العودة   منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية فتاوى الإرشاد قسـم المقـالات والـدروس والخُطب
منوعات المجموعات مشاركات اليوم البحث

إضافة رد
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع

عبد الرحمن السحيم

رحمه الله وغفر الله له


رقم العضوية : 5
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : في دار الممر .. إذْ لا مقرّ !
المشاركات : 3,574
بمعدل : 0.69 يوميا

عبد الرحمن السحيم غير متواجد حالياً عرض البوم صور عبد الرحمن السحيم


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم المقـالات والـدروس والخُطب
افتراضي كثُر الكلام حول الإكثار مِن خَتْم القُرآن ، وخاصة في رمضان .
قديم بتاريخ : 01-06-2018 الساعة : 09:36 AM

كثُر الكلام حول الإكثار مِن خَتْم القُرآن ، وخاصة في رمضان .

وبعضهم يستدلّ بِحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ، وفيه : اقرأ في كل سَبْعِ لَيالٍ مَرّة . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية : ولا تَزِد على ذلك .
قال الإمام البخاري عن هذا الحديث : وقال بعضهم : في ثلاث ، وفي خَمْس ، وأكثرهم على سبع .
ويستدلّ بعضهم بحديث : لا يَفْقَه مَن قَرأه في أقلّ مِن ثلاث . رواه الإمام أحمد وأبو داود ، وصححه الألباني والأرنؤوط .
وبِقَول ابن مسعود رضي الله عنه : مَن قرأ القرآن في أقلّ مِن ثلاث فهو رَاجِز . رواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة .

وما يُقابِل ذلك مِن الآثار المرويّة عن الصحابة والتابعين مِن خَتْم القرآن في أقلّ مِن ثلاث ، أو قراءة القرآن في رَكعة ، ونحو ذلك ؛ وهذا قد جاء عن عثمان بن عفّان رضي الله عنه ، وعن تَمِيم الدَّارِيّ رضي الله عنه وعن سَعِيد بن جُبَيْر وسَعْد بن إِبْرَاهِيم .
فقد ثَبَت عن عثمان بن عفان رضي الله عنه
أنه قرأ القرآن كلّه في ركعة واحدة ، كما في مصنّف عبد الرزاق ومصنّف ابن أبي شيبة .

قال عبد الرحمن بن عثمان التيمي : قلت : لأغْلِبَنّ الليلة على المَقام ، فسَبَقت إليه ، فبينا أنا قائم أصلي ، إذْ وضع رجل يده على ظهري ، فنظرت ، فإذا هو عثمان بن عفان رحمة الله عليه وهو خليفة ، فتَنَحّيت عنه ، فقام ، فمَا بَرِح قائما حتى فَرَغ مِن القرآن في ركعة ، لم يَزِد عليها ، فلمّا انصَرَف ، قلت : يا أمير المؤمنين ، إنمّا صَلّيت رَكعة ! قال : أجَل ، هي وِتْرِي . رواه ابن المبارك في " الزهد " .
وفي رواية : قال عبد الرحمن بن عثمان : قُمتُ خَلف الْمَقام أُصلّي ، وأنا أُريد أن لا يَغْلِبني عليه أحد تلك الليلة ، فإذا رَجُل مِن خَلْفي يَغْمِزني ، فلم ألْتَفِت إليه ، ثم غَمَزَني فَالْتَفَت ، فإذا هو عثمان بن عفان ، فتَنَحّيتُ ، وتقدّم وقرأ القرآن كُلّه في رَكعة ، ثم انصرف . رواه ابن أبي شيبة .

وعَن ابن سِيرِين أَنّ عُثْمَانَ كَان يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي رَكْعَةٍ ، يُحْيِي بِهَا لَيْلَةً . رواه
عبد الرزاق .

ورَوَى ابن سِيرِين أنّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ قَرَأ الْقُرْآنَ كُلَّه فِي رَكْعَة .
رواه ابن المبارك في " الزهد " وابن أبي شيبة .

ورَوى حَمَّاد بن أَبِي سُلَيْمَانَ ، قَال : سَمِعْتُ سَعِيدَ بن جُبَيْر ، يَقُول : قَرَأْتُ الْقُرْآنَ فِي الْكَعْبَة فِي رَكْعَةٍ .
رواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة .

وقَال مُجَاهِد : كَان عَلِيٌّ الْأَزْدِيُّ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي رَمَضَانَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ . رواه ابن أبي شيبة .

وكان هذا العمل لا يُستَنْكَر مِن الأئمة .

قال ابن وهب : قيل لِمَالِك : الرّجل الْمُحْصر يَخْتم القرآن في ليلة ؟ قال : ما أجْود ذلك ، إن القرآن إمام لكل خير ، قال مَالِك : ولقد أخبرني مَن كان يُصَلّي إلى جَنْب عُمر بن حسين في رمضان ، قال : كنت أسمعه يَسْتَفْتِح القرآن في كلّ لَيلَة . رواه البيهقي في " شُعب الإيمان " .

وقال ابن بطّال : رَوى ابن القاسم وابن وهب عن مالك فى الهَذّ في القراءة قال : مِن الناس مَن إذا هَذّ أخَفّ عليه ، وإذا رَتّل أخطأ . ومِن الناس مَن لا يُحسِن الهَذّ .
والناس فى هذا على قَدْر حَالاتهم وما يَخِفّ عليهم ، وكُلّ واسِع . وقد رُوي عن جماعة مِن السّلَف أنهم كانوا يَختِمون القرآن فى رَكعة ، وهذا لا يُمكِن إلاّ بِالهَذّ . اهـ .

وقراءة القرآن في ليلة مُحتَمَلَة مِن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فإنه صلى الله عليه وسلم قرأ في رَكعة واحِدة أكثر مِن خمسة أجزاء ، وهذا يَعني أنه لو صَلّى سِتّ رَكعات بهذه الطريقة لَخَتَم القرآن في ليلة . وهذا مُحتَمل في ليالي الشتاء الطويلة .

ففي حديث حذيفة رضي الله عنه قال : صَلّيت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة ، فقلت : يَركَع عند المائة ، ثم مضى ، فقلت : يُصلي بها في ركعة ، فمَضَى ، فقلت يَركَع بها ، ثم افتتح النساء فقرأها ، ثم افتتح آل عمران فقرأها ، يقرأ مُتَرسِّلا إذا مَرّ بآية فيها تسبيح سَبَّح ، وإذا مَرّ بِسُؤال سَأل ، وإذا مَرّ بِتعوِّذ تَعوَّذ . رواه مسلم .
قال ابن حَجَر : وهذا إنما يَتَأتّى في نحو مِن سَاعَتين ، فلعله صلى الله عليه و سلم أحْيَا تلك الليلة كُلّها . اهـ .

وقراءة القرآن في أقلّ مِن ثلاث لم يَرِد نَهْي صريح عنها ، وإنما قَرّر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ، مع الخلاف الذي أشار إليه الإمام البخاري : ثلاث ، خَمْس ، سَبْع ، وهو مُحتَمل أنه توجيه خاص بِعبد الله بن عمرو ، بِدليل أنه قال – في رواية أحمد وأبي داود - : لا يَفْقَه مَن قَرأه في أقلّ مِن ثلاث .
وتَخْتَلِف وصايا النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه بِحسب ما يَعرِف عنهم ، وما يُطيقون ، وما يُناسِب كلّ واحد منهم ؛ فقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم رَجُلاً فقال : لا تغضب ، فرد مرارا ، لا تغضب . كما عند البخاري .
وقال لآخر : عليك بالجهاد ، فإنه رَهبَانِيّة الإسلام . كما في مسند الإمام أحمد وغيره .
وقال لثالث : عليك بالصّوم ، فإنه لا مِثل له . وفي رواية قال : لا عِدْلَ له . كما في مسند الإمام أحمد وغيره .

ولذلك قال الإمام الترمذي : وقال بعض أهل العِلم : لا يُقرأ القرآن في أقل مِن ثلاث ؛ للحديث الذي رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ورَخّص فيه بعض أهل العِلم ، ورُوي عن عثمان بن عفان أنه كان يقرأ القرآن في رَكعة ، يُوتِر بها . ورُوي عن سعيد بن جبير أنه قَرأ القرآن في رَكْعة في الكَعْبة .
والترتيل في القراءة أحبّ إلى أهل العِلْم . اهـ .


ونَفْي الفِقْه والتّفقّه في القرآن والتّدبّر لا يَنْفِي حصول الأجر المذكور في قوله عليه الصلاة والسلام : مَن قرأ حَرْفا مِن كتاب الله فَلَه به حَسَنة ، والْحَسَنة بِعَشْر أمثالها ، لا أقول " آلم " حَرْف ، ولكن ألف حَرْف ، ولام حَرْف ، ومِيم حَرْف . رواه الترمذي وصححه الألباني .

وقد ذَكَر العلماء الخِلاف في تفضيل الترتيل مع قِلّة القراءة على سرعة القراءة مع كثرتها .

قال ابن القيم : اختلف الناس في الأفضل مِن الترتيل وقِلّة القراءة أو السرعة مع كثرة القراءة أيهما أفضل ؟ على قولين .
فذهب ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما وغيرهما إلى أن الترتيل والتدبر مع قِلّة القراءة أفضل مِن سُرعة القراءة مع كثرتها . واحتجّ أرباب هذا القول بأن المقصود مِن القراءة فَهْمه وتَدَبّره والفِقه فيه والعمل به ، وتلاوته وحِفظه وَسِيلة إلى معانيه ، كما قال بعض السلف : نَزَل القرآن ليُعْمَل به فاتّخَذُوا تِلاوته عَمَلاً .
ولهذا كان أهل القرآن هم العَالِمُون به والعَامِلُون بما فيه وإن لم يَحْفَظوه عن ظَهْر قَلْب ، وأما مَن حَفِظه ولم يَفْهمه ولم يَعْمَل بما فيه فليس مِن أهله وإن أقام حُروفه إقامة السّهْم ...
وقال أصحاب الشافعي رحمه الله : كَثْرة القراءة أفضل ، واحْتَجّوا بحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَن قرأ حَرْفًا مِن كِتاب الله فَلَه به حَسنة ، والحسنة بِعَشر أمثالها ، لا أقول " الم " حَرْف ، ولكن ألِفٌ حَرْف ، ولامٌ حَرْف ، ومِيمٌ حَرْف . رواه الترمذي وصححه . قالوا : ولأن عثمان بن عفان قرأ القرآن في رَكعة ، وذكروا آثارا عن كثير مِن السلف في كثرة القراءة .
والصواب في المسألة : أن يُقال : إن ثواب قراءة الترتيل والتدبّر أجَلّ وأرفع قَدْرا ، وثواب كَثْرة القراءة أكثر عَددا ؛ فالأوّل كَمَن تَصَدّق بِجَوْهَرة عَظيمة ، أو أعتق عبدا قيمته نفيسة جدا ، والثاني : كَمَن تَصَدّق بِعَدد كثير مِن الدراهم ، أو أعتق عددا مِن العَبيد قِيمَتهم رَخِيصَة . اهـ .

وحَمَل بعض العلماء النهي عن قراءة القرآن في أقلّ مِن ثلاث على المُداومة على ذلك .

قال ابن رَجب : و إنما وَرد النّهي عن قراءة القرآن في أقلّ مِن ثلاث على المداومة على ذلك ، فأما في الأوقات الْمُفَضّلة ؛ كَشَهر رَمضان ، خُصوصا الليالي التي يُطلَب فيها ليلة القَدْر ، أو في الأماكن الْمُفَضّلة ؛ كَمَكّة لِمَن دَخَلها مِن غير أهلها ، فيُسْتَحبّ الإكثار فيها مِن تلاوة القرآن اغتناما للزّمان والمكان ، وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما مِن الأئمة ، وعليه يَدلّ عَمَل غيرهم . اهـ .

وخِتاما :
فهذه المسألة تحتاج إلى فِقْه نَفْس ؛ فَلَسْنَا نَرَى الناس في إقبال على قِراءة القرآن ، وقد تتابَعوا على قراءة القرآن في رَكعة ، أو في ليلة ، مِن أجل أن نُبيّن لهم ونَنْهاهُم !

وأذكر بعض الأساتذة تَكلّم عمّا وَرَد عن أهل العِلم في رمضان ، مِن أنهم يَترُكون التدريس وتعليم الناس ويُقبِلون على قراءة القرآن ، وحاول تفنيد ذلك وتضعيفه !!
وهذا خطأ مَنْهَجيّ وسُلوكيّ مِن وَجهين :
الوجه الأول : أنه بهذه الطريقة يُهوّن مِن شأن قراءة القرآن ، ويُضعِف الْهِمَم عن قراءة القرآن والإقبال عليه ، خاصة في رمضان .
الوجه الثاني : أنه أراد أن يُنَزّل قواعِد الْمُحَدِّثِين في رواية الحديث النبوي على ما وَرَد عن الأئمة !
وهذا غير صحيح ؛ فإن الأئمة احتاطُوا لِحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يَحتاَطوا لِغَيره ؛ لأن كلام النبي صلى الله عليه وسلم ليس كَكَلام غيره ، ولأن حديث النبي صلى الله عليه وسلم تُؤخَذ مِنه الأحكام بِخلاف الكلام الذي تُؤخَذ مِنه الْحِكمَة دون الأحكام .

قال أبو زكريا العنبري : الخْبَر إذا وَرَد لم يُحرم حَلالا ، ولم يُحِلّ حَرَاما ، ولم يُوجِب حُكما ، وكان في ترغيب أو ترهيب ، أو تشديد أو تَرخِيص ، وَجَب الإغماض عنه ، والتّسَاهل في رُوَاته . رواه الخطيب البغدادي في " الكفاية " .

قال الخطيب البغدادي في " الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع " : وَأَمَّا أَخْبَارُ الصَّالِحِينَ وَحِكَايَاتُ الزُّهَّادِ وَالْمُتَعَبْدِينَ وَمَوَاعِظُ الْبُلَغَاءِ وَحِكَمُ الأُدَبَاءِ ؛ فَالأَسَانِيدُ زِينَةٌ لَهَا ، وَلَيْسَتْ شَرْطًا فِي تَأْدِيَتِهَا .
ثم روى بإسناده إلى يوسف بن الحسن الرازي يقول : إسناد الحكمة وُجُودها . اهـ .
أي أن وُجُود ما يَكون مِن الْحِكَم والمواعظ كافٍ عن البحث والتفتيش عن أسانيدها ؛ لأنه لا يُبنى عليها حُكم .

وسبق :
خُطبة جمعة .. عن (رمضان والقرآن)
https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=21343

وللفائدة :
هل تُشترَط صِحة الأسانيد في نقل قِصَصٍ عن الصحابة والصالحين ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=15431


إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هل قراءة القرآن بتدبر في رمضان أفضل أم الإكثار من عدد الختمات؟ طالبة علم قسم القـرآن وعلـومه 1 10-06-2016 04:52 AM
الإكثار مِن الحلف في أثناء الكلام هل يُلزِم الكفارة إذا لم ينفّذه صاحبه ؟ راجية العفو قسـم الفقه العـام 0 11-04-2015 09:53 PM
كثُر الكلام عن الوهابية .. فما تعريفها ؟ محب السلف قسم التوبـة والدعوة الى الله وتزكية النفس 0 13-03-2010 09:45 PM
ماحكم الكلام بالسر وهل نحاسب عليه؟ راجية العفو إرشـاد المـرأة 0 01-03-2010 10:26 PM
ينتشر الكلام عن الجن وأن لهم سيطرة على البحر خصوصا في الليل ، ما صحة هذا الكلام ؟ عبق قسـم البـدع والمـحدثـات 0 15-02-2010 04:47 PM


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 09:12 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى