نسمات الفجر
الصورة الرمزية نسمات الفجر

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 19
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 3,356
بمعدل : 0.65 يوميا

نسمات الفجر غير متواجد حالياً عرض البوم صور نسمات الفجر


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم العقـيدة والـتوحيد
افتراضي ما هو الشرك الذي يخرج صاحبه من الملة ؟
قديم بتاريخ : 27-10-2019 الساعة : 09:00 AM


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحسن الله إليكم شيخنا الفاضل
ما هو الشرك الذي يخرج صاحبه من الملة ؟
بارك الله فيكم
_____________________________________


الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .

الشرك الذي يخرج صاحبه من الملة هو : الشرك الأكبر ، وهو أن يُسوِّي بين الله وبين أحدٍ مِن خَلْقِه ؛ سواء في الربوبية ، أو في الألوهية ، أو في الأسماء والصفات .

قال الشيخ د. عبد الله بن عبد العزيز الجبرين رحمه الله :
للشرك الأكبر ثلاثة أقسام رئيسة هي :

القسم الأول : الشرك في الربوبية :

وهو أن يَجعل لغير الله تعالى معه نَصيبًا مِن الملك أو التدبير أو الخلق أو الرِّزق الاستقلالي .
ومِن صور الشرك في هذا القسم :
1 - شِرك النصارى الذين يقولون : " الله ثالث ثلاثة "، وشِرك المجوس القائلين بإسناد حوادث الخير إلى النور - وهو عندهم الإله المحمود - وحوادث الشر إلى الظلمة.
2- شِرك القَدَريّة الذين يزعمون أن الإنسان يَخلق أفعاله .
3 - شِرك كثير من غلاة الصوفية والرافضة مِن عباد القبور ، الذين يعتقدون أن أرواح الأموات تتصرف بعد الموت فتقضي الحاجات وتفرج الكربات ، أو يعتقدون أن بعض مشايخهم يتصرف في الكون ، أو يُغيث مَن استغاث به ولو مع غيبته عنه .
4 - الاستسقاء بالنجوم : وذلك باعتقاد أنها مصدر السُّقيا ، وأنها التي تُنَزل الغيث بدون مشيئة الله تعالى ، وأعظم من ذلك أن يعتقد أنها تتصرف في الكون بالخلق أو الرزق أو الإحياء أو الإماتة أو بالشفاء أو المرض أو الربح أو الخسارة ؛ فهذا كله من الشرك الأكبر . قال الله تعالى: (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) ، والمعنى تجعلون شكركم لله على ما رزقكم الله مِن الغيث والمطر أنكم تكذبون - أي : تنسبونه إلى غيره ...

القسم الثاني : الشرك في الأسماء والصفات :
وهو : أن يجعل لله تعالى مماثلا في شيء مِن الأسماء أو الصفات ، أو يَصفه تعالى بشيء مِن صِفات خَلْقه .
فَمَن سَمّى غير الله باسم مِن أسماء الله تعالى معتقدا اتصاف هذا المخلوق بما دلّ عليه هذا الاسم مما اختص الله تعالى به ، أو وَصَفه بِصِفة مِن صفات الله تعالى الخاصة به ؛ فهو مشرك في الأسماء والصفات .
وكذلك مَن وَصف الله تعالى بشيء مِن صفات المخلوقين ؛ فهو مُشرك في الصِّفات .
ومن صور هذا الشرك :
1 - اشتقاق أسماء للآلهة الباطلة من أسماء الله تعالى ، كاشتقاق اسم " اللات " مِن " الإله " ، و " العُزّى " مِن " العزيز " .
2- اعتقاد بعض غُلاة الرافضة وبعض غُلاة الصوفية أن بعض الأحياء أو الأموات يَسمعون مِن دُعاهم في أي مكان وفي أي وقت .
3- شِرك الْمُمَثِّلَة : وهو اعتقاد أن صفات الخالق تُماثِل صفات المخلوق ، كَمَن يقول : "يد الله كَيَدِي"، أو " سَمْعه كَسَمْعِي "، أو " استواؤه كاسْتِوائي" ، وهذا كله شِرك ، فالله تعالى يقول : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) .
4- الشرك بِدَعوى عِلم الغَيب ، أو باعتقاد أن غير الله تعالى يَعلم الغيب ، فكُلّ ما لم يطلع عليه الخلق ولم يَعلَموا به بأحد الحواس الخمس ؛ فهو مِن علم الغَيب ، كما قال تعالى: (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ) ، وقال جل شأنه: (إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ) ...
فمن ادَّعى أنَّ أحدا من الخلق يعلم الغيب ، فقد وَقع في الشرك الأكبر الْمُخْرِج مِن الْمِلّة ، لأن في ذلك ادعاء مشاركة الله تعالى في صفة من صفاته الخاصة به ، وهي " علم الغيب ".
ومِن أمثلة الشرك بِدَعوى عِلم الغيب :
أ - اعتقاد أن الأنبياء أو أن بعض الأولياء والصالحين يعلمون الغيب : وهذا الاعتقاد يوجد عند غُلاة الرافضة والصوفية ، ولذلك تجدهم يستغيثون بالأنبياء والصالحين الْمَيّتِين وهم بَعيدون عن قبورهم ، ويَدْعون بعض الأحياء وهم غائبون عنهم ، ويعتقدون أنهم جميعا يعلمون بِحَالهم ، وأنهم يَسمعون كلامهم ، وهذا كله شِرك أكبر مُخْرِج مِن الْمِلّة .
ب- الكهانة : الكاهن هو الذي يَدّعي أنه يعلم الغيب . ومثله أو قريب منه " العرّاف "، و " الرَّمّال "، ونحوهم ، فكُلّ مَن ادّعى أنه يَعرف عِلم ما غاب عنه دون أن يُخبره به مُخْبر ، أو زَعم أنه يَعرف ما سيَقع قَبل وقوعه ؛ فهو مشرك شركا أكبر ، سواء ادّعى أنه يعرف ذلك عن طريق " الطَّرق بالحصى "، أم عن طريق حروف " أبا جاد " ، أم عن طريق " الخط في الأرض "، أم عن طريق " قراءة الكفّ "، أم عن طريق " النظر في الفنجان "، أم غير ذلك ؛ كل هذا مِن الشرك ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ليس منا من تَطيَّر أو تُطيِّر له ، أو تَكهَّن أو تُكُهِّن له ، أو سَحَر أو سُحِرَ له ، ومن أتى كاهنا فصدَّقه بما يقول ؛ فقد كفر بما أُنزل على محمد صلى الله عليه وسلم .
ج- اعتقاد بعض العامة أن السحرة أو الكهان يَعلمون الغَيب ، أو تصديقه لهم في دَعواهم معرفة ما سيقع في المستقبل ، فمن اعتقد ذلك أو صَدّقهم فيه ؛ فقد وقع في الكفر والشرك الْمُخْرِج مِن الْمِلّة ...
د- التنجيم : وهو الاستدلال بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية المستقبلة .
وذلك أن الْمُنَجِّم يَدّعي مِن خلال النظر في النجوم معرفة ما سيقع في الأرض مِن نَصر لقوم ، أو هزيمة لآخَرِين ، أو خَسارة لِرَجل ، أو رِبح لأخر ، ونحو ذلك ، وهذا لا شك مِن دَعوى عِلم الغيب ، فهو شِرك بالله تعالى .
ومما يفعله كثير من المشعوذين والدجاجلة أن يَدّعي أن لكل نجم تأثيرا مُعَيّنا على مَن وُلِد فيه ، فيقول : فلان وُلِدَ في برج كذا فسيكون سعيدا ، وفلان وُلِدَ في برج كذا فستكون حياته شقاء ، ونحو ذلك ، وهذا كله كذب ، ولا يُصدّقه إلاّ جَهَلة الناس وسفهاؤهم ، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : فهذا اتخذ تعلُّم النجوم وَسيلةً لادّعاء عِلم الغيب ، ودعوى علم الغيب كُفر مُخْرِج مِن الْمِلّة .

القسم الثالث : الشرك في الألوهية :
وهو : اعتقاد أن غير الله تعالى يستحق أن يُعبَد ، أو صَرَف شيء مِن العبادة لغيره .
وأنواعه ثلاثة ، هي :
الأول : اعتقاد شريك لله تعالى في الألوهية .

فمن اعتقد أن غير الله تعالى يستحق العبادة مع الله ، أو يستحق أن يُصرَف له أي نوع مِن أنواع العبادة ؛ فهو مُشرِك في الألوهية .
ويدخل في هذا النوع : مَن يُسمِّي وَلَده أو يتسمى بِاسْم يدلّ على التعبد لغير الله تعالى ، كَمَن يتسمى بـ " عبد الرسول " ، أو "عبد الحسين "، أو غير ذلك .
فمن سَمّى ولده أو تَسمّى بشيء مِن هذه الأسماء التي فيها التعبد للمخلوق معتقدا أن هذا المخلوق يستحق أن يُعبَد ؛ فهو مُشْرِك بالله تعالى .
النوع الثاني : صرف شيء من العبادات المحضة لغير الله تعالى :
فالعبادات المحضة بأنواعها القلبية والقولية والعملية والمالية حق لله تعالى لا يجوز أن تصرف لغيره - كما سبق بيان ذلك عند الكلام على توحيد الألوهية - فمن صَرَف شيئا منها لغير الله ؛ فقد وقع في الشرك الأكبر .
قال علاَّمة الْهِند : صديق حسن خان القنوجي في تفسير قوله تعالى: (أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ) قال رحمه الله : " قد تقرر أن العبادة لا تجوز إلاّ لله ، وأنه هو المستحِق لها ، فَكُل ما يُسمّى في الشَّرع عبادة ويَصدق عليه مُسمّاها فإن الله يستحقه ، ولا استحقاق لغيره فيها ، ومَن أشرك فيها أحدا مِن دون الله فقد جاء بالشِّرك ، وكَتب اسِمه في ديوان الكفر " .
والشرك بِصَرف شيء من العبادة لغير الله له صور كثيرة ، يمكن حصرها في الأمرين التاليين :
الأمر الأول : الشرك في دعاء المسألة :
دعاء المسألة ، هو أن يطلب العبد مِن ربه جَلب مرغوب ، أو دفع مرهوب ، ويدخل في دعاء المسألة : الاستعانة والاستعاذة والاستغاثة والاستجارة ...
والدعاء من أهم أنواع العبادة ، فيجب صَرْفه لله تعالى ، ولا يجوز لأحد أن يَدعو غيره كائنا مَن كان . قال تعالى : (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) ...
فمن دَعَا غير الله فقد وقع في الشرك الأكبر - نسأل الله السلامة والعافية - .
ومِن أمثلة الشرك في دعاء المسألة ما يلي :
أ - أن يطلب مِن المخلوق ما لا يقدر عليه إلاّ الخالق ، سواء أكان هذا المخلوق حيا أم ميتا ، نبيا أم وَلِيا أم مَلَكا أم جِنّيا أم غيرهم ، كأن يطلب منه شفاء مَرِيضِه ، أو نَصره على الأعداء ، أو كَشف كُربة ، أو أن يُغيثه ، أو أن يُعيذه ، وغير ذلك مما لا يقدر عليه إلاّ الله ؛ فهذا كله شرك أكبر ، مُخْرِج مِن الْمِلّة بإجماع المسلمين ؛ لأنه دَعا غير الله ، واستغاث به ، واستعاذ به ، وهذا كله عبادة لا يجوز أن تُصرَف لغير الله بإجماع المسلمين ، وصَرْفها لِغيره شِرك ، ولأنه اعتقد في هذا المخلوق ما لا يقدر عليه إلاّ الله سبحانه وتعالى .
ب- دعاء الميت.
ج - دعاء الغائب.
فمن دعا غائبا أو دعا ميتا وهو بَعيد عن قبره ، وهو يعتقد أن هذا المدعو يَسمع كلامه أو يعلم بِحاله ؛ فقد وقع في الشرك الأكبر ، سواء أكان هذا المدعو نبيا أم وليا ، أم عبدا صالحا أم غيرهم ، وسواء طَلَب مِن هذا المدعو ما لا يقدر عليه إلاّ الله أم طلب منه أن يدعو الله تعالى له ، ويشفع له عنده ؛ فهذا كله شرك بالله تعالى مُخْرِج مِن الْمِلّة ؛ لِمَا فيه من دعاء غير الله، ولما فيه من اعتقاد أن المخلوق يعلم الغيب، ولما فيه من اعتقاد إحاطة سمعه بالأصوات، وهذا كله من صفات الله تعالى التي اختص بها، فاعتقاد وجودها في غيره شرك مخرج من الملة.
د - أن يجعل بينه وبين الله تعالى واسطة في الدعاء، ويعتقد أن الله تعالى لا يجيب دعاء من دعاه مباشرة، بل لا بد من واسطة بين الخلق وبين الله في الدعاء، فهذه شفاعة شركية مخرجة من الملة.
واتخاذ الوسائط والشفعاء هو أصل شرك العرب، فهم كانوا يزعمون أن الأصنام تماثيل لقوم صالحين، فيتقربون إليهم طالبين منهم الشفاعة، كما قال تعالى: (أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى) .
الأمر الثاني : الشرك في دعاء العبادة :
دعاء العبادة هو: عبادة الله تعالى بأنواع العبادات القلبية، والقولية، والفعلية كالمحبة، والخوف، والرجاء والصلاة، والصيام، والذبح، وقراءة القرآن، وذكر الله تعالى وغيرها.
وسمي هذا النوع "دعاء" باعتبار أن العابد لله بهذه العبادات طالب وسائل لله في المعنى، لأنه إنما فعل هذه العبادات رجاء لثوابه وخوفا من عقابه، وإن لم يكن في ذلك صيغة سؤال وطلب، فهو داع لله تعالى بلسان حاله، لا بلسان مقاله.
ومن أمثلة الشرك في هذا النوع:
أ- شرك النية والإرادة والقصد:

هذا الشرك إنما يصدر من المنافق النفاق الأكبر، فقد يظهر الإسلام وهو غير مقر به في باطنه، فهو قد راءى بأصل الإيمان، كما قال تعالى: (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا) ، وقد يرائي ببعض العبادات، كالصلاة، كما قال تعالى عن المنافقين: (وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلا) ، فهم قد جمعوا بين الشرك والنفاق .
ب- الشرك في الخوف:
الخوف في أصله ينقسم إلى أربعة أقسام:
1- الخوف من الله تعالى: ويسمى "خوف السر"، وهو الخوف المقترن بالمحبة والتعظيم والتذلل لله تعالى، وهو خوف واجب، وأصل من أصول العبادة.
2- الخوف الجِبلِّي: كالخوف من عدو، والخوف من السباع المفترسة ونحو ذلك. وهذا خوف مباح؛ إذا وجدت أسبابه، قال الله تعالى عن نبيه موسى عليه السلام: (فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفا يَتَرَقَّبُ).
3- الخوف الشركي: وهو أن يخاف من مخلوق خوفا مقترنا بالتعظيم والخضوع والمحبة. ومن ذلك الخوف من صنم أو من ميت خوفا مقرونا بتعظيم ومحبة، فيخاف أن يصيبه بمكروه بمشيئته وقدرته، كأن يخاف أن يصيبه بمرض أو بآفة في ماله، أو يخاف أن يغضب عليه؛ فيسلبه نِعَمَهُ فهذا من الشرك الأكبر، لأنه صرف عبادة الخوف والتعظيم لغير الله، ولما في ذلك من اعتقاد النفع والضر في غير الله تعالى ...
ومن الخوف الشركي : أن يخاف من مخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله تعالى، كأن يخاف من مخلوق أن يصيبه بمرض بمشيئته وقدرته .
4 - الخوف الذي يحمل على ترك واجب أو فعل محرم، وهو خوف محرم، كمن يخاف من إنسان حي أن يضره في ماله أو في بدنه، وهذا الخوف وهمي لا حقيقة له، وقد يكون هناك خوف فعلا ولكنه يسير لا يجوز معه ترك الواجب أو فعل المحرم ...
ج - الشرك في المحبة:
المحبة في أصلها تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

1- محبة واجبة: وهي محبة الله ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ومحبة ما يحبه الله تعالى من العبادات وغيرها .
2- محبة طبيعية مباحة: كمحبة الوالد لولده، والإنسان لصديقه، ولماله ونحو ذلك.
ويشترط في هذه المحبة أن لا يصحبها ذل ولا خضوع ولا تعظيم، فإن صحبها ذلك فهي من القسم الثالث، ويشترط أيضا أن لاتصل إلى درجة محبته لله ومحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن ساوتها أو زادت عليها فهي محبة محرمه
3 - محبة شركية، وهي أن يحب مخلوقا محبة مقترنة بالخضوع والتعظيم، وهذه هي محبة العبودية، التي لا يجوز صرفها لغير الله، فمن صرفها لغيره فقد وقع في الشرك الأكبر، قال الله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ) .
د- الشرك في الرجاء : وهو أن يرجو من مخلوق ما لا يقدر عليه إلا الله، كمن يرجو من مخلوق أن يرزقه ولدا، أو يرجو منه أن يشفيه بإرادته وقدرته، فهذا من الشرك الأكبر المخرج من الملة.
هـ- الشرك في الصلاة والسجود والركوع :
فمن صلى أو سجد أو ركع أو انحنى لمخلوق محبة وخضوعا له وتقربا إليه، فقد وقع في الشرك الأكبر بإجماع أهل العلم .
و الشرك في الذبح :
الذبح تقربا إلى مخلوق وتعظيما له وخضوعا له، فهذا عبادة - كما سبق - ولا يجوز التقرب به إلى غير الله، فمن ذبح تقربا إلى مخلوق وتعظيما له فقد وقع في الشرك الأكبر وذبيحته محرمة لا يجوز أكلها، سواء أكان هذا المخلوق من الإنس أم من الجن أم من الملائكة أم كان قبرا، أم غيره، وقد حكى نظام الدين الشافعي النيسابوري إجماع العلماء على ذلك ...
ز - الشرك في النذر والزكاة والصدقة:
النذر هو : إلزام مكلف مختار نفسه عبادة لله تعالى غير واجبة عليه بأصل الشرع ...
والنذر عبادة من العبادات، لا يجوز أن يصرف لغير الله تعالى، فمن نذر لمخلوق كأن يقول: لفلان علي نذر أن أصوم يوما، أو لقبر فلان علي أن أتصدق بكذا، أو إن شفي مريضي أو جاء غائبي للشيخ فلان علي أن أتصدق بكذا، أو لقبره علي أن أتصدق بكذا، فقد أجمع أهل العلم على أن نذره محرم وباطل، وعلى أن من فعل ذلك قد أشرك بالله تعالى الشرك الأكبر المخرج من الملة ؛ لأنه صرف عبادة النذر لغير الله ، ولأنه يعتقد أن الميت يَنفع ويَضرّ مِن دون الله ، وهذا كله شرك .
ومثله إخراج زكاة المال وتقديم الهدايا والصدقات إلى قبر ميت تقربا إليه، أو تقديمها إلى سدنة القبر تقربا إلى الميت، أو تقديمها إلى الفقراء الذين يذهبون إلى القبر، وكان يفعل ذلك تقربا إلى الميت، فهذا كله من الشرك الأكبر أيضا، لما فيه من عبادة غير الله ومن اعتقاد أن هذا الميت ينفع أو يضر من دون الله، قال الشيخ قاسم الحنفي: "ما يؤخذ من الدراهم والشمع والزيت وغيرها وينقل إلى ضرائح الأموات تقربا إليهم حرام بإجماع المسلمين"، فمن زكى أو تصدق تدينا تقربا إلى غير الله فقد وقع في الشرك الأكبر .
ح - الشرك في الصيام والحج:
الصيام والحج من العبادات التي لا يجوز صرفها لغير الله بالإجماع ، فمن تعبَّد بها لغير الله فقد وقع في الشرك الأكبر، وذلك كَمَن يَصوم أو يحج إلى الكعبة تقربا إلى ولي أو ميت أو غيرهما من المخلوقين، وكمن يحج إلى قبر تقربا إلى صاحبه فهذا كله من الشرك الأكبر المخرج من الملة، سواء أفعله العبد أم اعتقد جوازه.
ط- الشرك في الطواف:
الطواف عبادة بدنية لا يجوز أن تصرف إلا لله تعالى، ولا يجوز أن يطاف إلا بالكعبة المشرفة، وهذا كله مجمع عليه، فمن طاف بقبر نبي أو عبد صالح أو بمنزل معين أو حتى بالكعبة المشرفة تقربا إلى غير الله تعالى، فقد وقع في الشرك الأكبر بإجماع المسلمين.
وهذا بقية العبادات كالتوكُّل، والتبرك، والتعظيم البالغ، والخضوع، وقراءة القرآن، والذكر، والأذان والتوبة والإنابة فهذه كلها عبادات لا يجوز أن تصرف لغير الله، فمن صرف شيئا منها لغير الله فقد وقع في الشرك الأكبر، وسيأتي التفصيل في الشرك في بعض هذه العبادات وذكر بعض العبادات التي لم تذكر هنا عند الكلام على الشرك الأصغر وعند الكلام على الوسائل التي تؤدي إلى الوقوع في الشرك الأكبر - إن شاء الله تعالى - .

النوع الثالث من أنواع الشرك في الألوهية : الشرك في الْحُكم والطاعة :
ومن صور الشرك في هذا النوع :
1- أن يعتقد أحد أن حكم غير الله أفضل من حكم الله أو مثله،
فهذا شرك أكبر مخرج من الملة، لأنه مكذب للقرآن، فهو مكذب لقوله تعالى: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْما) ، ولقوله تعالى: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ) وهذا استفهام تقريري، أي أن الله تعالى أحكم الحاكمين، فليس حكم أحد غيره أحسن من حكمه ولا مثله.
2- أن يعتقد أحد جواز الحكم بغير ما أنزل الله، فهذا شرك أكبر، لأنه اعتقد خلاف ما دلت عليه النصوص القطعية من الكتاب والسنة، وخلاف ما دل عليه الإجماع القطعي من المسلمين من تحريم الحكم بغير ما أنزل الله .
3- أن يضع تشريعا أو قانونا مخالفا لما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ويحكم به، معتقدا جواز الحكم بهذا القانون، أو معتقدا أن هذا القانون خير من حكم الله أو مثله، فهذا شرك مخرج من الملة .
4- من يحكم بعادات آبائه وأجداده أو عادات قبيلته - وهي ما تسمى عند بعضهم ب: السُّلُوم - وهو يعلم أنها مخالفة لحكم الله، معتقدا أنها أفضل من حكم الله أو مثله أو أنه يجوز الحكم بها، فهذا شرك أكبر مخرج من الملة.
5- أن يطيع من يحكم بغير شرع الله عن رضا، مقدما لقولهم على شرع الله، ساخطا لحكم الله، أو معتقدا جواز الحكم بغيره، أو معتقدا أن هذا الحكم أو القانون أفضل من حكم الله أو مثله .
ومثل هؤلاء من يتبع أو يتحاكم إلى الأعراف القبلية - التي تسمى: السُّلوم - المخالفة لحكم الله تعالى، مع علمه بمخالفتها للشرع، معتقدا جواز الحكم بها، أو أنها أفضل من الشرع أو مثله، فهذا كله شرك أكبر مخرج من الملة .
6- من يدعو إلى عدم تحكيم شرع الله، وإلى تحكيم القوانين الوضعية محاربةً للإسلام وبغضا له، كالذين يدعون إلى سفور المرأة واختلاطها بالرجال الأجانب في المدارس والوظائف وإلى التعامل بالربا، وإلى منع تعدد الزوجات، وغير ذلك مما فيه دعوة إلى محاربة شرع الله، فالذي يدعو إلى ذلك مع علمه بأنه يدعو إلى المنكر وإلى محاربة شرع الله ظاهر حاله أنه لم يدع إلى ذلك إلا لما وقع في قلبه من الإعجاب بالكفار وقوانينهم واعتقاده أنها أفضل من شرع الله، ولما وقع في قلبه من كره لدين الإسلام وأحكامه، وهذا كله شرك وكفر مخرج من الملة، ومن كانت هذه حقيقة حاله فقد وقع في الشرك الأكبر، وإن كان يظهر أنه من المسلمين فهو نفاق أيضا؛ للأدلة التي سبق ذكرها في الفقرة السابقة، بل هنا أولى؛ لأن الدعوة إلى الشيء شر من مجرد اتباعه .

وسبق الجواب عن :
كيف نفرق بين الكفر الأكبر والكفر الأصغر وبين الشرك الأكبر والشرك الأصغر؟
https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=21849

التداوي بِصَبّ الرصاص هل هو مِن الكهانة ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=6827

والله تعالى أعلم .

المجيب فضيلة الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
إشكال حول مسألة العذر بالجهل لمن وقع في الشرك نسمات الفجر قسـم العقـيدة والـتوحيد 0 20-02-2016 10:39 PM
ما صحة ما ورد عن مجيء القرآن لقبر صاحبه فيقول أنا الذي كنت أسهر ليلك وأظمىء نهارك؟ ناصرة السنة قسـم السنـة النبويـة 0 23-11-2012 04:31 PM
ما نوع التوحيد الذي دلت عليه جمل هذا الحديث "واعلم أن الأمة لو اجتمعت ..."؟ ناصرة السنة قسـم العقـيدة والـتوحيد 0 17-03-2010 05:38 PM
ماذا تنتظر الأمة من الشاب المسلم ? وما الذي ينتظره الشاب من الأمة ؟ *المتفائله* إرشـاد الشـبـاب 0 05-03-2010 09:04 PM
هل الدم الذي يخرج من البواسير أو الناسور نجس ؟ محب السلف إرشـاد الطـهــارة 0 09-02-2010 05:54 PM

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 02:33 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى