السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
جزاكم الله خير شيخنا الفاضل عبد الرحمن السحيم .. أسأل الله أن يضاعف ثوابكم بغير حساب ويحرم عذابكم .. ويعتق رقابنـا ورقابكم من النـار في هذا الشهر الفضيل ..
اللهم آمين ..
سؤالي بارك الله فيكم عن قصة سمعتها في أحد الأشرطة الدينية
وهي أن صحابي كان يجاهد مع الرسول صلى الله عليه وسلم في أحد المعارك وقد اشتد به الجوع
وربط بطنه بحجر .. فلما استشهد في المعركة .. ووجدته أمه بين القتلى نفضت الغبار عن وجهه
وقالت : هنيئا لك يا ولدي بالجنة .. فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم : وما يدريكِ .. لعلـه كـان يتكلم بمـا لا يعنيـه ؟؟
فما صحة هذه القصة وما هو نوع الكلام الذي عناه الرسول صلى الله عليه وسلم هل هو غيبة أم غير ذلك .. ومثله قصة الصحابية الصوامة القوامة التي كانت تؤذي جيرانها بلسانها فدخلت النـار .. فهل كانت أذيتها متمثلة في الغيبة أم غير ذلك ؟؟
وبناء عليه هل يصح ما ورد في أحد الأحاديث بأن سوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل العسل ؟
وبارك الله في علمكم وجهدكم وجزاكم عنا عن المسلمين خير الجزاء ورزقنـا وإياكم الدرجات العلا من الجنـة ..
اللهم آمين ..
الجواب/
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .
الحديث الأول فيه ضعف .
قال الهيثمي : روى الترمذي بعضه . ورواه أبو يعلى ، وفيه يحيى بن يعلى الأسلمي ، وهو ضعيف . اهـ .
وروى الطبراني في الأوسط أن النبي صلى الله عليه وسلم فَقَدَ كعب بن عُجرة رضي الله عنه فقال : ما فَعل كَعب ؟ قالوا : مَريض ، فَخَرج يمشي حتى دَخَل عليه ، فقال له : أبْشِر يا كَعب ، فقالت أمّه : هنيئا لك الجنة يا كعب ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : مَن هذه المتألِّيَة على الله ؟ قال : هي أمي يا رسول الله . قال : ما يدريك يا أم كعب ؟ لعل كَعْبًا قال ما لا ينفعه ، أو مَنَع ما لا يُغنيه . وصححه الألباني .
ولو صَحّ الحديث الأول لكان حَمْله على الْمَنْع من الشهادة لِمُعيَّن بالجنة ؛ لأن فيه ( لَعَلَّه ... ) وهو على سبيل الترجّي .
وفي الحديث الثاني ما يدلّ عليه ، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم بشَّر كَعبًا ، ثم نَهَى أم كعب عن الجزم له بشيء .
والمرأة التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم : " هي مِن أهل النار " ، وعَلّل ذلك بأنها تُؤذي جيرانها بِلسانها . محمول على أصناف الأذى ، واستمرار ذلك منها .
وسوء الْخُلُق الذي يُفسِد العمل ، هو الذي لا يكاد يُفارِق صاحبه ؛ لأن مِن شأن سوء الْخُلُق الاعتداء على الناس بأصناف الأذى ، مِن سبّ وشَتْم وقذف وغيبة وبُهتان .. وهذا مِن شأنه أن تذهب حسنات عمله إلى خصومه ، كما في حديث المفلس .
قال المناوي : " والْخُلُق السوء يُفْسِد العَمل كَمَا يُفْسِد الْخَلّ العَسَل" أشار به إلى أن المرء إنما يَحوز جميع الخيرات ، ويبلغ أقصى المنازل ، وأبهى الغايات بِحُسْن الْخُلُق . اهـ .
هل صاحِب سوء الخلق يُحرَم ثواب العمـل ؟
العرض العادي
