آمل منكم التكرم بالإجابة علي
هل كان الصحابة رضوان الله عليهم يتشوفون لمعرفة الحكمة في بعض الأحكام في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم أو بعده ؟
وهل لمعرفة الحكمة من الأحكام ثمرة وفائدة ؟
الجواب/
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .
منهم من كان يتشوّف لمعرفة الحكمة ، إلاّ أني لا أستحضر الآن سؤالا مُباشرًا عن الحكمة ، وذلك لأن الصحابة رضي الله عنهم كان الإذعان والاستسلام أقرب إليهم ، بل ضربوا أروع الأمثلة في صِدق الاستجابة وسُرعة الانقياد .
وكان من أدب أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم ما كانوا يُكثرون عليه السؤال .
قال ابن عباس رضي الله عنهما : ما رأيت قوما خيرا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ما سألوه إلاَّ عن ثلاث عشرة مسألة كلهن في القرآن (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ) ، (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ) ، (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى) ، ما كانوا يسألون إلاَّ عمّا ينفعهم .
وقد تكون الحكمة مما نُصّ عليه في النص ، فلا يحتاج حينئذ إلى السؤال عنها .
وقد ذَكَر المفسِّرون أن سؤال الملائكة لله عزّ وجلّ في (أَتَجْعَلُ فِيهَا) ، إنما هو سؤال عن الحكمة .
وكان السؤال عن الحكمة وارد في زمن الصحابة فمن بعدهم .
مثل السؤال عن الحكمة في جعل عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرا ، بينما عِدّة المطلقة ثلاث حيضات .
ومثل السؤال عن الحكمة في بقاء تلاوة ما نُسِخ حُكمًا .
والحكمة من التقديم والتأخير في القرآن الكريم .
ومثله السؤال عن الحكمة من خَلْق إبليس .
والحكمة من خَلْق ذوات السموم ، ومِن وُجود الكُفّار .
وقد تكلّم ابن القيم رحمه الله وأطال في معرفة الْحكمة من ذلك ، خاصة في كتابيه " شفاء العليل " و " مفتاح دار السعادة " .
وقال في " بدائع الفوائد " : مسألة : " سلام عليكم ورحمة الله " في هذا التسليم ثمانية وعشرون سؤالا .. ثم أوردها وأورد السؤال عن حِكم كثيرة في هذا .
وفائدة معرفة الْحِكْمة زيادة الإيمان ، والركون إلى الْحُكْم ، والعلم اليقيني بأن الله حكيم عليم .
ويُمكن أن يُستغلّ هذا الأمر في الدعوة إلى الله ، وإقناع الكافر وإفحام المعاند .
إلاّ أن ذلك لا يتوقفّ على معرفة الحكمة ، فقد تكون الحكمة تعبّدية ، أو غير معلومة ، فيجب الإيمان والانقياد ، سواء عُرفت الحكمة أو جُهِلت .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد