نسمات الفجر
الصورة الرمزية نسمات الفجر

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 19
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 3,356
بمعدل : 0.65 يوميا

نسمات الفجر غير متواجد حالياً عرض البوم صور نسمات الفجر


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : شرح أحاديث عمدة الأحكام
افتراضي الحديث الـ 252 في وُجوب طواف الوداع
قديم بتاريخ : 26-08-2018 الساعة : 05:23 AM

الحديث الـ 252 في وُجوب طواف الوداع

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ , إلاَّ أَنَّهُ خُفِّفَ عَنْ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ .

فيه مسائل :

1= قوله : " أُمِرَ النَّاسُ " الآمِر هو النبي صلى الله عليه وسلم .
قال النووي : قول الصحابي : أُمِرنا بكذا ، ونُهينا عن كذا ، أو أُمِرَ الناس بكذا ، ونحوه ؛ فَكُلّه مرفوع ، سواء قال الصحابي ذلك في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أم بعد وفاته .
وقال أيضا : إذا قال الصحابي : السُّنة كذا ، أو : مِن السُّنة كذا ، فهو في الْحُكم كَقَوله : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كذا . هذا مذهبنا ومذهب المحدِّثين وجماهير السلف والخلف ، وجعله بعضهم موقوفا ، وليس بشيء . اهـ .
أي : جَعَله بعضهم مِن قول الصحابي ، وهذا القول ليس بشيء .

2= الأمْر محمول على الوجوب ، لهذا الحديث ، ولِحديث عَائِشَةَ رضي الله عنها ، وهو الحديث السابق .
قال الإمام الشافعي : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه قال : لا يَصدرّن أحدٌ مِن الحاج حتى يكون آخر عهده بالبيت ، فإن آخر النسك الطواف بالبيت .
ثم قال : وبهذا نقول ، وفي أمرِ رسول الله صلى الله عليه وسلم الحائض أن تَنفر قبل أن تطوف طواف الوداع دلالة على أن ترك طواف الوداع لا يُفسد حجا ، والحج أعمال متفرقة ، منها شيء إذا لم يعمله الحاج أفسد حجه ، وذلك الإحرام ، وأن يكون عاقلا للإحرام ، وعرفة ، فأي هذا ترك لم يُجْزه عنه حجه .
ومنها : ما إذا تركه لم يَحِلّ مِن كُلّ إحرامه ، وكان عليه أن يعمله في عمره كُله ، وذلك الطواف بالبيت والصفا والمروة الذي يَحِلّ به إلاّ النساء ، وأيهما ترك رَجع مِن بلده ، وكان محرما مِن النساء حتى يقضيه .
ومنها : ما يُعمل في وقت ، فإذا ذهب ذلك الوقت كله لم يكن له ولا عليه عمله ولا بَدَله ، وعليه الفدية، مثل المزدلفة والبيتوتة بمنى ورمى الجمار .
ومنها : ما إذا تركه ثم رجع إليه سقط عنه الدم ، ولو لم يرجع لزمه الدم ، وذلك مثل الميقات في الإحرام ، ومثله - والله أعلم - طواف الوداع . اهـ .
وقال ابن عبد البر : إن كانت الحائض قد طافت قبل أن تَحيض جاز لها بالسُّنة أن تَخْرُج ولا تُوَدِّع البيت ، ورُخِّص ذلك للحائض وحدها دون غيرها .
وهذا كله أمْر مجتمع عليه من فقهاء الأمصار ، وجمهور العلماء عليه لا خلاف بينهم فيه .
وقال النووي : هذا دليل لِوجوب طواف الوداع على غير الحائض ، وسقوطه عنها .

3= مَن تَرَك طواف الوداع مِن أهل الآفاق فعليه أن يرجع ليطوف ، وإلاّ لزمه دم ، ما عدا الحائض
واخْتَلَفُوا في رُجوع مَن تَرَك طواف الوداع .
قال ابن عبد البر : وجُمْلة قول مالِك فيمن لم يَطُف للوداع : أنه إذا كان قريبا رَجع فطاف لِوداع البيت ، وإن بَعُد فلا شيء عليه .
وقال أبو حنيفة وأصحابه : يَرْجِع إلى طواف الوداع ما لم يبلغ المواقيت ، فإن بَلَغَها ولم يرجع فعليه دم .
وقال سفيان الثوري والشافعي : مَن لم يَطُف الوداع فعليه دم إن يغدو ، وإن أمكنه الرجوع رجع .
وهو قول الحسن البصري والحكم وحماد ومجاهد ، كلهم يقولون : عليه دم .
وثبت عن بن عباس أنه قال : " مَن نَسِي مِن نُسُكِه شيئا فليهرق دما " ولا خلاف أن طواف الوداع من النسك . اهـ .

4= هذا الأمر مُختَصّ بالحج دون العمرة ، لقوله : " أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ "
وفي رواية لمسلم : كان الناس ينصرفون في كل وَجْه ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت . فلو لم يكن من الناسك لم يُلْزَم به الحاج .
وهذا القول منه عليه الصلاة والسلام إنما كان في حجة الوداع ، ولم يأمُر النبي صلى الله عليه وسلم مَن اعتمر أن يَطوف للوداع .
وهذا يردّ قول مَن قال إن هذا القول منه عليه الصلاة والسلام كان في حجّة الوداع ، فيشمل الحج والعمرة . لأنه لو كان يشمل العمرة لأمَر النبي صلى الله عليه وسلم عائشةَ أن تطوف طواف وداع لِعُمرتها ، وقد اعتمرت بعد الحج ، ولم تطُف بعد عمرتها طواف وداع .
ويدلّ على أن طواف الوداع خاص بالحج دون العُمرة : ما رواه الإمام الشافعي : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه قال : لا يَصدرّن أحدٌ مِن الحاج حتى يكون آخر عهده بالبيت ، فإن آخر النسك الطواف بالبيت .
والشاهد قوله : " لا يَصدرّن أحدٌ مِن الحاج " ، فخَصّ الحاج بذلك دون المعتمر .
ويُنظر تفصيل هذه المسألة في كتاب " مُشكل المناسك " لشيخنا د. إبراهيم الصبيحي رحمه الله وغفر له .

5= قوله : " خُفِّفَ عَنْ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ "
هذا التخفيف مُسْقِط للوجوب ، ومُسقِط للإثم والكفارة .
قال النووي : هذا دليل لوجوب طواف الوداع على غير الحائض ، وسقوطه عنها ، ولا يلزمها دم بتركه ؛ هذا مذهب الشافعي ومالك وأبي حنيفة وأحمد والعلماء كافة . اهـ .

6= " آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ " لا يُفهَم مِنه أنه لو اشترى أو بات أنه يلزمه إعادة طواف الوداع ، لقوله عليه الصلاة والسلام : يُقِيمُ الْمُهَاجِرُ بِمَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلاثًا . رواه البخاري ومسلم .
ومعلوم أن طواف الوداع مِن النُّسُك على الصحيح مِن أقوال أهل العلم ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام : لا ينفرن أحدٌ حتى يكون آخر عهده بالبيت .
فإذا كان يَجوز له أن يُقيم ثلاثة أيام بعد انتهاء نُسُكِه ، فلا يُمنع مِن إقامة أو مَبِيت أو شراء ، سواء للتجارة أو لغيرها .
قال ابن عبد البر : وإنما أرخص رسول الله للمهاجر أن يُقيم بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثا ، يعني : لقضاء حاجاته . اهـ .
وقال القرطبي : فَجَعل النبيُّ صلى الله عليه وسلم للمهاجر ثلاثة أيام ؛ لتقضية حوائجه ، وتهيئة أسبابه ، ولم يحكم لها بحكم المقام ، ولا في حيز الإقامة . اهـ .
ولأنه عليه الصلاة والسلام بات بالأبطح عند خروجه مِن مكة .
وكذلك فعل عمر رضي الله عنه . كما في الموطأ .
ولأنه عليه الصلاة والسلام أذِن لعائشة أن تأتي بِعمرة بعد قضاء الحج .
فلم يكن آخر عهد عائشة رضي الله عنها بالبيت ، بل بالصفا والمروة ، وعُفي عن ذلك لكونه شيئا يسيرا .
ومِن هنا قال العلماء بجواز تأخير طواف الحج والسعي إلى قبيل أن ينفر الحاج .

7= لا يجب على أهل مكة طواف وداع ؛ لأن الوداع على أهل الآفاق ، ولأن أهل الآفاق هُم الذين ينفِرون مِن مكة بعد انقضاء الحج ، وفي الحديث : لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت .

8= إذا أخّر طَوَاف الإفاضة ، ثم جَمَعه مع طواف الوداع في طواف واحد أجزأه على الصحيح ، ولو كان بعده سعي الحج ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أذِن لعائشة رضي الله عنها أن تعتمر ، مع أن آخر عهدها سيكون بالسعي ، وليس بالطواف بالبيت .
قال أبو الوليد الباجي : مَنْ أَفَاضَ بَعْدَ النَّحْرِ وَاتَّصَلَ خُرُوجُهُ بِإِفَاضَتِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ طَوَافُ وَدَاعٍ ؛ لأَنَّ طَوَافَ الإِفَاضَةِ يُجْزِئُ عَنْهُ ، وَيَكُونُ آخِرَ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ الطَّوَافُ . اهـ .

وقال ابن قدامة : إن أخَّر طواف الزيارة ، فطافه عند الخروج ، ففيه روايتان : إحداهما ، يُجزئه عن طواف الوداع ، لأنه أُمِر أن يكون آخر عهده بالبيت ، وقد فَعَل ... وعنه ، لا يُجزئه عن طواف الوداع ؛ لأنهما عبادتان واجبتان ، فلم تُجْزِ إحداهما عن الأخرى ، كالصلاتين الواجبتين .

والله تعالى أعلم .


شرح فضيلة الشيخ : عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الحديث الـ 251 في سُقوط طواف الوداع عن الحائض نسمات الفجر شرح أحاديث عمدة الأحكام 0 26-08-2018 05:17 AM
ما حكم مَن طاف الإفاضة وأجّل السعي بعد طواف الوداع جادو إرشـاد الحـج والعمـرة 1 16-11-2015 03:23 PM
امرأة حجّت وتركت طواف الوداع والإفاضة فماذا عليها ؟ ناصرة السنة إرشـاد الحـج والعمـرة 0 03-01-2013 01:19 AM
امرأة تركت طواف الوداع من غير عُذر ... محب السلف إرشـاد الحـج والعمـرة 0 12-03-2010 09:17 AM
هل يصح تأجيل طواف الإفاضة إلى وقت طواف الوداع ؟ ناصرة السنة إرشـاد الحـج والعمـرة 0 20-02-2010 09:19 PM

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 02:27 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى