العودة   منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية فتاوى الإرشاد قسـم المقـالات والـدروس والخُطب صوتيات ومرئيات فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم
منوعات المجموعات مشاركات اليوم البحث

إضافة رد
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع

نسمات الفجر
الصورة الرمزية نسمات الفجر

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 19
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 3,356
بمعدل : 0.65 يوميا

نسمات الفجر غير متواجد حالياً عرض البوم صور نسمات الفجر


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : صوتيات ومرئيات فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم
افتراضي محاضرة قصيرة بعنوان : ساعات ودروس الأُنس
قديم بتاريخ : 07-11-2019 الساعة : 03:16 AM

المحاضرة مرئية :
https://www.youtube.com/watch?v=ui-i7m9t06o

المحاضرة مسموعة :
https://2.top4top.net/m_1419znwt41.mp3

على ملف PDF
https://l.top4top.io/f_1467hw9z11.pd...98168f59fb7191

دَخلتُ أحدَ المساجدِ ، فرأيتُ عَجَبًا مِن أحوالِ الدّاخِلينَ إلى المسجدِ ، والمنتَظِرينَ للصلاةِ
فهذا يُقلِّبُ جَوّالَه ، وآخَرُ قدِ استندَ إلى عَمودٍ أو جِدَارٍ وقد استجْلَبَ هُمُومَه ، وثالثٌ استَلْقَى على الأرض ، ورابِع يَتحدّث مع صاحِبه ..

هذا الوقتُ شَرِيفٌ ، وهو وَقْتٌ نَفِيسٌ .
هُو وَقْتٌ تَزْكُو فيه النّفْسُ ، وهو وَقْتُ أُنْسٍ باللهِ ، ما بينَ صلاةٍ ودُعاءٍ ، وتِلاوةٍ للقُرآنِ ، وذِكْرٍ للهِ عزّ وجَلّ .
هو وَقْتُ طُمأنينةٍ ، ووقتُ انْشِرَاحِ صَدْرٍ ، وإزاحَةِ هَمّ ..
إذا كُنتَ تنقُلُ هُمُومَكَ للمَسجدِ ، فأين تُزِيحُها ؟
وإذا كُنتَ لا تَخلو بِربِّكَ في بَيتِه ، فمَتى تَخلُو به ؟
إن لم يكُنْ أُنْسُك بِه ، فبأيِّ شيءٍ تأنسُ ؟

عَجيبٌ أن نُمضيَ الساعاتِ الطوالَ في جلساتٍ ولقاءاتٍ ومُناسباتٍ ، ونَسْتَثْقِلَ الدقائقَ في المساجد !
كم نتمَلْمَلُ ونتلفّتُ إذا تأخّرَ الإمامُ ثلاثَ أو أربعَ دقائقٍ ، ولكننا نصبرُ لو كُنّا في انتظارِ إنجازِ مُعاملةٍ ! فضلا عمّن يُتابِعُ مُباراةً ، فعنده استعدادٌ لأنْ يتابِعَ لأكثرَ مِن تسعينَ دقيقةٍ !

تذكّرْ أنّ المسجدَ بيتُ الضيافةِ الربّانيةِ .. وليتأمّلْ الْمُسْتَعْجِلُ أنّ كلَّ ما يستعجلُ لأجلِهِ ، وأنَّ كلَّ ما يَطلُبُه هو بيديّ مولاه ، وهو في بَيْتِه وكَنَفِه

فَمَن توطّنَ المساجدَ وألِفَها ، فَرِحَ اللهُ به وأكْرَمَه في الدنيا والآخِرةِ
قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : مَنْ غَدَا إِلَى المَسْجِدِ وَرَاحَ ، أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ نُزُلَهُ مِنَ الجَنَّةِ كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ . رواه البخاري ومسلم .
قال ابنُ رَجَبٍ : معنى الحَدِيْثِ : أنَّ مَن خَرَجَ إلى المسجدِ للصلاةِ فإنهُ زائرُ اللهِ تعالى ، واللهُ يُعِدُّ لَهُ نُزلاً مِن الجَنّةِ كُلَّمَا انطلقَ إلى المسجدِ ، سواءً كَانَ فِي أولِّ النهارِ أو فِي آخِرِه .
والنُّزُلُ : هُوَ مَا يُعَدُّ للضّيفِ عِنْد نُزُولِهِ مِن الكَرَامَةِ والتّحْفَةِ . اهـ .

وقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : مَا تَوَطَّنَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ الْمَسَاجِدَ لِلصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ إِلاّ تَبَشْبَشَ اللَّهُ لَهُ ، كَمَا يَتَبَشْبَشُ أَهْلُ الْغَائِبِ بِغَائِبِهِمْ إِذَا قَدِمَ عَلَيْهِم . رواه الإمامُ أحمدُ وابن ماجه ، والحاكم وصححه ، ووافقه الذهبي ، وصححه البُوصِيري والألباني .
قال ابنُ الأثيرِ : البَشُّ : فَرَحُ الصدِّيق بِالصَّدِيقِ ، واللطفُ فِي الْمَسْأَلَةِ وَالإِقْبَالُ عَلَيْه ، وَقَدْ بَشِشْتُ بِهِ أَبَشُّ . اهـ .

قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ : مَنْ جَلَسَ فِي مَسْجِدٍ فَإِنَّمَا يُجَالِسُ رَبَّهُ ، فَمَا حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ إِلاّ خَيْرًا .
قال القرطبيُّ في تفسيرِه : وجَاءَ فِي الْخَبَرِ فِيمَا يُحْكَى عَنِ التَّوْرَاةِ : أَنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا مَشَى إِلَى الْمَسْجِدِ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ اسْمُهُ : عَبْدِي زَارَنِي وَعَلَيَّ قِرَاهُ ، وَلَنْ أَرْضَى لَهُ قِرىً دُونَ الْجَنَّةِ . اهـ .

وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَجِدُ راحةَ نَفْسِه في الصلاةِ ، فيقولُ : يَا بِلالُ أَقِمِ الصَّلاةَ أَرِحْنَا بِهَا . رواه أبو داود .
وكانتْ رَاحَةُ نفسِه صلى الله عليه وسلم وقُرّةُ عينِه ، وطُمأنينةُ نفسِه في الصلاةِ .
قال عليه الصلاةُ والسلامُ : وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاةِ . رواه الإمام أحمد والنسائي .

وكان للنبيِّ صلى الله عليه وسلم ساعاتٌ يَخلُو فيها بِربِّه .
قال ابنُ عمرَ رضي الله عنهما : وَحَدَّثَتْنِي أُخْتِي حَفْصَةُ : أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ بَعْدَ مَا يَطْلُعُ الفَجْرُ ، وَكَانَتْ سَاعَةً لاَ أَدْخُلُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهَا . رواه البخاري .

ورُبّما قامَ صلى الله عليه وسلم مِن الليلِ فصلّى في المسجدِ ، كما في حديثِ حُذيفةَ رضي الله عنه ، وهو في صحيحِ مسلمٍ ، وكما في حديثِ ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه ، وهو في صحيحِ مسلمٍ أيضا .

ولَهُ صلى الله عليه وسلم ساعاتٌ يَنشغِلُ فيها بالذِّكْرِ فلا يُكلّمُ أحدا .
قَالَ سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ : قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ : أَكُنْتَ تُجَالِسُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ؟ قَالَ : نَعَمْ كَثِيرًا ، كَانَ لا يَقُومُ مِنْ مُصَلاّهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الصُّبْحَ ، أَوِ الْغَدَاةَ ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ، فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَامَ ، وَكَانُوا يَتَحَدَّثُونَ فَيَأْخُذُونَ فِي أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ ، فَيَضْحَكُونَ وَيَتَبَسَّمُ . رواه مسلم .

كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسِيرُ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ فَمَرَّ عَلَى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ : جُمْدَانُ، فَقَالَ : سِيرُوا ، هَذَا جُمْدَانُ سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ . قَالُوا : وَمَا الْمُفَرِّدُونَ ؟ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : الذَّاكِرُونَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ . رواه مسلم .

وكان الصالِحون يتنافَسُون في الخيراتِ ، ويَسْتَبِقُون إليها :
وفي الحديثِ : لو يعلمُ الناسُ ما في النداءِ والصفِّ الأولِّ ، ثم لم يَجِدوا إلاّ أن يَسْتَهِموا عليه لاسْتَهَمُوا ، ولو يعلمونَ ما في التهجيرِ لاسْتَبَقُوا إليه ، ولو يعلمون ما في العَتَمةِ والصبحِ ، لأتوهما ولو حَبْوا . رواه البخاري ومسلم .
فقولُه : " ولو يعلمون ما في التهجيرِ لاسْتَبَقُوا إليه "
قال ابنُ بطّالٍ : والتهجيرُ: السيرُ في الهاجرةِ ، وهي شدّةُ الْحَرِّ ، ويدخلُ في معنى التهجيرِ : المسارعةُ إلى الصلواتِ كُلِّها قبلَ دخولِ أوقاتِها ؛ ليحصُلَ له فَضْلُ الانتظارِ قبل الصلاةِ . اهـ .

وقال القاضي ابنُ العربيِ المالِكيُّ : وأما قولُه : " لاسْتَهَمُوا عَلَيْه " فيُتصَوّرُ الاستهامُ في الصفِّ الأولِ عند ضِيقِه وإقبالِ الرِّجالِ إليه في حالةٍ واحدَةٍ ... وأما تَصوّرُ الاستهامُ في الأذانِ فمُشكِلٌ ، وقد اختصمَ قومٌ بالقادسيةِ في الأذانِ فأقْرَعَ بينهم سَعدٌ . اهـ .

وفي حديثِ أبي سعيدٍ الخدريِّ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رأى في أصحابِهِ تأخُّرًا، فقال لهم : تقدموا فأتَمُّوا بي ، ولْيَأتَمَّ بِكم مَن بَعدَكم ، لا يَزالُ قومٌ يتأخّرُون حتى يُؤخِّرَهم الله . رواه مسلم .
وفي روايةٍ له : رأى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قوما في مُؤخّرِ المسجدِ . فَذَكَرَ مثلَه .

استقطِعْ مِن وقتِكَ لِراحَةِ قلبِك
وَاجعَلْ عُمُرَكَ ثَلاثَ سَاعَاتٍ (يعني : ثلاثةُ أقسامٍ)
سَاعَةً للْعِلْمِ ، وَسَاعَةً للْعَمَلِ ، وَسَاعَةً لحقوقِ نَفسِك وَمَا يَلزَمُك


وفي حِكْمةِ آلِ داود : حَقٌّ عَلَى الْعَاقِلِ أَنْ لا يَغْفَلَ عَنْ أَرْبَعِ سَاعَاتٍ : سَاعَةٍ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، وَسَاعَةٍ يُحَاسِبُ فِيهَا نَفْسَهُ ، وَسَاعَةٍ يُفْضِي فِيهَا إِلَى إِخْوَانِهِ الَّذِينَ يُخْبِرُونَهُ بِعُيُوبِهِ ، وَيَصْدُقُونَهُ عَنْ نَفْسِهِ ، وَسَاعَةٍ يُخَلِّي بَيْنَ نَفْسِهِ وَبَيْنَ لَذَّاتِهَا فِيمَا يَحِلُّ وَيَجْمُلُ ؛ فَإِنَّ هَذِهِ السَّاعَةَ عَوْنٌ عَلَى هَذِهِ السَّاعَاتِ ، وَإِجْمَامٌ لِلْقُلُوبِ .
وَحَقٌّ عَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يَعْرِفَ زَمَانَهُ ، وَيَحْفَظَ لِسَانَهُ ، وَيُقْبِلَ عَلَى شَأْنِهِ .
وَحَقٌّ عَلَى الْعَاقِلِ أَنْ لا يَظْعَنَ إِلاَّ فِي إِحْدَى ثَلاثٍ : زَادٍ لِمِعَادِهِ ، وَمَرَّمَةٍ لِمَعَاشِهِ ، وَلَذَّةٍ فِي غَيْرِ مُحَرَّمٍ . (الزهدُ والرقائقُ لابنِ المبارك ، والزهدُ ، لِهنّاد ، والعقلُ وفَضْلُه ، لابنِ أبي الدنيا ، وتاريخُ بغداد ، للخطيبِ البغدادي)

أوقاتُ النهيِ ، وقولُ بعضِ الفضلاءِ ..
أتذكرُ كلمةً قالها أحدُ المشايخِ الفضلاءِ وهو يتكلم عن أوقات النهي ، قال : هل شعرتَ في هذا الوقت ، أي : وقت النهي ، أنه يُخاطَب به أناس عندهم حِرصٌ بالِغٌ على الصلاة ، حتى يقالَ لهم : لا تصلوا في هذه الأوقات .
هل تذكر أنك في يومٍ من الأيام اشتقتَ إلى الصلاة ، فقمتَ من غيرِ سببٍ ، وتوضأتَ وصليتَ ركعتين في غيرِ أوقاتِ النهيِ ؟
فالصحابة رضي الله عنهم كان عندهم هذا الشوقُ ، لدرجة أنه يُقالُ لهم لا تصلوا في هذه الأوقاتِ ، لأن عندهم شوقًا للصلاة .
ويدل على هذا أن النبي عليه الصلاة والسلام والصحابة كانوا يصلون في السفر وهُم على الدوابِّ ، فاجتمعت لهم مشقّةُ السَّفر وعلى دابّة ، ومع ذلك يصلون ويحبون الصلاة ويأنسون بها ويشتاقون إليها
فعند الترمذي أن بلالاً رضي الله عنه قال : " مَا أَذَّنْتُ قَطُّ إِلَّا صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ ، وَمَا أَصَابَنِي حَدَثٌ قَطُّ ، إِلَّا تَوَضَّأْتُ عِنْدَهَا ، وَرَأَيْتُ أَنَّ لِلَّهِ عَلَيَّ رَكْعَتَيْنِ " صححه الشيخ الألباني في "صحيح سنن الترمذي"
هذا الشوق أوصله إلى الجنة ، فيقول له النبي عليه الصلاة والسلام : " يَا بِلاَلُ حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإِسْلاَمِ ، فَإِنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الجَنَّةِ ، قَالَ : مَا عَمِلْتُ عَمَلًا أَرْجَى عِنْدِي : أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طَهُورًا ، فِي سَاعَةِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ ، إِلَّا صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ ، مَا كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّيَ " رواه البخاري ومسلم .

غذاءُ الرُّوحِ :
كَمْ نَحْرِصُ ونَعتَنِي بِغِذاءِ الأبدانِ ، ونُهمِلُ غذاءَ الأرواحِ
قال ابنُ القيمِ : وحضَرتُ شيخَ الاسلام ابنَ تيميةَ مرّةً صلى الفجرَ ثم جَلسَ يَذكُرُ اللهَ تعالى إلى قَريبٍ مِن انتصافِ النهارِ ، ثم الْتَفتَ إليَّ وقالَ : هذه غَدْوتي ، ولو لم أتَغدَّ الغداءَ سَقَطَتْ قُوّتي .
أو كلاماً قريباً مِن هذا .
وقال لي مرةً : لا أتْرُكُ الذِّكْرَ إلاّ بِنِيّةِ إجْمامِ نفسِي وإراحتِها لأستعدَّ بتلكَ الراحةِ لِذِكْرٍ آخرَ .
أو كلاما هذا معناه .

وكانت حَياة السَّلَف مَلِيئة بالطّاعات ، مُزدَانَة بِالقُرْب والقُرُبات
وسأذكر أمثلة ونماذج وأوقات وأحوال مِن حَيَاة السَّلَف

السلفُ وما قَبْل طُلوع الشمس :
قال أبو وائل : غَدَوْنا على عبد الله بن مسعود يومًا بعد ما صَلّينا الغَدَاة ، فسلّمْنا بِالباب ، فأُذِن لنا ، قال : فمَكَثنا بِالبَاب هُنَيّة ، قال : فَخَرَجَت الجارِية ، فقالت : ألاَ تَدْخُلون ، فَدَخَلْنا ، فإذا هو جالِس يُسَبِّح ، فقال : ما مَنَعكم أن تَدْخُلوا ، وقد أُذِن لكم ؟ فقُلْنا : لا ، إلاّ أنا ظَنَنّا أن بعض أهل البيت نائم ، قال : ظَنَنْتُم بِآل ابن أمّ عَبْدٍ غَفْلَة ؟!
قال : ثم أقْبل يُسَبِّح حتى ظنّ أن الشمس قد طَلَعت ، فقال : يا جارية انظري هل طَلَعَت ؟ قال : فنَظَرْت فإذا هي لم تَطْلع ، فأقْبَل يُسَبِّح حتى إذا ظنّ أن الشمس قد طَلَعت ، قال : يا جارِية انظري هل طَلَعَت ؟ فنَظَرَتْ ، فإذا هي قد طَلَعت ، فقال : الحمد لله الذي أقَالَنَا يَوْمَنا هذا ، ولم يُهْلِكنا بِذُنُوبِنا . رواه مسلم .

السلفُ وما قَبْل صلاة المغرب :
قال أنس بن مالك رضي الله عنه : كُنّا بِالمدينة فإذا أذّن المؤذن لِصَلاة المغرب ابْتَدَرُوا السّوَارِي ، فيَرْكَعون رَكْعَتين رَكْعتين ، حتى إن الرّجُل الغَرِيب ليَدْخل المسجد فيَحْسب أن الصلاة قد صُلِّيت مِن كَثْرة مَن يُصَلّيهما . رواه مسلم .
وقال أنس رضي الله عنه : لقد رَأيتُ كِبار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يَبْتَدِرُون السّوارِي عند المغرب . وفي رواية : حتى يَخْرُج النبي صلى الله عليه وسلم . رواه البخاري .
وقال أنس رضي الله عنه : كان إذا قام المؤذن فأذّن صلاة المغرب في المسجد بالمدينة ، قام مَن شاء فصَلّى حتى تُقَام الصلاة ، ومَن شاء رَكَع رَكعتين ثم قَعد ، وذلك بِعَين النبي صلى الله عليه وسلم . رواه الإمام أحمد .

السلفُ وما بين العِشائين (ما بين المغرب إلى العشاء) :
كان بعض السَّلَف يُحيي ما بين المغرب والعشاء بالصلاة .
قَال عَبْد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه : نِعْمَ سَاعَةُ الْغَفْلَةِ فِيمَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ ، يَعْنِي : الصَّلاة . رواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة .
وقَال عَبْد اللَّه بن عُمَر : صَلاةُ الأَوَّابِينَ : مَا بَيْنَ أَنْ يَلْتَفِتَ أَهْلُ الْمَغْرِبِ إِلَى أَنْ يَثُوبَ إِلَى الْعِشَاءِ . رواه ابن أبي شيبة .
ورَوَى ثَابِت عَن أَنَس أَنَّهُ كَان يُصَلِّي مَا بَيْن الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاء ، وَيَقُول : هِيَ نَاشِئَةُ اللَّيْلِ . رواه ابن أبي شيبة .
وكذلك : كَان سَعِيد بن جُبَيْر يُصَلِّي مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَيَقُول : هِيَ نَاشِئَةُ اللَّيْل . رواه ابن أبي شيبة .
ورَوَى الشَّعْبِيّ عَن شُرَيْحٍ أَنَّه كَان يُصَلِّي مَا بَيْن الْمَغْرِب وَالْعِشَاء . رواه ابن أبي شيبة .

ومِن السَّلَف مَن كان يَرَى أن هذه الآية : (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ) في الصلاة ما بين المغرب والعشاء .
رَوَى قَتَادَة عَن أَنَس رضي الله عنه فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ) قَال : كَانُوا يَتَطَوَّعُونَ فِيمَا بَيْنَ الصَّلاتَيْنِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ ، فَيُصَلُّونَ . رواه ابن أبي شيبة .

ورَوى إِبْرَاهِيم بن مُهَاجِر عَنْ إِبْرَاهِيمَ النّخَعي ، قَال : كَانُوا يُشبهُون صَلاةَ الْعِشَاءِ ، وَمَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ ، بِصَلاةِ اللَّيْلِ . رواه ابن أبي شيبة .


ومِن السَّلَف مَن كان يُصلّي ما بين الظهر إلى العصر .

قَال الشَّعْبِيّ : كَانَ عَبْدُ اللَّهِ [يعني : ابن مسعود رضي الله عنه] يُصَلِّي مَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْر . رواه ابن أبي شيبة .

وكَان ابن عُمَرَ يُحْيِي مَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ . رواه ابن أبي شيبة .

السلفُ وحال السَّفَر :
ما كان عند السَّلَف وَقْت ضائع ! ولذا كانوا يُصلّون على رواحلهم في السَّفَر ، كما تقدّم .
وكان عليه الصلاة والسلام يُصلي النافلة على رَاحِلته في السّفَر حيث تَوَجّهَت به . كما في الصحيحين .
وفي حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : بَعَثَني النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة ، فجئت وهو يُصلّي على رَاحِلته نحو المشرق ، والسجود أخفض مِن الركوع . رواه الإمام أحمد . وأبو داود والترمذي ، وصححه الألباني والأرنؤوط ، وأصله في صحيح مسلم دون وصف الركوع والسجود .
وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُصلّي على راحلته في التطوع حيثما توجّهَت به يُومِئ إيماءً ، ويجعل السجود أخفض مِن الركوع . رواه الإمام أحمد .
وفي صحيح مسلم مِن طريق سعيد بن جبير عن ابن عمر قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلي وهو مُقبِل مِن مكة إلى المدينة على رَاحِلته حيث كان وَجْهه . قال : وفيه نَزَلَتْ : (فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ) .
وقال ابن عمر رضي الله عنهما : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُوتِر على رَاحِلته . رواه مسلم .
وفي صحيح مسلم مِن حديث عائشة رضي الله عنها قالت : كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ .

السلفُ وعصْرُ يومِ الجمعةِ :
1 - كان طاووسُ بنُ كيسانَ إذا صَلّى العصرَ يومَ الْجُمعةِ ، استقبلَ القبلةَ ، ولم يُكلِّمْ أحدًا حتى تغربَ الشمسُ . (تاريخُ واسِط ، لِبَحْشَل)

2 - كان الْمُفَضَّلُ بنُ فَضَالَةَ إذا صلّى عصرَ يومِ الجمعةِ ، خَلا في ناحيةِ المسجدِ وَحدَه ، فلا يزالُ يدعو حتى تغربَ الشمسُ . (أخبار القضاة ، لِوَكيع)

3 - وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ إِذا صَلَّى الْعَصْرَ لَم يُكَلِّم أَحَدًا حَتى تَغْرُبَ الشَّمْسُ .
(زاد المعاد ، لابن القيم)

4 - قَال مُوسَى بن عَبْدِ اللَّه بن يَزِيدَ الأَنْصَارِيّ : رُبَّمَا رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ ، وَيَزِيدَ بْنَ شُرَحْبِيلَ الْعَامِرِيَّ - وَكَانَ عِدَادُهُ فِي الأَنْصَارِ - يَجْلِسُ أَحَدَهُمَا إِلَى جَنْبِ صَاحِبِهِ بَعْدَ الْعَصْرِ فِي الْمَسْجِدِ ، ثَمَّ لَعَلَّهُمَا لا يَتَكَلَّمَانِ - أَوْ لا يُكَلِّمُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ - حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ . رواه ابن المبارك في " الزّهد " .

قال ابنُ القيمِ رحمه الله : وَهَذِهِ السَّاعَةُ هِيَ آخِرُ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ ، يُعَظِّمُهَا جَمِيعُ أَهْلِ الْمِلَلِ . (زاد المعاد)

هل سمعتَ بِخُسُوفِ القلب ؟!
قال ابنُ القيمِ : ومتى رأيتَ القَلبَ قد تَرَحَّلَ عنه حُبُّ اللهِ والاستعدادُ للِقائه وحَلَّ فيه حُبُّ المخلوقِ والرضا بالحياةِ الدنيا والطمأنينةُ بها فاعلَمْ أنه قدْ خُسُفِ به .
ومتى أقْحَطَتِ العينُ مِن البكاءِ مِن خشيةِ اللهِ تعالى فاعلَمْ أنَّ قَحْطَها مِنْ قَسوةِ القلبِ ، وأبعدُ القلوبِ مِنَ اللهِ القلبُ القاسي .
ومتى رأيتَ نفسَك تَهْرُبُ مِن الأُنْسِ بِه إلى الأُنْسِ بِالْخَلْقِ ، ومِن الخلوةِ مع اللهِ إلى الخلوةِ مع الأغيارِ ؛ فاعلمْ أنك لا تَصلُحُ له .
(بدائع الفوائد)

ومِن الأُنْس بالله : الأُنْس بِكَلامِه
والناس اليوم يستطِيلُون قراءة الإمام ، وهي قصيرة ، والصحابة رضي الله عنهم يَرونها قصيرة رَغْم طُولِها !
في حديث أبي ذرّ رضي الله عنه : فقَام بِنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ذهب نحو مِن ثُلث الليل ، ثم لم يَقُم بِنَا الليلة الرابعة ، وقام بِنَا الليلة التي تَلِيها حتى ذهب نحو مِن شَطْر الليل ، قال : فقُلْنا : يا رسول الله ، لو نَفّلْتَنَا بَقِيّة لَيْلَتِنا هذه ! قال : إن الرّجُل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف حُسِب له بَقِيّة لَيْلَته . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه ، وَصحّحه الألباني والأرنؤوط .
وقال عبد الرحمن بن هُرْمُز : كان القارئ يَقرأ سُورة البقرة في ثمانِ ركعات ، فإذا قام بها في اثنتي عشرة ركعة رَأى الناس أنه قد خَفَّف . رواه الإمام مالك، ومِن طريقِه : رواه عبد الرزاق في " الْمُصَنَّف " والبيهقي في " شُعب الإيمان " .

وسِرّ المسألة : في طَهَارة القَلْب ، ومَحَبّة القُرْب والقُرَب
قال عثمان بن عفّان رضي الله عنه : لو أن قُلُوبنا طَهُرت ما شَبِعنا مِن كلام رَبّنا ، وإني لأكْرَه أن يأتي علي يوم لا أنظُر في الْمُصْحَف . رواه البيهقي في " شُعب الإيمان " .
وقال سَهْل التستريّ : علامةُ حُبِّ اللَّهِ ، حُبُّ القرآنِ .
وقال أبو سعيدٍ الخرّاز : مَن أحبَّ اللَّهَ أحبَّ كلامَ اللهِ ، ولم يَشْبَع مِن تِلاوتِه .

الرياض - محرم - 1441 هـ


إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
محاضرة قصيرة بعنوان : ما الضرر من الاحتفال بالمولد النبوي نسمات الفجر صوتيات ومرئيات فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم 0 06-11-2019 10:21 AM
محاضرة قصيرة بعنوان : الدين كله خُلُق نسمات الفجر صوتيات ومرئيات فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم 0 27-10-2019 11:48 AM
محاضرة قصيرة بعنوان : سَيِّد الأخلاق : خُلُق الحياء نسمات الفجر صوتيات ومرئيات فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم 0 27-10-2019 11:26 AM
محاضرة قصيرة بعنوان : إن ربي رحيم ودود نسمات الفجر صوتيات ومرئيات فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم 0 10-04-2019 12:23 AM
محاضرة قصيرة بعنوان .. مِن دلائل التوحيد نسمات الفجر صوتيات ومرئيات فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم 0 09-04-2019 11:41 PM


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 07:28 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى