شرح أحاديث عمدة الأحكام
الحديث الـ 120 في ستر الكتف في الصلاة
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : لا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ .
في الحديث مسائل :
1= المقصود بالعاتِق : في لسان العرب : العاتق : ما بين المنكب والعنق .
2= الحكمة في النهي :
قال النووي : قال العلماء : حِكمته أنه إذا ائتزر به ولم يكن على عاتقه منه شيء لم يُؤمَن أن تنكشف عورته ، بخلاف ما إذا جعل بعضه على عاتقه ، ولأنه قد يحتاج إلى إمساكه بيده أو يديه فيُشغل بذلك وتفوته سُنة وضع اليد اليمنى على اليسرى .
3= النهي للكراهة
روى البخاري من طريق محمد بن المنكدر قال : رأيت جابر بن عبد الله يُصلي في ثوب واحد . وقال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يُصلِّي في ثوب .
وروى عن عمر بن أبي سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في ثوب واحد قد خالَف بين طرفيه .
وفي رواية له قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب واحد مشتملا به في بيت أم سلمة واضعا طرفيه على عاتقيه .
وروى من طريق محمد بن المنكدر قال : صلى جابر في إزار قد عَقَده من قِبَل قَفَاه ، وثيابه موضوعة على المشجَب . قال له قائل : تُصلي في إزار واحد ؟ فقال : إنما صنعت ذلك ليراني أحمق مثلك ! وأيّـنا كان له ثوبان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ؟!
قال ابن حجر : والغرض بيان جواز الصلاة في الثوب الواحد ، ولو كانت الصلاة في الثوبين أفضل ، فكأنه قال : صنعته عمدا لبيان الجواز ، إما ليقتَدِي بي الجاهل ابتداء ، أو يُنْكِر عليّ فأعلمه إن ذلك جائز . وإنما اغلظ لهم في الخطاب زجرا عن الإنكار على العلماء ، ولِيحثّهم على البحث عن الأمور الشرعية . قوله : وأينا كان له ؟ أي كان أكثرنا في عهده صلى الله عليه وسلم لا يملك إلا الثوب الواحد ، ومع ذلك فلم يُكلَّف تحصيل ثوب ثان ليصلي فيه ، فَدَلّ على الجواز .
4= الأفضل والأكمل أن لا يُصلي المصلي إلا وعلى عاتقه شيء ، فإن صلى وقد ستر عورته صحّت صلاته .
كتبه
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم