كيف التوفيق بين الدعاء مع اليقين بالإجابة وبين أن الدعاء قد لا يستجاب بسبب الذنوب ؟
بتاريخ : 30-08-2015 الساعة : 06:32 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ياشيخ أشكل علي أمر حول إجابة الدعاءآمل أن تبينها لي وهي عندما علمت ان الذنوب من اسباب عدم اجابة الدعاء اصبحت ادعو وفي يقيني بإجابة الدعاء تردد فأقول في نفسي انه ربما لن يستجيب الله لي بسبب ذنوبي وفي نفس الوقت هناك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما معناه انه يقول ادعو الله وأنتم موقنون بالإجابه..
فكيف اجمع بين هذا وذاك
علما ياشيخ ان لدي ذنوب بدأت اترك بعضها وعند الدعاء اشعر بالراحه ولكن حصل لي هذا الاشكال كيف اتيقن بإجابة ربي لدعائي وانا في نفس الوقت اشك بانه يستجاب بسبب ذنوبي.
فمالعمل ياشيخ وهل معنى ان الله لا يستجيب للعبد بسبب ذنوبه انه لايعجل له الاجابه فقد يدخرهها له او يصرف عني من السوء كما في الحديث ((ما مِن مسلمٍ يدعو بدعوةٍ، ليس فيها إثمٌ، ولا قطيعةُ رحم، إلا أعطاه الله، بها إحدى ثلاث: إما أن يعجِّل له دعوته، وإما أن يدِّخرها له في الآخرة، وإما أن يَصْرِف عنه من السوء مثلها))
ام ان الله لايستجيب ولا واحده من هذه الثلاث
قال ابن الجوزي : نَظِّف طُرق الإجابة مِن أوساخ المعاصي . اهـ .
وقال ابن رجب : فإن المؤمن إذا استبطأ الفَرَج ، وأيِس منه بعد كثرة دعائه وتضرعه ولم يظهر عليه أثر الإجابة ، رجع إلى نفسه باللائمة ، وقال لها : إنما أُتِيتُ مِن قِبَلِك ، ولو كان فيك خير لأُجِبتِ ، وهذا اللوم أحب إلى الله مِن كثير مِن الطاعـات ، فإنه يُوجِب انكسار العبد لمولاه ، واعترافه له بأنه أهل لِمَا نَـزَل مِن البلاء ، وأنه ليس أهلاً لإجابة الدعاء ، فلذلك تُسْرِع إليه حينئذ إجابة الدعاء ، وتفريج الكَرب ، فإنه تعالى عند المنكَسِرة قلوبُهم مِن أجله . اهـ .
والذنوب حُجُب تَحْجُب الدعاء ، بل وتَحجب رَفع العمل الصالح ، كما في التشاحُن والعداوة والبغضاء بسبب أمور الدنيا .
قال الله عَزّ وَجَلّ : (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) ، ولكن أعمال المتخاصِمين في أمور الدنيا لا تُرْفَع إلى الله ولا تُعرَض عليه .
ففي حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال : تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلاَّ رَجُلاً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ ، فَيُقَالُ : أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا . رواه مسلم .
وإذا حُجِب الدعاء ، لم يَنتفع به صاحبه ، ولم يَتحقق له شيء مِن الثلاث : إجابة دعوته ، أو صَرْف عنه مِن السوء مثل ما دعا ، أو تُدّخر له في الآخرة .
وكذلك إذا كان عنده موانع مِن موانع الدعاء .
ولعله مِن رحمة الله ولُطفه بِعباده : أن يُحوِج الإنسان إلى الدعاء ، فيَعلم أن الذنوب موانع مِن موانع الدعاء ، فيَحمله طلب الفَرَج أن يُقلِع عن الذنوب ، وأن يتوب إلى الله .
فأقبِل على الله ، واصْدق في اللجوء إليه ، والانكسار والانطراح بين يديه ، وألْحّ على الله في الدعاء ، ولا تستعجل الإجابة ولا تَمَلّ .