نسمات الفجر
الصورة الرمزية نسمات الفجر

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 19
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 3,356
بمعدل : 0.65 يوميا

نسمات الفجر غير متواجد حالياً عرض البوم صور نسمات الفجر


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : شرح أحاديث عمدة الأحكام
افتراضي الحديث الـ 255 في الْمُحْرِمِ يأْكلُ مِمّا صاده غير الْمُحرِم
قديم بتاريخ : 26-08-2018 الساعة : 05:41 AM

الحديث الـ 255 في الْمُحْرِمِ يأْكلُ مِمّا صاده غير الْمُحرِم

بابُ الْمُحْرِمِ يأْكلُ مِن صيدِ الحلالِ
عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم خَرَجَ حَاجّا ، فَخَرَجُوا مَعَهُ ، فَصَرَفَ طَائِفَةً مِنْهُمْ - فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ - وَقَالَ : خُذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ , حَتَّى نَلْتَقِيَ ، فَأَخَذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا أَحْرَمُوا كُلُّهُمْ إلاَّ أَبَا قَتَادَةَ فَلَمْ يُحْرِمْ . فَبَيْنَمَا هُمْ يَسِيرُونَ إذْ رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ ، فَحَمَلَ أَبُو قَتَادَةَ عَلَى الْحُمُرِ ، فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانا فَنَزَلْنَا فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهَا ، ثُمَّ قُلْنَا : أَنَأْكُلُ لَحْمَ صَيْدٍ , وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ ؟ فَحَمَلْنَا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا ، فَأَدْرَكْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ ؟ فَقَالَ : مِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا , أَوْ أَشَارَ إلَيْهَا ؟ قَالُوا : لا . قَالَ : فَكُلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا .
وَفِي رِوَايَةٍ : قَالَ : هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ ؟ فَقُلْت : نَعَمْ . فَنَاوَلْتُهُ الْعَضُدَ , فَأَكَلَ مِنْهَا .

فيه مسائل :

1= هذا الحديث في بابِ الْمُحْرِمِ يأْكلُ مِن صيدِ الحلالِ ، أي : ما حُكم أكْل الْمُحرِم - الذي حَرُم عليه الصيد – مما صادَه غير الْمُحرِم ، وهو المراد بِقوله : الْحَلال ، أي : الْمُحِلّ الذي لم يُحرِم بِحَجّ ولا بِعُمْرَة .

2= فيه أنه يَحْرُم على الْمُحْرِم صيد البَرّ .
قال الله تبارك وتعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ)

3= المقصود بالصيد هنا : صَيْد البَرّ ، لأن صَيْد البَحْر لا يَحرُم على الْمُحرِم صيده بِنَصّ الآية : (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) .
ويجوز لِغير الْمُحرِم صيد الصّيْد ما لم يَدخُل الْحَرَم ؛ فالصّيْد إذا دَخَل الْحَرَم حَرُم صَيْده ، وحرُم تنفيره مِن الْحَرَم .
قال ابن قدامة : صَيْدَ الْحَرَمِ حَرَامٌ عَلَى الْحَلالِ وَالْحَرَامِ .
وتقدّم هذا في الحديث الـ 223 في حُرمة مكة .

4= كان هذا في عُمرة ، ولم يَكن في حَجّة النبي صلى الله عليه وسلم .
ففي رواية لمسلم : أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَزْوَةَ الْحُدَيْبِيَةِ قَالَ : فَأَهَلُّوا بِعُمْرَةٍ غَيْرِي ، قَالَ : فَاصْطَدْتُ حِمَارَ وَحْشٍ ، فَأَطْعَمْتُ أَصْحَابِي وَهُمْ مُحْرِمُونَ ، ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَأَنْبَأْتُهُ أَنَّ عِنْدَنَا مِنْ لَحْمِهِ فَاضِلَةً فَقَالَ : كُلُوهُ ، وَهُمْ مُحْرِمُونَ .

5= الْجَمْع بين روايات الحديث : أنه قال : كُلُوه ، وأنه عليه الصلاة والسلام أكَلَ مِنه ، وأنه أذِن لهم في الأكل ، وأكَل تَطييبا لِنفُوسِهم ، وتأكِيدا لِطِيبِه وحِلِّه .

6= قوله : " فَقَالَ : مِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا , أَوْ أَشَارَ إلَيْهَا ؟ قَالُوا : لا . قَالَ : فَكُلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا " .
لَو أعان الْمُحْرِم غير الْمُحْرِم ، ولو بالإشارة ، لم يَجُز له أن يَأكُل منه .

7= يُؤكِّد هذا المعنى قول أبي قتادة في رواية : والقوم مُحْرِمُون وأنا غير مُحْرِم ، فأبْصَرُوا حِمَارًا وَحْشِيًّا ، وأنا مشغول أخصِف نعلي ، فلم يُؤذِنوني به ، وأحَبّوا لو أني أبْصَرْته ، والْتَفَتّ فأبْصَرته ، فَقُمْتُ إلى الفَرَس فأسْرَجْته ، ثم رَكِبت ونَسِيت السّوْط والرّمح ، فقلت لهم : نَاوِلُوني السّوط والرّمح ، فقالوا : لا والله ، لا نُعِينك عليه بِشيء ، فغَضِبت فَنَزَلتُ فأخذتهما ، ثم رَكِبْتُ فَشَدَدت على الْحِمَار فَعَقَرْته . رواه البخاري ومسلم .
فالْمُحرِمون لم يُشِيروا إلى الصيد ، ولم يُعِينوا غير الْمُحرِم بشيء .

8= شِدّة امتثال الصحابة رضي الله عنهم ، ونجاحهم في امتحان الإيمان بالغيب ، وتَرْك ما تُحبّه نفوسهم امتثالا لأمْر الله تبارك وتعالى .
قال الله تبارك وتعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ) .
بينما أخْفَق اليهود في امتحان الإيمان بالغيب ، وامتثال الأمر في الصيد .
قال الله عَزّ وَجَلّ : (وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ) .

9= مَوْضِع الصّيْد :
في رواية لِمسلم : حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْقَاحَةِ ، فَمِنَّا الْمُحْرِمُ وَمِنَّا غَيْرُ الْمُحْرِمِ .
قال النووي : ( القاحة ) بالقاف وبالحاء المهملة المخففة ، هذا هو الصواب المعروف في جميع الكتب ، والذي قاله العلماء مِن كل طائفة ، قال القاضي : كذا قَيّدها الناس كلهم ... وهو وادٍ على نحو مِيل مِن السّقيا ، وعلى ثلاث مَرَاحِل مِن المدينة .

10= فيه جواز مُجاوَزَة الميقات مِن غير إحْرَام لِمَن لَم يَنْو الحج ولا العُمرة .
وهذا سبق في شرح الحديث الـ 226 في دخول مكة مِن غير إحرام .

11= الْجَمْع بين ما في هذا الحديث وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم قولا وفِعلا في أكْل الْمُحرِمِين مِن صَيْد البَرّ ، والامتناع عن أكل صَيْد البَرّ كما في حديث الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ رضي الله عنه :
وهو أنه يجوز للْمُحْرِم أن يَأكُل مما لم يُصَد لأجْله ، ولا أعان عليه ، ولا أمَر به ؛ وأنه إنما يَحْرُم عليه مِن صَيْد البَرّ ما صِيد لأجْله ، أو أعان عليه ، أو أمَر به .
ولا يجوز للْمُحرِم أن يَأكُل ما صِيد لأجْله ، أو أعان عليه ، أو أمَر به .
قال النووي : ما صَادَه الْمُحْرِم أو صَادَه له حَلال بِأمْرِه أو بِغير أمْرِه أو كان مِن الْمُحْرِم فيه إشارة أو دَلالة أو إعانة بِإعارة آلة أو غيرها ؛ فَلَحْمُه حَرَام على هذا الْمُحْرِم ، فإن صَادَه حَلال لِنَفْسه ولم يَقْصد الْمُحْرِم ثم أهْدَى مِنه للمُحْرِم أو بَاعَه أو وَهَبه ؛ فهو حَلال للمُحْرِم أيضا .
هذا مذهبنا وبه قال مالك وأحمد وداود .

12= وذَهَب جماعة مِن أهل العِلْم إلى تَحريم صيد البحر على الْمُحرِم عموما
قال ابن عبد البر :
والعلماء مُجْمِعُون على أن قَتْل الْمُحْرِم للصّيد حَرَام ، وعليه جَزاؤه ، وأكْله عليه حَرَام .
وهُم مُخْتَلِفُون فيما صَادَه الْحَلال : هل يَحِلّ للمُحْرِم أكْله ، على أقوال :
أحدها : أن أكْل الصَيد حَرام على الْمُحْرِم بِكُلّ حال ، على ظاهر قول الله عَزّ وَجَلّ : (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا) لم يَخصّ أكْلاً مِن قَتْل .
والثاني : أنّ ما صَادَه الْحَلال جاز لمن كان حَلالاً في حِين اصْطِياده مُحْرِما دون مَن كان مُحْرِما مِن ذلك الوقت وقت اصطياده .
والثالث : أنّ ما صِيد لِمُحْرِم بِعَينه جاز لِغَيره مِن الْمُحْرِمِين أكْله ، ولم يَجُز ذلك له وَحْده .
والرابع : أنّ ما صِيد لِمُحْرِم لم يَجُز له ولا لغيره مِن الْمُحْرِمِين أكْله .
وقال آخرون : لَحْم الصّيد مُحَرّم على الْمُحْرِمِين على كل حال ، ولا يجوز لِمُحْرِم أكْل صَيْد البَتّة على ظاهر عموم قوله عزّ وجَلّ : (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا) ... وكذلك كان علي بن أبي طالب وابن عمر لا يَرَيَان أكْل الصّيْد للمُحْرِم ما دَام مُحْرِمًا .

والله تعالى أعلم .

شرح فضيلة الشيخ : عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كيف أستطيع الحُكم على صِحة الحديث إذا اختلفت الآراء حول درجة الحديث ؟ راجية العفو قسـم السنـة النبويـة 0 06-11-2012 09:02 PM
سؤال عن الفرق بين درجات الحديث ، وعن كيفية التعرف على الحديث المكذوب عبق قسـم السنـة النبويـة 0 15-03-2010 10:49 PM

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 03:17 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى