سؤال عن حدود تعامل المرأة مع طليقها إذا لم تخرج مِن بيتها
بتاريخ : 01-03-2010 الساعة : 04:58 PM
جزاك الله خيراً
في الحقيقة عندي سؤال
أود أن أستفهم عن وضع المرأة المطلقة في شهور العدة وهي لا تزال في منزل الزوجية وما هي حدود التعامل بينها وبين مطلقها ؟ هل تحتجب عنه ؟ هل تجب عليه نفقتها ؟ وهل تلزم بأداء أعمال المنزل وشؤونه الخاصة ؟
أرجو أن يكون السؤال واضحاً مع جزيل الشكر
الجواب/
وجزاك الله خيرا .
1 - المطلّقة إما أن تكون مُطلّقة طلاقا رَجعِيًّا ، لا تزال في عِدّتها ؛ بحيث يملك الزوج إرجاعها .
2- وإما أن تكون مُطلّقة طلاقا بائنا .
فالأُولَى ، لا يجوز للزوج أن يُخرجها مِن بَيته ، ولا يجوز لها أن تَخْرُج ، لقوله تبارك وتعالى : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَة مُبَيِّنَة) .
قال البغوي في تفسيره : (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ) أراد به إذا كان المسكن الذي طَلّقها فيه للزوج ، لا يجوز له أن يُخْرِجها منه . (وَلا يَخْرُجْنَ) ، ولا يجوز لها أن تَخْرُج ما لم تنقضِ عِدّتها ، فإن خَرَجَتْ لِغير ضرورة أو حاجَة أَثِمَتْ .
وقال في قوله تعالى : (لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا) يُوقِع في قلب الزوج مراجعتها بعد الطلقة والطلقتين . اهـ .
وقال القرطبي في تفسيره (لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا) : قال جميع المفسرين : أراد بالأمر هنا الرَّغْبَة في الرَّجْعَة . اهـ .
وقال ابن عبد البر : أجمعوا أن المطلقة طلاقا يملك فيه زوجها رجعتها أنها لا تنتقل مِن بيتها . اهـ .
ويَرى جَمْع مِن أهل العلْم أن للمرأة المطلّقة طلاقا رجعيا أن تتجمّل لزوجها .
قال سفيان الثوري : لا بأس أن تتشوّف له وتتزين وتُسلّم ، ولا يستأذن عليها ولا يؤذنها ، ويؤذنها بالتنحنح .
وقال أبو حنيفة : لا بأس أن تتزين المطلقة الرجعية لِزوجها وتتطيب .
وقال شيخنا العثيمين :
يجب على المرأة المطلقة طلاقاً رجعيا أن تبقى في بيت زوجها ويحرم على زوجها أن يخرجها منه لقوله تعالى : (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ) . وما كان الناس عليه الآن من كون المرأة إذا طلقت طلاقا رجعيا تنصرف إلى بيت أهلها فورا ، فهذا خطأ ومُحَرَّم ؛ لأن الله قال " لا تخرجوهن - ولا يخرجن " ولم يستثن من ذلك إلاّ إذا أتين بفاحشة مبينة، ثم قال بعد ذلك : (وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) . ثم بيّن الحكمة من وجوب بقائها في بيت زوجها بقوله : (لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ) .
فالواجب على المسلمين مراعاة حدود الله ، والتمسك بما أمرهم الله به ، وأن لا يتخذوا من العادات سبيلاً لمخالفة الأمور المشروعة ، المهم أنه يجب علينا أن نراعي هذه المسألة ، وأن المطلفة الرجعية يجب أن تبقى في بيت زوجها حتى تنتهي عدتها ، وفي هذه الحال في بقائها في بيت زوجها لها أن تكشف له ، وأن تتزين ، وأن تتجمل ، وأن تتطب ، وأن تكلمه ويكلمها ، وتجلس معه وتفعل كل شيء ما عدا الاستمتاع بالجماع أو المباشرة ، فإن هذا إنما يكون عند الرجعة ، وله أن يُرجعها بالقول ، فيقول : راجعت زوجتى ، وله أن يُراجعها بالفعل ، فيجامعها بنية المراجعة . اهـ .
هذا إذا كانت في العِدّة رجاء أن يُحدِث الله بعد ذلك أمْرا ، وهو المراجعة .
أما إذا انقضت العِدّة ، فإنها تكون أجنبية عنه ، لا يجوز له أن يرى منها شيئا ، ولا أن يخلو بها .
لأنَّ الْمُطلّقة ثلاثا ، أجنبية عن زوجها السابق بعد طلاق الثلاث ، لا يخلو بها ، ولا ينظر إليها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : المطلقة ثلاثا هي أجنبية من الرجل بِمَنْزِلة سائر الأجنبيات , فليس للرجل أن يَخلو بها ، كما ليس له أن يخلو بالأجنبية , وليس له أن ينظر إليها إلى ما لا ينظر إليه مِن الأجنبية . اهـ .
وأما استمتاع الزوجين ببعض في أيام العِدّة في الطلاق الرجعي ؛ فقد اخْتَلَفوا فيه على قولين :
القول الأول : قول والمالكية والشافعية : أنه لا يجوز للزوج أن يستمتع بِزوجته بعد الطلاق .
والقول الثاني : قول الأحناف والحنابلة : أنه يجوز للزوج أن يستمتع بِزوجته بعد الطلاق ، إذا كان الطلاق رجعيا .
وهذا هو الراجح ؛ لقوله تعالى عن المطلقات (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا)
قال البهوتي عن الْمُطلَّقَة طلاقا رجعيا : ولها ما للزوجات مِن نفقة وكسوة ومسكن ، وعليها حُكم الزوجات مِن لزوم مسكن ونحوه ، لكن لا قَسْم لها .
قال شيخنا العثيمين رحمه الله : تجب لها النفقة ، ويلزمها طاعته ، ويجوز أن تَكشِف له ، وأن يَنفرد بها، وأن تتطيب له ، وأن تمازِحه وتضحك إليه ، وأن يُسافر بها .. . اهـ .
وهذا يعني أن له أن يُقبّلها ويحتضنها وينام بجوارها ، من غير وطء (جِماع) ؛ لأنه يُفسد الطلاق ، كما تقدّم .