتْب والغَضَب

والله المستعان .

كتبه
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم





رد مع اقتباس
 



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 10:44 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى