محب العلماء
عضو مميز
رقم العضوية : 1033
الإنتساب : Aug 2016
المشاركات : 198
بمعدل : 0.07 يوميا

محب العلماء غير متواجد حالياً عرض البوم صور محب العلماء


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : منتـدى الحـوار العـام
افتراضي دروس وعبر من قصة يوسف عليه السلام
قديم بتاريخ : 05-02-2017 الساعة : 09:28 PM

دروس وعبر من قصة يوسف عليه السلام

أ د عبد الله بن محمد الطيار

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونتوب إليه،فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا.

أما بعد فاتقوا الله عباد الله:
فالتقوى خير زاد للقاء الله.

عباد الله:
لقد ذكرنا في الجمعة الماضية قصة يُوسفَ - عليه السلام - وعرفنا أنها من أعجبِ القصص، وقد ذكرها الله جميعاً متصلة، وأفردها بسورةٍ مطولةٍ مفصلةٍ تفصيلاً واضحاً، ساقَ فيها سبحانه وتعالى حَالةَ يُوسفَ من ابتداءِ أمرهِ إلى آخرهِ، وما بين ذلكَ من التنقلاتِ واختلافِ الأحوالِ وقال فيها: ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ ﴾ [يوسف: 7]، وقد اشتملت هذه القصة على جملة من الفوائد والعظات نذكر طرفاً منها، فنقول:
1- أن هذهِ القصة من أحسنِ القصصِ وأوضحها لما فيها من أنواع التنقلات من حالٍ إلى حال، ومن محنةٍ إلى محنة، ومن محنةٍ إلى منّحة ومنَّة، ومن ذلٍ إلى عزٍ، ومن أمنٍ إلى خوفٍ، ومن مُلكٍ إلى رقٍ، ومن فُرَّقةٍ وشتاتٍ إلى اجتماعٍ وانضمامٍ، ومن سُرورٍ إلى حُزنٍ، ومن رَخاءٍ إلى جدبٍ، ومن ضِيقٍ إلى سَعه.
2- ما فيها من أصولِ تعبيرِ الرؤيا المناسبةِ، وأن عِلمَ التَّعبير عِلمٌ مُهمٌ يَهبه اللهُ لمن شَاءَ من عِبادهِ، وهُو دَاخلٌ في الفَتوى، فينبغي لمن لا يُحسنُ الخَوضَ في بَحرهِ ألا يلجَ فيهِ لئلا يَنْدمَ على ذلك.
3- حَيثُ قصَّ الله ما فيها من الأدلة والبراهين على نبوة نبينا محمد عليه هذهِ القصة الكاملة الواقعة وهو لم يقرأ كُتبُ الأولين، بَلْ هُو أُميٌّ لا يقرأ ولا يكتب، وصدق الله: ﴿ ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ ﴾ [يوسف: 102].
4 - ينبغي للعبدِ البعدُ عن أسبابِ الشرِّ وكِتمان ما يخشى مضرته، وقد وجه يعقوبُ فلذة كبدهِ بذلك قَائلا:ً ﴿ لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً ﴾ [يوسف: 5].
5 - النعمُ الكبيرةُ الدينية و الدنيوية لابد أن يتقدمها أسبابٌ ووسائلٌ إليها لأن الله حكيمٌ ولَهُ سُننٌ لا تتبدلْ ولا تتغير، قَضى سُبحانَه بأنَّ المطالبَ العاليةَ لا تُنالُ إلا بالأسبابِ النافعةِ خُصوصاً العُلوم النافعة وما يتفرع عنها ولهذا قال: ﴿ وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ ﴾ [يوسف: 6].
6- العدلُ مطلوبٌ في جميعِ الأمور الصغار والكبار ومن ذلكَ مُعاملةَ الوالدينِ للأولادِ فلابدَ من التَّسوية بينهم، وعدم إيثار بعضهم على بعض، ومتى حصل ذلك اختلَّ نظامُ الأسرة ووقع ما يكدر الصفو ويعكر طعم الحياة، وهذا ما حصل ليعقوب - عليه السلام -.
7- الحذرَ من شُؤْم الذُنوب فكم من ذنبٍ واحدٍ اسْتَتَّبع ذُنُوباً كثيرة، وهذه حالُ إخوة يوسف - عليه السلام - لما أرادوا التفريقَ بينهُ وبين أبيهِ، وهذا ذنبٌ عظيمٌ ترتبَ عليهِ ذُنوبٌ كثيرةٌ من الكذبِ ورمي يوسف، وهكذا الطاعةُ تتبعها في الغالبِ الطاعة، وهذا دليلٌ على بركةِ الطاعةِ وشُؤمُ المعصيةِ.
8- العبرةُ بالنهايةِ لا بالبداية، وهكذا كانَّ أمر إخوة يوسف تَابُوا واسْتغفروا وسَمحَ لهم يعقوب ويوسف وإذا سمح العبدُ فاللهُ أولى بذلكَ وهو خير الراحمين.
9- أنَّ بعضَ الشرِّ أهونُ من بعضٍ، فرمي يوسف في البئرِ أهونُ من قَتلهِ، ولهذا أَخذَ الإخوةُ بهذا الرأي وكان من تدبير الله ليتحققَ ليوسف ما كتب الله له.
10- الحذرُ من الخُلوةِ بالنساءِ الأجنبياتِ وخُصوصاً اللاتي يُخشى منهنَّ الفتنة، وقد جرى ما جرى ليوسف بسببِ الخلوة لكنَّ الله عصمه، فليخشى أولئكَ الذين يتعرضون للخلوة بالنساءِ في أماكنِ التطبيبِ والتمريضِ، وفي البيوت خُصوصاً مع الخادماتِ والمربياتِ فذلكَ بابُ شرٍّ عظيمٍ.
11- الهمُّ بالسوءِ الذي يعرض للإنسانِ إمَّا أن يجدَ ما يدافعه من نوازع الخير فهنا يتقزم هذا الهمُّ ويتضاءل ويزول، وإمَّا ألا يجدَ ما يُقاومهُ فينمو ويكبر ويتحقق، وهكذا حال يوسف - عليه السلام - رأى البرهانَ من ربه فطرد همه وامرأة العزيز لم يوجد عندها من نوازعِ الخيرِ ما يُقاومُ همَّها فاستمرت وطالبت بأن يتحقق واقعا.
12- إذا ابتُلي العبدُ بمواطنِ الريبةِ وأماكن الفتنة فينبغي له أن يهرب لئلا تُدركه أسبابَ المعصيةِ فيقع ثمَّ يندم، وكان هذا حالُ يوسف - عليه السلام - فرَّ هارباً وهي تُمسك بثوبهِ من خلفهِ.
13- أخذَ العلماءُ من قصةِ يوسف - عليه السلام - أن القرينةَ يُعمل بها عند الاشتباه في الدعاوى إذا كانت شهادةُ الشاهدِ على القرينة: ﴿ إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ ﴾ [يوسف: 26]، وكذلك وجود الصُّواع في رَحْلِ أخيهِ وقَدْ أخذ يوسف بهذه القرينة واستبقى أخاه عنده.
14- ما كانَ عليهِ يُوسف - عليه السلام - من الجمالِ الظاهرِ والباطنِ، أمَّا الظاهرُ فهو الذي بسببهِ حَصلَ له ما حصل من امرأةِ العزيزِ ومن النساءِ اللاتي كُنَّ يَلُمنها على فِعلها، و أمَّا جَمالُ الباطنِ فهو العِفَّةُ العظيمةُ مع وجودِ الدواعي الكثيرة لوقوعِ السُّوءِ مِنه، لكن ما قذفَ الله في قلبهِ من الإيمانِ والإخلاصِ وقُوةُ الحقِ طَردَ عنهُ الرَّذيلة، وجَعلهُ بَعيداً عنِ السُّوء، وهذا ما جعلهُ عَظيماً في نُفُوسِهم أَجمعين.
15- اختار يوسف - عليه السلام - السِّجن وقدمهُ على الوقوعِ في المعصيةِ، وهكذا ينبغي للعبدِ إذا كانَ الخيار بين أمرينِ أحدهُما عُقوبة له عَاجلة تؤول إلى أجرٍ عظيمٍ في الآخرةِ والأُخرى مَعصية، فينبغي ألا يتردد في ذلك ويُقدم ما فيه الخير له في الآخرةِ وإن كان ظَاهرهُ عُقوبة في الدُنَّيا، وقد كانَ السِّجنُ طَريقاً ليوسف إلى العزةِ في الدُنَّيا والفوزَ في الآخرة.
16- العبدُ الصادقُ مع ربهِ ينبغي أن يلتجأ إليه ويحتمي بحماه عند وجود أسباب المعصية، ويتبرأ من حَولهِ وقوتهِ لأنه عبدٌ ضعيفٌ، وقد كانَ ذلكَ من يوسف - عليه السلام - ﴿ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنْ الْجَاهِلِينَ ﴾ [يوسف: 33].
17- على العبدِ أن يعبُدَ رَبهُ حَالَ الرَّخاءِ والشِّدةِ على حدٍ سَواءٍ فيوسف – عليه السلام - لم يزل يَدعو إلى الله فَلمَّا دَخلَ السِّجنَ استمر على ذلك ودعا من يتصلُ بهِ من أهلِ السجنِ، ودَعا الفَتيين إلى التوحيدِ، ونَهاهما عن الشركِ وذلك قبلَ أن يُعبر لهما الرؤيا، وهكذا الداعيةُ إلى الله ينبغي أن يغتنم الفُرصَ فَيدعوا إلى الله في كلِ مكانٍ وزمانٍ بما يتناسبُ مع الظروفِ والأحوالِ والأشخاصِ، وكم أَدركَ الدُعاةُ الأكفاءُ والعلماءُ والأعلامُ في هذه المناسباتِ من المكاسبِ العظيمةِ.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [يوسف: 111].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من العظات والذكر الحكيم. أقول قولي هذا فاستغفروا الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمدُ لله الذي جعلَ في قصصِ الأنبياءِ عظةً وعبرةً وتسليةً للمؤمنين، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وليُّ الصالحين، وأشهدُ أن محمداً عبده ورسوله إمامُ الأنبياءِ وقُدوةُ الدعاةِ الصالحين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:
فنواصل الحديث حول الدروس المستفادة من قصة يوسف - عليه السلام - فنقول:
18- من وَقعَ في مكروهٍ وشدة لا بأسَ أن يستعينَ بمنَّ لهُ قُدرةً على تخليصهِ بفعلهِ أو الإخبارِ بحاله، وهذا ليسَ شَكوى إلى المخلوقِ بلْ هُو من فعلِ الأسبابِ المعينةُ على الخلاصِ من الظلمِ والشِّدةِ، ولِذا قال يوسف للذي ظنَّ أنه ناج منهما: ﴿ اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ ﴾ [يوسف: 42].
19- ينبغي للمعلمِ والداعي إلى الله استعمال الإخلاص التَّام في تعليمه ودعوته، وأن لا يجعل ذلك وسيلة إلى معاوضة في مالٍ أو جاهٍ أو نفعٍ دنيوي كما لا يمتنع من التعليم إذا لم يستجب المتعلم لما كلفه به المعلم، وهذا حالُ يُوسف وصَّى أحد الفتيين فلم يُنفذ الوصية، ثمَّ رجعَ نفسُ الفَتى يَسألُ يوسف عن الرُّؤيا فأجابهُ ولم يعنِّفه أو يوُّبخه أو يحاسبه على عدمِ تنفيذِ الوصية.
20- لا بأسَ أن يُخبرَ الإنسانُ عمَّا في نفسهِ من الصفاتِ الحسنةِ من العِلمِ وغيره إذا كان في ذلكَ مصلحةً وسَلمَ من الكذبِ لقوله: ﴿ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ﴾ [يوسف: 55].
21- حُسن التدبيرِ مطلوبٌ والإخلاصُ في العملِ شَرطٌ لقبولهِ، وقد تحققَ ذلك ليوسف فكثُرتِ الخيراتُ في عهده، وهكذا من ولي من أمرِ المسلمينَ شيئاً سَواءٌ كانت الولايةُ صغيرة أو كبيرة عليهِ أن يَرفُقَ بِهم، وأن يُساعدهُم، و أن ينصحَ لهم ليتحققَ على يديهِ الخير لهم - إن شاء الله -.
22- مشروعيةِ الضيافةِ، وأنها من سُننِ المرسلين: ﴿ أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنزِلِينَ ﴾ [يوسف: 59]، أي المضيفين.
23- جوازُ استعمال الأسباب الرافعة للعين وغيرها من المكاره أو الرافعة لها بعد نزولها غير ممنوع وإن كان لا يقع شيء إلا بقضاء الله وقدره فإن الأسباب أيضا من القضاء والقدر، لقوله يعقوب - عليه السلام -: ﴿ يَا بَنِي لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنكُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ﴾ [يوسف: 67].
24- لا يسوغ أن يشهد العبد إلا بما علم وتحقق منه برؤية أو سماع: ﴿ وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا ﴾ [يوسف: 81].
25- فضيلةُ الصبرِ وأن عواقبهُ حميدة، وهكذا كان حال يعقوب ويوسف عليهما السلام.
26- إذا حصلت النعم على العباد فينبغي أن يتذكروا ما كانوا عليه في السابق من أجل شُكر النعم لأنها إذا شُكرت قَرت، وإذا كُفرت فَرت.
27- الإلحاحُ على الله بالدعاءِ وسُؤاله التثبيت لأن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء.
28- هذه القصة مليئة بالعظات والعبر ولعل قراءتها والتمعن في تدبر آياتها يجعل العبد يفقه كثيراً من أسرارها. نسأل الله بمنه وكرمه أن يجمعنا بيعقوب ويوسف و بمحمد ووالدينا وأحبابنا في جنات النعيم.

هذا وصلوا وسلموا على الحبيب المصطفى فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال جل من قائل عليما: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ﴾ [الأحزاب: 56].
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات. اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم وفق ولاة أمرنا لما تحب وترضى، ويسر لهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين. اللهم انصر دينك وكتابك وعبادك الصالحين.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء إليك أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين. اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا غيثا مغيثا، سحا طبقاً، عاجلاً غير آجل، تسقي به البلاد وتنفع به العباد، وتجعله زاداً للحاضر والباد. اللهم لا تحرمنا فضلك بسبب ذنوبنا وتقصيرنا ، اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، اللهم لا غنى لنا عن جودك وكرمك فامنن علينا بعطائك يا أكرم الأكرمين.

عباد الله:
﴿ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَالبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90]، فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/24435/#ixzz4Xpgb70KC


طالبة علم
مشرف
رقم العضوية : 765
الإنتساب : May 2015
الدولة : دار الفناء
المشاركات : 880
بمعدل : 0.27 يوميا

طالبة علم غير متواجد حالياً عرض البوم صور طالبة علم


  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : محب العلماء المنتدى : منتـدى الحـوار العـام
افتراضي
قديم بتاريخ : 22-10-2017 الساعة : 12:33 AM

جزاكم الله خيرا


اميرة ممدوح
عضو جديد
رقم العضوية : 1528
الإنتساب : Apr 2020
المشاركات : 6
بمعدل : 0.00 يوميا

اميرة ممدوح غير متواجد حالياً عرض البوم صور اميرة ممدوح


  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : محب العلماء المنتدى : منتـدى الحـوار العـام
افتراضي يوسف علية السلام وأسرار الرؤيا
قديم بتاريخ : 14-07-2020 الساعة : 11:47 AM

القصة نسيج لحدث يحكي عبرة، ويوصل فكرة وقد حث القرآن عليه قال تعالى (فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)(الأعراف: 176) وأحسن القصص ما قصه القرآن في كتابه قال تعالى (نحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ) (يوسف: 3) فقصص القرآن حق لا يعتريه الزيغ ولا الكذب قال تعالى (إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ) (آل عمران: 62) ولقد قص علينا القرآن حكاية أمم غابرة يذكرنا بحالهم ومآلهم قال تعالى (كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً) (طـه: 99) فذكرنا بأحوال قرى آمنت وأخرى عتت عن أمر ربها قال تعالى (تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا) (الأعراف:

101) وأردف القرآن بقصص للأنبياء لا غنى للذاكرة عنها فذكرها وأعرض عن أخرى قال تعالى (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) وقصص الأنبياء في القرآن عبر وحكم يستنير بها الضال ويسترشد بها الحائر قال تعالى (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (يوسف: 111) فشأن القصة تثبيت الأفئدة وعظة من حكم الزمان مع الإنسان قال تعالى (وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ) (هود: 120) وسوف نعيش في رحاب القرآن نسترشد بقصصه ونتعظ بعبره ونستفيد من أحكامه فننال من الله تعالى السداد والقبول.

يتَّفق أئمَّة العلم على أنَّ سورةَ يوسف أُنزلَت على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، أثناءَ مُقامِه في مكَّة المكرَّمة في سنوات الدَّعوة الأُولى، ويحدِّثنا سعد بن أبي وقَّاصٍ رضي الله عنه عن سبب نزولها؛ فيقول: (أُنزِل القرآنُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتلاهُ عليهم زماناً، فقالوا: يا رسولَ الله، لو قَصَصتَ علينا، فأنزل الله: «الر تلك آيات الكتاب المبين» إلى قوله: «نحن نقص عليك أحسن القصص» (يوسف: 1-3)، فتلاها عليهم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم زماناً، فقالوا: يا رسولَ الله، لو حدَّثتنا، فأنزل الله تعالى: «الله نزَّل أحسنَ الحديث كتاباً متشابهاً مثاني» (الزمر: 23).

إن سياق القرآن للقصة لا يحتاج إلى البيان والتعليق، ولكن لا بد من التوقف عند ثلاثة محاور تناولتها السورة، ولها مسيس الحاجة بحياتنا وهي كما يأتي.

المحور الأول: الرؤى والأحلام

تتناول القصة في مفهومها أحداثاً كبرى ارتبطت ببعض الرؤى المنامية وتفسير الاحلام التي شكلت حضوراً مهماً في هذه السورة، من خلال ثلاث رؤى، الأولى هي رؤيا الخصوص، وهي رؤيا سيدنا يوسف في نفسه وما سيخصه الله به من ملك وحكمة، قال تعالى: «إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ» (يوسف: 4) (قَالَ يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (يوسف: 5).

والرؤيا الثانية هي ما نقله القرآن عن سجينين عرضا رؤى على سيدنا يوسف، إذ قال تعالى (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (يوسف: 31)، وبعد أن دعا عليه السلام ربه، افتى لهما بالتأويل، فقال: (يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ) (يوسف:41).

أما «الثالثة» فهي رؤيا النجاة، التي كانت سبباً لاستحضار سيدنا يوسف للتعبير، وأن يتبوأ المنزلة التي آلت به إلى ملك مصر واجتماعه بأهله، ولابد من الإشارة هنا إلى أهمية الرؤيا في حياتنا، إذ إن الرؤيا الصالحة حق يراه المؤمن للتبشير وربما التحذير، ولها شروط وآداب للتعامل معها، وهي كذلك بشارة لا أكثر، إلا أن أنه لا ينبغي التعامل معها على أنها وحي لا يقبل الشك، فربما تأخرت أو تخلفت، قال الطبري: فإن قال قائل: فإن كانت كل رؤيا حسنة وحي من الله وبشرى للمؤمنين، فما باله يرى الرؤيا الحسنة أحياناً، ولا يجد لها حقيقة في اليقظة؟

فالجواب: أن الرؤيا مختلفة الأسباب، فمنها من وسوسة وتخزين للمؤمن، ومنها من حديث النفس في اليقظة فيراه في نومه، ومنها ما هو وحي من الله، وما كان من حديث النفس ووسوسة الشيطان فإنه الذي يكذب، وما كان من قبل الله فإنه لا يكذب، وقال رسول الله: (الرؤيا ثلاث: رؤيا بشرى من الله، ورؤيا مما يحدث به الرجل نفسه، ورؤيا تخزين من الشيطان).

تعبير الرؤى

الرؤيا أشبه بالفتوى، لذلك قال تعالى على لسان الملك (افتوني في رؤياي)، وعليه فلا ينبغي أن يتصدر لها من هب ودب ممن جهل وحتى من علم، إذ ان قسماً من التأويل يعتمد على الاصطفاء من الله تعالى بمنح موهبة التأويل لمن يشاء من عباده، قال تعالى:


(يجتبيك ويعلمك)، فلا يعقل أن يتصدر بعض الدعاة والمتكسبين لتفسير الأحلام لأمة آثرت النوم على العمل، فلما فاتها ميدان العمل خلدت إلى النوم، فصارت تحلم لتحقق المنجزات، والعجيب أن كثيراً من المعبرين يجهل حال المستفتي في الرؤيا، ومع ذلك يعبر ولا يكاد يعتذر عن حلم يجهل تفسيره، وآه لنوع من السخرية بعقول الناس.

المحور الثاني: العدل في الرعاية

الرعاية العاطفية حاجة لا يستغني عنها الأبناء في صغرهم وفي الكبر، وربما كان لبعض الأبناء سبب يستدعي ميلاً في العاطفة إليه أكثر من غيره، كعلم وحكمة أو عجز وقصور، مما يدعو إلى المبالغة في حبه على حساب الآخرين والعاطفة، وإن كانت قسما يشق العدل فيه كما قال صلى الله عليه وسلم (اللهم هذا قسمي فيما أملك)، إلا أن الانحياز بها يشكل عبئاً ثقيلاً على الآخرين، ربما يترك أثراً في نفوس بقية الأبناء بما ينبغي ملاحظته وعدم الغفلة عنه.

وسورة يوسف في محاورها تبين أثر ذلك الحب لواحد من الأبناء لما له من خصوصية بينتها الآية من خلال رؤياه، فقد رأى سيِّدنا يوسف عليه السلام وهو لا يزال غلاماً لم يبلغ العاشرةَ من العمر مناماً، «إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ» (يوسف: 4)، وهو مَنامٌ عظيمٌ؛ يدلُّ على مكانة هذا الغلام التي سينالها في حياته من الرِّفعة والسموِّ؛ وأنه الوريث الذي سيحمل أعباء الرِّسالة والعِلم والبيان، مواصلاً مسيرةَ أبيه وأجداده من قَبلُ؛ لذلك أوصاه أبوه بكتمان ما رأى، وبيَّن له قيمةَ نفسِه وأهمِّيتها؛ ليكون مستيقناً أنَّ ما يختاره الله تعالى له خيرٌ ممَّا يريده هو لنفسِه؛ فيوطِّنها على احتمال الامتحان في كلِّ أحوالِه، راحةً أو تعباً.

وقد بدا لإخوة يوسف عليه السلام اهتمام أبيهم به عما سواهم، مما ولَّد لديهم الغيرة الدافعة إلى إثارة الصدور (إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (يوسف: 8)، ولذلك فقد أوصى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، بالعدلِ بيْنَ الأولادِ جميعاً، وعدمِ التمييزِ بينَهُمْ، فقالَ:

«اتَّقُوا اللَّهَ، وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ»، وأنكَرَ علَى مَنْ أخَلَّ بِالعدالةِ فِي قُبْلَةٍ خَصَّ بِهَا ابْنَهُ دُونَ ابنتِهِ، فقَدْ كَانَ أحدُ الآباءِ جَالِساً مَعَ النَّبِيِّ عليه السلام فَجَاءَ بُنَيٌّ لَهُ، فَأَخَذَهُ فَقَبَّلَهُ وَأَجْلَسَهُ فِي حَجْرِهِ، ثُمَّ جَاءَتْ بُنَيَّةٌ لَهُ، فَأَخَذَهَا وَأَجْلَسَهَا إِلَى جَنْبِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ عليه الصلاة والسلام: «فَمَا عَدَلْتَ بَيْنَهُمَا».

المحور الثالث: العين والحسد

وجه سيدنا يعقوب بنيه عند دخولهم مصر أن يدخلوا آحاداً كي لا تثير جماعتهم أعين الحاسدين فقال: (وَقَالَ يَا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ، وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ* وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (يوسف: 68) قال ابن عباس وغيره: إنه خشي عليهم العين، وذلك أنهم كانوا ذوي جمال وهيئة حسنة، ومنظر وبهاء، فخشي عليهم أن يصيبهم الناس بعيونهم؛ فإن العين حق، تستنزل الفارس عن فرسه.

ويقول الإمام القرطبي: (إذا كان هذا معنى الآية فيكون فيها دليل على التحرز من العين، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (الْعيْنُ حقٌّ)، وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن العين لتدخل الرجل القبر، والجمل القدر.

والعين نوع من الحسد الذي يتولد في النفوس بما يترك أثراً في المحسود، وأشده نكراناً ما كان عن قصد في الحاق الأذى بالآخرين، وقد أمرنا الله تعالى أن نتعوذ من الحسد، فقالَ عزَّ مِنْ قائلٍ: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ* مِن شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي العُقَدِ* وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ).

إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هل يجوز أن ندعي بها دون اعتقاد منا انها لسيدنا يوسف عليه السلام .. راجية العفو إرشـاد الأدعـيــة 1 22-03-2010 02:44 PM
الحمد لله الذي جعل في أمتي نظير يوسف عليه السلام *المتفائله* إرشـاد القـصــص 0 27-02-2010 11:31 PM
هل تزوج النبي يوسف عليه الصلاة و السلام بزليخة امرأة العزيز ؟ راجية العفو إرشـاد القـصــص 0 20-02-2010 03:09 AM
دائما ما استمع إلى سورة يوسف ( عليه السلام ) بالصدفة فى اماكن كثيرة عبق إرشـاد الشـبـاب 0 16-02-2010 08:24 PM
هل يجوز أن ندعي بها دون اعتقاد منا انها لسيدنا يوسف عليه السلام .؟ راجية العفو قسم أراشيف الفتاوى المكررة 0 06-02-2010 11:14 PM

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 02:53 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى