بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
شيخنا الفاضل ، لي صديقة تعاني من والدتها المقصرة
و صديقتي ملتزمة و أمها كثيرًا ما تنتقدها بسبب التزامها و تستهزء بها
فقررت صديقتي أن لا تجلس مع والدتها إلا الشيء اليسير من الوقت
و غالبًا لا تجلس معها أبدًا بسبب نقدها و بذاءة لسانها
فتقول صديقتي أنني لا أكثر من الجلوس مع أمي لأن نفسيتي تتعب من لسانها السليط
و أخشى أن كثرة انتقاداتها لي تؤثر سلبًا على التزامي ،،
و أنا لا أستطيع تحملها و لو سمعت كلامًا جارحًا فإنني لست أضمن كتم غيظي عنها
و قد أرد عليها و أجادلها و أرفع صوتي عليها
إضافة إلى ذلك أن أمها تشغل المسلسلات في صالة الجلوس و تتابع برامج موسيقية
لهذه الأسباب قررت قطع مجالستها لها لتحمي نفسها من التأثر بكلامها و لكي لا تميل نفسها إلى المسلسلات و الموسيقى.
فهل ما فعلته صديقتي يعد عقوقًا ؟
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وأعانها الله ، واسأل الله لنا ولأمها الهداية والسداد وصلاح الحال والمآل .
عليها الصبر على أمها وعلى سوء أخلاقها وسلاطة لسانها – إذا كان ذلك كما قيل - ؛ لأنها أمها ، ولها عليها حقّ ، ولو كانت كافرة ، بل لو كانت تدعوها إلى الكفر والشرك بالله تعالى ، كما قال عَزّ وَجَلّ : (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ) ، وقال تبارك وتعالى : (وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) .
فقد أوصَى الله بالإحسان إلى الوالدين ، ولو كانا كافِرين .
وسوء الْخَلَق ومنه : سلاطة اللسان ؛ قد يكون من الابتلاء الذي يُبْتَلى به المؤمن في هذه الدنيا ، وهو مما ترتفع به درجته ، ويُؤجَر على صبره .
كما لو ابْتُلِي المسلم بأبوين كافِرَين ، وزادا الابتلاء أنهما يدعوانه إلى الكفر وتَرْك دِينه .
وهذا كله لا يُسوِّغ ترك الإحسان إليهما ومُعاملتهما بالحسنى .
ونحن أُمِرنا أن نُعامِل الناس بأخلاقنا نحن ، وليس بأخلاقهم .
ويُمكن أن تتفاهم مع أمها في أوقات صفاء النفوس ، وتُبيِّن لها أن سوء الْخُلُق ومنه : سلاطة اللسان يُفيِدان العَمل ، ويُذهبان الحسنات .
وأما الجلوس وقت تشغيل الأغاني والموسيقى والمسلسلات التي يكون فيها اختلاط الرجال بالنساء ويكون فيها معازف وغير ذلك من المنكرات ؛ فلا يجوز الجلوس حينئذ ؛ لأن أقلّ درجات إنكار المنكر : هو الإنكار بالقَلْب ، ومقتضى ذلك مُفَارَقة مكان المنكر .
وأوصيها بالدعاء لِوالدتها بالصلاح والهداية وحُسن الْخَلَق .
وأن توصي والدتها في وقت صفاء النفس أن تُكثر من دعاء كان يدعو به رسولنا صلى الله عليه وسلم ، وهو :
" اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ . أَنْتَ رَبِّى وَأَنَا عَبْدُكَ ظَلَمْتُ نَفْسِي وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا إِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ ، وَاهْدِنِي لأَحْسَنِ الأَخْلاَقِ لاَ يَهْدِى لأَحْسَنِهَا إِلاَّ أَنْتَ ، وَاصْرِفْ عَنِّى سَيِّئَهَا لاَ يَصْرِفُ عَنِّى سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنْتَ ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ " . كما في صحيح مسلم .
وسبق :
إسلام الجوارح
https://al-ershaad.net/vb4/showthrea...CC%E6%C7%D1%CD
إذا هَـبَّتْ رياحُك فاغْتَنِمْها
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=2052
ابتلاني الله بوالد لا يحب أهل الاستقامة ، فهل آثم إذا كرهتُه ؟
https://al-ershaad.net/vb4/showthrea...D1%E5%CA%F5%E5
والله تعالى أعلم .
المجيب فضيلة الشيخ/عبد الرحمن بن عبد الله السحيم