[محب السلف]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
كنت أقرأ في كتاب سبل السلام من صحيح سيرة خير الأنام عليه الصلاة والسلام،وما لفت انتباهي قول الكاتب أنه الرسول عليه الصلاة والسلام، كان يأتيه جبريل أحيانا في مثل صلصلة الجرس، وكان ذلك أشده على النبي عليه أفضل الصلاة والسلام.
سؤالي:كيف يعني صلصلة الجرس؟!! هل مجرد صوت فقط أم ماذا ؟!! ولماذا كان ذلك أشد شيئا على النبي عليه الصلاة والسلام؟؟!!
وجزاكم الله عنا خير الجزاء.

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا

روى البخاري ومسلم من حديث عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَام رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَحْيَانًا يَأْتِينِي مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ ، وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ ، فَيُفْصَمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ مَا قَالَ ، وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِي الْمَلَكُ رَجُلا فَيُكَلِّمُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ . قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ فَيَفْصِمُ عَنْهُ وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا .

وهذا بيان لِصِفَة الوحي وهيئته .
قال ابن حجر : الصَّلْصَلَة الْمَذْكُورَة صَوْت الْمَلَك بِالْوَحْيِ .

قال المهلب : قوله : مثل صلصلة الجرس - ، يعنى قوة صوت الملَك بالوحي ، ليشغله عن أمور الدنيا، ويُفرغ حواسه للصوت الشديد، فكان - صلى الله عليه وسلم -، يَعي عنه، لأنه لم يَبقَ في سمعه مكان لغير صوت الملك ولا في قلبه .

وقال ابن بطال : وعلى هذه الصفة تتلقى الملائكة الوحي من الله عز وجل. ذكر البخاري عن ابن مسعود ، قال : إذا تكلم الله بالوحي سَمِع أهل السماوات - .

وقال أبو هريرة في حديثه : إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانًا لقوله ، كأنه سلسلة على صفوان ينفذهم ذلك ، قال : فإذا فُزِّع عن قلوبهم وسكت الصوت عَرَفُوا أنه الحق ، وقالوا : ماذا قال ربكم ؟ قالوا : الحق .

ونقل النووي عن الْخَطَّابِيّ قوله : مَعْنَاهُ أَنَّهُ صَوْت مُتَدَارَك ، يَسْمَعُهُ وَلا يُثْبِتُهُ أَول مَا يَقْرَعُ سَمْعَهُ حَتَّى يَفْهَمَهُ مِنْ بَعْد ذَلِكَ . قَالَ الْعُلَمَاء : وَالْحِكْمَة فِي ذَلِكَ أَنْ يَتَفَرَّغَ سَمْعُهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلا يَبْقَى فِيهِ وَلا فِي قَلْبه مَكَان لِغَيْرِ صَوْت الْمَلَك .

وأما كونه أشدّ أنواع الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم ، فلأنه مِن جُملة الوحي ، وهو كله شديد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو القول الثقيل ، مع ما يحتاج إليه في هذا النوع من الوحي إلى إلقاء السمع .

قال ابن حجر : قَوْله : " وَهُوَ أَشَدّه عَلَيَّ " يُفْهَم مِنْهُ أَنَّ الْوَحْي كُلّه شَدِيد ، وَلَكِنَّ هَذِهِ الصِّفَة أَشَدّهَا ، وَهُوَ وَاضِح ؛ لأَنَّ الْفَهْم مِنْ كَلام مِثْل الصَّلْصَلَة أَشْكَل مِنْ الْفَهْم مِنْ كَلام الرَّجُل بِالتَّخَاطُبِ الْمَعْهُود .

وسبق :
سؤال عن وصف النبي ﷺ للوحي "أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس فيُفْصَم عني وقد وعيت عنه"
https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=3762

والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم