نسمات الفجر
الصورة الرمزية نسمات الفجر

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 19
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 3,356
بمعدل : 0.65 يوميا

نسمات الفجر غير متواجد حالياً عرض البوم صور نسمات الفجر


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم المقـالات والـدروس والخُطب
افتراضي دورة سعادتي في عبادتي ... (تزكية النفس في الكتاب والسنة)
قديم بتاريخ : 18-11-2012 الساعة : 07:53 AM

لا يُوجد أمر أقسم الله عليه كما أقسم على تزكية النفس ، فإنه تبارك وتعالى أقسم أحد عشر قَسَمًا على تزكية النفس ، فقال تعالى : (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4) وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5) وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا)
فأقسم بالشمس وبِضُحاها (2) .
وأقسم بالقمر
وأقسم بالنهار
وأقسم بالليل
وأقسم بالسماء وبانيها (2) أو بالسماء وبُنيانها
وأقسم بالأرض ومَن سَوّاها (2) .
وأقسم بالـنَّفْس ومَن سوّاها (2) .
فهذه أحد عشر قَسَمًا أقسم بها الله على أمر عظيم
كل هذا لِتعظيم القَسَم والْمُقْسَم عليه ، وهو جواب القَسَم : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا) الآيات .
قال ابن كثير : وقوله تعالى : (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا) أي : خَلَقها سَويّة مستقيمة على الفطرة القويمة. اهـ .

فقد أقسم الله على فلاح من زكّى نفسه ، وعلى خيبة من دسّاها .

قال ابن القيم : فأصل الخير كله - بتوفيق الله ومشيئته - شرف النفس ونُبْلها وكبرها ، وأصل الشرّ خِسّتها ودناءتها وصغرها . قال تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) أي: أفلح من كبّرها وكثّرها ونَمّاها بطاعة الله ، وخاب من صَغّرها وحَقّرها بمعاصي الله ، فالنفوس الشريفة لا ترضي من الأشياء إلاّ بأعلاها وأفضلها وأحمدها عاقبة ، والنفوس الدنيئة تحوم حول الدناءات وتقع عليها ، كما يقع الذباب على الأقذار ! . اهـ .

والسعادة .. أن لا يَضِلّ الإنسان ولا يشقى ..
وهذا ما وَعَد الله به عباده لِمَن تمسّك بِكتابه وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
قال تعالى : (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى) ثم أعقب ذلك بِذِكْر ضِدِّه ، فقال : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا) وهذا في الدنيا ، وأما في الآخرة فقال : (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) .

وقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تزكية نفوس أصحابه ، وعلى تعلّقها بِالله عزّ وَجَلّ ، فما كان يَعِدهم الدنيا ، وإن بشّرهم بِفتحها عليهم ، وإن أخبرهم بِفتوحات بلاد فارس ، وبِكنوز كسرى وقيصر ..
ومن هنا تعلّقت هِمم الصحابة رضي الله عنهم بالآخرة ، وإن عَمَروا الدنيا ، وإن فتحوا الفتوحات .. إلاّ أن أحدهم ما كان ينسى في غمرة ذلك حظّه من العمل الصالح مهما بلغ من المنازل ..
ولذلك لَمَّا خَدَم رَبِيعَةُ بْنُ كَعْبٍ الأَسْلَمِيّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ، قال له عليه الصلاة والسلام : سَلْ . قال رَبِيعَةُ : فَقُلْتُ : أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ . قَالَ : أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ ؟ قُلْتُ : هُوَ ذَاكَ . قَالَ : فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ . رواه مسلم .

قال ابن القيم : وإذا أردت أن تعرف مَراتب الْهِمَم ، فانظر إلى هِمَّة ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه ، وقد قال له رسول الله : سلني ، فقال : أسألك مرافقتك في الجنة . وكان غيره يسأله ما يملأ بطنه أو يُواري جِلْده . وانظر إلى هِمَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم حين عُرِضَت عليه مفاتيح كنوز الأرض فأباها ، ومعلوم أنه لو أخذها لأنفقها في طاعة ربه تعالى ، فأَبَتْ له تلك الهمة العالية أن يتعلق منها بشيء مما سوى الله ومَحَابِّه ، وعُرِض عليه أن يتصرف بالملك فأباه واختار التصرف بالعبودية الْمَحْضَة ؛ فلا إله إلا الله خالق هذه الْهِمَّة ، وخالق نفس تَحملها . اهـ .

ولَمَّا سأل ثوبانُ رضي الله عنه النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يسأله إلاّ عما يُدخله الجنة ، فَقَال عليه الصلاة والسلام : عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ ، فَإِنَّكَ لا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلاَّ رَفَعَكَ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً ، وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً . رواه مسلم .

وقال معاذ رضي الله عنه : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي عَنْ النَّارِ . قَال: لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ عَظِيمٍ ، وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ ... رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه .

وتزكية النفس في القرآن على نوعين :
نوع مطلوب ، ونوع محذور
فالمطلوب هو تزكية النفس بالأعمال الصالحة والعَمَل بِطاعة الله تبارك وتعالى .
والمحذور تزكية النفس بِتبرئتها من المعاصي والاغترار بالله ، والإدلال على الله بالأعمال ، كما قال تعالى : (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى) .
قال ابن جرير في تفسيره : يقول جل ثناؤه : فلا تشهدوا لأنفسكم بأنها زكية بريئة من الذنوب والمعاصي .
وقال ابن كثير : وقوله : (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ) أي : تمدحوها وتشكروها وتَمُنّوا بأعمالكم . اهـ.

وقال عزّ وَجَلّ : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ) .

قال القرطبي في تفسيره : هذه الآية وقوله تعالى : (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ) يقتضي الغضّ مِن الْمُزَكِّي لنفسه بلسانه ، والإعلام بأن الزِّاكِي الْمُزَكَّى مَن حَسُنَت أفعاله وزَكّاه الله عز وجل ، فلا عبرة بتزكية الإنسان نفسه ، وإنما العبرة بتزكية الله له . اهـ .

ومن هنا كان أبو بكر رضي الله عنه إذا مُدِح يقول : اللهم أنت أعلم بي من نفسي ، وأنا أعلم بنفسي منهم ، اللهم اجعلني خيرا مما يظنون ، واغفر لي ما لا يعلمون ، ولا تؤاخذني بما يقولون .

قال يحيى بن معاذ : العاقل لا يَدَعه ما سَتَر الله عليه مِن عيوبه بأن يَفْرح بما أظهره مِن مَحَاسِنه .

وقال الأصمعي : قيل لأعرابي : ما أحسن ثناء الناس عليك . قال : بلاء الله عندي أحسن من مَدْح المادِحين وإن أحسنوا ، وذنوبي أكثر مِن ذمّ الذامِّين وإن أكثروا ؛ فيا أسفي فيما فَرَّطْتُ ، ويا سؤتي فيما قَدَّمْت .

فالمسلم يعمل بِطاعة الله ، ويحذر الذنوب والمعاصي ، إذ هي سبب لكل شقاء ..
وهو مع ذلك لا يُزكِّ نفسه التزكية الْمَنْهِيّ عنها ، بل ينظر إلى ذنوبه نَظَر المؤمن إليها .
قال ابن مسعود رضي الله عنه : إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ فَقَالَ بِهِ هَكَذَا ! رواه البخاري .

المؤمن تَسُرّه حَسَنته ويفرح بالتقرّب إلى الله .. وتسوءه سيئته ؛ لأنها تُباعِده من الله ..
روى الإمام أحمد من حديث أبي أمامة رضي الله عنه : أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما الإيمان ؟ قال : إذا سَرّتك حسنتك وساءتك سيئتك فأنت مؤمن . قال : يا رسول الله فما الإثم ؟ قال : إذا حاك في نفسك شيء فَدَعْه .
قال الشيخ شعيب الأرنؤوط : حديث صحيح رجاله ثقات رجال الصحيح . اهـ .

هذه إشارات إلى تزكية النفس في الكتاب والسنة .

وهنا :
دورة سعادتي في عبادتي ... (تعريف السعادة )
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=10922

دورة سعادتي في عبادتي ... (السعادة مَطْلَب)
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=10928

دورة سعادتي في عبادتي ... (الجزء العملي (1+2+3))
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=10924

دورة سعادتي في عبادتي ... (الجزء العملي 4)
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=10925

دورة سعادتي في عبادتي ... (الجزء العملي 5)
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=10926

دورة سعادتي في عبادتي ... (الجزء العملي 6)
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=10927


كتبه فضيلة الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض


وهي بالمرفقات على ملف وورد .


الملفات المرفقة
تحذير : يتوجب عليك فحص الملفات للتأكد من خلوها من الفيروسات والمنتدى غير مسؤول عن أي ضرر ينتج عن إستخدام هذا المرفق .

تحميل الملف
إسم الملف : سعادتي في عبادتي .. تزكية النفس.doc
نوع الملف: doc
حجم الملف : 100.5 كيلوبايت
المشاهدات : 2


نسمات الفجر
الصورة الرمزية نسمات الفجر

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 19
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 3,356
بمعدل : 0.65 يوميا

نسمات الفجر غير متواجد حالياً عرض البوم صور نسمات الفجر


  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : نسمات الفجر المنتدى : قسـم المقـالات والـدروس والخُطب
افتراضي
قديم بتاريخ : 18-11-2012 الساعة : 07:57 AM

ماذا يعني الاغترار بالله ؟

الجواب :
وجزاك الله خيرا

أن يغترّ الإنسان بِحِلم الله عليه ، حتى يُؤخذ على حِِين غِرّة .

وفَرّق ابن القيم رحمه الله بَيْن الثِّقَة بالله وبيْن الاغترار بالله ، فقال : والفرق بين الثقة والغرّة : أن الثقة سُكون يستند إلى أدلة وإمارات يسكن القلب إليها ، فكلما قَويت تلك الإمارات قَويت الثقة واستحكمت ، ولا سيما على كثرة التجارب وصدق الفراسة ...
وأما الغرّة فهي حال الْمُغْتَرّ الذي غرته نفسه وشيطانه وهواه وأمله الخائب الكاذب بِرَبِّـه حتى اتبع نفسه هواها ، وتمنى على الله الأماني والغرور .
ثم قال رحمه الله : ثِقتك بمن لا يُوثق به ، وسكونك إلى من لا يُسكن إليه ، ورجاؤك النفع من المحل الذي لا يأتي بخير كحال المغتر بالسراب !

ومِن الاغترار بالله أن يُقيم الإنسان على المعاصي ويطمع في رحمة الله ، وينسى أن الله أخرج آدم من الجنة بِذنْب واحد ، وان الصحابة رضي الله عنهم مع شرف مقامهم أُصيبوا يوم أُحُد بِذَنْب واحد .
ومن الاغترار بالله الاغترار بِما يُغدِق مِن نِعَم ، مع الإصرار على المعاصي ، فيظن المغرور أن تلك الـنِّعَم إنما هو بسبب كرامته على الله ، كما قال تعالى عن هذا الصِّنْف : (فَأَمَّا الإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ) ، فيظنّ أن الله أعطاه لِكرامته على الله !
وفي مسند الإمام أحمد من حديث عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يُحِبّ فإنما هو استدراج ، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ) .

ومِن الاغترار بالله أن يركن الإنسان إلى سَعة رحمة الله مع إصراره على المعاصي ، وهذا هو الطمع المذموم ، وهو بِخلاف الرجاء ، كما قال معاذ رضي الله عنه : سَيَبْلَي الْقُرْآنُ فِي صُدُورِ أَقْوَامٍ كَمَا يَبْلَى الثَّوْبُ فَيَتَهَافَتُ ، يَقْرَءُونَهُ لاَ يَجِدُونَ لَهُ شَهْوَةً وَلاَ لَذَّةً ، يَلْبَسُونَ جُلُودَ الضَّأْنِ عَلَى قُلُوبِ الذِّئَابِ ، أَعْمَالُهُمْ طَمَعٌ لاَ يُخَالِطُهُ خَوْفٌ ، إِنْ قَصَّرُوا قَالُوا : سَنَبْلُغُ ، وَإِنْ أَسَاءُوا قَالُوا : سَيُغْفَرُ لَنَا ، إِنَّا لاَ نُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئاً . رواه الدارمي .

وهذا بِخلاف حال الذين يرجون رحمة الله ، فإنهم يُحسِنون العمل ويجتهدون فيه مع بُعدهم عن المعاصي ، ومع ذلك يخافون أن لا يُتقبّل منهم .
ولذلك لَمَّا نَزَل قول الله عزّ وَجَلّ : (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) قالت عائشة رضي الله عنها : أهو الذي يَزني ويَسرِق ويشرب الخمر ؟ قال : لا يا بنت أبي بكر - أو يا بنت الصديق - ولكنه الرجل يصوم ويتصدق ويُصلي وهو يخاف أن لا يُتقبّل منه . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه .
وفي رواية لأحمد : لا يا بنت أبى بكر يا بنت الصديق ولكنه الذي يصلي ويصوم ويتصدق وهو يخاف الله عز وجل .

ولَمَّا ذَكَر الله جملة من أنبيائه قال في وصفهم : (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) .

وقال الحسن البصري في وصف خير القرون :
عَمِلُوا والله بالطاعات واجتهدوا فيها ، وخافوا أن تُردّ عليهم ، إن المؤمن جمع إحسانا وخشية ، والمنافق جمع إساءة وأمنا .

وقد أنْزل الله آية الرجاء مع آية الخوف ليكون العبد راغبا وراهباً ، خائفا وراجيا .

وقال أبو بكر رضي الله عنه في وصيته لِعُمر رضي الله عنه :
ألم تر يا عمر إنما نَزَلتْ آية الرخاء مع آية الشدة ، وآية الشدة مع آية الرخاء ليكون المؤمن راغبا راهبا ؛ لا يرغب رغبة يتمنَّى فيها على الله ما ليس له ، ولا يرهب رهبة يُلقي فيها بيديه . اهـ .


والله تعالى أعلم .

==================
ماذا يعني الغض من المزكي لنفسه بلسانه ؟؟

الجواب :
أن لا يمدح نفسه ، وأن يعرف لِنفسه قَدْرها ، فلا يمدح نفسه بِنفسِه ، ولا يرضى مدح غيره ؛ لأن كل إنسان أعلم بِنفسه ، كما قال أبو بكر رضي الله عنه .

ومن هنا كان الصحابة رضي الله عنهم إذا مُدِحوا غضّوا من أنفسهم .
قال الثوري : عن أبي الوازع قال : قلت لابن عمر : لا يزال الناس بخير ما أبقاك الله لهم .
فغضب ، وقال : إني لأحسبك عراقيا ، وما يُدريك ما يُغلق عليه ابن أمك بابه ؟

وقال محمد بن واسع : لو كان يوجد للذنوب رِيح ما قدرتم أن تدنو مني مِن نَتَن رِيحي .

وهم مع ذلك من أهل الصلاح ، بل هم في أعلى مقامات الصالحين ..

والله تعالى أعلم .

==================
وماذا إذا مدح الشخص كيف يزكي نفسه ؟ وهل صحيح إذا ذم الشخص نفسه أمام الآخرين لكي لا تغتر نفسه وكيف يذمها أمام الناس بدون رياء ؟

الجواب :
إذا مُدِح الإنسان فقد تُعجبه نفسه ، وقد يغترّ بالمديح ، ولذلك اعتبر النبي صلى الله عليه وسلم الْمَدْح بِمَنْزِلة الذَّبْح !

ففي الصحيحين من حديث أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قَال : أَثْنَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : وَيْلَكَ قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ ، قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ - مِرَارًا - ثُمَّ قَالَ : مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَادِحًا أَخَاهُ لا مَحَالَةَ فَلْيَقُلْ : أَحْسِبُ فُلانًا وَاللَّهُ حَسِيبُهُ وَلا أُزَكِّي عَلَى اللَّهِ أَحَدًا، أَحْسِبُهُ كَذَا وَكَذَا ، إِنْ كَانَ يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهُ .

وأما ذم النفس فقد تقدّم ، وإنما يذمّ الإنسان نفسه بِما يعرف من نفسه ، لئلا يغترّ ويُصيبه الغرور، فيتذكّر مُقابل المدح ما عنده من تقصير ، أو ما يُقال له مِن ذَمّ ، ونحو ذلك .

والله تعالى أعلم .

==================
السلام عليكم شيخنا الفاضل
جزاك الله خيرا
كيف نعرف وسوسة النفس الأمارة بالسوء من وسوسة الشيطان الرجيم وأمراض القلوب ؟ وكيف السبيل إلى تزكية كل منهم ؟
وكيف نصل إلى الطمأنينة والسعادة بالعبادة والثبات والاستقامة ؟
هناك حديث بما معناه تعرض الفتن على القلب عودا عودا فهناك قلوب تشرب الفتنه والعياذ بالله كيف نزكي القلب إذا دخلته الفتنه ؟ وكيف نحمي أنفسنا وقلوبنا من الفتنه وتصبح قلوبنا منكره للفتن
نسأل الله أن يحفظنا ويعافينا وجميع المسلمين والمسلمات من الفتن ما ظهر منها وما بطن آمين
جزاك الله خيرا


الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا

النفس الأمارة بالسوء والهوى والشيطان قُرَناء ، يُقابلها واعِظ الله في قلب المؤمن والنفس اللوامة والعقل السليم الواعي .

فالشيطان يُوسوس والنفس الأمارة بالسوء تُزيّن ، والهوى يدفع بِصاحبه إلى الْمُخالَفَة .

قال ابن القيم رحمه الله : ألْقَى الله سبحانه العداوة بين الشيطان وبين الْمَلَك ، والعداوة بين العقل وبين الهوى ، والعداوة بين النفس الأمارة وبين القلب ، وابتلى العبد بذلك ، وجَمَع له بين هؤلاء، وأمَدّ كل حِزب بجنود وأعوان ، فلا تزال الحرب سِجالا ودُولاً بين الفريقين إلى أن يستولى أحدهما على الآخر ، ويكون الآخر مقهورا معه .
فإذا كانت النوبَة للقلب والعقل والْمَلَك فهنالك السرور والنعيم ، واللذة والبهجة ، والفرح وقُرّة العين ، وطيب الحياة وانشراح الصدر ، والفوز بالغنائم .
وإذا كانت النوبة للنفس والهوى والشيطان فهنالك الغموم والهموم ، والأحزان وأنواع الْمَكَارِه ، وضيق الصدر وحَبس الملك .

وقال رحمه الله : وقد أجمع العارفون على أن كل خير فأصْلُه بتوفيق الله للعبد ، وكل شر فأصله خذلانه لعبده . وأجمعوا أن التوفيق أن لا يَكِلَكَ الله إلى نفسك ، وأن الخذلان أن يُخَلّي بينك وبين نفسك .
وقال أيضا : ما ضُرِبَ عَبْدٌ بِعقوبة أعظم من قسوةِ القلب والبُعدِ عن الله . اهـ .

فالعاقل الحصِيف من يَكون عونا للنفس الأمارة وتكون عونا له ، ويجعل من قلبه دليلا ، إذ الخير والْبِرّ ما تطمئنّ إليه الـنَّفْس ، والشرّ ريبة ، وهو ما يَحيك في الصدر ، ويَكره صاحبه أن يطّلع عليه الناس ، كما أخبر بذلك من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم .
والعاقل أيضا من يجعل لِنفسه على نفسه رقيبا .

والعاقل يُحاسِب نفسه على خَطراته وعلى فِكَرِه .
قال ميمون بن مهران : الْمُتِّقِي أشد محاسبة لنفسه مِن الشريك الشحيح لشريكه .

وأما رِفعة النفس البشرية وتزكيتها فسيأتي خطوات عملية – إن شاء الله –
ولكن لا بُدّ أن يُعلَم أن تزكية النفس وتذوّق حلاوة الطاعة لا يأتي بين عشيّة وضُحاها ، وإنما لا بُدّ لها مِن مُجاهدة وصبر ، كما جاء عن السلف .

وأما ما يتعلق بالفِتن فالأصل أن المسلم يَجعل قلبه كالمرآة لامعة صَقِيلة لا يضرّها شيء ، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية .

قال ابن القيم رحمه الله : وقال لي شيخ الإسلام - رضي الله عنه - وقد جعلت أورد عليه إيرادا بعد إيراد لا تجعل قلبك للإيرادات والشبهات مثل السِّفِنْجَة ، فيتشرّبها ، فلا ينضح إلاَّ بها ، ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة تمرّ الشبهات بظاهرها ، ولا تستقرُّ فيها ، فيراها بصفائه ويدفعُها بصلابته ، وإلا فإذا أَشْرَبْتَ قلبك كلَّ شبهة تمرُّ عليها صار مقَرّاً للشبهات . أو كما قال ، فما أعلم أنى انتفعت بوصية في دفع الشبهات كانتفاعي بذلك .

كما أن الأصل أن المسلم ينأ بِنفسه ويبتعد عن مواطن الفِتن ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام : من سمع منكم بخروج الدجال فلينأ عنه ما استطاع ، فإن الرجل يأتيه وهو يحسب أنه مؤمن ، فما يزال به حتى يتبعه مما يرى من الشبهات . رواه الإمام أحمد وأبو داود .

كما أن المؤمن لا يتطلّع إلى الفتن ، ولا يستشرِف لها .
قال عليه الصلاة والسلام : ستكون فِتن القاعد فيها خير من القائم ، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي ، ومن يشرف لها تستشرفه ، ومن وجد ملجأ أو معاذا فليعذ به . رواه البخاري ومسلم .

وفي حديث أبي موسى : قالوا فما تأمرنا ؟ قال : كُونوا أحْلاس بُيوتكم . رواه الإمام أحمد وأبو داود .
قال ابن الأثير : كونوا أحلاس بيوتكم : أي : الْزَمُوها .

والله تعالى أعلم .

==================
جزاكم الله خيرا شيخنا الكريم
أحيانا نجد أناسا يدعون الكمال و الصلاح و لا يدرون أن مجرد ادعائهم هدا يحبط ما يعملون
بل إن البعض يترفع و يحتقر كل من يعمل معصية لا يقوم هو بها وكأنه خال من المعاصي، أو وكأن ما يقوم به من معاصي مهما كان يعتبر بسيطا أمام ما يعمله الآخرون، و هدا من أسباب التهاون و الغرور بما لا يجب لكن الإنسان لا يعرف كيف يتصرف معهم حقيقة


الجواب :
هذه تزكية من طَرف خفِيّ ، وذلك أن الإنسان قد يحتقر الناس لأجل ما عندهم من معاصي ، لأنه يرى أنه قد ترفّع عنهم !
وكنت أشرت إلى أن السلف كانوا يحتقرون أنفسهم ، ويَرون عِظَم خطاياهم .
والمؤمن يهضِم نفسه .

ولذلك لَمَّا تولّى أبو بكر رضي الله عنه الخلافة قال : إني قَد وُلِّيتُ عَليكم ولَسْتُ بِخَيْرِكُم . قال الْحَسَن البصري : هو والله خَيْرُهم غَير مُدَافَع ، ولكن الْمُؤمِن يَهْضِم نَفْسَـه .
قال مالك بن دينار : إذا ذُكِر الصالحون فأفّ لي وأفّ !
وقال أيوب السختياني : إذا ذُكِر الصالحون كنت منهم بِمَعْزَل !

وكان الإمام الشافعي رحمه الله يقول في هذا الصدد :
أحب الصالحين ولستُ منهم = لعلّي أن أنال بهم شفاعة
وأكره مَن تجارته المعاصي = ولو كُنا سَواء في البضاعة

فإن لم يكن أمثال أولئك الأخيار من الصالحين ، فمن هُم الصالحون ؟!

بل كان من السلف من ينظر إلى الناس في يوم عرفة ويقول عن نفسه : لولا أني فيهم لرجوت أن يغفر لهم !
قال عبد الله بن بكر بن عبد الله المزني : أفَضْت مع أَبِي من عَرفة قال : فقال لي : يا بني لولا أني فيهم لرجوت أن يغفر لهم . رواه البيهقي في شُعب الإيمان .
قال الإمام الذهبي : قلت : كذلك ينبغي للعبد أن يُزري على نفسه ويَهضِمها .

وقال شعيب بن حرب : بينا أنا أطوف إذ لَكَزني رَجل بِمِرفقه ، فالتفت فإذا أنا بالفضيل بن عياض ، فقال : يا أبا صالح ، فقلت : لبيك يا أبا علي ، قال : إن كنت تظن أنه قد شَهِد الْموسم شَرّ مِني ومنك فبئس ما ظننت !

وسُئل ابن المبارك : ما الكبر ؟ قال : أن تزدري الناس . قيل : ما العُجْب ، قال : أن ترى أن عندك شيئا ليس عند غيرك . قال : ولا أعلم في الْمُصَلِّين شيئا شَرًّا مِن العُجْب .

والعُجب قد اعتبره النبي صلى الله عليه وسلم أكبر من الذَّنْب ، فقال : لو لم تكونوا تذنبون خشيت عليكم ما هو أكبر من ذلك : العُجْب العُجْب . رواه البيهقي في الشعب ، وقال الألباني: حَسَن .

قال الديريني : وإنما كان العُجب أشد لأن العاصي مُعْتَرِف بِنَقْصه ، فَيُرْجَى له العَفو به ، والْمُعْجَب مَغرور بِعَمَلِه ، فنوبته بعيدة . ذَكَره السخاوي .

والله تعالى أعلم .

إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
دورة سعادتي في عبادتي ... (السعادة مَطْلَب) نسمات الفجر قسـم المقـالات والـدروس والخُطب 0 18-11-2012 08:33 AM
دورة سعادتي في عبادتي ... (الجزء العملي 6) نسمات الفجر قسـم المقـالات والـدروس والخُطب 0 18-11-2012 08:26 AM
دورة سعادتي في عبادتي ... (الجزء العملي 4) نسمات الفجر قسـم المقـالات والـدروس والخُطب 0 18-11-2012 08:21 AM
دورة سعادتي في عبادتي ... (الجزء العملي (1+2+3)) نسمات الفجر قسـم المقـالات والـدروس والخُطب 1 18-11-2012 08:18 AM
دورة سعادتي في عبادتي ... (تعريف السعادة ) نسمات الفجر قسـم المقـالات والـدروس والخُطب 1 18-11-2012 07:48 AM

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 01:36 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى