العودة   منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية فتاوى الإرشاد أقـسام الفـقـه الإسـلامي قسـم الفقه العـام
منوعات المجموعات مشاركات اليوم البحث

إضافة رد
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع

عبد الرحمن السحيم

رحمه الله وغفر الله له


رقم العضوية : 5
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : في دار الممر .. إذْ لا مقرّ !
المشاركات : 3,574
بمعدل : 0.69 يوميا

عبد الرحمن السحيم غير متواجد حالياً عرض البوم صور عبد الرحمن السحيم


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم الفقه العـام
افتراضي ما صحة ما يُنسب إلى أبي حنيفة: لا حدّ على مَن تزوّج أمه التي ولدته وابنته وأخته وجدته ...؟
قديم بتاريخ : 23-09-2018 الساعة : 02:57 PM

تنتشر رسالة فيها نَقْل عن أبي حنيفة رحمه الله ، وأنه يقول : لَا حَدَّ عَلَى مَنْ تَزَوَّجَ أُمَّهُ الَّتِي وَلَدَتْهُ، وَابْنَتَهُ، وَأُخْتَه، وَجَدَّتَهُ، وَعَمَّتَهُ، وَخَالَتَهُ، وَبِنْتَ أَخِيهِ، وَبِنْتَ أُخْتِهِ - عَالِمًا بِقَرَابَتِهِنَّ مِنْهُ، عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِنَّ عَلَيْهِ، وَوَطِئَهُنَّ كُلَّهُنَّ : فَالْوَلَدُ لَاحِقٌ بِهِ ، وَالْمَهْرُ وَاجِبٌ لَهُنَّ عَلَيْهِ ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا التَّعْزِيرُ دُونَ الْأَرْبَعِينَ فَقَطْ . وهو منقول عن " الْمُحلّى " لابن حَزْم .


وهذا قول باطِل ، وبيان ذلك مِن وُجوه :


الوَجْه الأول : أنه قول مَبْتُور ، فإن تَمَامه في " الْمُحلّى " لابن حَزْم : وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، قَالَا [أبو حنيفة وسُفيان الثوري] : فَإِنْ وَطِئَهُنَّ بِغَيْرِ عَقْدِ نِكَاحٍ فَهُوَ زِنًى ، عَلَيْهِ مَا عَلَى الزَّانِي مِنْ الْحَدِّ . اهـ .
ثم نَقَل ابن حَزْم عن السَّلَف أن عليه الْحَدّ في كل حال ؛ فَرَوى ابن حَزْم بإسناده إلى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ فِي مَنْ زَنَى بِذَاتِ مَحْرَمٍ : يُرْجَمُ عَلَى كُلِّ حَالٍ . وَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ ، وَالْحَسَنُ : حَدُّهُ حَدُّ الزِّنَى .
ورَوى ابن حَزْم بإسناده إلى عَمْرُو بْنُ أَبِي هِنْدٍ، قَالَ : إنَّ رَجُلًا أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أُخْتَانِ ، فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ : لَتُفَارِقَنَّ إحْدَاهُمَا ، أَوْ لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَك .
وَقَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ أَبُو الشَّعْثَاءِ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، : كُلُّ مَنْ وَطِئَ حَرِيمَتَهُ عَالِمًا بِالتَّحَرُّمِ عَالِمًا بِقَرَابَتِهَا مِنْهُ ، فَسَوَاءٌ وَطِئَهَا بِاسْمِ نِكَاحٍ ، أَوْ بِمِلْكِ يَمِينٍ ، أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ ، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ وَلَا بُدَّ - مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ ؟



الوَجْه الثاني : أن ابن حَزْم رَوَى بإساده إلى عَدِيَّ بْنَ ثَابِتٍ عَنْ الْبَرَاءِ ، قَالَ : مَرَّ بِنَا نَاسٌ يَنْطَلِقُونَ قُلْنَا : أَيْنَ تُرِيدُونَ ؟ قَالُوا : بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى رَجُلٍ أَتَى امْرَأَةَ أَبِيهِ أَنْ نَضْرِبَ عُنُقَهُ ؟


الوَجْه الثالث : أنّ ابن حَزْم ردّ هذا القول بِما ثَبَت في صَريح السُّنّة ، وهو حديث البراء السابق
ونَقَل ابن حَزْم عن جُمهور أهل العِلم تحريم ذلك وتَجريمه .
قال ابن حَزْم : قَالَتْ طَائِفَةٌ : مَنْ تَزَوَّجَ أُمَّهُ أَوْ ابْنَتَهُ أَوْ حَرِيمَتَهُ أَوْ زَنَى بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ، فَكُلُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ ، وَهُوَ كُلُّهُ زِنًى ، وَالزَّوَاجُ كُلُّهُ زَوَاجٌ إذَا كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ، وَعَلَيْهِ حَدُّ الزِّنَى كَامِلًا، وَلَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ فِي الْعَقْدِ.
وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ - صَاحِبِي أَبِي حَنِيفَةَ . اهـ .
فالقول بتجريم ذلك الفِعْل : هو قول أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ - صَاحِبِي أَبِي حَنِيفَةَ - .
قَال ابن حَزْم في رَدّ ذلك القول : فَلَمَّا اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي ذَلِكَ لِيَلُوحَ الْحَقُّ فَنَتَّبِعُهُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - فَبَدَأْنَا بِمَا احْتَجَّ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَنْ قَلَّدَهُ لِقَوْلِهِ ، فَوَجَدْنَاهُمْ يَقُولُونَ : إنَّ اسْمَ " الزِّنَى " غَيْرُ اسْمِ " النِّكَاحِ " فَوَاجِبٌ أَنْ يَكُونَ لَهُ غَيْرُ حُكْمِهِ .
فَإِذَا قُلْتُمْ : زَنَى بِأُمِّهِ - فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الزَّانِي ؟ وَإِذَا قُلْتُمْ : تَزَوَّجَ أُمَّهُ ، فَالزَّوَاجُ غَيْرُ الزِّنَى فَلَا حَدَّ فِي ذَلِكَ ، وَإِنَّمَا هُوَ نِكَاحٌ فَاسِدٌ ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، مِنْ سُقُوطِ الْحَدِّ، وَلِحَاقِ الْوَلَدِ، وَوُجُوبِ الْمَهْرِ - وَمَا نَعْلَمُ لَهُمْ تَمْوِيهًا غَيْرَ هَذَا .
وَهُوَ كَلَامٌ فَاسِدٌ ، وَاحْتِجَاجٌ فَاسِدٌ ، وَعَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ " إنْ اسْمَ الزِّنَى غَيْرُ اسْمِ الزَّوَاجِ " فَحَقٌّ لَا شَكَّ فِيهِ، إلَّا أَنَّ الزَّوَاجَ هُوَ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ وَأَبَاحَهُ - وَهُوَ الْحَلَالُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الْمُبَارَكُ .
وَأَمَّا كُلُّ عَقْدٍ أَوْ وَطْءٍ لَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، وَلَا أَبَاحَهُ بَلْ نَهَى عَنْهُ، فَهُوَ الْبَاطِلُ وَالْحَرَامُ وَالْمَعْصِيَةُ وَالضَّلَالُ - وَمَنْ سَمَّى ذَلِكَ زَوَاجًا فَهُوَ كَاذِبٌ آفِكٌ مُتَعَدٍّ ....
أَمَّا مَنْ سَمَّى كُلَّ عَقْدٍ فَاسِدٍ وَوَطْءٍ فَاسِدٍ - وَهُوَ الزِّنَى الْمَحْضُ - زَوَاجًا، لِيَتَوَصَّلَ بِهِ إلَى إبَاحَةِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى، أَوْ إلَى إسْقَاطِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى، إلَّا كَمَنْ سَمَّى الْخِنْزِيرَ: كَبْشًا، لِيَسْتَحِلَّهُ بِذَلِكَ الِاسْمِ، وَكَمَنْ سَمَّى الْخَمْرَ: نَبِيذًا، أَوْ طِلَاءً، لِيَسْتَحِلَّهَا بِذَلِكَ الِاسْمِ، وَكَمَنْ سَمَّى الْبيْعَةَ وَالْكَنِيسَةَ: مَسْجِدًا، وَكَمَنْ سَمَّى الْيَهُودِيَّةَ: إسْلَامًا - وَهَذَا هُوَ الِانْسِلَاخُ مِنْ الْإِسْلَامِ وَنَقْضُ عَقْدِ الشَّرِيعَةِ، وَلَيْسَ فِي الْمُحَالِ أَكْثَرُ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: هَذَا نِكَاحٌ فَاسِدٌ، وَهَذَا مِلْكٌ فَاسِدٌ، لِأَنَّ هَذَا كَلَامٌ يَنْقُضُ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَلَئِنْ كَانَ نِكَاحًا أَوْ مِلْكًا فَإِنَّهُ لَصَحِيحٌ حَلَالٌ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحَلَّ الزَّوَاجَ، وَالْمِلْكَ . اهـ .

الوَجْه الرابع : أن الْحُجّة عند التنازع : الكِتاب والسُّنّة .
فالثابِت في السُّنّة : قَتْل مَن تَزوّج ذات مَحْرَم ؛ لأنه اسْتَحَلّ ما حَرّم الله .
ففي حديث الْبَرَاءِ رضي الله عنه قَالَ : لَقِيتُ عَمِّي وَمَعَهُ رَايَةٌ ، فَقُلْتُ لَهُ : أَيْنَ تُرِيدُ ؟ قَالَ : بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى رَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةَ أَبِيهِ ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ ، وَآخُذَ مَالَهُ . رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي ، وصححه الألباني .

ومما تَقرّر عند أهل العِلْم : أن قول العَالِم يُحتَجّ له ، ولا يُحتَجّ به .
قال ابن السمعاني : متى ثبت الخبر صار أصلاً من الأصول ولا يُحتاج إلى عَرْضه على أصل آخر ؛ لأنه إن وافَقه فذاك ، وإن خالفه لم يَجُزْ رَدّ أحدهما لأنه ردّ للخبر بالقياس ، وهو مَرْدُود بالاتفاق ؛ فإن السنة مُقَدّمة على القياس بلا خِلاف . اهـ . نَقَله الحافظ ابن حجر في " الفتح " .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وَلَيْسَ لأَحَدِ أَنْ يَحْتَجَّ بِقَوْلِ أَحَدٍ فِي مَسَائِلِ النِّزَاعِ ، وَإِنَّمَا الْحُجَّةُ النَّصُّ وَالإِجْمَاعُ ، وَدَلِيلٌ مُسْتَنْبَطٌ مِنْ ذَلِكَ تُقَرَّرُ مُقَدِّمَاتُهُ بِالأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ لا بِأَقْوَالِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ ؛ فَإِنَّ أَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ يُحْتَجُّ لَهَا بِالأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ لا يُحْتَجُّ بِهَا عَلَى الأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ . اهـ .

ويَظهر لي – والله أعلم – أن الذي نَقَل ذلك القَول يُريد إشاعة الفاحِشة في الذين آمنوا ، وتَهوين وتَسْويغ زِنا الْمَحَارِم ؛ فهو نَقَل قولا مَبْتُورا ، ونَقل ما يُوافِق هَواه .

والله تعالى أعلم .

إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
امرأة حاجّة أخذت حذاءً وجدته مرميّا في عرفة فهل يلزمها شيء ؟ نسمات الفجر قسـم الفقه العـام 0 10-09-2016 02:20 AM
رجُل نذَر أن يُخرِج مالا لله ، فهل يصِحّ أن يجعله نفقةً لحجّ أمه وأخته ؟ ناصرة السنة قسـم الفقه العـام 0 03-01-2013 01:42 AM
هل يحق للولد الميراث إذا تزوّج والداه في الكنيسة ؟ نسمات الفجر قسـم الفقه العـام 0 14-02-2010 05:44 AM
قصة الملحدين مع أبي حنيفة *المتفائله* إرشـاد القـصــص 0 11-02-2010 10:48 AM
من أدركه الفجر وهو جُنُب ، هل يصوم ؟ محب السلف إرشــاد الـصــوم 0 09-02-2010 05:28 PM


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 12:39 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى