السؤال :
السلام عليكم
شيخنا الفاضل حصلت حادثة لتقديم صلاة على صلاة..
وصورتها:
كنّا مسافرين وجمعنا الظهر والعصر جمع تأخير , ولما انتهينا من الصلاتين قال أحد الإخوان إنيصليتالصلاة الأولى (الظهر) ونويتها العصر - لأنه نسي أننا لم نصلّي الظهر- يقول فلما أقيمت الصلاة لصلاةالعصر نويتها الظهر ..
فما حكم عمله هذا ؟؟
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وبارك الله فيك .
نَصّ العلماء على أن الترتيب يَسقط في خمسة مواضع :
أ - النسيان ، كأن تفوته خمس صلوات أولها الظهر ، فينسى أن أولها الظهر فيبدأ مثلا بالفجر .
ب - خوف خروج وقت الصلاة التي حَضَرت . كأن يَكون ذَكَر صلاة وبقي في وقت الصلاة الحاضرة وقت يسير ، فيُقدِّم التي هو في وقتها .
جـ - خوف فوات الجمعة .
د - خوف فوات الجماعة . كأن يرجع لمسافر إلى بلده ولم يكن صلى المغرب مثلا ، ثم يدخل المسجد فيجد صلاة العشاء قد أُقِيمَت ، فيُصلي العشاء ، ثم يُصلي المغرب .
هـ - الجهل بوجوب الترتيب . ومثله الخطأ في الترتيب ، كما في الصورة التي ذَكَرتْ في السؤال .
فإذا خشي فوات الصلاة التي حضر وقتها ، فليُصلّ التي حضر وقتها ، ثم يُصلّي الفائتة .
سواء خشي فوات الوقت ، أو فوات الجماعة .
فقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأْحزاب ، فصلى المغرب ثم صلى العصر ، وهو ما يُفهَم من حديث عليّ رضي الله عنه ، وفيه : شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر . قال : ثم صَلاها بين المغرب والعشاء . رواه البخاري ومسلم ، واللفظ له .
وقوله : صلاها بين المغرب والعشاء : يعني : أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة العصر بَيْن المغرب والعشاء .
قال ابن قدامة بعد ذِكر الأقوال والتفصيل في المسألة :
ذكر بعض أصحابنا في مَن عليه فائتة ، وخشي فوات الجماعة ، روايتين :
إحداهما : يسقط الترتيب ؛ لأنه اجتمع واجِبان : الترتيب والجماعة ، ولا بُدّ مِن تفويت أحدهما ، فكان مُخَيَّرا فيهما .
فأما على الرواية التي ذكرناها ، في جواز تقديم الحاضرة على الفوائت إذا كَثُرت في أول وقتها، فإنه يُصلي الحاضرة مع الجماعة متى حَضَرَت ، ولا يحتاج إلى إعادتها . وهذا أحسن وأصح إن شاء الله تعالى . اهـ .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : وأما الجاهل بوجوب الترتيب إذا بدأ بالحاضرة ثم بالفائتة ، ثم صلى بعد ذلك ثم عَلِم ؛ فيجزيه ما صلى بعد الفائتة ؛ لأنه صلى معتقدا أن لا صلاة عليه ، وأما ما صلى قبلها فيعيده ، لأنه صلاة في غير موضعه ، ويتوجّه أن يكون الجهل كالنسيان .
وقال أيضا : اختلف الموجبون للترتيب هل يسقط بضيق الوقت ؟ على قولين ، هما روايتان عن أحمد ، لكن أشهرهما عنه أنه يسقط الترتيب ، كقول أبي حنيفة وأصحابه . والأخرى : لا يسقط ، كقول مالك . كذلك هل يسقط بالنسيان ؟ فيه نزاع نحو هذا . وإذا كانت المسارعة إلى قضاء الفائتة وتقديمها على الحاضرة بهذه المزية ، كان فعل ذلك في مثل هذا الوقت هو الواجب .
وأما الشافعي فإذا كان يجوّز تحية المسجد في هذا الوقت ، فالفائتة أولى بالجواز .
وقال : فان ضاق الوقت عن فعل الفائتة والحاضرة ؛ سقط الترتيب في إحدى الروايتين . اهـ .
وسئل رحمه الله :
عن رجل فاتته صلاة العصر ، فجاء إلى المسجد فوجد المغرب قد أُقيمت ، فهل يصلي الفائتة قبل المغرب أم لا ؟
فأجاب :
بل يُصلي المغرب مع الإمام ، ثم يصلي العصر باتفاق الأئمة ، ولكن هل يعيد المغرب ؟ فيه قولان :
أحدهما : يُعيد ، وهو قول ابن عمر ومالك وأبي حنيفة وأحمد في المشهور عنه .
والثاني : لا يُعيد المغرب ، وهو قول ابن عباس وقول الشافعي ، والقول الآخر في مذهب أحمد .
والثاني أصح ، فإن الله لم يُوجب على العبد أن يُصلّي الصلاة مرتين إذا اتّقى الله ما استطاع . اهـ .
وقال ابن مُفلح : فإن خشي فوات الحاضرة
سقط وجوب الترتيب في الصحيح المشهور في المذهب ، لئلا تصيرا فائتتين ، وفِعل الحاضرة آكد بدليل أنه يُقْتَل بتركها بخلاف الفائتة ، ولأن ترك الترتيب أيسر مِن ترك الوقت . اهـ .
وقال الشيخ السعدي رحمه الله : وَمَنْ فَاتَتْهُ صَلاةٌ وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا فَوْرًا مُرَتِّبًا ، فَإِنْ نَسِيَ اَلتَّرْتِيبَ أَوْ جَهِلَهُ ، أَوْ خَافَ فَوْتَ اَلصَّلاةِ ؛ سَقَطَ اَلتَّرْتِيبُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اَلْحَاضِرَةِ . اهـ .
ومِن العلماء مَن يَرى أن عليه إعادة الظهر ثم يُصلي العصر بعدها . هذا إذا كان في وقتها .
أما إذا كان الوقت قد خَرَج ، وكان صلى الظهر والعصر ، ونَسي الترتيب ، فلا شيء عليه .
وهنا :
هل يجب الترتيب عند قضاء الصلوات الفوائت ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=16700
والله تعالى أعلم .
فضيلة الشيخ/ عبد الرحمن السحيم