السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا الموضوع لاحد الاخوات طلبت ان اطرحه عليك
الاخت لديها مشكلة مع والدها و والدتها ، تقول انها عندما ولدت طلقت امها طلب منها
اهلها ان ترمي له ابنته كما رماها هي و انقطعت العلاقة بينها وبين امها وقامت جدتها ام والدها بتربيتها و تكفل جدها والد ابيها بلانفاق عليها حتى تزوجت و والدها المعني بلامر تخل عن جميع واجباته تجاه ابنته وتزوج باخرى وانجب منها واخفى على اولاده ان لهم اخت من ابيهم حتى كبرو و عرفو الحقيقة و تقول ان بعض الناس ينقلون لها كلام يقوله ابيها عنها و انه قال مرة انه سيدوسها بالسيارة و تقول حينما كبرت قليلا كرهت العيش عند جدتها ذهبت لتعيش عند والدها رفضتها زوجة ابيها و عادت الى جدتها فحقدت هذه الاخت على والدها و كرهته و عندما كبر حاول التقرب منها لكنها
صدته و عاد الاب لعادته القديمة و نفس المشكل مع امها هذه الاخت تعاني من مشاكل نفسية و هي تعالج عند طبيب نفسي من جراء ما عانته في طفولتها و هي تقول انها خسرت الدنيا و الاخرة و تحس بالذنب لانها قطعت الصلة مع امها و ابيها و اخوتها و هي تطلب منك النصيحة و الحكم الشرعي لكرهها و حقدها عليهم و لنفورها منهم
أُوصِيها بالتقوى والصبر واحتساب ما وَقَع لها عند الله ، فإنه لا يَضيع عند الله مثقال ذرّة .
وأن تَصِل والِدَيها ، ولا تقطعهم ، وإن قطعوها ، وتُحسن إليهم وإن أساءوا إليها ، وأن لا تُقابِل الإساءة بالإساءة ، بل تُقابِلها بالإحسان مع والديها خاصة ، ومع مَن أحسنوا إليها مِن باب أوْلَى .
فإن الله عَزّ وَجَلّ أوصَى بالوالدين ، وأمَر بِبِرّهِمَا وإن كانا كافرين .
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن صِلَة الرَّحم لا تكون مِن أجل الصِّلَة المقابِلَة ، بل تكون حقيقة صِلَة الرَّحم في حال قَطعها مِن الطرف الآخر .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ ، وَلَكِنْ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمه وَصَلَهَا . رواه البخاري .
ويُروَى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : ليس الوَصْل أن تَصِل مَن وَصَلك ؛ ذلك القصاص ، ولكن الوَصل أن تَصِل مَن قَطَعك . رواه عبد الرزاق ، ومِن طَريقِه : رواه البيهقي في " شُعب الإيمان " .
قال الحافظ العراقي : والمراد بالوَاصِل في هذا الحديث الكامل ، فإن في المكأفاة نوع صِلة بِخلاف مَن إذا وَصَله قريبه لم يُكافئه ، فإن فيه قَطعا بإعراضه عن ذلك ، فهو من قَبِيل : " ليس الشديد بالصُّرَعة " و" ليس الغِنى عن كثرة العَرَض ".
قال ابن حجر : لا يَلزم مِن نَفي الوَصل ثبوت القَطع ، فهم ثلاث درجات : مُواصِل ، ومُكافِئ ، وقاطِع .
فالوَاصل مَن يَتفَضّل ولا يُتَفَضَّل عليه ، والمكافئ الذي لا يَزيد في الإعطاء على ما يأخذ ، والقاطع الذي يُتَفَضَّل عليه ولا يَتَفَضَّل .
وكما تقع المكافأة بالصِّلَة مِن الجانبين كذلك تقع بالمقاطعة مِن الجانبين ؛ فمن بدأ حينئذ فهو الواصِل ، فإن جُوزِي سُمِّي مَن جازاه مُكَافِئا . اهـ .
ومن يُقابِل الإساءة بالإحسان ، فهو على خَير ، وهو مُؤيَّد من الله عزّ وجلّ . ولذا لَمّا جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إن لي قَرابة أصِلُهم ويَقطعوني ، وأحسن إليهم ويُسيئون إليّ ، وأحلم عنهم ويَجهلون عليّ ، فقال : لئن كنت كما قلتَ فكأنما تُسِفّهم الْمَلّ ، ولا يَزال معك مِن الله ظهير عليهم ما دُمْتَ على ذلك . رواه مسلم .
والْمَلّ هو الرماد الحار .
ومَن عفا فَلَه الأجر العظيم الذي لا يَعلَم به إلاّ الله ؛ كما قال ربّ العِزّة سبحانه : (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) .
فمَن عفا وأصْلَح ، عَفَا الله عنه ، وتولّى الله جزاءه .
وباب التوبة مفتوح ، والله يَقبَل توبة مَن تاب وأصْلَح .
قال الله تبارك وتعالى : (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ) .
وما تُعانيه الأخت السائلة هو إحدى نتائج التصرفات الرعناء التي تَخرج عن ضوابِط الشرع ، ويُتّبَع فيها الهوى ، فقد وَرَد في السؤال : (وطُلب منها أهلها أن ترمي له ابنته كما رماها هي) ، والخطأ لا يُعالَج بالخطأ ، كما أن النار لا تُطفأ بالنار .
وهذا التصرّف مع ما فيه مِن التحريم والْمُنكَر ، فإنه يدلّ على قسوة القلب بل وتحجّره ، وإلاّ فكيف تتخلّى أمٌّ عن أولادها مُضارّة بِأبيهم ؟!