جاء في الأحاديث الحث على الاحتساب ، وهو : إدِّخار الأجر وإن يَحسبه في حسناته . كما يقول القاضي عياض .
وقال ابن الأثير : والاحْتِساب في الأعمال الصالحة وعند المكروهات هو : البِدَارُ إلى طَلَب الأجْر وتحصيله بالتَّسْليم والصَّبر ، أو باستعمال أنواع البِرّ ، والقِيام بها الوجْه المرْسُوم فيها طَلَبا للثَّواب المرْجُوّ منها . اهـ .
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ .
وفيهما أيضا من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ .
وكثير مِن الناس إنما يؤدِّي الفرائض مِن باب أداء الواجب ، وأن تبرأ ذِمّـته ، ويغفل عن التقرّب إلى الله بالفرائض ، وأن أفضل ما تَقرّب به مُتقرِّب هو الفرائض ، لقوله تعالى في الحديث القدسي : وما تَقَرَّب إلِيّ عبدي بشيء أحبّ إلِيّ مما افترضت عليه . رواه البخاري .
ولا يَقْدَر قَدْر أجور الفرائض إلاّ الله تعالى ..
وإذا أردت أن تتصوّر عِظَم أْجور الفرائض فتأمل قوله عليه الصلاة والسلام : رَكْعَتَا الفَجْر خَيْر مِن الدُّنيا ومَا فِيها. رواه مسلم . وأصْل الحديث في الصحيحين .
فإذا كان هذا هو أْجر النافلة ، فكيف بأجْر الفريضة ؟
وإذا كان " من صام يوما في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا " . رواه البخاري ومسلم .
فكيف بِمَن صام الشهر كاملا ، وهو صيام فريضة ؟
وقد جَعَل الله جزاء الصوم إليه ، فقال في الحديث القدسي : كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ . رواه البخاري ومسلم .
وذلك لأمور اجْتَمعت في الصيام ، منها :
1- أن الصيام سِرّ بين العبد وبين ربِّه تبارك وتعالى ، فلَمّا حَفِظ العبد هذا السرّ كان جزاؤه مَخْفِيًّا .
2 – أن الصيام لم يُتعبَّد به لِغير الله تعالى .
3 – أن الصيام مُتضمِّن للصَبر ، وقد قال الله تعالى : (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) .