ما الرد على من ينكر الإسناد ويقول لا حاجة لنا به وأنه يشبه عمل اليهود ؟
بتاريخ : 08-04-2016 الساعة : 05:42 AM
السلام عليكم و رحمة الله شيخنا الحبيب قد قال لي بعض الإخوة أن هناك شخص (أظن في روسيا أو باكستان) اسمه شعيب الميداني ينكر الإسناد بين أئمة الإسلام قائلا أن هذه العادة من عمل اليهود
و كذلك يقول بعدم الحاجة إلى الإجازة و أن الإنسان يأخذ العلم هكذا من الكتاب و السنة فيترقى
ما تعليقكم شيخنا الحبيب؟
و عندنا أتباعه يدافعون عنه
بارك الله فيكم
إن كان يقصد في الأزمنة المتأخّرة ؛ فإبْقاء السَّند مُجرّد شَرَف ، وإلاّ فالإسناد المتأخّر لا يزيد القراءة ثبوتا ، ولا الأحاديث صِحّة .
ولذا يَرى العلماء علماء الجرح والتعديل أنه انقَطَع بعد القرن الرابع الهجري ؛ لانتهاء الحاجة إليه ، بعد تدوين السنة في القرن الثالث وأوائل القرن الرابع ، وما بعد ذلك فإن الأسانيد إنما أُبْقِيت لِشَرف هذه الأمة بِبقاء الإسناد إلى نَبِيِّها صلى الله عليه وسلم .
والإسناد شَرَف لهذه الأمّة ، وهو مما اخْتَصّت به هذه الأمّة ، وليس مِن خصائص سائر الأمم .
قال ابن حزم : كثير مِن نقل اليهود - بل هو أعلى ما عندهم - إلاّ أنهم لا يَقربون فيه مِن مُوسى كَقُرْبِنا فيه من محمد صلى الله عليه وسلم ، بل يَقِفُون ولا بُدّ حيث بينهم وبين موسى عليه السلام أزيد من ثلاثين عصرا في أزيد من ألف وخمسمائة عام ، وإنما يَبْلُغون بالنَّقْل إلى هلال وشماني ومرعقيما وأمثالهم ، وأظن أن لهم مسألة واحدة فقط يروونها عن حَبر مِن أحبارهم عن نبي مِن مُتأخّري أنبيائهم أخذها عنه مُشافهة في نكاح الرجل ابنته إذا مات عنها أخوه .
وأما النصارى فليس عندهم مِن صفة هذا النقل إلاّ تحريم الطلاق وحده فقط ، على أن مَخْرَجه مِن كَذّاب قد صَحّ كذبه . اهـ .
وأما إذا كان يقصد الأسانيد التي رُويَت بها السُّنّة مِن زمن النبي صلى الله عليه وسلم وزَمن الصحابة رضي الله عنهم وزَمن التابعين ومَن بعدهم إلى وقت تدوين السُّنّة ؛ فإنه لا يُنكِر هذا إلاّ جاهِل بِقَدر الأسانيد ، وبِقَدْر أئمة الإسلام ، ونقدهم لأسانيد ومُتون الأحاديث .
ولا يطعن في السُّنّة ورُواة الأحاديث إلاّ زِنديق ، كما قال أبو زُرعة الرازي رحمه الله : إذا رأيت الرجل ينتقص أحدًا مِن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعْلم أنه زِنديق ، وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق والقرآن حق ، وإنما أدّى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليُبْطِلوا الكتاب والسنة ، والْجَرح بِهم أولى ، وَهُم زنادقة .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية عن الصحابة رضي الله عنهم : فإن القَدْح في خير القرون الذين صَحِبُوا الرسول صلى الله عليه وسلم قَدْحٌ في الرسول عليه الصلاة والسلام ... فهؤلاء الذين نَقَلُوا القرآن والإسلام وشرائع النبي صلى الله عليه وسلم . اهـ .
لأن الإسناد مما حُفِظت به نصوص الوحيين ، كما قال الإمام عبد الله بن المبارك : الإسناد مِن الدِّين ، لولا الإسناد إذا لَقال مَن شاء ما شاء !
ولم يَصِلنا القرآن ولا بَلَغَتنا السُّنّة إلاّ عن طريق الأسانيد .
فالطّعن في الأسانيد عموما طَعن في الكِتاب وفي السُّنّة .
ولا يُمكن أن يأخذ الإنسان العِلْم مِن الكِتاب والسُّنّة بِمُفْرَده ، وإلاّ لأصبح الناس كلهم علماء ! ولَمَا احتاجوا إلى العلماء ، وقد أمَر الله تبارك وتعالى بِسُؤال أهل العِلْم ، والرجوع إليهم ، والصّدور عنهم .
قال الله تعالى : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) ، وقال عَزّ وَجَلّ : (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) ، والعلماء هم الذين يَستَنْبِطون ويَستخرِجُون الأحكام من النصوص .
قال الإمام القرطبي في قوله تعالى : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) : فأمَرَ تَعَالى بِرَدّ المتنازَع فيه إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وليس لغير العلماء معرفة كيفية الرَّدّ إلى الكتاب والسنة ، ويدل هذا على صحة كون سؤال العلماء واجبا ، وامتثال فتواهم لازِما .
وفي تفسير قوله تعالى : (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلا) .
قال رحمه الله : (لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) أي : يَسْتَخْرِجُونه ، أي : لَعَلِمُوا ما ينبغي أن يُفْشَى منه ، وما يَنبغي أن يُكْتَم . اهـ .
ما الرد على من ينكر الإسناد ويقول لا حاجة لنا به وأنه يشبه عمل اليهود ؟
العرض العادي
