|
|
المنتدى :
قسم التوبـة والدعوة الى الله وتزكية النفس
في حالة اختلاف الفتاوى هل نأخذ بالحكم الأشد ؟
بتاريخ : 26-09-2012 الساعة : 05:32 AM
السؤال
السلام عليكم
الله يبار لنا فيك وفي علمك
هنا سؤال دائما يراودني
بصراحة أرى اختلاف في الفتاوى هذه فتوى تجيز وهذه فتوى لا تجيز وهذه فتوى تكره ..
أنا طبيعتي اختار الفتوى التي يكون فهيا الحكم أشد فأختار ما كان لا يجيز ؟ لكن في حال إذا سألني سائل التزم الصمت ولا أبدي ما في نفسي من أن الأفضل أن نأخذ الأشد حين نرى الفتاوى وذات يوم جلست مجلس من طالبات العلم وناقشنا هذه المسألة فقالوا لي خففي على أمة محمد صلى الله عليه وسلم ولا تشددي عليهم
فهل أنا على صواب أم هم على صواب ؟

الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وبارك الله فيك .
لا يصح الأخذ بالأشَدّ في كل حال ؛ لأن مَن كان كذلك فإنه سوف يُشدِّد على نفسه ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : إن هذا الدين يُسر ، و لن يُشَادّ هذا الدِّين أحد إلاَّ غلبه ، فسددوا وقاربوا وأبشروا . أخرجه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة مرفوعا .
وأنه عليه الصلاة والسلام ما خُيِّر بين أمرين إلاّ اختار أيسرهما ، ما لم يكن إثما . كما في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها .
إلا أنه عند اختلاف الفتوى يُنظر في المفتي ، فيؤخذ برأي الأكثر ورعا وتقوى وتَحَرّيًا للدليل واتِّباع للكتاب والسنة ، فإن تساووا يُنظر في أصول الشريعة ؛ فإن كان الأمر يدور بين تحليل وتحريم احتاط المسلم لِدِينه ، عملا بقوله - عليه الصلاة والسلام - : الحلال بَيِّن ، والحرام بَيِّن ، وبينهما مُشَبّهات لا يعلمها كثير من الناس ، فمن اتقي المشبهات استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام . رواه البخاري ومسلم .
ومعنى " استبرأ لدِينِه وعِرضِه " : أي طلب البراءة والسلامة لِدِينِه وعِرضِه . ولأن العلماء يُغلّبون جانب الحظر والمنع .
وتأتي مسألة ما يحيك في الصدر كما قال عليه الصلاة والسلام للنواس بن سمعان : البِرّ حُسْن الْخُلُق ، والإثم ما حاك في صدرك ، وكَرِهْتَ أن يَطّلع عليه الناس .
قال ابن عمر رضي الله عنهما : لا يبلغ العبد حقيقة التقوى حتى يدع ما حاك في الصدر . رواه البخاري تعليقا .
وقال ابن مسعود - رضي الله عنه - : الإثم حوازّ القلب .
أي أنه يبقى له أثر ويَحُزّ في القلب وفي النفس ويتردد ولا يرتاح من فعله وإن أخذ بفتوى من أفتاه
ولذا قال عليه الصلاة والسلام لِوَابصة بن معبد رضي الله عنه : جئت تسألني عن البر والإثم ؟ قال : قلت : نعم . فجمع أصابعه الثلاث ، فجعل يَنْكُت بها في صدري ويقول : يا وابصة اسْتَفْتِ نفسك ؛ البِرّ ما اطمأن إليه القلب ، واطمأنت إليه النفس ، والإثم ما حاك في القلب وتردد في الصدر ، وإن أفتاك الناس . رواه الإمام أحمد وغيره .
فما تردد في النفس يُترك لقوله عليه الصلاة والسلام : دع ما يَريبك إلى ما لا يَريبك ؛ فإن الصدق طمأنينة ، وإن الكذب ريبة . رواه الإمام أحمد وغيره .
وما يأخذ به الإنسان في خاصة نفسه مما يقتضيه الوَرَع غير ما يُفتي به الناس ؛ لأن الفتوى ليست هي التشديد ، كما أنها ليست هي التسهيل والتساهل في كل شيء .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد
|
التعديل الأخير تم بواسطة نبض الدعوة ; 01-10-2012 الساعة 04:40 AM.
|
|
|
|
|