[نسمات الفجر]

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخنا الفاضل أثابكم الله
دأب النصارى على الاحتفال يوم 24 ديسمبر من كل سنة بميلاد المسيح عليه السلام وكنت أعتقد أنه ولد في هذا اليوم إلا أنني قرأت مؤخرا أن مولد المسيح عليه السلام كان صيفا وليس شتاء!
أريد من فضيلتكم أن توضحوا لنا هذه المسألة . وجزاكم الله عنا خير الجزاء

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا .

هذا مما قاله الفلكي محمد كاظم حبيب .
ولعل مَن قال بهذا القول بَنَاه على تأويل قوله تعالى : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا) ، والرُّطَب إنما يكون في الصيف .

وقد ذهب جماعة مِن السلف إلى أن ولادة المسيح عليه الصلاة والسلام كانت شتاء، وأن جِذع النخلة كان يابِسا ، وذلك أبْلَغ في الإعجاز .
وعلى هذا القول جُمهور المفسِّرِين .
قال ابن عَبَّاس رضي الله عنهما في قوله تعالى : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ) قَالَ : كَانَ جِذْعًا يَابِسًا، فَقَالَ لَهَا: هُزِّيهِ (تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا) .
وقال وَهْبُ بن مُنَبِّهٍ فِي قَوْلِهِ : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ) : كَانَ الرُّطَبُ يَتَسَاقَطُ عَلَيْهَا وَذَلِكَ فِي الشِّتَاءِ .

وقال القرطبي في قَوله تَعَالَى: (وَهُزِّي) أَمَرَهَا بِهَزِّ الْجِذْعِ الْيَابِسِ ، لِتَرَى آيَةً أُخْرَى فِي إِحْيَاءِ مَوَاتِ الْجِذْعِ .

ونَقَل عن ابن عباس قوله : كان جذعا نَخِرا فَلَمَّا هَزَّتْ نَظَرَتْ إِلَى أَعْلَى الْجِذْعِ فَإِذَا السَّعَفُ قَدْ طَلَعَ ، ثُمَّ نَظَرَتْ إِلَى الطَّلْعِ قَدْ خَرَجَ مِنْ بَيْنِ السَّعَفِ، ثُمَّ اخْضَرَّ فَصَارَ بَلَحًا ثُمَّ احْمَرَّ فَصَارَ زَهْوًا، ثُمَّ رُطَبًا ، كُلُّ ذَلِكَ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ ، فَجَعَلَ الرُّطَبَ يَقَعُ بَيْنَ يَدَيْهَا لا يَنْشَدِخُ مِنْهُ شي .

وقال ابنُ جُزيّ : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ) : كان جذعا يابسا، فخلق الله فيه الرطب كرامة لها وتأنيسا . اهـ .

وذَكَر ابنُ كثير الأقوال في الآية ، ثم قال : وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَانَتْ شَجَرَةً، وَلَكِنْ لَمْ تَكُنْ فِي إِبَّانِ ثَمَرِهَا، قَالَهُ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ؛ وَلِهَذَا امْتَنَّ عَلَيْهَا بِذَلِكَ، أَنْ جَعَلَ عِنْدَهَا طَعَامًا وَشَرَابًا، فَقَالَ: (تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا) أَيْ : طِيبِي نَفْسًا . اهـ .

وسوءا وُلِد في الصيف أو في الشتاء ؛ فإن هذا لا يُسوِّغ الاحتفال بِمولده ، بل إن النصارى قد اختلَفوا في يوم ولادته ، كما اختَلَف المسلمون في يوم ولادة نِبيّنا صلى الله عليه وسلم .
ولو كانت الموالد لها شأن في الأديان السماوية لَمَا حصل هذا الاختلاف ؛ فَدَل هذا على أنهم ليسوا بِمتعبّدِين بالموالد ، ولا بالاحتفال بها .

وهنا :
هل يجوز للمسلم أن يشارك أقاربه غير المسلمين في احتفالاتهم بأعياد الميلاد أو رأس السنة ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=15578

ما حُكم الاحتفال بأعياد الكفار ، وتهنئتهم بأعيادهم ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=1217

والله تعالى أعلم .


المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم