العودة   منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية فتاوى الإرشاد قسـم المقـالات والـدروس والخُطب قسم الخُطب المنبرية
منوعات المجموعات مشاركات اليوم البحث

إضافة رد
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع

نسمات الفجر
الصورة الرمزية نسمات الفجر

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 19
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 3,356
بمعدل : 0.65 يوميا

نسمات الفجر غير متواجد حالياً عرض البوم صور نسمات الفجر


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسم الخُطب المنبرية
افتراضي خُطبة جُمعة عن (تَعْظِيم المُصْحَفِ)
قديم بتاريخ : 13-12-2015 الساعة : 07:28 PM

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ صُدُورَنَا أَوْعِيَةَ كِتَابِهِ، وَآذَانَنَا مَوَارِدَ سُنَنِ نَبِيِّهِ، وَهِمَمَنَا مَصْرُوفَةً إِلَى تَعَلُّمِهِمَا وَالْبَحْثِ عَنْ مَعَانِيهِمَا وَغَرَائِبِهِمَا، طَالِبِينَ بِذَلِكَ رِضَا رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَمُتَدَرِّجِينَ بِهِ إِلَى عِلْمِ الْمِلَّةِ وَالدِّينِ .
عِبادَ اللهِ :
مَنْ عَرَفَ رَبَّهُ أحَبَّهُ ، ومَنْ أحبَّ ربَّهُ تباركَ وتَعالَى أكثَرَ مِنْ قِراءةِ كَلامِهِ ، وتأمُّلِ آياتِ كِتابِهِ ، إلاّ أنَّ تلاوةَ كلامِ اللهِ تستلزِمُ العنايةَ بِما يُحْفَظُ به القرآنُ مِنْ أوْعِيَةٍ كالمَصاحِفِ والأشْرِطَةِ المسموعةِ ، بل والصُّدورِ التي وَعَتِ القرآن الكريم

القرآنُ هوَ كلامُ اللهِ ، مِنه بَدأَ ، وإليهِ يَعودُ .
وهوَ أعْظَمُ مَا في الوجودِ .


وكثيرٌ مِنَ النَّاسِ يتعاملونَ معَ القرآنِ مُعاملةً جافةً ، مِلْؤهَا الجفاءُ .. زيادةً على هَجْرِ القُرآنِ .
وتعظيمُ المُصحفِ مِنْ تعظيمِ اللهِ .
قالَ النوويُّ : أجْمَعَ المسلمونَ على وُجوبِ تعظيمِ القرآنِ العزيزِ على الإطلاقِ ، وتَنْزِيهِهِ وصِيَانَتِهِ .

ومِنَ الأدَبِ معَ القُرآنِ :
1 - أنْ لا يُهْجَرَ ، وَمِنْ عَدَمِ هُجرانِهِ : قِرَاءتُه آناءَ الليلِ وأطرافَ النهارِ ، والعَملُ به ، وتَحْكِيمُه في دُنيا الناسِ أفرادًا وجماعاتٍ .
قالَ ابنُ القيِّمِ :
هَجْرُ القرآنِ أنواعٌ :
أحَدُهَا : هَجْرُ سَمَاعِهِ والإيمانِ به والإصْغَاءِ إليهِ .
والثانيِ : هَجْرُ العَمَلِ به والوقوفِ عندَ حلالِه وحرامِه ، وإنْ قرأَهُ وآمَنَ به
والثالثُ : هَجْرُ تَحْكيمِهِ والتَّحاكُمِ إليهِ في أصولِ الدِّينِ وفُروعِهِ .
والرابعُ : هَجْرُ تَدَبُّرِهِ وتَفَهُّمِهِ ومَعْرفَـةِ ما أرادَ الْمُتَكَلِّمُ بِهِ منْهُ .
والخامسُ : هَجْرُ الاستشفاءِ والتداوي بِهِ في جميعِ أمراضِ القَلْبِ وأدوائها ، فيَطلبُ شِفاءَ دائِهِ مِنْ غَيرِهِ ويَهْجُرُ التداوي به .
وإنْ كانَ بعضُ الهجْرِ أهْونَ مِنْ بعْضٍ .

وقالَ النوويُ : ينبغي أنْ يُحَافِظَ على تلاوتِهِ ويُكْثِرَ منها ، وكانَ السَّلفُ رضيَ اللهُ عنهُم لهُمْ عاداتٌ مختلفةٌ في قَدْرِ ما يختمونَ فيهِ ؛ فَرَوى ابنُ أبي داودَ عنْ بعضِ السلفِ رضي الله عنهم أنهُم كانوا يختِمُونَ في كُلِّ شهرين ختمةً واحدةً ، وعَنْ بعضِهِم في كُلِّ شهرٍ خَتمةً ، وعنْ بعضِهِم في كُلِّ عَشْرِ ليالٍ ختمةً ، وعنْ بعضِهِم في كلِّ ثمانِ لَيالٍ ، وعنِ الأكثرين في كلِّ سَبْعِ ليالٍ ، وعنْ بعضِهِم في كلِّ ستٍّ ، وعنْ بعْضِهِم في كلِّ خَمْسٍ ، وعنْ بعضِهِم في كلِّ أرْبَعٍ ، وعنْ كثيرين في كُلِّ ثلاثٍ .
قالَ : والاختيارُ أنَّ ذلك يختلِفُ باختلافِ الأشخاصِ ؛ فمَنْ كانَ يَظْهَرُ لَهُ بِدَقِيقِ الفِكْرِ لَطائفُ ومَعَارِفُ فليَقْتَصِرْ على قَدْرِ ما يَحصُلُ لَهُ كَمَالُ فَهْمِ ما يقرؤهُ ، وكَذا مَنْ كانَ مشغولا بِنَشْرِ العِلْمِ أو غيرِهِ مِن مُهِمّاتِ الدِّينِ ومَصالِحِ المسلمين العامةِ فليَقْتَصِرْ على قَدْرٍ لا يَحصلُ بِسبَبِه إخلالٌ بِمَا هوَ مُرْصَدٌ له ، وإنْ لم يكُنْ مِنْ هؤلاءِ المذكورين فليَسْتَكثِرْ ما أمْكَنَهُ مِن غَيرِ خُروجٍ إلى حدِّ المَلَلِ والْهَذْرَمَةِ . وقد كَـرِهَ جَماعةٌ مِنَ المتقدمينَ الْخَتْمَ في يومٍ وليلةٍ .
وأنْ يَقرأَ في المُصْحَفِ ؛ لقولِهِ عليهِ الصلاةُ والسلامُ : مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُحِبَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَلْيَقْرَأْ فِي الْمُصْحَفِ . رواه ابنُ شاهين في " الترغيب " والبيهقي في شُعبِ الإيمان ، وصحَّحَهُ الألبانيُ

2 - احترامُ المُصْحَفِ .
ويندَرِجُ تحتَهُ :
أ– أن لا يُوضَعَ شيءٌ على المصحفِ ، فإنَّهُ يَعْلوُ ولا يُعْلَى علَيْهِ .
ونَقَل البيهقيُ عن الْحَلِيمي قولَهُ : لا يُحْمَلُ عَلَى الْمُصْحَفِ كِتَابٌ آخَرٌ وَلا ثَوْبٌ وَلا شَيْءٌ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مُصْحَفَانِ فَيُوضَعُ أَحَدُهُمَا فَوْقَ الآخَرِ فَيَجُوز .
وقالَ ابنُ قُدامةَ : وَلا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ الْقُرْآنَ بَدَلا مِنْ الْكَلامِ ؛ لأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ لَهُ فِي غَيْرِ مَا هُوَ لَهُ ، فَأَشْبَهَ اسْتِعْمَالَ الْمُصْحَفِ فِي التَّوَسُّدِ وَنَحْوِهِ .
وقالَ النوويُ : ويَحْرُمُ تَوَسُّدُهُ ، بل تَوَسُّدُ آحادِ كُتُبِ العِلْمِ حَرامٌ .

ب – أن لا يُتَنَاوَلَ باليَدِ اليُسْرى تكريما للمُصْحفِ ، فقد كان النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلمَ يُعجِبُه التيمنَّ في تَنَعّلِهِ ، وترجّلِهِ ، وطُهورِهِ ، وفي شأنِهِ كلِّهِ . رواه البخاريُ ومسلم .
قالتْ حَفصةُ رضي اللهُ عنها : كان النبيُّ صلى الله عليه يَجْعَلُ يَمِينَهُ لأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ ، وَوُضُوئِهِ وَثِيَابِهِ ، وَأَخْذِهِ وَعَطَائِهِ ، وَكان يَجْعَلُ شِمَالَهُ لِمَا سِوَى ذَلِكَ . رواه أحمد وأبو داود . وصححه الألباني والأرنؤوط .

ج- أن لا تُمَدَّ الأقدامُ تِجَاهَ المَصَاحِفِ ، وأن لا يُتَخطَّى ، ولا يُجْتَازَ مِن فوقِه .
قال ابنُ نُجَيْم : يُكْرَهُ أَنْ يَمُدَّ رِجْلَيْهِ فِي النَّوْمِ وَغَيْرِهِ إلَى الْقِبْلَةِ أَوْ الْمُصْحَفِ أَوْ كُتُبِ الْفِقْهِ إلاَّ أَنْ تَكُونَ عَلَى مَكَان مُرْتَفِعٍ عَنْ الْمُحَاذَاةِ.
وقال الحجاوي : ويُكْرَه مَدَّ الرِّجْلَين إلى جِهَتِه أَيْ : الْمُصْحَفِ . وَفِي مَعْنَاهُ: اسْتِدْبَارُهُ وَتَخَطِّيهِ وَرَمْيِهِ إلَى الأَرْضِ بِلا وَضْعٍ وَلا حَاجَةٍ ، بَلْ هُوَ بِمَسْأَلَةِ التَّوَسُّدِ أَشْبَهُ .
وقالَ شيخُنا العثيمينُ رحمَهُ اللهُ :
لا شـكَّ أنَّ تعظيمَ كتابِ اللهِ عزَّ وجلّ مِنْ كمالِ الإيمانِ ، وكَمالِ تعظيمِ الإنسانِ لِربِّـهِ تباركَ وتعالى .
ومَـدُّ الرِّجْلِ إلى المُصحفِ أوْ إلى الحوامِلِ التي فيها المصاحفُ أو الجلوسُ على كُرسي أو مَاصَّةٍ تحتُها مُصْحَفٍ يُنافي كَمَالَ التعظيمِ لكلامِ اللهِ عزَّ وجلّ ، ولِهَذا قالَ أهلُ العِلمِ : إنَّهُ يُكرَهُ للإنسانِ أن يَمُدَّ رِجْلَهُ إلى المصحفِ ، هذا مع سلامةِ النيةِ والقصدِ .
أما لو أرادَ الإنسانُ إهانةَ كلامَ اللهِ فإنَّه يَكْفُرُ ؛ لأنَّ القرآنَ الكريمَ كلامُ اللهِ تعالى .
وإذا رأيتم أحدًا قَدْ مَـدَّ رِجْليهِ إلى المصحفِ سواءً كان على حَامِلٍ أو على الأرضِ ، أو رأيتم أحدًا جالسًا على شيءٍ وتحتُه مصحفٌ ، فأزيلوا المصحفَ عن أمامِ رِجْليه أوْ عنِ الكُرسي الذي هُوَ جَالِسٌ عَليهِ ، أو قولوا له : لا تمـدّ رجليكَ إلى المصحفِ . احْتَرِمْ كلامَ اللهِ عزَّ وجلّ .
والدليلُ ما ذكرتُه لك مِن أنَّ ذلك يُنافي كَمالَ التعظيمِ لِكلامِ الله ، ولهذا لو أنَّ رَجُلاً مُحتَرمًا عندكَ أمامكَ ما استطعتَ أن تمـدَّ رجليك إليهِ تعظيماً له ، فكتابُ اللهِ أوْلى بالتَّعظيمِ .

د – أن لا يُنظِّفَ أنفَهُ حالَ القراءةِ مِنْ المصحفِ ، خشيةَ أن يُصيبَ المصحفَ شيءٌ منْهُ ، ولو لم يُخْشَ مِن ذلكَ فإنَّهُ يجِبُ احترامُ المصحفِ ، فإنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَضَعُ المُصحفَ بينَ يديْه مفتوحًا ، ثمَّ يأخذُ المناديلَ ويُنظِّفُ أنْفَهُ فَوقَ المصحفِ ، وهذا في حقيقتهِ سُوءُ أدبٍ مع كتابِ اللهِ .

هـ - أنْ لا يضَعَ الْمُصحفَ مقلوبًا عند السجودِ ، فإنَّ ذلكَ مِن عدمِ تعظيمِ شعائرِ اللهِ .
قالَ اللهُ عَزّ وَجَلّ : (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) والمصحفُ مِنْ أعظمِ شعائرِ اللهِ .
وبعضُ النَّاسِ إذا انتهى مِنْ القراءةِ ألقى بِالْمُصحفِ على الرَّفِّ إلْقاءً ، وربما أحْدَثَ صوتًا ، وهذا خِلافُ الأدَبِ مع كتابِ رَبِّنا تباركَ وتعالى .

3 – تَعاهُدُ الفَمِ بالسِّوَاكِ عِندَ قراءةِ القرآنِ ، لقولِه عليهِ الصلاةُ والسلامُ : طَهِّرُوا أفْوَاهَكم للقرآنِ . رواه البزارُ ، وقال الهيثمي : رجالُه ثِقَاتٌ ، ورواه ابنُ المُباركِ في الزُّهدِ . والحديثُ أوردَهُ الألبانيُ في الصحيحة .
قالَ البيهقيُ في تعظيمِ القرآنِ : تَنْظِيفُ الْفَمِ لأَجْلِ الْقِرآنِ بِالسِّوَاكِ وَالْمَضْمَضَةِ ، وَمِنْهَا تَحْسِينُ اللِّبَاسِ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ ، وَالتَّطَيُّبُ .

وكان الإمامُ مالكٌ يَتَطَيَّبُ ويتجمّلُ عندَ التَحديثِ بِحديثِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فالقرآنُ مِن بابِ أوْلَى .

4 - أنْ لا تُقْطَعَ القراءةُ ، ولا يَتَشَاغَلَ القارئُ بِغيرِ التلاوة .
ومِن هَديِ السَّلَفِ عَدَمُ قَطْعِ قِراءةِ القرآنِ .
روى البخاريُ مِنْ طَريقِ نَافِعٍ قَالَ : كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ لَمْ يَتَكَلَّمْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ ، فَأَخَذْتُ عَلَيْهِ يَوْمًا فَقَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَكَانٍ ، قَالَ : تَدْرِي فِيمَ أُنْزِلَتْ ؟ قُلْتُ : لا . قَالَ : أُنْزِلَتْ فِي كَذَا وَكَذَا ، ثُمَّ مَضَى .

وفي غَزوةِ ذاتِ الرِّقَاعِ قالَ النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ لأصحابِهِ : مَنْ رَجُلٌ يَكْلَؤنا ؟ فانتدبَ رجلٌ مِن المهاجرين ورَجلٌ مِن الأنصار ، فقال : كُونا بِفَمِ الشِّعْب . قال : فلما خَرَجَ الرَّجُلان إلى فَمِ الشِّعبِ اضطجعَ المهاجريُّ ، وقامَ الأنصاريُّ يُصَلِّي ، وأتى الرجلُ فلمَّا رأى شَخْصَهُ عَرفَ أنُّه رَبيئةٌ للقَومِ ، فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ ، فَوَضَعَهُ فِيهِ ، فَنَزَعَهُ ، حتى رمَاهُ بثلاثةِ أسْهُمٍ ، ثمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ ، ثمَّ انْتَبَهَ صاحِبُهُ ، فلمَّا عَرَفَ أنَّهُم قَدْ نَذَرُوا به هَرَبَ ، وَلَمَّا رَأَى المهاجريُّ ما بالأنصاريِّ من الدمِ قالَ : سبحانَ اللهِ ألا أَنبَهَْتَنِي أوّلَ مَا رَمى ؟ قالَ : كنتُ في سورةٍ أقرأُها فلمْ أحِبّ أنْ أقطَعَها. رواه الإمامُ أحمدُ وأبو داودَ . وحسّنه الألبانيُّ والأرنؤوط .
وفي روايةٍ لأحمدٍ : فَلَمَّا رَأَى الْمُهَاجِرِيُّ مَا بِالأَنْصَارِيِّ مِنَ الدِّمَاءِ ، قَالَ : سُبْحَانَ اللهِ ، أَلاَ أَهْبَبْتَنِي ؟ قَالَ : كُنْتُ فِي سُورَةٍ أَقْرَؤُهَا ، فَلَمْ أُحِبَّ أَنْ أَقْطَعَهَا حَتَّى أُنْفِذَهَا ، فَلَمَّا تَابَعَ الرَّمْيَ رَكَعْتُ فَأُرِيتُكَ ، وَأيْمُ اللهِ ، لَوْلاَ أَنْ أُضَيِّعَ ثَغْرًا أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِهِ ، لَقَطَعَ نَفْسِي قَبْلَ أَنْ أَقْطَعَهَا أَوْ أُنْفِذَهَا .

قالَ البيهقيُ في " شُعبِ الإيمانِ " : فَصْلٌ فِي كَرَاهِيَةِ قَطْعِ الْقُرْآنِ بِمُكَالَمَةِ النَّاسِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا انْتَهَى فِي الْقِرَاءَةِ إِلَى آيَةٍ ، وَحَضَرَ كَلامٌ فَقَدِ اسْتَقبَلَتْهُ الآيَةُ الَّتِي بَلَغَهَا وَالْكَلامُ فَلا يَنْبَغِي أَنْ يُؤْثِرَ كَلامَهُ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ .

وقالَ النوويُ : ومما يُعْتَنَى به ويَتَأكَدُ الأمْرُ بِه : احترامُ القرآنِ مِن أمورٍ قَدْ يَتساهَلُ فيها بعضُ الغافلينَ القارئينَ مُجْتَمِعينَ ؛ فَمِنْ ذلك : اجتنابُ الضحكِ واللغَطِ والحَديثِ في خلالِ القراءةِ إلاَّ كلامًا يُضْطَرُّ إليه ، ولْيِمْتَثِلْ قول الله تعالى : (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) ... ومِنْ ذلكَ العبثُ بِاليَدِ وغيرِها ، فإنَّه يُناجِي ربَّه سُبحانَهُ وتعالى ، فلا يَعبثُ بِيديهِ ، ومِنْ ذلكَ النَّظَرُ إلى ما يُلْهِي ويُبَدِّدُ الذِّهْنَ .

5 - احترامُ أهْلِ القرآنِ
نَقَل البيهقيُ عن الْحَلِيميِّ قولَهُ : تَعْظِيمُ أَهْلِ الْقُرْآنِ وَتَوْقِيرُهُمْ كتَعْظِيمِ الْعُلَمَاءِ بِالأَحْكَامِ وَأَكْثَرُ .

6 – أن يُعَظَّم القرآنُ ، فلا يُصَغَّر حتى في لَفْظِه ووصْفِه .

قَالَ إِبْرَاهِيمُ النَخَعيُّ:كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُصَغِّرُوا الْمُصْحَفَ . قَالَ : وَكَانَ يُقَالَ: عَظِّمُوا كِتَابَ اللهِ .
ونَهَى السلفُ عن تصغيرِ حَجْمِ المصحف ، بحيث يُتّخذُ بأحجامٍ صغيرةٍ ، لا تُتّخذُ للقراءة ، وإنما للتعليقِ أوْ للزينة .

الثانية :

عبادَ الله
ثَمّةَ آدابٌ مُتَفَرِّقَةٌ تَنْبَغي مُراعاتُها :
قال البيهقيُ في تَعْظِيمِ الْقُرْآنِ : قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَلِيمِيُّ رَحِمَهُ اللهُ : ذَلِكَ يَنْقَسِمُ إِلَى وُجُوهٍ مِنْهَا : تَعَلُّمُهُ .
وَمِنْهَا : إِدْمَانُ تِلاوَتِهِ بَعْدَ تَعَلُّمِهِ .
وَمِنْهَا : إِحْضَارُ الْقَلْبِ إِيَّاهُ عِنْدَ قِرَاءَتِهِ ، وَالتَّفَكُّرُ فِيهِ وَتَكْرِيرُ آيَاتِهِ وَتَرْدِيدُهَا ، وَاسْتِشْعَارُ مَا يُهَيِّجُ الْبُكَاءَ مِنْ مَوَاعِظِ اللهِ وَوَعِيدِهِ فِيهَا .
وَمِنْهَا : افْتِتَاحُ الْقِرَاءَةِ بِالاسْتِعَاذَةِ ...
وَمِنْهَا : أَنْ لا يَقْطَعَ السُّورَةَ لِمُكَالَمَةِ النَّاسِ ، وَيُقْبِلَ عَلَى قِرَاءَتِهِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا .
وَمِنْهَا : أَنْ يُحَسِّنَ صَوْتَهُ بِالْقِرَاءَةِ أَقْصَى مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ .
وَمِنْهَا : أَنْ يُرَتِّلَ الْقِرَاءَةَ ، وَلا يَهُذَّهُ هَذًّا .
وَمِنْهَا : أَنْ يَزْدَادَ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ عَلَى مَا يَقْرَأُ فِي غَيْرِهِ .

جَعَلَنَا اللَّهُ مِمَّنْ يَرْعَاهُ حَقَّ رِعَايَتِهِ ، وَيَتَدَبَّرُهُ حقَّ تَدَبُّرِه، ويقومُ بِقِسْطِهِ، ويَفِي بِشَرْطِهِ ، وَلا يَلْتَمِسُ الْهُدَى فِي غَيْرِهِ، وَهَدَانَا لأَعْلَامِهِ الظَّاهِرَةِ، وَأَحْكَامِهِ الْقَاطِعَةِ الْبَاهِرَةِ، وَجَمَعَ لَنَا بِهِ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَإِنَّهُ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ .

إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
خُطبة جُمعة .. في شأن الماء نسمات الفجر قسم الخُطب المنبرية 0 24-11-2015 08:33 PM
خُطبة جُمعة عن .. (الإنصاف) نسمات الفجر قسم الخُطب المنبرية 0 15-11-2015 01:24 PM
خُطبة جُمعة عن .. (خطر النفاق) نسمات الفجر قسم الخُطب المنبرية 0 06-10-2015 07:57 PM
خُطبة جُمعة .. عن الوَرَع نسمات الفجر قسم الخُطب المنبرية 0 03-04-2015 08:06 AM
خُطبة جُمعة .. عن (الإحسان) نسمات الفجر قسم الخُطب المنبرية 0 03-01-2015 08:22 AM


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 01:17 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى