الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .
لا بأس به ؛ لأن كلامنا فيما يَظهر لنا ، وفي غالب الظنّ أنه يكون كذا ، كما لو قُلنا : مَن سَقط مِن جبل فإنه يَموت ، أي : على غلبة الظنّ وفي غالب الأحوال ، وقد يَسقط مَن كُتِبَتْ له السلامة ولا يَموت .
وجاء التعبير القرآني بِمثل ذلك فيما الغالب عليه الموت ، كما في قوله تعالى : (وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) ، فقُدِّم القَتْل في سبيل الله على الوفاة الطبيعية ؛ لأن القَتْل أقرب إلى الذي يُقَاتِل في سبيل الله ، بينما قُدِّم ذِكْر الموت على القَتْل في الآية التي تَلِيها (وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ) .
وقد أخبر الله تبارك وتعالى أن الإنسان يَفِرّ مِن الموت ويَهرب منه ، ويتجنّب أسبابه ، كما في قوله تعالى : (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ) قال السمعاني : أَي : تَفِرّ وتَهرب . اهـ .
وكما في قوله تبارك وتعالى : (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ) .
ومع ذلك : لا نغفل في توجيه الناس عن تعليق قلوبهم بِالله ، وهو مِن التوكّل على الله .
قيل لحاتم الأصم : على ما بَنيت أمْرك هذا مِن التوكل ؟ قال : على أربع خِلال:
عَلِمْتُ أن رِزقي لا يأكله غيري ، فلست اهتمّ له ، وعَلِمْتُ أن عَملي لا يَعمله غيري ، فأنا مشغول به ، وعَلِمْتُ أن الموت يأتيني بغتة ، فأنا أبادره ، وعَلِمْتُ أني بِعَين الله في كل حال ، فأنا مستحيي منه . رواه أبو نعيم في " الحلية " والبيهقي في " شُعب الإيمان " .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وقد أمَر الله بالتوكّل في غير آية أعظم مِمَّا أمَر بالوُضُوء والغُسْل مِن الْجَنَابة ، ونَهَى عن التَّوكل على غير الله ، قال تعالى : (فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ) . اهـ .
فلا يَصِحّ تعليق قلوب الناس بالأسباب الأرضية والمادّية دون تعليق قلوبهم بالله عزَّ وجَلّ والتوكّل عليه سبحانه وتعالى .
والله تعالى أعلم .