ناصرة السنة

مشرفة عامة


رقم العضوية : 46
الإنتساب : Feb 2010
المشاركات : 3,214
بمعدل : 0.62 يوميا

ناصرة السنة غير متواجد حالياً عرض البوم صور ناصرة السنة


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم السنـة النبويـة
افتراضي هل عمر بن الخطاب عطَّلَ حدّ السرقة في عام
قديم بتاريخ : 15-02-2010 الساعة : 03:11 PM

هل ثبُتَ بالأسانيد الصحاح أنَّ عمر بن الخطاب عطَّلَ حدّ السرقة في عام الرمادة ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه الشبهة يثيرها أعداءُ الإسلامِ من بني علمان ومن لفَّ لفّهم من الجهلة ممن ينادون بفصل الدين عن نظام الحكم ... وهي :
" أنَّ عمر بن الخطاب عطَّلَ حدّ السرقة وهو قطع اليد في عام الرمادة , وقد أمر النبي باتباع سنن الخلفاء , والظروف الحالية لا تسمح بإقامة الحدود الشرعية "
وربما سولَّت لبعض الناس أنفسهم أن يستدلوا بهذه الواقعة على البدعة الحسنة في الدين , فإنَّ تعطيلَ الحد في المجاعة بدعة ليس لها في السنة أصل وهم يرونها حسنة !
سؤالي ينحصرُ في وجهين:
1- هل ثبُتَ هذا بالأسانيد الصحاح عن عمر بن الخطاب ؟
2- على فرضِ صحتِهِ فما الجواب على الإشكالين أعلاه ؟
وجزاكم الله خيراً ........


الجواب :

للحاكم العفو عن الحدود في سِنيّ المجاعة ، وهذا ما عمِل به عُمر رضي الله عنه .
فإن الحدود تُدرأ وتُدفع بالشُّبُهات ، والمجاعة شُبهة أن الجائع ما دَفَعه على السرقة إلاَّ الجوع .
وهذا موافق لِهَدْيِه عليه الصلاة والسلام .
كما أن هذا له أصل في الشريعة ، فقد فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ماعز رضي الله عنه وقد اعترف ماعِز رضي الله عنه بما اقترف .
فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول له : لعلك قَبّلْت ، أو غَمَزْت ، أو نَظَرْت . رواه البخاري .
فكأن النبي صلى الله عليه وسلم يُلقنه ، وهو مع ذلك يُعيد اعترافه .

وكان عُمر رضي الله عنه يقول : لأن أُعَطِّل الحدود بالشبهات أحب إليّ مِن أن أُقيمها بالشبهات

ولم يَنْفَرِد عمر رضي الله عنه بهذا ، فقد جاء هذا عن معاذ وعبد الله بن مسعود وعقبة بن عامر أنهم قالوا : إذا اشتبه عليك الْحَدّ فادْرأه . رواه ابن أبي شيبة .
وقالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم ، فإذا وجدتم للمسلم مَخْرَجاً فَخَلّوا سبيله ، فإن الإمام إذا اخطأ في العفو خير مِن أن يُخطئ في العقوبة . رواه ابن أبي شيبة .

فَعُلِم أن هذا من باب السياسة الشرعية ، وأن هذا الفعل ليس مِن قَبِيل البِدَع ، ولا هو مِن بابتها ، ولا يُدخله في باب البِدع إلاّ جاهل !

ثم إن عمر رضي الله عنه من الخلفاء الراشدين ، وقد أُمِرنا بالاقتداء بهم .
وقد قال عليه الصلاة والسلام : اقتدوا باللذين من بعدي : أبي بكر وعمر . رواه أحمد والترمذي ، وهو حديث صحيح .

وقد قرر ابن حزم رحمه الله أن مكانة الشيخين ( أبي بكر وعمر ) تقتضي أنهما لا يَسُنّان غير سُنته عليه الصلاة والسلام ، ولا يقولان بقول خارج عن سُنّـته صلى الله عليه وسلم .
قال ابن حزم رحمه الله : فإن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا أمر باتِّباع سنن الخلفاء الراشدين لا يخلو ضرورة من أحد وجهين :
إما أن يكون صلى الله عليه وسلم أباح أن يَسُنّوا سُننا غير سُننه ، فهذا ما لا يقوله مسلم !
وأما أن يكون أمر باتِّباعهم في اقتدائهم بسنته صلى الله عليه وسلم ، فهكذا نقول : ليس يحتمل هذا الحديث وجها غير هذا أصلا . وقال بعضهم : إنما نَتّبعهم فيما لا سُنَّة فيه . اهـ .
ومقصوده أن الخلفاء الراشدين لا يخرجون عن السُّـنَّـة وأصولها .
هذا من جهة .

ومن جهة أخرى فإن العلماء يُفتُون بِموجب قول عمر وفعله إذا كان ذلك في سِنيّ المجاعة .
قال ابن القيم :
فصل : سقوط حد السرقة أيام المجاعة :
المثال الثالث : أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أسقط القطع عن السارق في عام المجاعة .
قال السعدي : حدثنا هارون بن إسماعيل الخراز ثنا علي بن المبارك نا يحيى بن أبي كثير حدثني حسان بن زاهر أن ابن حدير حدثه عن عُمر رضي الله عنه قال : لا تُقْطَع اليد في عِذق ولا عام سَنَة . قال السعدي : سألت احمد بن حنبل عن هذا الحديث ، فقال : العِذق النخلة ، وعام سَنة المجاعة . فقلت لأحمد : تقول به ؟ فقال : إي لعمري ! قلت : إن سرق في مجاعة لا تقطعه ؟ فقال : لا ، إذا حملته الحاجة على ذلك والناس في مجاعة وشدة .
قال : وقد وافق أحمد على سقوط القطع في المجاعة الأوزاعي ، وهذا مَحْض القياس ومقتضي قواعد الشرع ، فإن السُّـنَّة إذا كانت سَنة مَجَاعة وشِدّة غَلَب على الناس الحاجة والضرورة فلا يكاد يَسلم السارق مِن ضَرورة تَدعوه إلى ما يَسدّ بِه رَمقه .

ومع ذلك فقد قرّر العلماء أنه إذا استبان أن السارق سَرق من غير حاجة فإنه يُقام عليه الحدّ ، وإن كان في سِنيّ مجاعة .

قال ابن القيم :
وعام المجاعة يكثر فيه المحاويج والمضطرون ، ولا يتميز المستغنى منهم والسارق لغير حاجة من غيره ، فاشْتَبَه مَن يَجب عليه الْحَدّ بِمَن لا يجب عليه ، فَدُرِئ . نَعم ، إذا بان أن السارق لا حاجة به وهو مُسْتَغْن عن السرقة قُطِع . اهـ .

وأما قولهم : (الظروف الحالية لا تسمح بإقامة الحدود الشرعية) ، فهذا باطل مِن وُجوه :
الأول : أن إقامة الحدود الشرعية ، وهو الأصل ، فلا يُعدل عنه إلاّ من أجل مصلحة راجحة ، كَدرء الحدود بالشُّبُهات .
الثاني : أن تعطيل الحدود إنما هو بمثابة فتح أبواب الإجرام ! وكم تشكو الدول الغربية قبل غيرها من الجرائم ، وما ذلك إلاّ بسبب تعطيل الحدود .
الثالث : أن المقصود إلغاء شرع الله ، وليس الاقتداء بِعمر رضي الله عنه ؛ لأن سياسة عمر رضي الله عنه كانت شديدة مع الخصوم فضلا عن الأعداء .
وقد اشتهر عن عمر رضي الله عنه الشدّة مع المخالف ، خاصة فيما يتعلّق بِحريّة الفكر - فيما يزعمون - فقد جَلد صَبيغ بن عسل من أجل إثارة الشبهات ، كما في أصول السنة للإمام اللالكائي .
فإن كان القصد الاقتداء بِعمُر رضي الله عنه ، فليُعمل بهم سُنة عمر رضي الله عنه مع صبيغ !!
الرابع : أن الظروف الحالية هي أنسب ما يكون لإقامة الحدود ، وإثبات التجربة الإسلامية في التعامل مع المجرمين ، واستئصال شأفتهم !
الخامس : أن الدول الكبرى تُقيم الحدود ، وإن كان بصورة أخرى ، فَحُكم الإعدام يُعمل به في دول أمريكا وفي الصين ، وفي غيرها ، وهو واقع لا يُنكر !
وكنت أشرت إلى بعض ذلك هنا :
http://saaid.net/Doat/assuhaim/8.htm

وسبق أن نشرت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) في موقعها خبرا عن إعدامات في أمريكا ، كما هنا :
http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/news...00/1397173.stm

وكما هنا :
http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/news...00/1274923.stm

ومع ذلك لا نرى من " كُتابنا " من يعيب عقوبة الإعدام في أمريكا ، ولا في الصين !
وهذا يؤكِّد ما قلته قبل قليل من أن المقصود هو إلغاء شرع الله ، وأن الهجوم على الحدود لارتباطها بالشريعة !!

كما أننا لم نسمع عن ضجيج إعلامي ولا اتِّهام بالإرهاب للقاتل الأمريكي " تيموثي مكفي " ! الذي قَتَل (168 شخصا في الانفجار) حسب إفادة موقع هيئة الإذاعة البريطانية ..

السابع : أنه ليس أردع للمجرمين من إقامة الحدود ، كما أنه ليس أرسخ للأمن من إقامة الحدود .
يُحدّثني أحد الدعاة أنه ألقى محاضرة على مجموعة من الغربيين ، فلما انتهت المحاضرة طرحوا عليه مجموعة من الشبهات والإشكالات حول قضايا عِدّة في الإسلام ، ومنها : الحدود .
يقول : فسألتهم ؟ هل تجدون هذا الأمة في بلادكم ؟
قال : فأجابوا : لا .
قلت : هذا الأمن أحد فوائد إقامة الحدود .
وهذا صحيح ، فإن العرب كانت تقول : القَتْل أنْفَى للقَتْل ، وقول الله عزّ وجلّ أبلغ وأحكم وأصدق : (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الأَلْبَابِ) .
فإقامة الحدود حياة ، وتعطيل الحدود وفاة !
وإقامة الحدود ترسيخ للأمن ، وتعطيل الحدود إضعاف أو إزهاق للأمن !

والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم


إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ارتكبت الكثير من الكبائر والمحرمات من السرقة والكذب والزنا وشهادة الزور فما كفارة ذلك ؟ نسمات الفجر قسم التوبـة والدعوة الى الله وتزكية النفس 0 14-02-2016 09:15 AM
تُبت من السرقة وأخشى على نفسي من الضرر إذا أرجعت المسروقات فماذا أفعل ؟ محمد سالم ا قسـم الفقه العـام 1 29-04-2015 07:23 PM
يقول كيف يحدث القتل و السرقة و الاختطاف في مكة ، وقد جعله الله بلدا آمِنا ؟ راجية العفو قسـم الفتـاوى العامـة 0 04-09-2014 06:27 PM
السرقة الادبية فى المنتديات ناصرة السنة قسـم الأنترنـت 0 26-03-2010 07:01 PM
تاب مِن السرقة ، فكيف يتصرف مع مَن سرقهم ؟ ناصرة السنة قسم التوبـة والدعوة الى الله وتزكية النفس 0 20-02-2010 09:49 PM

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 04:07 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى