[نبض الدعوة]

السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أثابكم الله و نفع بكم يا شيخ
ما تعليقكم على هذا الموضوع وفقكم الله
إخواني الكرام انتشر في الآونة الأخيرة في كثير من المنتديات المتخصصة في علاج السحر والعين والحسد وغيرها ما يسمى بالرقية الشرعية المسموعة وهي عبارة عن قراءة لآيات من القرآن الكريم مسجلة يستمع لها المريض
وقدر الله لي أن أقوم بالتسجيل في أحد المواقع وقمت بالإجابة عن الأسئلة التشخيصية ثم طلب مني أن أستمع للرقية المسجلة في ذلك الموقع وبعد الاستماع أصبت بالحمى لمدة ثلاثة أيام والله على ما أقول شهيد
الحقيقة لست مريضاً ولا أعاني من سحر أو عين ولله الحمد ولكن أحببت أن أرى هل الشيخ يستطيع أن يشخص حالتي بسليم أم لا ولكن أصابني المرض والحمى بمجرد الاستماع لتلك الرقية لمرة واحدة فما الذي كان سيحل بي لو أنني استمعت لها يومياً كما طلب مني ذلك الشيخ ؟ والحقيقة الرقية ليست رقية شرعية صحيحة وإنما هي آيات من القرآن الكريم يتم استحضار الجن بها على جسد الإنسان حتى لو كان سليماً في الأصل لا يشكوا من شيء
والسبب يعود إلى ما يلي :
العلة الأولى أن الآيات يتم تكرار بعض الكلمات فيه مراراً وهي في الأصل ليست مكررة مثل كلمة (حرقوه حرقوه حرقوه حرقوه حرقوه )
ومثل كلمة ( حسدا حسدا حسدا ) مما يفتح الباب من أوسع أبوابه للتحريف في القرآن
العلة الثانية أن الرقية لا تكون الآيات فيها مرتبتاً كما رتبها الله سبحانه ولم يكن بينها فاصلاً كالبسملة أو الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم حينما يريد الانتقال من آية إلى آية لأن هذا يعتبر تحريف صريح في كتاب الله وربما يقود إلى الشرك بالله والعياذ بالله
فعلى سبيل المثال قول الله تعالى (كمثلِ غيْثٍ أعْجب الْكُفّار نباتُهُ ثُمّ يهِيجُ فتراهُ مُصْفرًّا ثُمّ يكُونُ حُطامًا ) ثم يخلفها بالآية التالية دون فاصل ودون بسملة ودون استعاذة ( هُو اللّهُ الّذِي لا إِله إِلّا هُو عالِمُ الْغيْبِ والشّهادةِ )
فكأنه يصف الله سبحانه بالحطام تعلى الله علواً كبيراً وهذا هو التحريف في كتاب الله سبحانه والتستر بالقرآن لاستحضار الجن على جسد المريض فيتولد لدى المريض بعد أن يستمع لهذه الآيات أنه فعلا مسحور لما يجده من الأرق والتعب والخمول من جراء حضور الجن ودخولهم إلى جسده بفعل الرقية التي يدعون أنها شرعية وما هي إلا كفر وشرك بالله
العلة الثالثة أن هناك بعض الآيات تستخدم للرقية لا تعود الهاء هاء الضمير على الله أو على ملائكته أو على رسله وإنما تعود على الكفار ومع هذا تم استخدامها للرقية وأصبح الاستعانة هنا ليست بالله وإنما تم الاستعانة بالكفار وهذا يدخلنا في باب الشرك والعياذ بالله من أوسع أبوابه
فعلى سبيل المثال قول الله سبحانه في وصف رده فعل الكفار حينما حطم إبراهيم عليه السلام أصنامهم (قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين )
حينما يكرر القارئ كلمة حرقوه حرقوه حرقوه فمن تعود الهاء هنا عليه؟ هل تعود على الجن ليحرقوا جسد المريض كما حصل لي وقمت وأنا أشعر بالتعب والمرض بعد أن كنت سليم ؟ أم تعود على الكفار ليحرقوا الجني؟ فكلها شرك بالله على الصفتين لأن الآية تقول أن الحارق هم الكفار والمحروق هو إبراهيم عليه السلام
فتغير معنى الآية ومبناها من وصف حال إلى استعانة بغير الله والعياذ بالله وهم الكفار الذين أشعلوا النار لحرق إبراهيم عليه السلام فكلمة حرقوه التي يكرره المعالج المقصود بها الكفار يحرقون إبراهيم
وفي الختام إخواني الكرام أن لا أطعن في نوايا أحد من المعالجين ولكن قد يكون الشيطان استغل قلة العلم بأصول العقيدة من قبل الشيخ المعالج واستدرجه حتى وقع في الشرك بالقرآن تحت مقولة أن جميع القرآن رقية وما علم أن تحريف الآية وتكرار كلمة فيها يغير المعنى والمبنى فيها ويقود إلى الشرك بالله
كما أن الجني قد يهز جسد المريض عند كلمة من القرآن إذا تكررت أصبحت استعانة بغير الله أو فيها شرك فيظن المعالج أنها نقطة ضعف من الجني فيكرره مراراً وتكرارً ثم يسجلها لناس فيتحول العلاج بالقرآن إلى الداء بعينه بسبب التحريف فيه
فأنصح جميع المعالجين بأن يتجنبوا الآيات التي لا علاقة لها بالسحر والعين ويتجنبوا تكرار الكلمات ويتجنبوا القفز من آية إلى أخرى دون البسملة أو الاستعاذة



الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .

لا يُمكن استحضار الجن بالقرآن ، فالقرآن كله كلام الله ، سواء ما قاله الله ابتداء ، أو ما حكاه الله عن أحد مِن خَلقه .
والقرآن يُحرِق ويَطرد الشياطين ، ولا يتمّ استحضار الشياطين بالقرآن .
وإنما يتم استحضار الشياطين بالطلاسم الشركية ، أو بأسماء غير مفهومة ، وتكون أسماء مَرَدَة مِن مَرَدَة الشياطين ، أو بأبخرة ودُخان ، أو بِتَمْتَمَات وزَمْزَمة غير مفهومة .

ولو قرأ الراقي آيات مختلفة ، وفَصَل بينها بالوقف وتَرَادّ النفس ، لم يكن في ذلك تلبيس ولا يُوهِم معنى فاسدا .
فإن في القرآن مواضِع يقِف فيها القارئ ثم يُتمّ القرءاة مِن غير وَصْل ، وهو : الوَقْف اللازِم . ولو وَصَل القارئ لأوْهَم معنى فاسِدا .

وقد استمعت إلى آيات الرقية بِصوت القارئ فارس بن عباد ، فَوَجَدْته يَفْصِل بين كل مقطعين ، بل ويَستعيذ قبل كل مَقْطَع .
ولم أتأثّر بشيء مِن أثر سماع الرُّقيَة .

والله تعالى أعلم .



المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد