السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
شيخنا الفاضل عبدالرحمن السحيم
هل وردت أحاديث حول الوقت الذي وجبت فيه النبوة للنبي ؟ فقد سمعت خطيب الجمعة يذكر حديثا عن أحد أصحاب السنن ( فى سنن ابن حبان أو مستدرك الحاكم أو مسند الإمام أحمد ) بأن النبوة قد وجبت للنبي وآدم عليه السلام بين الجسد والروح ( أي وآدم جسداً ولم تنفخ فيه الروح بعد ) وقال وجبت له النبوة أي للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وآدم منجدل فى طينته ، وإذا كان الحديث صحيحاً فما قول أهل العلم فيه بهذا النص وما المراد من ذلك ؟
وهل النبوة وجبت فقط للنبي محمد دون سائر النبيين فى ذلك الوقت؛ وقد قدر الله الأقدار لها قبل خلق الكون والحياة ؟
أفتونا مأجورين وجزاكم الله خيرا.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا .
الحديث ضعّفه غير واحد من أهل العلم ، وأورده الألباني في " الضعيفة " .
ويَرِد عليه ما أشرت إليه ، من أن الله كَتَب مقادير كل شيء قبل خَلْق السماوات والأرض .
قال عليه الصلاة والسلام : كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة . رواه مسلم .
وقال عليه الصلاة والسلام : إن أول ما خلق الله القلم ، فقال له : اكتب . قال : رب وماذا أكتب ؟ قال : اكْتُب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة . رواه أبو داود والترمذي .
وحسّنه شيخ الإسلام ابن تيمية وشعيب الأرنؤوط .
وعلى تقدير صِحّة الحديث ، فهو محمول على أن ذِكْره صلى الله عليه وسلم كان مشهورا مذكورا معلوما منِ قبل خلق آدم عليه الصلاة والسلام .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وَاَللَّهُ تَعَالَى قَدْ نَوَّهَ بِذِكْرِهِ وَأَعْلَنَهُ فِي الْمَلأِ الأَعْلَى مَا بَيْنَ خَلْقِ جَسَدِ آدَمَ وَنَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ مَيْسَرَةَ الْفَجْرِ قَالَ : قُلْت : يَا رَسُولَ اللَّهِ متى كُنْت نَبِيًّا ؟ - وَفِي رِوَايَةٍ - مَتَى كُتِبْت نَبِيًّا ؟ فَقَالَ : وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ . رَوَاهُ أَحْمَد .
أو هو محمول على تجديد الأمر حين خَلَق الله آدم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : فِي حَدِيثِ العرباض بْنِ سَارِيَةَ الَّذِي رَوَاهُ أَحْمَد ، وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : إنِّي عِنْدَ اللَّهِ لَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ . وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ .. الْحَدِيثَ . فَكَتَبَ اللَّهُ وَقَدَّرَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَفِي تِلْكَ الْحَالِ أَمْرَ إمَامِ الذُّرِّيَّةِ كَمَا كَتَبَ وَقَدَّرَ حَالَ الْمَوْلُودِ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ بَيْنَ خَلْقِ جَسَدِهِ وَنَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ . اهـ .
أو هو محمول على تعدد الكتابة وتجدّدها ، كما قال ابن حجر .
والله تعالى أعلم .
المجيب فضيلة الشيخ/عبد الرحمن بن عبد الله السحيم