نسمات الفجر
الصورة الرمزية نسمات الفجر

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 19
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 3,356
بمعدل : 0.65 يوميا

نسمات الفجر غير متواجد حالياً عرض البوم صور نسمات الفجر


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسم الخُطب المنبرية
افتراضي خُطبة جمعة عن .. (حقوق وقدر العلماء)
قديم بتاريخ : 18-04-2020 الساعة : 01:17 AM

الْحَمدُ للهِ مُعْلِي قدرَ مَنْ عَلِما ... وجاعِلِ الْعقلَ فِي سُبُلِ الْهُدَى عَلَما
ثمَّ الصَّلاةُ على الْهَادِي لِسُنَّتِهِ ... مُحَمَّدٍ خيرِ مَبْعُوثٍ بِهِ اعْتَصَمَـا

أمَّا بَعْدُ :
فقَدِ استمرأَ فئامٌ مِنَ الناسِ الوقيعةَ في الأعراضِ واستساغُوا مَا لَيسَ بِمُستساغٍ ، واستَهانُوا بالغِيبةِ ، ومَا هِيَ – والله – بِهيّنَةٍ .
وَلَئنْ كانتِ الغيبةُ جُرْمًا كبيرًا في حقِّ عامةِ الناسِ ، فهِيَ في حقِّ العلماءِ أكبرُ إثما وأعظمُ جُرْما ، لِعظيمِ ما يترتّبُ عليها مِنْ إسقاطِ العلماءِ مِنْ أعينِ النَّاسِ ، فَيَتَّخِذُ الناسُ رؤوسا جُهّالا .
ومعلومٌ أنَّ العلماءَ صَمَّامُ أمَانٍ للأُمَّةِ مِنْ أنْ تَضِلَّ الطريقَ ، أو تتخبطَ في دياجيرِ الفِتَنِ ، أو تَتِيهَ في ظُلماتِ التِّيهِ ، أو تتَّبِعَ الأئمةَ الْمُضِلِّين قَالَ تعالى : (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلا) .
قَالَ شيخُنا العثيمينُ : غِيبةُ العلماءِ تُقَلِّلُ مِنْ شأنِ العِلْمِ الذي في صُدورِهِم، والذي يُعَلِّمُونَهُ الناسَ، فلا يَقْبَلُ الناسُ ما يُعطونَهُ مِنَ العِلْمِ ، وهذا ضَرَرٌ على الدِّينِ . اهـ .

والعلماءُ أَمَنَةٌ للأمَّةِ مِنَ الزيغِ ، فإذا ذَهَبَ العلماءُ الراسخِونَ ذَهَبَ العِلْمُ الْمَتِينُ .
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا . رَوَاهُ البُخاريُّ ومسلِمٌ .

وانتشارُ الجهْلِ مِنْ أشراطِ السَّاعةِ .
قَالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ : إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: أَنْ يُرْفَعَ العِلْمُ وَيَثْبُتَ الجَهْلُ، وَيُشْرَبَ الخَمْرُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا . رَوَاهُ البخاريُّ ومسلِمٌ .
وهذا لا يَكونُ إلاّ بِذهابِ العُلمَاءِ .
قَالَ الإمامُ الشَّعْبِيُّ: لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَصِيرَ الْعِلْمُ جَهْلا، وَالْجَهْلُ عِلْمًا .
وقَالَ ابنُ رجَبٍ : وَهَذَا كُلُّهُ مِنِ انْقِلابِ الْحَقَائِقِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ ، وَانْعِكَاسِ الأُمُورِ . اهـ .

والعُلماءُ بِمَنْزِلَةِ النجومِ يَهتَدِي بها السَّالِكُ ، ويَصِلُ إلى مُرَادِهِ .
قَالَ ابنُ القيِّمِ عنِ العُلماءِ : هُمْ فِي الأَرْضِ بِمَنْزِلَةِ النُّجُومِ فِي السَّمَاءِ، بِهِمْ يَهْتَدِي الْحَيْرَانُ فِي الظَّلْمَاءِ ، وَحَاجَةُ النَّاسِ إلَيْهِمْ أَعْظَمُ مِنْ حَاجَتِهِمْ إلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَطَاعَتُهُمْ أَفْرَضَ عَلَيْهِمْ مِنْ طَاعَةِ الأُمَّهَاتِ وَالآبَاءِ بِنَصِّ الْكِتَابِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ... : أُولُو الأَمْرِ هُمْ الْعُلَمَاءُ، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الإِمَامِ أَحْمَدَ . اهـ .

وإلى العلماءِ يُرَدُّ الأمْر .
قَالَ القرطبيُّ في تفسيرِ قولِهِ تَعَالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ) الآيةُ : فأمَرَ تَعَالى بِرَدِّ الْمُتَنَازَعِ فيه إلى كتابِ اللهِ وسُنَّةِ نَبِيِّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَيسَ لغيرِ العُلماءِ مَعرفةُ كَيفيةِ الرَّدِّ إلى الكتابِ والسُّنَّةِ ، ويَدُلُّ هذا على صِحَّةِ كَونِ سؤالِ العُلماءِ وَاجِبًا ، وامْتثالِ فَتْوَاهُم لازِما . اهـ .

أيُّها المؤمِنونَ :
يجِبُ أنْ يُعرَفَ للعَالِمِ حَقُّهُ وقَدْرُهُ ؛ لقولِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ : لَيْسَ مِنْ أُمَّتي مَنْ لَمْ يُجِلَّ كبيرَنا ، ويَرْحَمْ صَغيرَنا ، ويَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ رَوَاهُ الإمامُ أحمدُ . وقَالَ الهيثميُّ : رَوَاهُ أحمدُ والطبرانيُّ في الكبيرِ وإسنادُهِ حَسَنٌ .

عِبادَ اللهِ :
كُلٌّ مُيسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَه ، وهِمَمُ الناسِ تتفاوَت، والناسُ مَشَارِبٌ ، وكُلٌّ يَعْملُ عَلَى شاكِلتِهِ ، وليس مِن شَرْط العَالِمِ أن يكون ضارِبًا في كل غنيمةٍ بِسَهْمٍ ، وليس مِن شرطه أن يكون مُجاهِدا في ساحاتِ الْوَغَى ، ولا عابِدًا في مِحْرَابِه .

ذَكَرَ ابنُ عبدِ البر أنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى الإمام مَالِكٍ يَحُضُّهُ عَلَى الانْفِرَادِ وَالْعَمَلِ وَتَرْكِ مُجَالَسَةِ النَّاسِ فِي الْعِلْمِ وَغَيْرِهِ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَسَّمَ بَيْنَ عِبَادِهِ الأَعْمَالَ كَمَا قَسَّمَ الأَرْزَاقَ ، فَرُبَّ رَجُلٍ فُتِحَ لَهُ فِي الصَّلاةِ وَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ فِي الصَّوْمِ ، وَآخَرَ فَتَحَ اللَّهُ لَهُ فِي الْجِهَادِ وَلَمْ يَفْتَحْ لَهُ فِي الصَّلاةِ ، وَآخَرَ فُتِحَ لَهُ فِي الصَّدَقَةِ وَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ فِي الصِّيَامِ . وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ نَشْرَ الْعِلْمِ وَتَعْلِيمَهُ مِنْ أَفْضَلِ أَعْمَالِ الْبِرِّ ، وَقَدْ رَضِيتُ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ لِي فِيهِ وَقَسَمَ لِي مِنْهُ ، وَمَا أَظُنُّ مَا أَنَا فِيهِ بِدُونِ مَا أَنْتَ فِيهِ مِنَ الْعِبَادَةِ وَكِلانَا عَلَى خَيْرٍ إِنْ شاء الله . اهـ .

على أنَّ تعلُّمَ العِلْم وتعليمه جهاد ، كما قال معاذٌ رضي الله عنه .
ذَكَر ابنُ القيم حديث : " مَن خَرَج فِي طلب الْعلم فَهُوَ فِي سَبِيل الله حَتَّى يرجع .." ، ثم قال : وَإِنَّمَا جعل طلب الْعلم من سَبِيل الله ؛ لأن بِهِ قِوام الإسلام ، كَمَا أن قِوَامه بِالْجِهَادِ ، فقِوام الدّين بِالْعلمِ وَالْجهَاد ، وَلِهَذَا كَانَ الْجِهَاد نَوْعَيْنِ : جِهَاد بِالْيَدِ والسنان ، وَهَذَا المشارِك فِيهِ كثير ، وَالثَّانِي الْجِهَاد بِالْحجَّةِ وَالْبَيَان ، وَهَذَا جِهَاد الْخَاصَّة من اتِّبَاع الرُّسُل ، وَهُوَ جِهَاد الائمة ، وَهُوَ أفضل الجهادين لعظم منفعَته وَشدَّة مُؤْنَته وَكَثْرَة اعدائه. اهـ.


أيها الكرام :
كَاَن يُقَالُ : مَنِ اسْتَخَفَّ بِالعُلَمَاءِ ذَهَبَ دِينُهُ .
قَالَ الإمامُ المجاهِدُ عبدُ اللهِ بنُ الْمُبَارَكِ :
حقٌّ عَلَى العَاقِلِ أَنْ لاَ يَسْتَخفَّ بِثَلاَثَةٍ: العُلَمَاءِ وَالسَّلاَطِيْنِ وَالإِخْوَانِ ؛ فَإِنَّهُ مَنِ اسْتَخَفَّ بِالعُلَمَاءِ ذَهَبَتْ آخِرَتُهُ، وَمَنِ اسْتَخَفَّ بِالسُّلْطَانِ ذَهَبَتْ دُنيَاهُ، وَمَنِ اسْتَخَفَّ بِالإِخْوَانِ ذَهَبَتْ مُرُوءتُهُ .
وقَالَ سَهْلُ بنُ عبدِ اللهِ : لا يَزالُ الناسُ بخيرٍ ما عَظَّمُوا السلطانَ والعلماءَ ، فإذا عَظَّموا هذينِ أصلَحَ اللهُ دنياهمْ وأُخرَاهم ، وإذا استَخَفُّوا بهذينِ أَفْسَدَ دُنياهُم وأُخرَاهُم .

عباد الله :
مَنِ استخَفَّ بالعُلمَاءِ فَفِيهِ شَبَهٌ مِنْ فِرعونَ الذي قَالَ عنْ نبيِّ اللهِ مُوسى عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ : (أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ ) ، وفِرعونُ هو القائلُ عَنْ مُوسى : (فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ) .

أيها المبارَك :
تجنَّب الوقيعةَ في العلماء ، فإنَّ لُحُومَ العلماءِ مسمومة .
قَالَ ابنُ عَسَاكِرَ :
وَاعْلَمْ يَا أخِي وفقنَا اللهُ وَإِيَّاك لمرضاتِهِ ، وجَعَلَنا مِمَّنْ يَخشاهُ ويَتَّقِيه حَقَّ تُقَاتِه : أنَّ لُحُومَ الْعُلمَاءِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِم مَسْمُومَةٌ ، وَعَادَةُ اللَّهِ فِي هتْكِ أَسْتَارِ مُنْتَقِصِيهِم مَعْلُومَةٌ ؛ لأَنَّ الوقيعةَ فِيهِم بِمَا هُمْ مِنْهُ برَاءُ أمْرُهُ عَظِيمٌ ، والتنَاولَ لأعراضِهِم بالزُّورِ والافتراءِ مَرْتَعٌ وَخِيمٌ ، والاختلاقَ على مَنِ اخْتَارَهُ اللَّهُ مِنْهُم لِنَعْشِ الْعِلْمِ خُلُقٌ ذَميمٌ ، والاقتداءَ بِمَا مدَحَ اللَّهُ بِهِ قَولَ الْمُتَّبِعِين مِنَ الاسْتِغْفَارِ لِمَنْ سَبَقَهُمْ وَصْفٌ كَريمٌ ؛ إِذْ قَالَ مُثْنِيًا عَلَيْهِم فِي كِتَابِهِ وَهُوَ بِمَكَارِمِ الأَخْلاقِ وَضِدِّها عَليمٌ (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) ، والارتكابَ لنهِيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الاغتيابِ وَسَبِّ الأَمْوَاتِ جَسيمٌ (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) . اهـ .

فإنْ قيلَ : مَا الدليلُ عَلَى أنَّ لحومَ العُلماءِ مَسمومةٌ ؟
فالجوابُ : أنَّ لُحُومَ عامةِ النَّاسِ مَسمومةٌ مُحرَّمَّةٌ ، بِمَا عُلِمَ مِنْ نُصُوصِ الشَّريعَةِ ، ولُحومُ العلماءِ أعْظَمُ حُرمةً ؛ ولأنَّ العلماءَ وَرَثةُ الأنبياءِ .
قَالَ شيخُنَا العثيمينُ : عُلماءُ الشريعةِ الذين هُمْ وَرَثَةُ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ فإنَّ العلماءَ وَرَثَةُ الأنبياءِ .. وإذا كَانَ الأنبياءُ لَهُمْ حَقُّ التبجيلِ والتعظيمِ والتكريمِ ، فَلِمَنْ وَرِثَهُم نَصيبٌ مِنْ ذلِكَ ، أنْ يُبجَّلَ ويُعظَّمَ ويُكَرَّمَ .. وبتوقيرِ العُلماءِ تُوقَّرُ الشَّريعَةُ ؛ لأنَّهُم حَامِلُوها، وبإهانةِ العُلمَاءِ تُهانُ الشَّريعةُ ؛ لأنَّ العلماءَ إذا ذَلُّوا وَسَقَطوا أمامَ أعينِ الناسِ ذَلَّتِ الشريعةُ التي يَحمِلُونها ، وَلَمْ يَبْقَ لها قيمةٌ عِنْدَ النَّاسِ ، وصارَ كلُّ إنسانٍ يحتقِرُهُم ويزدَرِيهِم ؛ فتضيعُ الشريعةُ . اهـ .

أيُّها المبارَكُ :
إنْ أخطأَ العلماءُ في الفتوى ، أو قصّروا في التبليغِ ؛ فإنَّ حِسابَهم على اللهِ .
ولَنْ يُسألَ الإنسانُ في قبرِهِ ولا بينَ يَدَيْ ربِّهِ عنْ تقصيرِ العلماءِ ، ولا عنْ أخطائهِم .

وينبغي أنْ يُعلَمَ أنَّ الإنصافَ مَطلوبٌ ، والعدْلَ مأمورٌ به ؛ فيُقدَّرُ الخطأُ بِقَدْرِهِ .
قَالَ سعيدُ بنُ المسيبِ : لَيْسَ مِنْ شريفٍ ولا عالِمٍ ولا ذي سُلطانٍ إلاَّ وفِيهِ عَيبٌ لا بُدَّ ، ولَكِنْ مِنَ النَّاسِ مَنْ لا تُذكَرُ عُيوبُهُ ؛ مَنْ كَانَ فَضلُه أكثرَ مِنْ نقْصِهِ وُهِبَ نقْصُهُ لِفَضْلِه .
وقال الشَّعْبِيُّ: كَانَتِ الْعَرَبُ تَقُولُ: إِذَا كَانَتْ مَحَاسِنُ الرَّجُلِ تَغْلِبُ مَسَاوِئَهُ ، فَذَلِكُمُ الرَّجُلُ الْكَامِلُ، وَإِذَا كَانَا مُتَقَارِبَيْنِ ، فَذَلِكُمُ الْمُتَمَاسِكُ، وَإِذَا كَانَتِ الْمَسَاوِئُ أَكْثَرَ مِنَ الْمَحَاسِنِ ، فَذَلِكُمُ الْمُتَهَتِّكُ . رواه أبو نُعيم في " الْحِلْيَة " .
ومِنَ القَواعِدِ في هذا البابِ عِندَ أهلِ العِلْمِ :
أنَّ العَالِمَ لا يُتابَعُ في زلّتِهِ ، ولا يُتْبَعُ عَلَيْها .

قَالَ ابنُ القيِّمِ: ومَنْ لَهُ عِلمٌ بالشِّرْعِ والوَاقِعِ يَعلَمُ قَطْعًا أنَّ الرَّجُلَ الجليلَ الذي لَهُ في الإسلامِ قَدَمٌ صالِحٌ وآثارٌ حَسَنَةٌ ، وَهُوَ مِنْ الإسلامِ وأهْلِهِ بِمكانٍ قَدْ تَكونُ مِنْهُ الهفوةُ والزلَّةُ ، هُوَ فيها مَعذُورٌ بَلْ ومأجورٌ لاجتهادِهِ فَلا يَجوزُ أنْ يُتْبَعَ فيها ، ولا يَجُوزُ أنْ تُهدَرَ مَكانُتُهُ وإمامَتُه وَمنزِلَتُهُ مِنْ قُلوبِ المسلمينَ . اهـ .
وقَالَ الإمامُ الشاطبيُّ عن زَلَّةِ العالِمِ: لا يَنبغِي أنْ يُنسَبَ صاحِبُها إلى التقصيرِ ، ولا أنْ يُشَنَّعَ عَلَيْهِ بها ، ولا يُنْتَقَصُ مِنْ أجْلِها ، أوْ يُعْتَقَدُ فيه الإقدامُ على المخالَفَةِ بَحْتا ، فإنَّ هذا كُلَّهُ خِلافُ ما تَقْتَضِي رُتْبَتُهُ في الدِّينِ .

ولا يُسقَطُ العالِمُ بِمُجرّدِ خَطَأٍ في القولِ أوْ فِي السلوكِ .
قَالَ ابنُ أبي حاتِمٍ : سمعتُ أبي يقولُ : ذَكَرتُ لأحْمَدَ بِنِ حنبلٍ مَنْ شَرِبَ النبيذَ مِنْ مُحَدِّثي الكوفَةِ ، وسَمّيتُ لَهُ عَددا مِنْهُم ، فقَالَ : هَذِهِ زَلاّتٌ لَهُمْ ، ولا تَسْقُطُ بِزَلاّتِهم عَدَالتُهُم .
وَلَمَّا ذُكِرَ خَلَفُ البزارُّ عِنْدَ الإمامِ أحْمَدَ ، فقيلَ : يا أبا عبدِ اللهِ إنَّهُ يَشرَبُ[يعني النبيذَ] فقَالَ : قَدِ انتهى إليْنا عِلْمُ هَذَا عَنْهُ ، وَلَكِنَّ هُوَ واللهِ عِنْدَنا الثقةُ الأمينُ ، شَرِبَ أوْ لَمْ يَشرَبْ .

قَالَ الإمامُ الذهبيُّ : ما كُلُّ أحَدٍ فيه بِدْعَةٌ أوْ لَهُ هَفْوَةٌ أوْ ذنوبٌ يُقدَحُ فِيِهِ بِما يُوهِنُ حَديثهُ ، ولا مِنْ شَرْطِ الثِّقَةِ أنْ يَكُونَ مَعْصومًا مِنَ الخطايا والخطأِ . اهـ .

وخطأُ الْعَالِمِ معفوٌّ عَنْهُ إذا لَمْ يَفْحُشْ .
قَالَ الإمامُ الذهبيُّ في ترجمةِ الإِمَامِ مُحَمَّدِ بِنِ نَصْرِ المَرْوَزِيِّ: وَلَوْ أَنَّا كلَّمَا أَخْطَأَ إِمَامٌ فِي اجْتِهَادِهِ فِي آحَادِ المَسَائِلِ خَطَأً مَغْفُوراً لَهُ ، قُمْنَا عَلَيْهِ وَبدَّعْنَاهُ وَهَجَرْنَاهُ ، لَمَا سَلِمَ مَعَنَا لاَ ابْنَ نَصْرٍ، وَلاَ ابْنَ مَنْدَه ، وَلاَ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُمَا، وَاللهُ هُوَ هَادِي الخَلْقِ إِلَى الحَقِّ، وَهُوَ أَرحمُ الرَّاحمِينَ، فَنَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الهوَى وَالفظَاظَةِ . اهـ .
وواللهِ إنَّ مِنَ الخُذلانِ أنْ يَنْشَغِلَ الإنسانُ بِأعْرَاضِ النَّاسِ ، فَكيفَ بِأعراضِ الأخيارِ ؟!
بَلْ مِنْ غايةِ الخُذلانِ : أنْ يَأتيَ الإنسانُ يومَ القيامةِ وَخُصومُهُ العلماءُ والدُّعَاةُ والقُضَاةُ .

ولا يَفْرَحُ بِزَلَّةِ العَالِمِ ويَقْرَعُ لَها الطَّبْلَ إلاَّ صاحِبُ هَوى ؛ لأنَّهُ لا عِصْمَةَ لِعَالِمٍ ؛ وَلأنَّهُ لَمْ يَلتَمِسْ العُذرَ لِمَنْ أَمْضَى عُمُرَهُ في العِلْمِ والتَّعليمِ .
وَقدْ رأيتُ بَعضَ الأحداثِ يَصِفُ بَعضَ العُلماءِ الكِبارِ بِأوصافٍ لا تَلِيقُ ، ويَكتُبُ أسماءَهُم بالتصغيرِ ، وَقَدْ شابَتْ لِحاهُم في الإسلامِ !
هَبْ أنَّ العالِمَ زلَّ وأخطأَ ، فإنْ لَمْ يُجَلَّ العالِمُ لِعِلْمِهِ ، فَلا أَقَلَّ مِنْ أَنْ يُقدَّرَ لِعُمُرِهِ وسِنِّه .

وفي الحديثِ : إِنَّ مِنْ إِجْلالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ . رَوَاهُ أبو داودَ والبيهقيُّ في "الشُعَبِ " وَحَسَّنَهُ الألبانيُّ .

وإذا كَانَ يَجتَمِعُ في الإنسانِ إيمانٌ ونِفاقٌ – كَمَا قَالَ العلماءُ - ، فجائزٌ أنْ يَكونَ ذلِكَ في العَالِمِ ، وَيَجِبُ أن يُحَبَّ لِمَا مَعَهُ مِنْ إيمانٍ وَخَيْرٍ .
قَالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيْمِيةَ : وَالشَّخْصُ الْوَاحِدُ يَجْتَمِعُ فِيهِ حَسَنَاتٌ وَسَيِّئَاتٌ ، وَطَاعَاتٌ وَمَعَاصٍ ، وَبِرٌّ وَفُجُورٌ وَشَرٌّ ؛ فَيُثِيبُهُ اللَّهُ عَلَى حَسَنَاتِهِ ، وَيُعَاقِبُهُ عَلَى سَيِّئَاتِهِ إنْ شَاءَ أَوْ يَغْفِرُ لَهُ ، وَيُحِبُّ مَا فَعَلَهُ مِنْ الْخَيْرِ ، وَيُبْغِضُ مَا فَعَلَهُ مِنْ الشَّرِّ . اهـ .

الثانية :
أيُّها الكِرامُ :
قَدْ يَضْعُفُ العالِمُ أوْ يَجْبُنُ ، وَقَدْ لا يَقولُ الحقَّ في مسألَةٍ ما لِمَا يَرَى له مِن رُخصة ، فَلا يُسقِطُهُ ذلِكَ ، ولا يُنقِصُ مِنْ قَدْرِهِ .
قَالَ أبو هريرةَ رضيَ اللّهُ عنه : حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وِعَاءَيْنِ: فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ لَقُطِعَ هَذَا البُلْعُومُ . رَوَاهُ البخاريُّ .
قَالَ ابنُ حَجَرٍ : حَمَلَ الْعُلَمَاءُ الْوِعَاءَ الَّذِي لَمْ يَبُثَّهُ عَلَى الأَحَادِيثِ الَّتِي فِيهَا تَبْيِينُ أَسَامِي أُمَرَاءِ السُّوءِ وَأَحْوَالِهِمْ وَزَمَنِهِمْ . اهـ .
وَقَدْ صلّى ابنُ عُمَرَ رضيَ اللّهُ عنهما خَلْفَ الْحَجَّاجِ ، وصَحِبَهُ في الحجِّ ، ومَا أنْقَصَ ذلِكَ مِنْ قَدْرِ ابنِ عُمَرَ ، ولا غَضَّ مِنْ مَكانَتِهِ .
قَالَ سَالِمُ بنُ عبدِ الله بنِ عُمَرَ : كَتَبَ عَبْدُ المَلِكِ إِلَى الحَجَّاجِ: أَنْ لاَ يُخَالِفَ ابْنَ عُمَرَ فِي الحَجِّ، فَجَاءَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَأَنَا مَعَهُ يَوْمَ عَرَفَةَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ، فَصَاحَ عِنْدَ سُرَادِقِ الحَجَّاجِ، فَخَرَجَ وَعَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ مُعَصْفَرَةٌ فَقَالَ: مَا لَكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ؟ فَقَالَ: الرَّوَاحَ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ، قَالَ: هَذِهِ السَّاعَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَنْظِرْنِي حَتَّى أُفِيضَ عَلَى رَأْسِي ثُمَّ أَخْرُجُ، فَنَزَلَ حَتَّى خَرَجَ الحَجَّاجُ ، فَسَارَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي ، فَقُلْتُ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ فَاقْصُرِ الخُطْبَةَ وَعَجِّلِ الوُقُوفَ، فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: صَدَقَ . رَوَاهُ البُخاريُّ .

قال ابنُ أبي العِزّ: وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: أَنَّ ابنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي خَلْفَ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ الثَّقَفِي، وَكَذَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَكَانَ الْحَجَّاجُ فَاسِقًا ظَالِمًا . اهـ .

أيها المؤمنون :
مَتَى مَا سَلِمَ القَلْبُ مِنَ الغِلِّ والحَسَدِ لَزِمَ مُناصَحةَ العُلماءِ ، والذبَّ عَنْهُم .
وفي الحديثِ : ثَلاَثٌ لاَ يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ : إِخْلاَصُ العَمَلِ لِلَّهِ ، وَمُنَاصَحَةُ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ ، وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ . رَوَاهُ الترمذيُّ ، وصَحَّحَهُ الألبانيُّ .
قَالَ ابنُ عبدِ البرِّ : مَعناه لا يَكونُ القلبُ عَليهِنّ ومَعَهُنَّ غليلاً أبَدا ، يَعني لا يَقوى فِيه مَرَضٌ ولا نِفاقٌ إذا أخلَصَ العَمَلَ للهِ ، وَلَزِمَ الجماعةَ ، وناصَحَ أولي الأمرِ . اهـ .
ومِنْ لَوازِمِ لُزُومِ الجماعَةِ مُنَاصَحةُ العُلمَاءِ ، وَمَعْرِفَةُ مكانَتِهِم التي رَفَعَها اللهُ عزَّ وَجَلَّ بقولِهِ (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) .
ومَنْ لَمْ يَكُنْ كذلِكَ كَانَ مِنَ الفريقِ الآخَرِ ، الفريقِ المعانِدِ الْمُتَّبِعِ لِغَيْرِ سبيلِ المؤمنينَ (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) .
وجَرَتْ السُّنَنُ : أنَّهُ لا يَعرِفُ الفضلَ لأهْلِ الفَضْلِ إلاّ الفُضلاءُ .
وما عَبَّر الإنسانُ عَنْ فَضْلِ نَفْسِهِ ... بِمثلِ اعتقادِ الفضلِ في كُلِّ فاضِلِ
وإنَّ أخَسَّ النقصِ أن يَرْمِيَ الفَتَى ... قَذَى العينِ عنْهُ بانتقاصِ الأفاضِلِ

أخيرا :
لا يَشتغلُ بِعيوبِ النَّاسِ ، فَضْلا عَنْ عيوبِ العلماءِ إلاّ مَنْ فَاضَتْ عيوبُهُ ، واكتمَلَ نَقْصُهُ ، وقَلَّ إيمانُهُ .

قَالَ بَكْرُ بنُ عبْدِ اللهِ الْمُزَنيُّ : إذا أرَدْتَ أنْ تَنْظُرَ العيوبَ جُملةً فتَأمَّلْ عيّابًا ، فَإنَّهُ إنَّما يَعيبُ النَّاسَ بِفَضْلِ ما فيه مِنَ العَيْبِ .

وهنا :
مقال : حَاجَة الناس إلى العِلْم
https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=7727

محاضرة قصيرة .. ورثة ذي الخويصرة منتقدو العلماء والشريعة
https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=16504

محاضرة قصيرة .. فضل العلماء
https://www.youtube.com/watch?v=oFaHuz-YBOU

إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
خُطبة جمعة .. عن (الاختبارات) نسمات الفجر قسم الخُطب المنبرية 0 20-01-2017 09:03 PM
خُطبة جمعة عن .. (حقوق الأخوّة) نسمات الفجر قسم الخُطب المنبرية 0 05-08-2016 12:22 AM
خُطبة جمعة عن .. (الاستعفاف عن المسألة) نسمات الفجر قسم الخُطب المنبرية 0 31-07-2016 05:11 AM
خُطبة جمعة عن .. (الاحتفاء بالكفار) نسمات الفجر قسم الخُطب المنبرية 0 29-05-2016 07:11 AM
خُطبة جمعة عن .. (التعرف على الله) نسمات الفجر قسم الخُطب المنبرية 0 13-05-2016 09:51 PM

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 02:51 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى