أولا : لا تجوز الشماتة بِمُسلِم ؛ لأن المسلم أخو المسلم ، ولأنه مأمور بأن يسأل الله العافية إذا رأى مُبتَلى .
ثانيا : ورَد في السّنة الدعاء بأن يَصرِف الله عن المؤمن شَماتة الأعداء ، ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوّذ مِن سوء القضاء ، ومِن دَرَك الشقاء ، ومِن شَماتة الأعداء ، ومِن جهد البلاء . رواه مسلم .
قال الإمام النووي : وشَماتة الأعداء هي : فَرَح العدو بِبَلِيّة تَنْزِل بِعدُوّه . اهـ .
ومع ذلك : فإن المسلم مأمور بأن يُزيل ما يكون سببًا للشَّمَاتة ما أمكنه ذلك ، كما أنه مأمور بأن يَدفَع الرّيبة والتهمة عن نفسه .
قال أبو ذؤيب الهذلي :
وَتَجَلُّدِي لِلشَّامِتِيْنَ أُرِيْهُمُ ... أَنِّي لِرَيْبِ الدَّهْرِ لاَ أَتَضَعْضَعُ
قال عبد الملك بن عمير : لَمَّا ثَقُل معاوية رضي الله عنه وتحدّث الناس أنه بالموت ، قال لأهلِه : احشُوا عينيّ إثْمِدا ، وأوسِعوا رأسي دُهنا ، ففَعلوا وبَرّقوا وَجهه بالدّهن ، ثم مُهِّد له فَجلس ، وقال : أسْنِدُوني ، ثم قال : ائذنوا للناس فليُسلّموا عليّ قياما ولا يجلس أحد ! فجعل الرجل يَدخل فيُسلِّم قائما فيَراه مُكتَحِلا مُتدَهّنا ، فيقول مُتقوّل الناس : هو لَما به ، وهو أصح الناس ! فلما خَرَجوا مِن عنده قال معاوية :
وتَجلّدي للشامِتين أُرِيهم ... أني لِريب الدهر لا أتضَعضَعُ
وإذا المنية أنشبت أظفارها ... ألْفَيت كل تميمة لا تنفعّ
ثالثا : العاقل مَن يَنظر إلى السبب الحقيقي للابتلاء وإلى أسباب تسلّط الأعداء ، وهي الذنوب ؛ فيَتوب منها .
قال ابن القيم : ليس في الوجود شرّ إلاَّ الذنوب وموجباتها ، فإذا عُوفي من الذنوب عُوفي مِن موجباتها ، فليس للعبد إذا بُغي عليه وأُوذِي وتَسلّط عليه خصومه شيء أنفع له مِن التوبة النصوح .
وقال : مَا حَصَلَ لِلْعَبْدِ حَالٌ مَكْرُوهَةٌ قَطُّ إِلاَّ بِذَنْبٍ ، وَمَا يَعْفُو اللَّهُ عَنْهُ أَكْثَرُ . اهـ .