راجية العفو
الصورة الرمزية راجية العفو

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 13
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 4,421
بمعدل : 0.86 يوميا

راجية العفو غير متواجد حالياً عرض البوم صور راجية العفو


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : شرح أحاديث عمدة الأحكام
افتراضي الحديث الـ 126 في الدعاء الْمُطلَق في الصلاة
قديم بتاريخ : 27-03-2010 الساعة : 09:16 PM


بسم الله الرحمن الرحيم

شرح أحاديث عمدة الأحكام
الحديث الـ 126 في الدعاء الْمُطلَق في الصلاة


عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ أَبِي بَكْر الصِّدِّيقِ رضي الله عنهم أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاتِي . قَالَ : قُلْ : اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْماً كَثِيرَاً ، وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلاَّ أَنْتَ ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي , إنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .

في الحديث مسائل :


1= حرص الصحابة على الخير ، وأدبهم في السؤال .
وأنهم كانوا يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أسباب دخول الجنة والنجاة من النار .

2=
اشتمال هذا الدعاء على الاعتراف بالذنب في قوله : " اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْماً كَثِيرَاً " وفي رواية " كبيراً " .
ومع فضل أبي بكر رضي الله عنه إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم علّمه هذا الدعاء ، ليكون نبراسا للأمة .
فالاعتراف بالذنب من سمات الأنبياء والصالحين .
فـ آدمُ عليه الصلاة والسلام عصى ربه فتاب وأناب واعترف بالذّنب ، فقال هو وزوجه : (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) .
فكانت النتيجة : (ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى) .
قال ابن القيم رحمه الله : فكم بين حالِـه ( يعني آدم ) وقد قيل له : (إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى) ، وبين قوله : (ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى) ؟ فالحال الأولى حال أكل وشرب وتمتع ، والحال الأخرى حال اجتباء واصطفاء وهداية ، فيا بُعْدَ ما بينهما . اهـ .
ودعوات الأنبياء تتضمن الاعتراف بالذنب مع عصمتهم من الكبائر .
قال عليه الصلاة والسلام : دَعْوَةُ ذِي النّونِ - إذْ دَعَا وَهُوَ في بَطْنِ الحُوتِ - : لا إلَهَ إلاّ أنْتَ سُبْحَانَكَ إنّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِينَ ، فَإِنّهُ لَمْ يَدْعُ بـها رَجُلٌ مُسْلِمٌ في شَيْء قَطّ إلاّ اسْتَجَابَ الله لَهُ . رواه الإمام أحمد وغيره ، وهو حديث صحيح .
فقد كان من دعائه عليه الصلاة والسلام إذا قام يتهجّد من الليل أن يقول – بعد أن يُثني على الله عز وجلّ بما هو أهلُه – :
اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني ، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت . رواه البخاري ومسلم .
ثم تأمّل هذا الدعاء من أدعيته عليه الصلاة والسلام ، وهو يقول :
اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي . رواه البخاري ومسلم .
وكان صلى الله عليه وسلم يقول في سجوده :
اللهم اغفر لي ذنبي كلَّه ، دِقَّـه وجِلَّه ، وأولَه وآخرَه ، وعلانيتَه وسرَّه . رواه مسلم .

وقد أثنى الله على عباده الذين يَدعونه مُعترفين بالذنب فقال : (َاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15) الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (16) الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ) .

والكلام في هذا يطول – أي لو أردنا أن نستقصي أحوال الأنبياء في ذلك .

وإنما كان سيدُ الاستغفار سيداً لتضمُّنه الإقرار بالذنب والاعتراف بالخطيئة مع العلم يقينا بأنه لا يغفر الذّنوب إلا الله .
قال عليه الصلاة والسلام : سيد الاستغفار أن تقول : اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك عليّ ، وأبوء لك بذنبي فاغْفِرْ لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت . قال : من قالها من النهار مُوقناً بها فمات من يومه قبل أن يُمسِي فهو من أهل الجنة ، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة . رواه البخاري .
قال ابن القيم : فلا يرى نفسه ( يعني العبد ) إلا مقصرا مذنبا ، ولا يرى ربه إلا محسنا . اهـ .
أي فلا يرى العبد نفسه إلا مُقصِّرا في حق ربّه وسيده ومولاه جل جلاله .

3=
اعتراف العبد بِذنبِه واعترافه بأنه لا يَغفر الذنوب إلا الله من أسباب المغفرة ، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : أذنب عبدٌ ذنبا ، فقال : اللهم اغفر لي ذنبي ، فقال تبارك وتعالى : أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له رَبّـاً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب ، ثم عاد فأذنب ، فقال : أي رب اغفر لي ذنبي ، فقال تبارك وتعالى : عبدي أذنب ذنبا فعلم أن له رَبّـاً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب ، ثم عاد فأذنب ، فقال : أي رب اغفر لي ذنبي ، فقال تبارك وتعالى : أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له رَبّـاً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب ، اعمل ما شئت فقد غفرت لك .
فقولُه : اعمل ما شئت فقد غفرت لك .
يدلّ على أن اللهَ لا يزال يغفر لعبده كلما استغفر مالم يُصرّ على معصيته أو يموت على الشرك طالما أنه موقنٌ أن له ربّاً يأخذ بالذنب ويغفره
كما في قوله عليه الصلاة والسلام : إن الشيطان قال : وعزتك يا رب لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم ، فقال الرب تبارك وتعالى : وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني . رواه الحاكم وغيره وهو حديث صحيح .

4=
ختم الدعاء بما يُناسِب الحال ، ففي طلب المغفرة والرحمة في هذا الحديث ختمه بقوله : إنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .
وفي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم المتقدِّم : اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني ، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت .
لما ذَكَر الذنب المتقدِّم والمتأخِّر قال : أنت المقدم وأنت المؤخر .

5=
قوله : " فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي "
ما الفرق بين المغفرة والرحمة ؟
بينهما فَرْق ، ففي قوله تعالى : (وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) عطف الرحمة على المغفرة ، وكذلك في هذا الحديث ، والعطف هنا يقتضي المغايرة .
قال العيني : والفرق بين المغفرة والرحمة : أن المغفرة ستر الذنوب ، والرحمة إفاضة الإحسان إليه .

6 =
مكان هذا الدعاء :
لم يَرِد تحديد لمكان هذا الدعاء ، وإنما قال : في صلاتي ، أي في عموم صلاتي ، وهو يدل على أنه في مواطن الدعاء في الصلاة .

ومواطن الدعاء في الركوع والسجود ، كما سيأتي في الحديث الذي يليه .
وقبل السلام كما تقدّم .
وفي القنوت في النوازل ، وفي دعاء القنوت في الوتر .

والله تعالى أعلم .


كتبه
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم






إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الدعاء بعد التشهد وقبل التسليم من صلاة الفرض، الدعاء دبر الصلاة راجية العفو إرشـاد الأدعـيــة 0 26-09-2012 09:22 PM
حدود الدعاء أثناء قراءة الآيات في الصلاة ..! الدعاء في الصلاة راجية العفو إرشــاد الـصــلاة 0 26-09-2012 09:02 PM
الحديث الـ 127 في الدعاء في الركوع والسجود راجية العفو شرح أحاديث عمدة الأحكام 0 27-03-2010 09:19 PM
متى أتوقف عن الدعاء وتحريك السبابة فى الصلاة؟ ناصرة السنة إرشــاد الـصــلاة 0 13-03-2010 03:36 PM
حدود الدعاء أثناء قراءة الآيات في الصلاة ..! رعشـة أمـل إرشـاد الأدعـيــة 1 08-03-2010 09:37 AM

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 02:57 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى