هل يزيل القران الكريم امراض القلوب من وساوس وشكوك و أوهام ويمحي اثرها
ام
هو شفاء للامراض العضوية فكثير ما نسمع أن فلان شفي بالقران فما هو معنى الشفاء هنا
نرجوا من سماحتكم بيان ذالك لنا
لا يُوجَد مَرض إلاّ وله علاج عن طريق الرُّقية بالقرآن والأدعية ؛ لقوله تبارك وتعالى : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) .
وأكثر العلماء على أن هذه الآية شفاء للقلوب ، كما في قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) .
واختَلفوا : هل القرآن شفاء للأمراض العضوية أو لا ؟!
والصحيح : أن القرآن شفاء للقلوب والأبدان . و " شِفاء " جاءت مُنكّرة ، فتَعمّ كل شفاء ، وكونه شفاء للقلوب مِن أمراض الشك والريب أظهر ؛ لأن القلوب هي التي في الصدور ، وقد قال الله تبارك وتعالى : (وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ) .
قال القرطبي : اختلف العلماء في كونه شفاء على قولين :
أحدهما : أنه شِفاء للقلوب بِزوال الجهل عنها وإزالة الريب ، ولِكشف غطاء القلب مِن مرض الجهل لِفَهم المعجزات والأمور الدالة على الله تعالى .
الثاني : شفاء مِن الأمراض الظاهرة بالرُّقَى والتعوّذ ونحوه . اهـ .
وقال ابن كثير في تفسير قوله تعالى : (شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) : أي : يُذهِب ما في القلوب مِن أمراض ، مِن شك ونفاق ، وشِرك وزَيغ ومَيْل ، فالقرآن يَشفي مِن ذلك كُلّه . وهو أيضا رَحمة يَحصل فيها الإيمان والحكمة وطلب الخير والرغبة فيه ، وليس هذا إلاَّ لِمَن آمَن به وصدّقه واتّبعه ، فإنه يكون شفاء في حَقّه ورحمة . اهـ .
وقد عقد ابن القيم في كتابه " إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان " بابًا في أن القرآن متضمن لأدوية القلب وعلاجه من جميع أمراضه .
قال الله عز و جل : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ) ، وقال تعالى : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) وقد تقدم أن جِماع أمراض القلب هي : أمراض الشبهات والشهوات . والقرآن شِفاء للنوعين ؛ ففيه مِن البَيِّنات والبراهين القطعية ما يُبيِّن الحق مِن الباطل ، فَتَزول أمراض الشُّبَه الْمُفْسِدة للعِلم والتصَوّر والإدراك ، بحيث يرى الأشياء على ما هي عليه .
وليس تحت أديم السماء كتاب مُتضمِّن للبراهين والآيات على المطالب العالية : مِن التوحيد ، وإثبات الصفات ، وإثبات المعاد والنبوات ، وَرَدّ النِّحَل الباطلة والآراء الفاسدة - مثل القرآن ، فإنه كَفيل بذلك كله ، مُتضمِّن له على أتَمّ الوجوه وأحسنها ، وأقربها إلى العقول ، وأفصحها بيانا ؛ فهو الشفاء على الحقيقة مِن أدواء الشُّبَه والشكوك ، ولكن ذلك موقوف على فَهمه ومعرفة المراد منه ؛ فمن رَزَقه الله تعالى ذلك أبْصَر الحق والباطل عَيانا بِقَلبِه كما يَرى الليل والنهار . اهـ .