السلام عليكم
يا شيخ ما حكم من يترك الذنوب و المعاصي لأجل ان تتيسر اموره .. ؟
كمن يعاني من مرض .. و يترك الذنوب لأجل ان يشفيه الله من المرض ؟؟
و كمن تترك الذنوب لكي ييسر الله زواجها ؟
يعني مثلا لو كان زواجها متيسر .. يمكن ما تركت الذنوب .. لكن لأنه تعطل .. تركتها ..
هل لها اجر ام ماذا ؟؟
و كيف يجعل الانسان نيته لله دائما و ابدا
مِن مَقَاصِد الشرع : ترك الذنوب والمعاصي .
والأفضل أن يتركها المسلم لله عزَّ وجَلّ : حُبًّا وخوفا ورجاء .
ولو تَرَك المسلم الذنوب والمعاصي لأجل أن تتيسر أموره ، أو يتحقق له أمر دنيوي ؛ فهذا مقصد شرعي أيضا ، فإن الله عزَّ وجَلّ قال على لسان نَبِيّه هود عليه الصلاة والسلام : (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ) .
وقال تبارك وتعالى على لسان نوح عليه الصلاة والسلام : (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا) .
وفي هذا حثّ على ترك الذنوب ؛ لتتحقق المطالب الدنيوية .
وقد أرشد الله عزَّ وجَلّ مَن نَسِي إلى تَرَك الذنوب ؛ لِيَتَذَكّر .
قال ربّ العِزّة سبحانه : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ)
قال ابن كثير : النسيان إنما يكون عن سبب ، قد يكون ذَنْبًا ... فأمَرَ الله تعالى بِذِكْرِه ليَذهب الشيطان عن القَلب ، كما يذهب عند النداء بالأذان ، والحسنة تُذْهِب السيئة ، فإذا زال السبب للنسيان انْزَاح ، فَحَصل الذِّكْر للشيء بسبب ذِكْر الله تعالى .
وقال في موضع آخر :
ويُحْتَمَل في الآية وَجه آخر ، وهو : أن يكون الله عز وجل قد أرشد مَن نَسي الشيء في كلامه إلى ذِكْر الله تعالى ؛ لأن النسيان مَنشؤه مِن الشيطان ، كما قال فَتَى موسى : (وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ) ، وذِكْر الله تعالى يَطرد الشيطان ، فإذا ذهب الشيطان ذهب النسيان ، فَذِكْر الله سَبب للذِّكْر ؛ ولهذا قال : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ) . اهـ .
وبوّب الإمام البخاري رحمه الله في أوائل كتاب الدعوات مِن الصحيح : باب استغفار النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم ولليلة ، باب التوبة ...
قال الحافظ ابن حجر : أشار المصنف بإيراد هَذَين البابين - وهُما الاستغفار ثم التوبة - في أوائل كتاب الدعاء إلى أن الإجابة تُسرع إلى مَن لم يكن مُتَلَبِّسا بالمعصية ، فإذا قدّم التوبة والاستغفار قَبْلَ الدعاء كان أمكن لإجابته . اهـ .
ومِن هذا الباب : ما كان يفعله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، مِن أنه إذا أراد تذكّر شيء أكثر مِن الاستغفار .
قال رحمه الله : إنه ليَقف خاطري في المسألة والشيء أو الحالة التي تُشْكِل عليّ فأستغفر الله تعالى ألف مرة أو أكثر أو أقل حتى ينشرح الصدر ويَنحَلّ إشكال ما أشكل . قال : وأكون إذ ذاك في السوق أو المسجد أو الدرب أو المدرسة لا يمنعني ذلك مِن الذكر والاستغفار إلى أن أنال مطلوبي . اهـ .
والأفضل أن يكون العَمل كلّه لله عزَّ وجَلّ .
ويستحضِر المسلم دائما : أن مَن عَمِل صالِحا فلِنفسِه ، وأنّ عَمَل الصالحات ابتداء لِنَيل مَرضَاة الله عزَّ وجَلّ ، والله عزَّ وجَلّ إذا رَضِي أعطَى ، ولا حدّ لِعطائه وبَرَكَته .