[راجية العفو]

السؤال
أنا امرأة في 32 من عمري عندما كان عمري 18 سنة هداني الله للبس النقاب وبدأت في طلب العلم والدعوة إلى الله وكان عندي نشاطا وطموحا أن أكون خادمة لهذا الدين
عندما بلغت 22 عاما تقدم لي خاطبا وتم العقد والزواج بعد كثير من المشاكل لا داعي لذكرها والإسهاب في تفاصيلها
أكرمني الله بولد وبنت البنت "9 سنوات" والولد "7سنوات ونصف" وبعد 7 سنوات من العذاب والمرار شعرت فيهم أني أعيش في سجن وليس بيت وتعرضت فيهم لكل ألوان العذاب ابتداءً من السب وانتهاءً بالضرب قررت أن انفصل عن الزوج وطلبت من أهلي مساعدتي ولما تدخل أبي للإصلاح بيننا أساء الزوج وأهله لأبي إساءات بالغة وبعدها بأيام مات أبي موتة فجأة بلا مرض ولا شكوى ولربما كان ذلك بسبب كل الهم الذي حمله في صدره مما حدث له
ورثنا عن أبي بيتا أنا وأمي وإخوتي وأعيش الآن أنا وأولادي فيه بعدما تم الطلاق ورفض الزوج أن يحضر مسكن لأولاده
ومشكلتي يا شيخ هي أن أمي رغم أنها منتقبة وفيها الكثير من جوانب الالتزام الا أن عندها تساهل في كثير من الأمور فهي تشاهد التلفاز والمسلسلات والبرامج التي بها موسيقى وأخي مثلها بل أشد فهو مفرط كثيرا وللأسف أن تأثير ذلك على أولادي كبيرا ولقد تكلمت مع أمي لكنها لا ترى فيما تفعل ذنب فهي تقول ساعة وساعة وأنا لا أستطيع إقناعها رغم أن عندي العلم بالحرمة وعندي الأدلة إلا أنها هي وأخي لا يقتنعون فأخي يريد ابني مثل لاعب الكرة الشهير فلان ويعتبرون كلامي تعقيد لأولادي
رغب أولادي عن حفظ القرآن وضايقوا المحفظين حتى هربوا منهم
حاولت إقناع أولادي بحرمة هذه الأمور وقد اقتنعوا إلا أنهم يقعون في الذنب مرة أخرى
استخدمت الترهيب والترغيب ولا فائدة وأمي ترى أنني جئت لها في آخر عمرها أضايقها في عيشتها وأقيد حريتها في بيتها وأني طالما بلا رجل ولا بيت فعلي أن أعيش كما تحب هي وليس العكس
الآن يا شيخي قد هربت إلى العزلة في غرفتي والدعوة عن طريق الانترنت وأحيانا أُجلس أولادي معي إلا أني لا أستطيع أن أسيطر عليهم طول الوقت
بماذا تنصحني يا شيخ وقد ضاقت علي الأرض بما رحبت وضاقت علي نفسي فقد كنت أحلم أن أكّون أسرة ملتزمة مع الزوج وفشلت والآن خائفة أن أفشل في تربية أبنائي تربية إيمانية صحيحة؟؟
وأخيرا أسألكم أن تدعو لي ولأولادي دعوة بظهر الغيب
وأعتذر جدا على الإطالة بارك الله فيكم ونفع بكم




الجواب :
وبارك الله فيك وأعانك ، وأصلح النية والذرية ، وعوّضك خيرا .

على الداعي إلى الله أن لا يملّ ، وأن يجعل نفسه مثل الطبيب الذي يُعالِج المريض بأنفع الأدوية ، ولا يلجأ إلى الجراحة إلى في الحالات التي لا ينفع معها العلاج .
وعليك التودد إلى أمك ، وإعانتها فيما تحتاج فيه إلى إعانة ، واجعليها تلمس منك حرصك على بِرّها ، وليس فقط أمرها ونهيها .
ويحسُن اختيار الأوقات المناسبة للحديث ، وعدم الإلحاح الكثير الذي يؤدّي إلى الضجر .
وأفهميها بطريقة مناسبة أن الفلاح معقود في التواصي بالحق والتواصي بالصبر ، كما في سورة العصر .
ولا خير فينا أن لم يكن فينا خير لأقرب الناس لنا ، وهم أوْلى الناس بالدعوة ، والتواصي بالحق ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
وليس مِن شَرْط الدعوة أن تحصل الاستجابة المباشرة ، ولنا في الأنبياء والرُّسل أسوة وقُدوة ، والعبرة بالنهايات ، وبحلاوة قَطْف الثمرة .

وألِحّي على الله بالدعاء بِصلاح النية والذرية .
وتصدّقي ولو باليسير بِنيّـة صلاح الأولاد .

والله تعالى أعلم .



المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد