[نسمات الفجر]

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
السلام عليكم ورحمة الله
إن أختا تسأل أنها أحيانا تجد أختها تصلي ولا تعلم أي صلاة ولكن مثلا بعد الأذان بنصف ساعة فتأتي فتلحق بها في الصلاة فهل يلزم أختها أن تغير نيتها إلى أن نية أن تكون إماما لها في الصلاة وهل ينبغي للسائلة أن تعلم أي صلاة تصلي حتى تلتحق بها وما الدليل على ذلك ؟
وجزاكم الله خيرا



الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا .

مَن كان يُصلّي مُنفردا ثم اقتدى به أحد ، فإنه يُغيِّر نيته إلى نيّة الإمامة ؛ لأنه لم يعُد يُصلّي وحده .
ومَن اقتدى بشخص يُصلّي في وقت الصلاة ، وكلاهما مُقيم غير مسافر فلا يلزمه معرفة أيّ صلاة يُصلّيها .

فقد اقتدى النبي صلى الله عليه وسلم بأبي بكر وبِعبد الرحمن بن عوف في الصلاة الحاضرة .

الْمُغِيرَة بن شُعْبَة رضي الله عنه وهو يُحدِّث بِخير غزوة تبوك : فَأَقْبَلْتُ مَعَهُ حَتَّى نَجِدُ النَّاسَ قَدْ قَدَّمُوا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَصَلَّى لَهُمْ فَأَدْرَكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ فَصَلَّى مَعَ النَّاسِ الرَّكْعَةَ الآخِرَةَ ، فَلَمَّا سَلَّمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُتِمُّ صَلاَتَهُ . رواه مسلم .
وسُئِل الْمُغِيرَة بن شُعْبَة رضي الله عنه : هَلْ أَمَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ السَّحَرِ – وذَكَر وضوءه عليه الصلاة والسلام – قال : وَرَكِبْنَا فَأَدْرَكْنَا النَّاسَ وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فَتَقَدَّمَهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَقَدْ صَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً وَهُمْ فِي الثَّانِيَةِ، فَذَهَبْتُ أُوذِنُهُ، فَنَهَانِي، فَصَلَّيْنَا الرَّكْعَةَ الَّتِي أَدْرَكْنَا، وَقَضَيْنَا الرَّكْعَةَ الَّتِي سُبِقْنَا . رواه الإمام أحمد وأبو داود . وصححه الألباني والأرنؤوط .

ويدلّ عليه أيضا اقتداء ابن عباس رضي الله عنهما بالنبي صلى الله عليه وسلم .
قال ابن عباس رضي الله عنهما في قصة مَبِيته عِنْدَ خَالَته أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ مَيْمُونَةَ : اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ بِيَدِهِ ، ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ الآيَاتِ الْخَوَاتِمَ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ ، ثُمَّ قَامَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ ، فَتَوَضَّأَ مِنْهَا فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَقُمْتُ فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رَأْسِي ، وَأَخَذَ بِأُذُنِي الْيُمْنَى يَفْتِلُهَا ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ أَوْتَرَ . رواه البخاري ومسلم .

فابنُ عباس رضي الله عنهما اقتدى بالنبي صلى الله عليه وسلم دون سؤال عن الصلاة التي يُصلّيها .
ومثله اقتداء ابن مسعود رضي الله عنه بالنبي صلى الله عليه وسلم ، كما في الصحيحين ، واقتداء حذيفة رضي الله عنه به صلى الله عليه وسلم . كما في صحيح مسلم .

وفي فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة : يجوز أن يأتم المفتَرِض بِكَ وأنت تُصلي السنة ، في أصح قولي العلماء، ولا ينبغي لمن دخل معه أحد في الصلاة وهو يتنفل أن يَرُدّه، وصلاة هذا الرجل معك صحيحة، ويدل لذلك أن ابن عباس رضي الله عنهما جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يُصَلّي وحده ليلا فقام عن يساره ، فأدَارَه عن يمينه وصَلّى به . اهـ .

والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض