العودة   منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية فتاوى الإرشاد أقسـام العقيـدة والتوحيـد قسـم العقـيدة والـتوحيد
منوعات المجموعات مشاركات اليوم البحث

إضافة رد
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع

ناصرة السنة

مشرفة عامة


رقم العضوية : 46
الإنتساب : Feb 2010
المشاركات : 3,214
بمعدل : 0.62 يوميا

ناصرة السنة غير متواجد حالياً عرض البوم صور ناصرة السنة


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم العقـيدة والـتوحيد
افتراضي هل التوسل برسولنا الكريم من المسائل العقائدية أم من المسائل الفقهية ؟
قديم بتاريخ : 15-02-2010 الساعة : 03:13 PM

السلام عليكم شيخنا الكريم
سؤالي هو كالاتي هل التوسل برسولنا الكريم من المسائل العقائديه أم من المسائل الفقهيه أي انه يكفر من فعل بها أم لأ؟
فإذا كان الجواب بالتكفير فما قول فضيلتكم في ما قاله الشيخ .... عن إمكانية التوسل بِرسول الله صلى الله عليه وسلم
مع العلم أن هناك أكثر من علماء أجازوا أو كرهوه فمثال
والصواب عندنا قول الجمهور أنه مكروه فلا ننكر على من فعله " ] مجموع فتاوي محمد بن عبد الوهاب ص 68-69
برهان الدين بن مفلح(ت:803 هـ) في المبدع ( 2 / 204) : ـ " قال أحمد في منسكه الذي كتبه للمروذي : إنه يتوسل بالنبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ في دعائه , وجزم بـه في المستوعب وغـيره " .
وقريب منه ما في الإقناع للعلامة الحجاوي ( 1 / 208 ) والفروع لشمس الدين ابن مفلح (ت:763 هـ) ( 2 / 159 ) .
الإنصاف للمرداوي (ت:885 هـ) (ج2/456)في كتاب صلاة الاستسقاء: "ومنها (أي من الفوائد) يجوز التوسل بالرجل الصالح على الصحيح من المذهب، وقيل: يُستحب، قال الإمام أحمد للمروذي: (((يَتَوسل بالنبي صلى اللّه عليه وسلم))) في دعائه، وجزم به في المستوعب وغيره"
وقال الشوكاني: (ويتوسل إلى الله بأنبيائه والصالحين). تحفة الذاكرين
قال ابن قدامة في المغني بعد أن نقل قصة العتبي مع الأعرابي:
(ويستحب لمن دخل المسجد أن يقدم رجله اليمنى...، إلى أن قال:
ثم تأتي القبر فتقول:... وقد أتيتك مستغفرا من ذنوبي مستشفعا بك إلى ربي...). الشرح الكبير مع المغني 3 / 494
فإن هذه مسألة خفية ليست أدلتها جلية ظاهرة، . الفتاوى (1/106)
أرجوا من فضيلتكم تبين لنا هل التوسل برسولنا الكريم كفر أم ليست بالكفر اي يـأخذ كل ما على الكافر من إستتابه وعدم توريث وعدم الدفن في مقابر المسلمين ولا يصلى عليه ويقتل إن لم يتب أم انها ليست بالكفر
أفيدنوي أفادكم الله
لاتنسوني في دعائك




الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وأعانك الله .

أولاً : كل يُؤخذ من قوله ويُترك إلا محمد صلى الله عليه وسلم ، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما وكما قال تلميذه مُجاهد .

ثانيا : كلام العَالِم يُستَدَلّ له ، ولا يُستَدلّ به ، وذلك لأن العالِم ليس معصوما ، ولأن كلام العالِم يُقابِله كلام عالم آخر ، أو كلام علماء آخرين ، فليس قول أحدهم بأولى من قول الآخر ، والحجة في الدليل .
قال الإمام ابن عبد البر رحمه الله : الحجة في السُّـنَّة ، وفي قول من قال بها وعَلِمها ، لا في قول من جهلها وخالفها . اهـ .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : وليس لأحد أن يحتج بِقول أحد في مسائل النِّزَاع, وإنما الحجة النص والإِجماع , ودليل مُستنبط من ذلك تُقرر مقدماته بالأدلة الشرعية لا بأقوال بعض العلماء ؛ فإن أقوال العلماء يُحْتَجّ لها بالأدلة الشرعية , لا يحتج بها على الأدلة الشرعية . اهـ .

فكلام العَالِم يحتاج إلى أن يُطلب له الدليل لا أن يكون هو الدليل بِنفسه ، لأنا إذا جعلنا كلام العالم هو الدليل وهو الحجة ، جَعلنا كلامه بِمَنْزِلة كلام من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم .

ثالثا : يَجِب على المؤمنين عند التنازع الردّ إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم ، وذلك بالرجوع إلى الكتاب والسنة .
والردّ إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاته يكون بالرجوع إلى سُنّته .
ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وما تنازعوا فيه يرد إلى الله والرسول صلى الله عليه وسلم . اهـ .

وهذا في حقيقته مَحَكّ إثبات محبة النبي صلى الله عليه وسلم في الرجوع إليه والرّد إلى سُنته .

رابعا : هذه المسألة يتمسّك بها أهل الأهواء والبدع ، وليس لهم فيها دليل .
وبعضهم يستدلّ بالقصص التي لا إسناد لها ولا زِمام لها !
وبعضهم يبتر الكلام ويأخذ منه ما يُوافق هواه ، ويترك بقية الكلام التي تُوضِّح مقصد من قال بها .

وعلى سبيل المثال :
ورد في تقرير المسألة - كما في السؤال أعلاه - : (قال أحمد في منسكه الذي كتبه للمروذي : إنه يتوسل بالنبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ في دعائه , وجزم بـه في المستوعب وغـيره .. وقريب منه ما في الإقناع للعلامة الحجاوي والفروع لشمس الدين ابن مفلح)
فإن ناقل هذا القول بَتَر القول ! مع انه ذَكَر المصدر ، وهو " الْمُبْدِع " لابن مُفلِح ، فقد قال ابن مُفلِح بعد ذلك : وَجَعَلَهَا شَيْخُنَا كَمَسْأَلَةِ الْيَمِينِ بِهِ ، قَالَ : وَالتَّوَسُّلُ بِالإِيمَانِ بِهِ وَطَاعَتِهِ وَمَحَبَّتِهِ ، وَالصَّلاةِ وَالسَّلامِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ .

وقال ابن مفلح المقدسي في " الفروع " : وقال أحمد وغيره في قوله عليه السلام : " أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق " الاستعاذة لا تكون بمخلوق . قال إبراهيم الحربي : الدعاء عند قبر " مَعْرُوف " الترياق الْمُجَرّب . وقال شيخنا " قَصْدُه للدعاء عنده رجاء الإجابة بِدعة لا قُربة ، باتفاق الأئمة ، وقال أيضا : يَحْرُم بلا نِزاع بين الأئمة . اهـ .

ومعلوم أن الاستعاذة تختلف عن التوسّل .

ومثله ما نُقِل عن المرداوي (في كتاب صلاة الاستسقاء: "ومنها (أي من الفوائد) يجوز التوسل بالرجل الصالح على الصحيح من المذهب ، وقيل : يُستحب ، قال الإمام أحمد للمروذي: (( يَتَوسل بالنبي صلى اللّه عليه وسلم)) في دعائه ، وجزم به في المستوعب وغيره) ، فإنه كلام مبتور !
فقد قال عقبه : وَجَعَلَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ كَمَسْأَلَةِ الْيَمِينِ بِهِ قَالَ : وَالتَّوَسُّلُ بِالإِيمَانِ بِهِ وَطَاعَتِهِ وَمَحَبَّتِهِ وَالصَّلاةِ وَالسَّلامِ عَلَيْهِ ، وَبِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ ، وَنَحْوِهِ مِمَّا هُوَ مِنْ فِعْلِهِ أَوْ أَفْعَالِ الْعِبَادِ الْمَأْمُورِ بِهَا فِي حَقِّهِ : مَشْرُوعٌ إجْمَاعًا ، وَهُوَ مِنْ الْوَسِيلَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا فِي قَوْله تَعَالَى : (اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) ، وَقَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ : فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلاةِ وَالسَّلامِ : " أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ " الاسْتِعَاذَةُ لا تَكُونُ بِمَخْلُوق . اهـ .

فتبيّن مُراد الإمام أحمد بذلك ، وهو التوسّل المشروع ، من الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم ومحبته وطاعته والصلاة عليه عليه الصلاة والسلام .

وبيّن ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله : لكن هذا الاستسقاء والاستشفاع والتوسل به وبغيره كان يكون في حياته ، بمعنى : أنهم يطلبون منه الدعاء ، فيدعو لهم ، فكان توسلهم بدعائه ، والاستشفاع به طَلب شفاعته ، والشفاعة دعاء .
فأما التوسل بِذاته في حضوره أو مَغيبه أو بعد موته مثل الإقسام بذاته أو بغيره من الأنبياء ، أو السؤال بنفس ذَواتهم لا بِدعائهم ؛ فليس هذا مشهورا عند الصحابة والتابعين ، بل عمر بن الخطاب ومعاوية بن أبى سفيان ومَن بِحضرتهما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم بإحسان لَمَّا أجدبوا استسقوا وتوسَلّوا واستشفعوا بمن كان حَـيًّا ، كالعباس وكَيَزِيد بن الأسود ، ولم يتوسلوا ولم يستشفعوا ولم يستسقوا في هذه الحال بالنبي صلى الله عليه وسلم لا عند قبره ولا غير قبره ، بل عَدَلُوا إلى البَدَل كالعباس وكَيَزِيد بل كانوا يُصَلّون عليه في دعائهم ، وقد قال عمر : اللهم إنا كنا نتوسّل إليك بِنَبِيِّنا فَتَسْقِينا ، وإنا نتوسّل إليك بِعَمِّ نَبِيِّنا فاسقنا . فَجَعلوا هذا بَدَلاً عن ذلك لَمَّا تَعَذّر أن يتوسلوا به على الوجه المشروع الذي كانوا يفعلونه ، وقد كان من الممكن أن يأتوا إلى قبره فيتوسّلوا به ، ويقولوا في دعائهم في الصحراء بِالْجَاه ونحو ذلك من الألفاظ التي تتضمن القسم بمخلوق على الله عز وجل ، أو السؤال به ، فيقولون : نسألك أو نقسم عليك بنبيك ، أو بِجَاه نَبِيِّك ، ونحو ذلك مما يفعله بعض الناس . اهـ .

ومع ذلك فقول الإمام أحمد رحمه الله ليس صريحا في الدلالة على مرادهم من التوسّل بالنبي صلى الله عليه وسلم ، بل فهمه بعض أتباعه - كما تقدم - على أنه التوسّل المشروع .
وقول الإمام أحمد رحمه الله يُستأنس به ، ولا يُستدلّ به .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ونُقِل عن أحمد بن حنبل في منسك المروذي التوسل بالنبي في الدعاء ونَهَى عنه آخرون ، فإن كان مقصود المتوسِّلين التوسل بالإيمان به وبمحبته وبموالاته وبطاعته ، فلا نزاع بين الطائفتين ، وإن كان مقصودهم التوسل بِذاته فهو مَحَل النِّزَاع ، وما تنازعوا فيه يرد إلى الله والرسول صلى الله عليه وسلم . اهـ .

ويُقال في قول الشوكاني رحمه الله مثل ذلك ، فهو قول عالِم ، وليس قول العالم حُجة على غيره ، فضلا عن أن يكون حُجّة على الْخَلْق !

وجواب آخر أن كلام الشوكاني مُحتَمل ، وذلك أن قوله في آداب الدعاء : (ويتوسل إلى الله بأنبيائه والصالحين) بَيَّـنّه قوله بعد ذلك : أقول : ومن التوسل بالأنبياء ما أخرجه الترمذي - وقال : حسن صحيح غريب ، والنسائي وابن ماجة وابن خزيمة في صحيحه والحاكم وقال : صحيح على شرط البخاري ومسلم - من حديث عثمان بن حنيف رضي الله عنه أن أعمى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ادع الله أن يكشف لي عن بصري ...

وسبق الجواب عن حديث الأعمى هنا :
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=6146

ثم قال الشوكاني : وأما التوسل بالصالحين ، فمنه ما ثبت في الصحيح أن الصحابة استسقوا بالعباس رضي الله عنه عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال عمر رضي الله عنه : اللهم إنا نَتَوسّل إليك بِعَمّ نَبِيِّنا . اهـ .

فتبيّن أيضا مُراد الشوكاني رحمه الله من التوسّل بالأنبياء والصالحين ، من أنه التوسّل المشروع بِدعائهم وهم أحياء .

وما نُقِل عن (ابن قدامة في المغني بعد أن نقل قصة العتبي مع الأعرابي:
(ويستحب لمن دخل المسجد أن يقدم رجله اليمنى...، إلى أن قال:
ثم تأتي القبر فتقول:... وقد أتيتك مستغفرا من ذنوبي مستشفعا بك إلى ربي)

هذا أيضا مما بُتِر مِنه ما يدل على المقصود ، فإن ابن قدامة رحمه الله قال : وَيُسْتَحَبُّ زِيَارَةُ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ثم قال بعد ذلك :
وقد أتيتك مستغفرا من ذنوبي ، مستشفعا بك إلى ربي ، فأسألك يا رب أن تُوجِب لي المغفرة ، كما أوجبتها لمن أتاه في حياته ، اللهم اجعله أول الشافعين ، وأنجح السائلين ، وأكرم الآخرين والأولين ، برحمتك يا أرحم الراحمين . اهـ .

وهذا مُتعقّب مِن وُجوه :
الوجه الأول : أنه قول عالِم يحتاج إلى ما يَسنده مِن السُّنة ، ولا يقوم كلام العالم بِذاته ولا يصلح دليلا على مسألة خلافية .
الوجه الثاني : أن قصة العُتبي ضعيفة ، وسبق بيان ضعفها هنا :
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=12955

وقد أشار ابن قدامة رحمه الله إلى ضعفها بقوله : " وَيُرْوَى عَنْ الْعُتْبِيِّ .. " .
ومعلوم أن صيغة ( رُوي ) أو ( يُروى ) صيغة تضعيف .

الوجه الثالث : أن ابن قدامة رحمه الله لم يقتصر على القول بالتوسل ، لأنه قال بعد ذلك في الدعاء : (فأسألك يا رب أن تُوجِب لي المغفرة ، كما أوجبتها لمن أتاه في حياته ، اللهم اجعله أول الشافعين ، وأنجح السائلين ، وأكرم الآخرين والأولين ، برحمتك يا أرحم الراحمين )
فأين هذا ممن يترك الدعاء المشروع ويلجأ إلى الدعاء المبتدَع ، أو المختَلف فيه ؟
فإن كثيرا ممن يتوسّلون بالنبي صلى الله عليه وسلم يستقبلون قبره عليه الصلاة والسلام عند زيارته ويدعونه من دون الله !
أين هذا من قول القائل : (فأسألك يا رب أن تُوجِب لي المغفرة ، كما أوجبتها لمن أتاه في حياته ، اللهم اجعله أول الشافعين ، وأنجح السائلين ، وأكرم الآخرين والأولين ، برحمتك يا أرحم الراحمين)

ومع ذلك فهو لم يذكر دليلا على قوله : (وقد أتيتك مستغفرا من ذنوبي ، مستشفعا بك إلى ربي) إلاّ أن تكون قِصة الأعمى ، وليس فيها ما يدلّ على المقصود ، خاصة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم .
وقد يُحمَل قوله رحمه الله على إرادة التوسّل المشروع ، من التوسّل إلى الله بِمحبته صلى الله عليه وسلم .
وقوله : (اللهم اجعله أول الشافعين ، وأنجح السائلين) محمول على أن يكون أراد به في يوم القيامة ؛ لأن شفاعته صلى الله عليه وسلم يوم القيامة حقّ ، وسؤاله النجاة لأمته ثابت .

وأخيرا :
يُقال لكل من قال قولاً : هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين .
هاتوا لنا حُجّة مِن فعل الصحابة رضي الله عنهم على هذا التوسّل الذي تقولون به .
بل إن أفعال الصحابة رضي الله عنهم حجّة على المخالف ؛ لأنه لا يُعرَف عن أحد منهم أنه توسّل بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ولا بِجاهه عليه الصلاة والسلام ، ولا نُقل عن أحد منهم أنه كان يأتي قبره عليه الصلاة والسلام للسؤال أو الاستشفاع .

بل ثبت خِلاف ذلك ، كما في استسقاء عمر رضي الله عنه ، وطلبه من العباس - عمّ النبي صلى الله عليه وسلم - أن يدعو لهم .
وهذا لا إشكال فيه ؛ لأنه طلب الدعاء من الرجل الصالح ، وهو حيّ .
ولَمّا عَدَل عمر رضي الله عنه عن إتيان قبره صلى الله عليه وسلم والعُدول عن ذلك إلى تقديم العباس رضي الله عنه من أجل أن يدعو ؛ عُلِم أنهم كانوا لا يَرون التوسّل بذاتِه عليه الصلاة والسلام بعد وفاته ، وإنما يتوسذلون إلى الله بمحبته واتِّبَاع سُنته وكثرة الصلاة عليه عليه الصلاة والسلام .

بل جاء نهي السلف عن إتيان قبره عليه الصلاة والسلام من أجل الدعاء عنده .
خامساً : وهو يُخالِف نَهْيَه صلى الله عليه وسلم عن اتِّخاذ قبره عيداً ومسجداً .
روى ابن أبي شيبة من طريق علي بن عمر عن أبيه عن علي بن حسين أنه رأى رجلا يجيء إلى فُرْجَة كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيدخل فيها فيدعو ، فَدَعَاه ، فقال : ألا أُحَدِّثُك بحديث سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : لا تتخذوا قبري عيدا ، ولا بيوتكم قبورا ، وصَلُّوا عَليّ فإن صلاتكم تبلغني حيث ما كنتم .

فهذا ما فهمه أئمة آل البيت رضي الله عنهم مع قُربِهم منه عليه الصلاة والسلام .

قال ابن القيم رحمه الله : وهذا أفضل التابعين من أهل بيته علي بن الحسين رضي الله عنهما نَهَى ذلك الرجل أن يَتَحَرّى الدعاء عند قبره ، واستدل بالحديث وهو الذي رواه وسَمِعَه من أبيه الحسين عن جده علي رضي الله عنه - وهو أعلم بمعناه من هؤلاء الضُّلاّل - وكذلك ابن عمه الحسن بن الحسن - شيخ أهل بيته - كَرِهّ أن يَقْصد الرجل القبر إذا لم يكن يريد المسجد ، ورأى أن ذلك من اتخاذه عيدا .
قال شيخنا [ يعني ابن تيمية ] : فانظر هذه السنة كيف مَخْرَجها من أهل المدينة ، وأهل البيت الذين لهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم قُرْب النسب وقُرْب الدار ؛ لأنهم إلى ذلك أحوج من غيرهم ، فكانوا له أضبط . اهـ .

أقول : وفي نَهْي زين العابدين علي بن الحسين رضي الله عنه ورحمه عن إتيان قبره عليه الصلاة والسلام يُفهَم منه ضِمنا النهي عن التوسّل بِذاته عليه الصلاة والسلام ؛ لأنه نَهاه عن الدعاء عند قبره عليه الصلاة والسلام ، ولو كان يرى التوسل بِذاته عليه الصلاة والسلام لأمره به ولَبيَّـنه له .

وأما من مات وهو يتوسّل بِذات النبي صلى الله عليه وسلم أو بِجاهه ، فإنه لا يُحكم بكُفره .
وهذا بِخلاف من مات وهو يدعو من دون الله نبيَّا أو مَلَكًا أو وليًّـا ؛ فهذا شِرْك بالله عزّ وجلّ .

فهناك فَرْق كبير من يقول : اللهم إني أتوسّل إليك بِحُبّ بِنبيِّك ، أو أتوسّل إليك بِنبيِّك ، أو يقول : يا رسول الله اشفِ مريضي ، ونحو ذلك .
فالأول : جائز ، وهو مشروع .
والثاني : ممنوع ، وهو توسّل بِدْعِيّ ليس عليه دليل .
والثالث : شِرْك بالله عزّ وجلّ .

وسبق :
الجواب المفصل عن شبهات في التوسل ..
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=2142

كما سبق :
ما حكم التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم ؟؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=880

والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض


التعديل الأخير تم بواسطة نسمات الفجر ; 20-02-2010 الساعة 08:36 AM.

إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
سؤال لأهل العلم حول التكفير في المسائل التي يسوغ فيها الاجتهاد راجية العفو قسـم العقـيدة والـتوحيد 0 02-04-2010 12:24 AM
هل هناك قواعد أو ضوابط في تصنيف المسائل الشرعية بين الفقه والعقيدة *المتفائله* قسـم العقـيدة والـتوحيد 0 12-03-2010 03:31 PM
أرجو الرد على هذه المسائل التي يحتج بها مخرجي زكاة الفطر نقودا؟!! عبق قسم أراشيف الفتاوى المكررة 1 27-02-2010 08:49 AM
الرد على المسائل التي يحتج بها مخرجو زكاة الفطر نقودا نسمات الفجر إرشـاد الزكـاة والصدقـة 0 21-02-2010 01:59 AM
متى يسوغ الإنكار في المسائل التي يُختلَف في حكمها ؟ نسمات الفجر قسم التوبـة والدعوة الى الله وتزكية النفس 0 16-02-2010 09:59 PM


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 07:35 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى