السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشيخ الفاضل عبدالرحمن ..حفظه الله ورضي عنه دوما آمين .
جزاك الله خيراً على جهودك الخيّرة . وشكرا جزيلا لك .
سؤالي :
شيخنا الكريم .. هل هناك ارتباط في المعنى بين هاتين الآيتين الكريمتين والحديث النبوي ؟
بين قوله تعالى : {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى .. }
وقوله تعالى : {وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ }الأنعام31
وقول النبي عليه الصلاة والسلام : (....ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء " رواه مسلم .
وبارك الله فيكم وفي علمكم ووقتكم وعملكم آمين
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وبارك الله فيك
ووفقك الله لما يُحب ويَرضى
بين الحديث وبين قوله تعالى : (لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ) ارتباط في المعنى ، لأن من أضلّ غيره فإنه يَحمِل وزر نفسه ووزر غيره ، سواء كان ذلك بمعصية وفجور أو ببدعة وفِسق .
وفي المقابِل فإن من دلّ على هُدى كان له من الأجر مثل أجور من تَبِعَه من غير أن ينقص من أجورهم شيئا .
وأما قوله تعالى : (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) فهذا فيما كان من ذنوب الإنسان بنفسه .
أي لا يؤاخذ أحدٌ بِذَنْبِ غيره ، كما يقول البغوي في تفسيره .
وقال فيه ابن كثير رحمه الله : إخبار عن الواقع يوم القيامة في جزاء الله تعالى وحكمه وعدله أن النفوس إنما تجازى بأعمالها ؛ إن خيراً فخير ، وإن شراً فَشَرّ ، وأنه لا يحمل من خطيئة أحد على أحد وهذا من عدله تعالى . اهـ .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي رمثة رضي الله عنه : من هذا معك ؟ قال : هذا والله ابني ؟ قال : فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم لِحَلِف أَبِي عليّ ، ثم قال : صدقت ، أما إنك لا تَجْنِي عليه ولا يَجْنِي عليك . ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) رواه الإمام أحمد وأبو داود .
فهذا فيما يتعلّق بذنوب كل إنسان ، وأنه لا يَحمِل وزر غيره ابتداء ، إلا إذا تعدّى الذّنب ، وكان مما يتسبب الإنسان من خلاله بإضلال الناس أو تأثيمهم .
فإن الإنسان يُسأل يوم القيامة عمّن ولاّه الله عليهم ، وقد يَحمِل مثل أوزراهم إذا لم يتعاهدهم بِحُسن التربية ، أو كان غاشًّا لهم .
قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)
وقال صلى الله عليه وسلم : ما من عبد يسترعيه الله رعية ، فلم يُحطها بنصحه إلا لم يجد رائحة الجنة . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية : ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة .
ولا تعارض بين قوله تعالى : ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) وبين قوله تبارك وتعالى : لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ) .
فإن الآية الأولى في خاصة الإنسان ، والثانية فيما تَعدّى ضرره وإثمه .
والله تعالى أعلم .
المجيب فضيلة الشيخ/عبد الرحمن بن عبد الله السحيم