|
|
المنتدى :
إرشـاد الطـهــارة
هل فصل المضمضة عن الاستنشاق بجرعتين مختلفتين يؤثِّر على صحة الوضوء ؟
بتاريخ : 02-11-2012 الساعة : 03:30 PM
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخنا الفاضل عبد الرحمن السحيم
لدي سؤال بخصوص الوضوء بخصوص المضمضة والاستنشاق هناك من الناس من يتوضأ ويستنشق بجرعة ماء واحدة وهناك من يتمضمض بجرعة ماء غير ويستنشق بأخرى ثانية فهل هذا يؤثر على صحة الوضوء ؟!
أفتونا مأجورين وبارك الله فيكم

الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وبارك الله فيك .
كل مِن الفِعلين صحيح ؛ لِفَهم ذلك مِن صِفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ، ففي حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه : فمضمض واستنشق واستنثر ثلاثا بِثلاث غَرَفات . رواه البخاري ومسلم .
يعني يأخذ الماء بيده اليمنى ثم يقسم الغَرفة بين الفم والأنف ، فيتمضمض ببعضها ويستنشق ببعضها .
قال البغوي : اخْتَلَف أهل العِلم في كيفية المضمضة والاستنشاق ، فذهب قوم إلى أنه يجمع بينهما ، فَيَغْرِف غَرْفة ، فيتمضمض ويستنشق بها مرة ، ثم غَرْفة أخرى فيفعل كذلك ، ثم غَرْفة ثالثة كذلك ، وهو ظاهر رواية عبد الله بن زيد ، ومنهم من اختار الفَصْل بين المضمضة والاستنشاق ، قال : يَغْرِف غَرفة فيتمضمض بها ثلاثا ، ثم يَغْرِف غَرفة أخرى ، فيستنشق بها ثلاثا.
ورُوي عن طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده قال : دَخَلْت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ فرأيته يفصل بين المضمضة والاستنشاق . وإلى هذا ذهب الحسن .
وروى شقيق بن سلمة قال : شَهِدْت عثمان توضأ ثلاثا ثلاثا ، وأفرد المضمضة من الاستنشاق ، وقال : هكذا توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال : شهدت عليا توضأ ثلاثا ، وأفْرَد المضمضة من الاستنشاق ، وقال : هكذا توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقال ابن قدامة : وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَمَضْمَضَ وَيَسْتَنْشِقَ مِنْ كَفٍّ وَاحِدَةٍ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا ، قَالَ الأَثْرَمُ : سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يُسْأَلُ : أَيُّمَا أَعْجَبُ إلَيْك ؛ الْمَضْمَضَةُ وَالاسْتِنْشَاقُ بِغَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ ، أَوْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا عَلَى حِدَةٍ ؟ قَالَ : بِغَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ ... فَإِنْ شَاءَ الْمُتَوَضِّئُ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مِنْ ثَلاثِ غَرَفَاتٍ ، وَإِنْ شَاءَ فَعَلَ ذَلِكَ ثَلاثًا بِغَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ ؛ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الأَحَادِيثِ .
وَإِنْ أَفْرَدَ الْمَضْمَضَةَ بِثَلاثِ غَرَفَاتٍ ، وَالاسْتِنْشَاقَ بِثَلاثٍ ، جَازَ ؛ لأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثِ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ فَصَلَ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالاسْتِنْشَاقِ . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ؛ وَلأَنَّ الْكَيْفِيَّةَ فِي الْغَسْلِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ .
وقال النووي : وأما الفَصْل فلم يثبت فيه حديث أصلا ، وإنما جاء فيه حديث طلحة بن مُصَرِّف ، وهو ضعيف .
وقال ابن القيم : وَكَانَ يَتَمَضْمَضُ وَيَسْتَنْشِقُ تَارَةً بِغَرْفَةٍ وَتَارَةً بِغَرْفَتَيْنِ وَتَارَةً بِثَلاثٍ . وَكَانَ يَصِلُ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالاسْتِنْشَاقِ ، فَيَأْخُذُ نِصْفَ الْغَرْفَةِ لِفَمِهِ وَنِصْفَهَا لأَنْفِهِ ، وَلا يُمْكِنُ فِي الْغَرْفَةِ إلاّ هَذَا ، وَأَمّا الْغَرْفَتَانِ وَالثّلاثُ فَيُمْكِنُ فِيهِمَا الْفَصْلُ وَالْوَصْلُ إلاّ أَنّ هَدْيَهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَانَ الْوَصْلَ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي " الصّحِيحَيْنِ " مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ زَيْدٍ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مِنْ كَفّ وَاحِدَةٍ فَعَلَ ذَلِكَ ثَلاثًا ، وَفِي لَفْظٍ : " تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ بِثَلاثِ غَرَفَات " فَهَذَا أَصَحّ مَا رُوِيَ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالاسْتِنْشَاقِ ، وَلَمْ يَجِئْ الْفَصْلُ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالاسْتِنْشَاقِ فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ الْبَتّةَ ، لَكِنْ فِي حَدِيثِ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرّفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّهِ : رَأَيْتُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَفْصِلُ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالاسْتِنْشَاقِ ، وَلَكِنْ لا يُرْوَى إلاّ عَنْ طَلْحَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّهِ ، وَلا يُعْرَفُ لِجَدّهِ صُحْبَة . اهـ .
وقال ابن حجر : اسْتُدِلّ به على استحباب الجمع بين المضمضة والاستنشاق مِن كل غَرفه ، وفي رواية خالد بن عبد الله الآتية بعد قليل : مضمض واستنشق مِن كَفّ واحد ، فَعَل ذلك ثلاثا . وهو صريح في الْجَمْع كُلّ مَرّة . اهـ .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد
|
|
|
|
|