عبق
عضو مميز
رقم العضوية : 8
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : في أرض الله الواسعة
المشاركات : 1,788
بمعدل : 0.35 يوميا

عبق غير متواجد حالياً عرض البوم صور عبق


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم المقـالات والـدروس والخُطب
افتراضي المهندس الإيطالي ... والإبداع
قديم بتاريخ : 06-02-2010 الساعة : 04:59 PM



أنت مـُـبدع ... !!! وأنتِ مـُبدِعـة ...!!!

قال ابن القيم _ رحمه الله _ :
( مبدع الشيء وبديعه ) لا يصح إطلاقه إلا على الرب ، كقوله : ( بديع السماوات والأرض )
والإبداع : إيجاد المبدَع على غير مثال سَبق .
انتهى كلامه _ رحمه الله _ .
وقال شيخه ( أعني شيخ الإسلام ابن تيمية ) _ رحمه الله _ ( قال عن رب العـزة سبحانه ) :
مبدعٌ للسماوات والأرض ، والإبداع خلق الشيء على غير مثال ، بخلاف التولد الذي يقتضي تناسب الأصل والفرع وتجانسهما ، والإبداع خلق الشيء بمشيئة الخالق وقدرته مع استقلال الخالق به وعدم شريك له .
وقال _ رحمه الله _ :
وأما مبدع العالم فهو المبدع لأعيانه وأعراضه وحركاته ، فليس له نظير ، إذ هو سبحانه ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله .
انتهى كلامه _ رحمه الله _ .

فالله هو المُبدِع ، وأما المخلوق فَـمُـبْـدَع ( بفتح الدّال ) .

وقد اطـّـلعتُ على كتاب ألـّـفه وجمعه مهندس إيطالي ، يعمل في مجال الهندسة الإنشائية المعمارية ، وقد صمم عدداً من أبنية المساجد في أوربا .
جمع فيه مؤلفه مجموعة من الصور .
وكانت تلك الصور لأشجار وأزهار وحيوانات وقواقع بحرية ... إلخ
ثم أتى بما يُـقابلها من بنايات ومناظر جمالية رسمها الإنسان أو خطـّـتها يد مهندس .
وكان من تلك الصور الأخيرة : صور لبنايات ومنها ناطحات سحاب ، صور لمناظر جمالية ، صور لأبراج عالية ، صور لأماكن مختلفة ... إلخ .

ولما يُجري مُقارنة ويُـناظر بين الصورتين بأن يجعل الأصل في صفحة ويُقابله بالصورة في الصفحة المقابلة يظهر التقليد وتتبيّن المحاكاة .
فالأصل هو إبداع الباري سبحانه .
والصورة تقليد الإنسان ومحاكاته .

تعجّبت كيف أن المهندسين لا يُبدعون في شيء مما صمموه ، وإنما يُحاكون ما يرونه في حياتهم اليومية ، أو من عبر نافذة طائرة ، أو من خلال رحلة بريّة ... إلى غير ذلك .
فعلمت أن ذلك المهندس الإيطالي كان يستوحي أفكاره مما أبدعه بديع السماوات والأرض سبحانه وتعالى .

وإن كان غيره أخفى ( إيحاءاته ) فهو قد أبداها وأظهرها في كتاب ضخم .
فلم يـَعُـد للإنسان دور سوى التقليد والمحاكاة .

وهناك أنواع من الطائرات قد وُضعت فكرتها نتيجة مشاهدة حركات طير أو طيرانه .
فالطائرات المروحية _ مثلاً _ مستمدة فكرتها من حركات وطيران ووقوع تلك الحشرة الصغيرة ذات الذيل الطويل ، والتي تعيش في المزارع قرب المياه .
ورأيت شريطا مرئيا عن ( سلوك الإحتيال عند الحيوان ) وكان مما فيه :
حركات واحتيال طائر ( الفريقيت ) ومنه أخذت فكرة طائرات ( الفريقيت ) فأخذوا الفكرة من ذلك الطائر وطريقته في الطيران بل سموا تلك الطائرات باسمه !!
بل إن فكرة الطيران أساساً قد أُستـُـمدّت من الطير بجناحيه وذيله !
كما إن أجهزة المراقبة ( الرادار ) صُـنعت تقليدا لذلك الطائر الليلي الأعشى ( الخفاش ) وما وهبه الله من ذبذبات ترتدّ عليه إذا اصطدمت تلك الذبذبات بأجسام صلبة .

ثم تأمل بعض الشاحنات وقد وُضِع على جنبيها قرون !! تراها تقليدا لقرون الاستشعار في بعض الحشرات !! حيث تتلمّس فيها وتتحسس الأشياء من حولها .

أجـِـل بطرفك وتأمل من حولك في البيوت والمصنوعات والبنايات وغيرها تجد هذا ظاهراً في كثير من الأحيان .
ترى ( صنع الله الذي أتقن كل شيء ) .

ثم تأمل :
( ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور * ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير )

ومهما أوتي البشر من قوة فلن يستطيعوا إيجاد مادة أو إبداعها على غير مثال سابق ، فغاية ما في الأمر أن يُفرّقوا بين أجزاء المادة أو يجمعوا بين عناصر مادتين .
فالله عز وجل خلق الإنسان من طين ، وجعل هذه المادة بين أيديهم ، فأي شيء عملوا فيها أو عملوا منها ؟؟
إن كل ما يستطيعه البشر _ مهما أوتوا من عِلم _ أن يأخذوا حيوانا منويا ويؤلـّـفوا بينه وبين آخر .
أما أن يوجدوا حيوانا منويا _ لا يُرى بالعين المجردة _ فهم أضعف وأذلّ .

لقد تحدّى الله البشرية أن تخلق حشرة صغيرة حقيرة ( إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له ) بل هم أضعف من تلك الحشرة ( وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ) لما وهب الله لتلك الحشرة من خاصية في لعابها تقوم على تحويل المواد الممضوغة إلى مادة أخرى تختلف بتركيبها عن المادة الأصلية .
فسبحان من خلق فأبدع ... ( سبحان ربك رب العزة عما يصفون )
سبحان من خلق الأكوان من عدم **** وعمـّـها منه بالإفضال والمنـنِ

ألم تر إلى صنع الله الذي أتقن كل شيء في كِلية الإنسان ، كيف إذا أصيب الإنسان بفشل كلوي ؟
غاية ما يستطيعون أن يفعلوه أن يأتوا له بكلية إنسان آخر .
وقبل ذلك يستطيعون تصفية الدم من شيء الشوائب ويُحجب المريض عن كثير من الأشربة رغم أن عملية التنقية تُعمل له مرة أو مرتين في الأسبوع .
فسبحان من ركّبها فيك على غير مثال سابق ، وجعلها تعمل ليل نهار .
(
يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَة مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ) ؟؟

فإذا أجاد الطالب أو الطالبة في مادة أو في رسم أو تصوير أو فكرة فلا يُقال له ( مُبدِع ) بل يُقال : إنه أجاد وأفاد وبرز في هذا الجانب ونحوها من الكلمات .
ومثله كلمة تتكرر كثيرا ، وهي قولهم : قتل الإبداع !!

وعذراً على الإطـــــالة .

المجيب الشيخ/ عبد الرحمن السحيم


إضافة رد


أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 12:03 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى