نسمات الفجر
الصورة الرمزية نسمات الفجر

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 19
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 3,356
بمعدل : 0.65 يوميا

نسمات الفجر غير متواجد حالياً عرض البوم صور نسمات الفجر


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم السنـة النبويـة
افتراضي هل حديث : " اطلبوا الحوائج بِعزّة النفس " صحيح ؟
قديم بتاريخ : 08-08-2018 الساعة : 08:47 PM


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وفقكم الله وبارك الله فيكم شيخنا الجليل
هل هذا الحديث النبوي صحيح (اطلبوا الحوائج بعزة النفس )
جزاكم الله خيرا
_____________________________________


الجواب :

عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .

رواه تمّام في " الفوائد " والضياء المقدسي في " المختارة " وإسناده ضعيف .
وضعّفه العجلوني والألباني .
وقال العجلوني : لكن يُقوّيه ما رواه الطبراني وأبو نُعيم مِن حديث أبي أمامة : إن رُوح القدس نفث في رُوعي : لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها ، فاتقوا الله وأجْمِلوا في الطَّلَب . اهـ .

ومعناه صحيح ؛ فإن المسلم مأمور بِعِزّة النفس ، مَنهِيّ عن أن يُذلّ نفسه .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَن يَستعفف يُعفّه الله ، ومَن يَستغن يُغنه الله ، ومَن يتصبّر يُصبّره الله ، وما أُعطي أحد عطاء خيرا وأوسع مِن الصبر . رواه البخاري ومسلم .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ينبغي للمؤمن أن يُذلّ نفسه . قالوا : وكيف يُذلّ نفسه ؟ قال : يتعرض مِن البلاء لِمَا لا يُطيق . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه والبيهقي في " شُعب الإيمان " ، وصححه الألباني ، وقال الأرنؤوط : حديث حَسن بِشاهِدِه .


وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم عزيز النفس .
قال أبو بكر قبل الهجرة : يا رسول الله إن عندي ناقتين أعددتهما للخروج ، فَخُذ إحداهما . قال : قد أخذتها بِالثَّمَن . رواه البخاري .

ولَمّا أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يَبني مسجده قال : يا بني النجار ثامِنُوني بحائطكم هذا . قالوا : لا والله لا نطلب ثَمنه إلاّ إلى الله . رواه البخاري ومسلم .
فقوله صلى الله عليه وسلم : ثامِنُوني بحائطكم ، أي : بِيعوني إياه بالثمن . فلم يَطلب منهم أن يتبرّعوا به .

وكان أبو بكر رضي الله عنه عزيز النفس ، ليس لأحد عليه فَضْل .
قال تعالى : (وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى)
قال الشيخ السعدي : أي : ليس لأحدٍ مِن الخلق على هذا الأتقى نعمة تجزى إلاّ وقد كافأه بها ، وربما بَقِي له الفضل والْمِنّة على الناس ، فتَمَحّض عبدًا لله ، لأنه رقيق إحسانه وحده ، وأما مَن بَقي عليه نعمة للناس لم يَجزها ويُكافئها ، فإنه لا بُدّ أن يترك للناس ، ويفعل لهم ما ينقص إخلاصه .
وهذه الآية - وإن كانت مُتناولة لأبي بكر الصديق رضي الله عنه ، بل قد قيل إنها نزلت في سببه ، فإنه رضي الله عنه ما لأحدٍ عنده مِن نعمة تُجزى ، حتى ولا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلاّ نعمة الرسول صلى الله عليه وسلم التي لا يمكن جزاؤها ، وهي نعمة الدعوة إلى دين الإسلام ، وتعليم الهدى ودِين الحق ، فإن لله ورسوله الْمِنّة على كل أحد مِنّة لا يمكن لها جزاء ولا مقابلة - فإنها مُتناولة لكل مَن اتَّصَف بهذا الوَصف الفاضل ، فلم يَبقَ لأحدٍ عليه مِن الخلق نِعمة تُجزى ، فَبَقِيَت أعماله خالصة لوجه الله تعالى .
ولهذا قال : (إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأعْلَى وَلَسَوْفَ يَرْضَى) هذا الأتقى بما يُعطيه الله مِن أنواع الكرامات والمثوبات ، والحمد لله رب العالمين . اهـ .

قال الإمام البخاري : باب الانتصار مِن الظالِم ؛ لقوله جَلّ ذِكْره : (لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا) ، (وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمْ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ) . قال إبراهيم : كانوا يَكرهون أن يُسْتَذَلّوا فإذا قَدَروا عَفوا .
وقال ابن رجب : وقال مجاهد : كانوا يَكرهون للمُؤمِن أن يُذلّ نفسه ، فيَجْتَرئ عليه الفُسّاق ، فالمؤمن إذا بُغِي عليه يُظهِر القدرة على الانتقام ، ثم يعفو بعد ذلك ، وقد جَرى مثل هذا لِكثير مِن السلف ، منهم قتادة وغيره . اهـ .

وقد نصّ العلماء على أن الإنسان لو لم يَجِد ماء مِن أجل الوضوء إلاّ أن يُذلّ نفسه ، فإنه يتيمم ولا يُذلّ نفسه .

وأوْصَى قَيْس بن عَاصم السَّعْدِي رضي الله عنه بَنِيه حين حضرته الوفاة ، فقال : أصلحوا عيشكم ؛ فإن فيه غِنى عن طلب الناس ، وإياكم والمسألة ، فإنها آخر كَسْب الْمَرء . رواه البخاري في " الأدب المفرَد " ، وقال الألباني : حسن لغيره .

وكان العقلاء يَنهَون عن اتِّبَاع الهوى ؛ لِمَا فيه مِن إذلال الإنسان نفسه طاعة لِهواها !
قال الماوَردي : وأما الْهَوى فهو عن الخير صادّ ، وللعقل مُضادّ ؛ لأنه يُنتج مِن الأخلاق قبائحها ، ويُظهر من الأفعال فضائحها ، ويَجعل سِتر المروءة مَهتُوكا ، ومَدخل الشر مَسلُوكا . قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : الهوى إلَه يُعبد مِن دون الله ، ثم تَلا : (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ) ...
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : اقْدَعُوا هَذِهِ النُّفُوسَ عَنْ شَهَوَاتِهَا فَإِنَّهَا طَلاعَةٌ تَنْزِعُ إلَى شَرِّ غَايَةٍ . إنَّ هَذَا الْحَقَّ ثَقِيلٌ مَرِيٌّ ، وَإِنَّ الْبَاطِلَ خَفِيفٌ وَبِيٌّ ، وَتَرْكُ الْخَطِيئَةِ خَيْرٌ مِنْ مُعَالَجَةِ التَّوْبَةِ ، وَرُبَّ نَظْرَةٍ زَرَعَتْ شَهْوَةً ، وَشَهْوَةِ سَاعَةٍ أَوْرَثَتْ حُزْنًا طَوِيلا .
وقال أعرابي : الْهَوَى هَوَانٌ وَلَكِنْ غُلِط بِاسْمِهِ !
وقيل في مَنثور الْحِكم : مَن أطاع هواه أعطى عدوّه مُناه .
وقال بعض الحكماء : العقل صديق مقطوع ، والهوى عدو متبوع .
وقال هشام بن عبد الملك بن مروان :
إذا أنت لم تَعصِ الْهَوى قادَك الْهَوى ... إلى كل ما فيه عليك مَقال
فلما كان الْهَوى غالبا وإلى سبيل المهالك مُورِدا جُعل العقل عليه رَقيبا مُجاهدا يلاحظ عَثرة غَفلته ، ويَدفع بادِرة سَطوته ، ويَدفع خِداع حِيلته ؛ لأن سلطان الْهَوى قَويّ ، ومَدخَل مَكرِه خَفيّ . ومِن هذين الوجهين يُؤتى العاقل حتى تَنفُذ أحكام الْهَوى عليه أعني بأحَدِ الوَجْهين : قوة سُلطانه ، وبالآخر : خَفاء مَكْرِه . اهـ .

ولأن الإنسان إذا احتاج إلى الناس أصابه نوع مِن الذلّ .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : قيل: اسْتَغْنِ عمّن شئت تَكُن نظيره ، وأفْضِل على مَن شئت تَكُن أميره ، واحتج إلى مَن شئت تَكُن أسِيره .
وقال أيضا : العبد لا بُدّ له مِن رِزق ، وهو محتاج إلى ذلك ، فإذا طلب رِزقه مِن الله صار عبدا لله ، فقيرا إليه ، وإن طلبه مِن مخلوق صار عبدًا لذلك المخلوق ، فقيرا إليه . اهـ .

وكان أهل الجاهلية على جَهلهم يأبَون الضَّيْم !
قال عنتر :
لا تَسْقِني ماءَ الحياةِ بذِلَّةٍ *** بلْ فاسْقني بالعزِّ كاس الحنْظل

قال القاضي أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني :
وما زلتُ منحازا بِعِرضِي جانبا ... مِن الذّل أعتدّ الصيانة مَغنَما
إذا قيل هذا مشربٌ قلت : قد أرى ... ولكن نَفْس الْحُرّ تحتمل الظَّما
أُنَهنِهها عن بعض ما لا يشينها ... مَخافة أقوالِ العِدى فيمَ أو لِمَ ؟
فأصبح مِن عتب اللئيم مُسلّما ... وقد رحت في نفس الكريم مُكرّما
يقولون لي فيك انقباضٌ وإنما ... رأوا رجلاً عن موقف الذل أحجَما
أرى الناس مَن داناهم هان عندهم ... ومَن أكرمتهُ عِزّة النفس أُكْرِما
ولم أقض حقَّ العلم إن كان كلما ... بدا طمعٌ صيّرته لي سُلّما
ولم أبتذل في خدمة العلم مُهجتي ... لأخدمَ من لاقَيتُ لكن لأُخدَما
أأشقى به غرسا وأجنيه ذلةً ... إذا فاتّباع الجهل قد كان أحزما
ولو أن أهل العلم صانُوه صانهم ... ولو عَظّموه في النفوس لعُظّما
ولكن أهانوه فهانُوا ودَنّسوا ... مُحيّاه بالأطماع حتى تَجَهّما

واستثنى العلماء مِن إذلال النفس : طَلب العِلم وسؤال أهل العِلْم .
قال ابن عباس رضي الله عنهما : ذَلَلْتُ طَالِباً ، فَعَزَزْتُ مَطْلُوبا .
وقال ابنُ القيمِ : سُؤالُ النَّاسِ عيبٌ وَنقصٌ فِي الرَّجُلِ وذِلَّةٌ تنَافِي الْمُرُوءَةَ إلاَّ فِي الْعِلْم .

وخلاصة القول ما قاله أولو الفضل : اسْتَغْنِ عمّن شئت تَكُن نظيره ، وأفْضِل على مَن شئت تَكُن أميره ، واحتَجْ إلى مَن شئت تَكُن أسِيره .

قال فتح الله بن محمود الحلبي :
إذا ما احتجت في أمرٍ لشخص ... تكن في أسْره بمقام ذلك
وإن تستغنِ عنه تكن أميرا ... وما المملوك في أمْرٍ كَمَالِك


وسبق الجواب عن :
هل يجوز قول أرجوك وأتوسل إليك لشخص ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=15703

ما حُكم جمع أموال الناس لأجل الأعمال الخيرية ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14732

ما صحة قصة العبارة (زدني ضربا وزدني علما) التي حصلت في مجلس الإمام مالك ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=5286

كيف نربي بناتنا على الدِّين ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=15289

تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها ، هل هو حديث، وما معناه ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=20841

خُطبة جمعة عن .. (الاستعفاف عن المسألة)
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14733

وبالله تعالى التوفيق .

المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قول الفقهاء: " تميل إليه النفس" أو "تطمئن إليه النفوس" جوزي أبو عثمان قسـم الأراشيـف والمتابعـة 0 30-07-2016 08:00 AM
هل حديث : "لا عدوى ولا طيرة "صحيح ؟ وما معناه ؟ نسمات الفجر قسـم السنـة النبويـة 0 26-10-2013 03:08 PM
حديث عن علامات يوم القيامة تم عزوه إلى كتاب "رياض الصالحين " فهل هذا صحيح؟ ناصرة السنة قسـم السنـة النبويـة 0 13-10-2012 04:41 PM
هل حديث (( إنها نومة اهل النار ))"النوم على البطن" صحيح؟ ناصرة السنة قسـم السنـة النبويـة 0 08-03-2010 06:53 PM
"""دعاء الحوائج الدنيوية والرزق"" ناصرة السنة إرشـاد الأدعـيــة 0 21-02-2010 12:00 PM

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 10:46 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى