نسمات الفجر
الصورة الرمزية نسمات الفجر

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 19
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 3,356
بمعدل : 0.65 يوميا

نسمات الفجر غير متواجد حالياً عرض البوم صور نسمات الفجر


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسم الخُطب المنبرية
افتراضي خُطبة جُمعة عن .. (موت الفجأة : الأسباب والوقاية)
قديم بتاريخ : 08-04-2016 الساعة : 09:00 AM

الحمدُ للهِ الذي أرْسَلَ رَسُولَهُ بالهُدَى ودِينِ الحقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ .

أمَّا بَعْدُ :
فإنَّ اللهَ عزَّ وَجَلّ أخذَ الأُممَ الماضيةَ بَغتةً ، وذلِكَ أبلغُ في العقوبةِ وأنكى في العَذَابِ .
قَالَ اللهُ عزَّ وَجَلّ : (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44) فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) .
وأمَرَ اللهُ جَلَّ جَلالَه باتِّبَاعِ شَرْعِه ، والتمسُّكِ بِدِينِه قَبْلَ أنْ يأتيَ العذابُ المفاجِئُ ، فقَالَ تبارَكَ وتعالى : (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) .
وحذَّرَ اللهُ سبحانَهُ وتعالى مِنْ مَجِيءِ العذابِ على حينِ غِرّةٍ ، فقَالَ : (أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ)

وإنَّ مِنْ علاماتِ السَّاعةِ : مَوْتَ الفَجْأة .

قَالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ : إِنَّ مِنِ اقْتِرَابِ السَّاعَةِ أَنْ يُرَى الْهِلالُ لِلَيْلَةٍ فَيُقَالَ لِلَيْلَتَيْنِ ، وَأَنْ يَظْهَرَ مَوْتُ الْفُجَاءَةِ . رَوَاهُ الطبرانيُّ في الصغيرِ والضياءُ في المختارةِ وحَسَّنَه .
قَالَ الشعبيُّ : كَانَ يُقَالُ اقْتِرَابُ السَّاعَةِ مَوْتُ الْفُجَاءَةِ رَوَاهُ ابنُ أبي شيبةَ.
قَالَ مُجاهِدُ : مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ مَوْتُ الْبِدَارِ . رَوَاهُ ابنُ أبي شَيبةَ.
قَالَ الشيخُ حمودُ التويجريُّ : (البِدَارُ) ؛ معناه: سرعةُ الموتِ، وهُوَ بِمعنى الفَجْأةِ، أيْ : عاجَلَهُ وأسْرَعَ إليهِ . وقد كَثُرَ موتُ الفجأةِ والبدارِ في زمانِنا، وخصوصًا بحوادثِ السياراتِ . اهـ .
فيَخْرُجُ الإنسانُ مِن بيتِه ، ولا يَعُودُ إليه ، ويَلْبَسُ ثوبَه ويَنْزِعُه عنه غاسِلُه ، ويركبُ السيارةَ أو الطائرةَ ، ويُنْزَلُ منها مَحْمُولا .

وباقْترابِ الساعةِ يَكثرُ الموتُ المفاجئُ بِعِدّةِ صِوَرٍ .
قَالَ عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ : تَكْثُرُ الصَّوَاعِقُ عِنْدَ اقْتِرَابِ السَّاعَةِ ، حَتَّى يَأْتِيَ الرَّجُلُ الْقَوْمَ، فَيَقُولَ: مَنْ صَعِقَ قِبَلَكُمْ الْغَدَاةَ؟ فَيَقُولُونَ: صَعِقَ فُلانٌ وَفُلانٌ . رَوَاهُ الإمامُ أحمدُ .

وكَرِهَ السَّلفُ موتَ الفجأةِ .
قَالَ تَمِيمُ بْنُ سَلَمَةَ: مَاتَ مِنَّا رَجُلٌ بَغْتَةً، فَقَالَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَخْذَةَ غَضَبٍ ، فَذَكَرْتُهُ لإِبْرَاهِيمَ [يَعني : النَّخَعَيَّ] ، فَقَالَ:كَانُوا يَكْرَهُونَ أَخْذَةً كَأَخْذَةِ الأَسَفِ .

وما ذلِكَ إلاّ لأنَّ مَوتَ الفَجْأةِ يأتي والإنسانُ على غيرِ استعدادٍ له .
قَالَ ابنُ بَطَّالٍ : لِمَا فِي مَوْتِ الْفَجْأَةِ مِنْ خَوْفِ حِرْمَانِ الْوَصِيَّةِ ، وَتَرْكِ الاسْتِعْدَادِ لِلْمَعَادِ بِالتَّوْبَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ . اهـ .
وفي حديثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها: أَنَّ رَجُلا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا، وَأَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، فَهَلْ لَهَا أَجْرٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. رَوَاهُ البخاريُّ ومُسْلِمُ .
وقَالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ عن مَوْتِ الْفَجْأَةِ : أَخْذَةُ أَسَفٍ . رَوَاهُ الإمامُ أحمدُ وأبو داودَ . وهو حَديثٌ صَحيحٌ .
وما ذلِكَ إلاّ لأنَّ الموتَ يأتي فَجْأةً والإنسانُ لم يُوصِ، أوْ لَمْ يتخلَّصْ مِنْ مظالِمِ النَّاسِ، وَلَمْ يُؤدِّ الحقوقَ إلى أهلِها ، ولم يَتُبْ فيما بينَهُ وَبَينَ اللهِ عزَّ وَجَلّ .
وهذا يَجعلُ المؤمنَ في حَالِ حَذرٍ أنْ يأتيَهُ الموتُ فَجْأةً فَعليه أنْ يكونَ دائما على استعدادٍ بالتوبةِ النَّصوحِ ، والتخلُّصِ مِنْ مظالِمِ العِبادِ ، وأداءِ الحقوقِ إلى أهلِها ، والوصيةِ إنْ كانَ لَهُ ما يُوصِي به .

أيُّها المؤمِنونَ
قَدْ جَعَلَ اللهُ لكلِّ شيءٍ سَببا ، وجَعَلَ للمُؤمنِ ما يَتَّقِي به موتَ الفجأةِ ، وكُلُّ ذلكَ بِقَدَرِ اللهِ ؛ لأنَّنا أُمِرْنا بِفِعْلِ الأسبابِ .

ولِتجنُّبِ موتِ الفجأةِ أسبابٌ ووسائل ، مِنْها :
الأوَّلُ : الْحِرصُ على صَدقةِ السرِّ ، وفِعلِ المعروفِ والْبِرِّ ، لِحديثِ : صَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمُرِ ، وَفِعْلُ الْمَعْرُوفِ يَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ . رَوَاهُ البَيهقيُّ في شُعبِ الإيمانِ ، ومعناه صَحَيحٌ .
وبهذا اتَّقَى السلفُ مَصارِعَ السوءِ ؛ فَقدْ كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ [زينُ العابِدِينَ] يَحْمِلُ جِرَابَ الْخُبْزِ عَلَى ظَهْرِهِ بِاللَّيْلِ فَيتَصَدَّقُ بِهِ ، وَيَقُولُ: إِنَّ صَدَقَةَ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ . رَوَاهُ أبو نُعيمٍ في الْحِليةِ .
ولذا قَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ : مَا فَقَدْنَا صَدَقَةَ السِّرِّ حَتَّى مَاتَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ .

الثاني : أن يُحافِظَ الْمُسلِمُ على الذِّكْرِ الواقِي عند خروجِه من بيتِهِ ، فيقولَ : بِسْمِ اللَّهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ ، لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِاللَّهِ . قَالَ رسولُ الله صَلَّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ : يُقَالُ حِينَئِذٍ : هُدِيتَ، وَكُفِيتَ، وَوُقِيتَ، فَتَتَنَحَّى لَهُ الشَّيَاطِينُ، فَيَقُولُ لَهُ شَيْطَانٌ آخَرُ: كَيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ؟ رَوَاهُ أبو داودَ ، وحسَّنَهُ ابنُ القيِّمِ ، وصحَّحُه الألبانيُّ .
فَمَن قَالَها مُوقِنًا بها عِندَ خُرُوجِه مِن بيتِه : حَصَلَتْ له الْهِدايةُ بأنْواعِها ، والكِفايةُ مِن كلِّ شرٍّ ، والوقايةُ مِن كلِّ سوء .
وإنْ صلَّى ركعتيْنِ قبلَ خُروجِه مِنْ بيتِهِ ؛ فَهُوَ أحْسَنُ؛ لقولِهِ عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ : إذا خَرَجْتَ مِن مَنْزِلِكَ فَصَلِّ ركعتينِ يمنعانِكَ مِنْ مَخرَجِ السوءِ ، و إذا دَخَلْتَ إلى مَنْزِلِكَ فَصَلِّ ركعتين يمنعانِكَ مِنْ مَدْخَلِ السُّوءِ . رَوَاهُ البزارُ والبَيهقيُّ في " شُعَبِ الإيمانِ " والضياءُ في " المختارةِ " .
وقَالَ الهيثميُّ : رَوَاهُ البزارُ ، ورجالُهُ مُوثّقونَ . وحسَّنَهُ ابنُ حَجَرٍ . وَهُوَ في " السلسلةِ الصحيحةِ " للألبانيِّ .

الثالِثُ : المحافظةُ على أذكارِ الصَّباحِ والمساءِ .
قَالَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهما : لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ يَدَعُ هَؤُلاءِ الدَّعَوَاتِ حِينَ يُمْسِي، وَحِينَ يُصْبِحُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي، وَآمِنْ رَوْعَاتِي، وَاحْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ، وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي، وَعَنْ شِمَالِي، وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي. قَالَ وَكِيعٌ : يَعْنِي الْخَسْفَ . رَوَاهُ الإمامُ أحمدُ وأبو داودَ والنسائيُّ وابنُ ماجَه، وهو حديثٌ صَحيحٌ .
وفي معنى " أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي" : التَّفجيرُ والانْفجارُ الْمُفَاجِئُ .
وَحَدَّثَ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ فقَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسلَّمَ يَقُولُ: مَنْ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ، فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ، لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلاءٍ حَتَّى يُصْبِحَ، وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُصْبِحُ ثَلاثُ مَرَّاتٍ ، لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلاءٍ حَتَّى يُمْسِيَ . قَالَ: فَأَصَابَ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ الْفَالِجُ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ الَّذِي سَمِعَ مِنْهُ الْحَدِيثَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: مَا لَكَ تَنْظُرُ إِلَيَّ ؟ فَوَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ عَلَى عُثْمَانَ وَلا كَذَبَ عُثْمَانُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنَّ الْيَوْمَ الَّذِي أَصَابَنِي فِيهِ مَا أَصَابَنِي غَضِبْتُ فَنَسِيتُ أَنْ أَقُولَهَا . رَوَاهُ الإمامُ أحمدُ وأبو داودَ والترمذيُّ والنِّسائيُّ في الكُبْرَى وابنُ ماجه . وصحَّحُهُ الألبانيُّ . وقَالَ الأرنؤوطُ : إسنادُهُ حَسَنٌ .

ومِنْ أذكارِه صَلَّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ في كلِّ صباحٍ ومَساءٍ : " يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ، أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، وَلا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ " .
قَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ لفاطمةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها: مَا يَمْنَعُكِ أَنْ تَسْمَعِي مَا أُوصِيكِ بِهِ، أَنْ تَقُولِي إِذَا أَصْبَحْتِ وَإِذَا أَمْسَيْتِ – فَذَكَرَه - . رَوَاهُ النسائيُّ في الكُبرى.
قَالَ الهيثميُّ : رَوَاهُ البزارُ ورِجالُه رجالُ الصحيحِ غيرَ عثمانَ بنِ مُوهب ، وهُوَ ثِقَةٌ .
وقَالَ الألبانيُّ : سَندُه حَسَنٌ .
فإنَّ الإنسانَ إذا وُكِلَ إِلَى نَفْسِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ وُكِلَ إلى عَجْزٍ وضَعْفٍ وعَوْرَةٍ .
ومَنْ صَلَحَ شأنُهُ كُلُّهُ وُقِـيَ مصَارِعَ السوءِ ، وموتَ الفجأةِ .
قَالَ ابنُ رَجَبٍ : وَالْمَقْصُودُ مِنْ ذَلِكَ سُؤالُ العَبْدِ لِرَبِّهِ أَنْ يَتَوَلاهُ برحمتِهِ وَأَنْ لا يَكِلَه إِلَى نَفْسِهِ . اهـ .

الرَّابِعُ : التخلُّصُ مِن مَظالِمِ العِبادِ .
فإنَّ الظُّلْمَ مُظْلِمٌ ، وهُوَ مُرْدٍ لِصاحبِهِ ، ومَرْتَعُه وَخِيمٌ، وهو سَببٌ في مصْرَعِ السوءِ .
قَالَ الإمامُ الشافعيُّ :
إِذا مَا ظالِمٌ استَحسَنَ الظُلمَ مَذْهَبا ... وَلَجَّ عُتُوّاً في قَبيحِ اِكتِسابِهِ
فَكِلْهُ إِلى صَرْفِ اللَيالي فَإِنَّها ... سَتُبدي لَهُ ما لَم يَكُنْ في حِسابِهِ
فَكَم قَد رَأَينا ظالِماً مُتَمَرِّداً ... يَرى النَجمَ تِيهًا تَحتَ ظِلِّ رِكابِهِ
فلما تمادى واستطالَ بِظُلْمِهِ ... أناخَتْ صروفُ الحادثاتِ ببابِه
فَأَصبَحَ لا مالٌ وَلا جاهُ يُرتَجى ... وَلا حَسَناتٌ تَلتَقي في كِتابِهِ
وَجوزِيَ بِالأَمرِ الَّذي كانَ فاعِلاً ... وَصَبَّ عَلَيهِ اللَهُ سَوطَ عَذابِهِ

فنعوذُ بِاللهِ مِنْ تَحَوُّلِ عافيتِهِ ، ومِنْ فُجَاءةِ نِقمتِهِ ، ومِنْ جَميعِ سَخَطِه .


الثانية :

وَمِمَّا يُستَدْفَعُ بهِ موتُ الفجأةِ : كثرةَ الدُّعاءِ .
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ . رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
ومِنْ أدعيتِه صَلَّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَدْمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ التَّرَدِّي، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْغَرَقِ، وَالْحَرَقِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ لَدِيغًا . رَوَاهُ الإمامُ أحْمَدُ وأبو داودَ والنسائيُّ ، وصحَّحُهُ الألبانيُّ .
فَقَدْ اسْتَعاذَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ مِنْ كُلِّ ما مِنْ شأنِهِ أنْ يكونَ موتا مُفاجئا :
مِن الهَدْمِ ، وهُوَ أنْ يَنْهَدِمَ عليه بِناءٌ .
ومِن التَّرَدِّي : وهو السُّقوطُ مِنْ أعلى . ومِن الغَرَقِ وَالْحَرَقِ والهَدْمِ .
مَعَ كونِ الموتِ بالغَرَقِ وَالْحَرَقِ والهَدْمِ شَهادَةً ، إلاّ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسلَّمَ اسْتَعاذَ باللهِ منها لِمَا فيها مِنْ معاني موتِ الفجأةِ .

والدعاءُ مما تُحْفَظ به الدُّورُ ، وتُسْتَدْفَعُ به الشرور .
روى أبو نُعيمٍ في " الْحِلْيَةِ " وابنُ عساكِرَ في " تاريخِ دمشقٍ " مِن طريقِ خَلَفِ بنِ تميمٍ قَالَ : كُنَّا مع إبراهيمَ بنِ أدْهمَ في سَفَرٍ له ، فأتاه الناسُ فقَالَوا : إنَّ الأسدَ قد وَقفَ على طريقِنا ! قَالَ : فأتاه فقَالَ : يا أبا الحارثِ ! إنْ كنتَ أُمِرْتَ فِينا بِشيءٍ فامضِ لِمَا أُمِرْتَ به ، وإنْ لِمْ تكُن أُمِرتَ فينا بشيءٍ فَتَنَحَّ عن طريقِنا ، قَالَ : فمضى وهُوَ يُهَمْهِمُ! فقَالَ لنا إبراهيمُ بنُ أدهمَ : وما على أحدِكِم إذا أصبحَ وإذا أمسى أنْ يقولَ : اللهم احرسنا بعينِكَ التي لا تنامُ ، واحفظنا بِرُكْنِكَ الذي لا يُرامُ ، وارْحَمْنا بقدرتِك علينا ، ولا نَهْلَك وأنتَ الرَّجاءُ . قَالَ إبراهيمُ : إني لأقولُها على ثيابي ونَفَقَتِي ، فما فَقَدْتُ منها شيئا .
وإسنادُ هذه القصةِ صحيحٌ إلى إبراهيمَ بنِ أدهمَ رحِمَهُ اللهُ .

عباد الله :
احفَظُوا الله يَحْفَظْكُم ، واشْكُرُوه على نِعَمِه يَزِدْكُم .

إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
خُطبة جُمعة .. في شأن الماء نسمات الفجر قسم الخُطب المنبرية 0 24-11-2015 08:33 PM
خُطبة جُمعة عن .. (الإنصاف) نسمات الفجر قسم الخُطب المنبرية 0 15-11-2015 01:24 PM
خُطبة جُمعة عن .. (خطر النفاق) نسمات الفجر قسم الخُطب المنبرية 0 06-10-2015 07:57 PM
خُطبة جُمعة .. عن الوَرَع نسمات الفجر قسم الخُطب المنبرية 0 03-04-2015 08:06 AM
خُطبة جُمعة .. عن (الإحسان) نسمات الفجر قسم الخُطب المنبرية 0 03-01-2015 08:22 AM

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 02:43 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى