نسمات الفجر
الصورة الرمزية نسمات الفجر

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 19
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 3,356
بمعدل : 0.65 يوميا

نسمات الفجر غير متواجد حالياً عرض البوم صور نسمات الفجر


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم العقـيدة والـتوحيد
افتراضي ما حكم تسخّط الأقدار ؟
قديم بتاريخ : 27-10-2016 الساعة : 02:36 AM


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حفظكم الله شيخنا الكريم
أختي دائمة السخط والتسخط على قضاء الله ، ولا تعرف أن قضاء الله واقع على البشر وهي دائمة الشكوى للناس ،نحاول جاهدين أن ننصحها بأن هذا لا يجوز ولكن لا تقتنع بكلامنا ، تصرفاتها غير طبيعية ، فهي تتسخط ليس فقط على القدر بل حتى على الناس أو إذا ذهبت لأي مصلحة ، ولم يتحقق لها ما تريد تشتم في الناس وتحاول أن تسيء لهم بكل الصور ، وأيضا إذا طلبت من أخواني طلب ولم يحققوا لها ما تريد تتسخط وتحاول أن تظهر بهم للآخرين أشياء وصفات لا توجد بهم والله المستعان فما حكم السخط والتسخط على القدر وعلى الناس
وجزاكم الله خيرا



الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا وحفظك الله ورعاك .

هذا مَرَض ، وهو يَحتاج إلى نُصح وتذكير وعلاج .

ونعوذ بالله من الخذلان ؛ لأنه لا يتسخّط أقدار الله إلاّ مخذول ؛ لأنه لا يَكون تسخّط إلاّ عن عدم الرضا بأقدار الله ، وعدم الرضا عن الله وبِالله .

ومَن تسخّط أقدار الله ، فليس له إلاّ الحسرة مع ما فاته مِن الدنيا .

وفي الحديث : إن عظم الجزاء مع عظم البلاء ، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم ، فمن رَضِي فَلَه الرِّضا ، ومَن سَخِط فَلَه السُّخط . رواه الترمذي وابن ماجه ، وصححه الألباني .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دُعائه : أسألك الرضا بعد القضاء . رواه الإمام أحمد والنسائي ، وصححه الألباني .

قال ابن رجب : ومما يدعو المؤمن إلى الرضا بالقضاء : تحقيق إيمانه بمعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلاّ كان خيرا له ؛ إن أصابته سَرّاء شكر ، كان خيرا له ، وإن أصابته ضرّاء صبر ، كان خيرا له ، وليس ذلك إلا للمؤمن .
وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فسأله أن يوصيه وصية جامعة مُوجزة ، فقال : لا تتهم الله في قضائه .

وقال ابن مسعود : إن الله بِقِسطه وعَدله جَعل الرَّوح والفَرح في اليقين والرضا ، وجعل الْهمّ والحزن في الشك والسخط ؛ فالراضي لا يتمنى غير ما هو عليه مِن شدة ورَخاء . كذا روي عن عمر وابن مسعود وغيرهما.
وقال عمر بن عبد العزيز : أصبحت ومالي سرور إلاّ في مواضع القضاء والقدر .
فمن وَصل إلى هذه الدرجة ، كان عيشه كُله في نعيم وسُرور . اهـ .

قال ابن القيم : والجزع والتسخط والتشكّي يَزيد في المصيبة ، ويُذهب الأجر . اهـ .
وقال رحمه الله : الرِّضا بالقضاء مِن أسباب السعادة ، والتَّسخّط على القضاء مِن أسباب الشقاوة . اهـ .
وقال أيضًا : فيما يتعلّق بالمصيبة : ومِن علاجها : أن يَعلم أن أنفع الأدوية له مُوافقة ربه وإلَهه فيما أحبه ورَضيه له، وأن خاصية المحبة وسِرّها مُوافقة المحبوب ؛ فمن ادّعى مَحبة محبوب ثم سَخِط ما يُحبه وأحب ما يَسخطه فقد شَهد على نفسه بِكَذِبه ، وتَمَقّت إلى مَحبوبه .
قال أبو الدرداء : إن الله إذا قَضى قضاء أحب أن يُرضَى به .
وكان عمران بن حصين يقول في عِلّته : أحبّه إليّ أحبّه إليه . وكذلك قال أبو العالية . وهذا دواء وعلاج لا يَعمل إلاّ مع الْمُحِبّين ، ولا يمكن كل أحد أن يتعالَج به . اهـ .

والتّسخّط حرام ، بل قد يصِل إلى الكفر بالله ، نعوذ بالله مِن ذلك .

قال شيخنا العثيمين : قال بعض أهل العلم : وللناس في المصائب مقامات أربع : التسخط ، والصبر ، والرضا ، والشكر .
أما التَّسخّط فَحَرام ، وهو مِن كبائر الذنوب ، سواء كان في القلب أو في اللسان أو في الجوارح . اهـ . (بتصرّف يسير)

والصبر على أقدار الله واجب .
وقد ذَكَر شيخ الإسلام ابن تيمية قول الله عزَّ وجَلّ : (فَأَمَّا الإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ) ثم قال :
بَيَّن سبحانه أنه ليس كل مَن ابتلاه في الدنيا يكون قد أهانه ، بل هو يبتلي عبده بالسراء والضراء ، فالمؤمن يكون صبارا شكورا ؛ فيكون هذا وهذا خيرا له ، كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا يَقضي الله للمؤمن قضاء إلاّ كان خيرا له ، وليس ذلك لأحدٍ إلاّ للمؤمن : إن أصابته سَرّاء شَكر ، فكان خيرا له ، وإن أصابته ضَرّاء صبر ، فكان خيرا له " . والمنافق هَلوع جَزوع ، كما قال تعالى : (إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلاَّ الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ (23) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) إلى قوله : (أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ) . اهـ .

وقال الشيخ صالح آل الشيخ : مِن الواجب على العبد أن يصبر على أقدار الله ؛ لأن تسخّط العباد وعدم صبرهم كثيرا ما يظهر في حال الابتلاء بالمصائب ..
فالصبر إذًا في الشَّرع هو : حَبس اللسان عن التشكّي ، وحَبس القلب عن التسخّط ، وحبس الجوارح عن إظهار السخط بِشَقّ أو نحو ذلك . اهـ .
وقال :
تَرك الصبر وإظهار التسخّط كبيرة من الكبائر ، والمعاصي تُنْقِص الإيمان ؛ لأن الإيمان يَزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ، ونَقص الإيمان قد يُنقص كمال التوحيد ، بل إن ترك الصبر مناف لِكمال التوحيد الواجِب . اهـ .

والإيمان بالقَدَر خيره وشرّه رُكن مِن أركان الإيمان ، لا يتحقق إيمان عبدٍ ولا أَمَةٍ إلاّ بالإيمان به .

ومُقتَضَى " الرِّضا بالله ربًّا " أن لا يَتَسَخَّط المسلم قضاء قضاه الله عليه .
قال الشيخ صالح الفوزان : الإيمان بالقَدَر هو أحد أركان الإيمان السِّتة ، وثَمَرته الصبر على المصائب ، فمن لم يَصبر على المصائب ؛ فهذا دليل على فقدان هذا الركن أو ضعفه لَدَيه ، ومَن ثم سيقف أمام المصائب موقف الجزع والتسخّط وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا كُفر يُخلّ بالعقيدة الإسلامية . اهـ .

وتَسَخُّط القَدَر اعتراض على حُكم الله وتقديره ، والله لا يُقدِّر شرّا ، بل أفعاله سبحانه وتعالى كُلّها حِكمة وعَدل .
قال ابن القيم : الشرّ لا يُضاف إلى الرب تعالى لا وَصْفا ولا فِعلا ، ولا يَتَسَمَّى بِاسْمِه بِوَجْه مِن الوُجوه .
وقال : القَدَر لا شرّ فيه بِوجْه من الوجوه ، فإنه عِلْم الله وقُدْرته وكِتابه ومَشيئته . وذلك خير مَحْض .
وقال عن أفعال الله تعالى : أفعاله خير كلها وعدل ومصلحة وحكمة ، لا شَرّ فيها بِوَجْه مِن الوُجوه . اهـ .

وليس شيء مثل الرِّضا عن الله وبالله .
(وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ)
قال ابن كثير : أي : ومَن أصابته مُصيبة فعَلِم أنها بِقضاء الله وقَدره ، فَصَبَر واحتسب واستسلم لِقَضاء الله ، هَدى الله قَلبه ، وعوّضه عمّا فاته مِن الدنيا : هُدى في قلبه ، ويَقينا صادقا ، وقد يُخْلِف عليه ما كان أخذ منه ، أو خيرا منه . اهـ .

وفي الحديث : ارْضَ بِمَا قَسَمَ اللهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ . رواه الإمام أحمد والترمذي ، وحسّنه الألباني .

وسبق الجواب عن :
كيف نزرع في القلب القناعة بما كتبه الله لنا أو علينا حتى نعلم أن ما كتبه الله خير لنا ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=15549

لماذا يتأخر وقوع العقوبة على الظالم رغم دعاء المظلوم عليه ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=15338

لماذا يملك العاصون والمجاهرون بالمعصية اموالا طائلة؟
https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=5579

ما معنى الإيمان بالقدر ؟ وهل الإنسان مسير أو مخير ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=3720

هل كل ما أعمله مُقدّر عليَّ ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=4486

ما الحكم في هذه المقالة : دَعك أيها القَدَر مِن هذيانك ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=2131

ما حكم قول : إذا كانت الأمور حسب رغباتك فأنت محظوظ وإذا كانت حسب رغبات الله فأنت محظوظ جدا
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=8890

كيف يفرق المرء بين العقاب من الله والابتلاء ؟

http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=2083

ما الأسباب الْمُعينة على تَقبّل القضاء والقدر والرّضا به ؟

http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=15577

ومقال بعنوان :
رُبَّ امرئ حَـتْـفُـه فيما تَمَـنّـاه !
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=6511

وخُطبة جُمعة عن .. ( الرضا عن الله )
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=16605

والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض


إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حكم قول (أنا مستحيل وصعب تهزمني الأقدار ) ؟ محب العلماء إرشاد العِبارات والألفاظ 1 12-09-2016 12:49 AM
ما رأي فضيلتكم بعبارة ( فهل حاروا مع الأقدار أم هم حيروا القدرا ) راجية العفو قسـم العقـيدة والـتوحيد 0 05-01-2013 04:50 PM
حكم قول (شاءت الأقدار - أطال الله بقاءك - الله ما يضرب بعضا ) و(الإقسام على الله) عبق قسـم العقـيدة والـتوحيد 1 04-03-2010 11:07 AM
ما حُكم قول "ساقتها الأقدار .. شاءت الأقدار" ؟ نسمات الفجر قسـم المحرمـات والمنهيات 0 24-02-2010 10:25 PM

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 06:44 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى