وقالَ شيخُ الإسلامِ ابن تيمية : فَجَعَلَ مَحَبَّةَ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ مُوجِبَةً لاتِّبَاعِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم ، وَجَعَلَ مُتَابَعَةَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم سَبَبًا لِمَحَبَّةِ اللَّهِ عَبْدَهُ . اهـ .
ومِن علاماتِ محبتِه تباركَ وتعالى : تقديمُ رِضا اللهِ عَزّ وَجَلّ على رِضا كلِّ أحدٍ ، وتقديمُ طاعتِه تعالى على طاعةِ كلِّ أحدٍ .
قال فتحُ الموصلي: إيثارُ مَحَبَّةِ الله على مَحَبَّتِكَ مِن علامة حُبِّكَ لله عَزَّ وَجَلّ .
وأن تُحِبَّ ما يُحبُّه اللهُ عَزّ وَجَلّ .
قال إسحاقُ بنُ إبراهيم : بَلَغَنِي أنه قيلَ لبعضِ الحكماءِ : أيُّ الأعمالِ أفضلُ ؟ قال : ما زَهَّدَكَ في الدنيا . قيلَ : ثم ماذا ؟ قالَ : ما هَوَّنَ على قَلْبِكَ بَذْلَ الْمَجْهُودِ مِن عَمَلِك للهِ عز وجل . قيل : ثم ماذا ؟ قال : ما حَبَّبَ إليكَ لِقَاءَ اللهِ عَزَّ وَجَلّ . قيل : وما الذي يُحَبِّبُ إليَّ لِقَاءَ اللهِ عز وجل ؟ قال : شِدَّةُ حُبِّ اللهِ عَز وَجَلّ .
وأن يُبغِضَ المؤمِنُ ما يُبغِضُه اللهُ عَزّ وَجَلّ .
قالَ بِشْرُ بن السَّرِيّ : ليس مِن أعلامِ الحبِّ أن تُحِبَّ ما يُبْغِضُه حَبِيبُك .
قالَ إسماعيلُ الأصبهاني : وعَلى الْمَرْءِ محبَّةُ أهلِ السّنةِ أَيُّ مَوضِعٍ كَانُوا رَجَاءَ محبَّةِ الله لَهُ كَمَا قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : وَجَبتْ مَحَبَّتِي للمُتَحَابِّين فِيَّ والمتجالسين فِيَّ والمتلاقين فِيَّ.
وَعَلِيهِ بغضُ أهلِ الْبِدَعِ أَيُّ مَوضِعٍ كَانُوا حَتَّى يكونَ مِمَّن أحبَّ فِي الله وَأبْغض فِي الله . اهـ .
وأن يَلْتَذَّ الْمُحِبُّ بِطاعةِ حبيبِه .
قالَ مالكُ بنُ دينار : إنَّ القَلْبَ الْمُحِبَّ للهِ تعالى يُحِبُّ النَّصَبَ للهِ تعالى .
وقالَ إبراهيمُ بنُ الجنيدِ : قد رُوِّينا أنَّ القلبَ الْمُحِبَّ للهِ تعالى يُحِبُّ التعبَ والنصَبَ للهِ عز وجل ، وهيهات أنْ يُنَالَ حُبُّ اللهِ بِالرَّاحَةِ .
ومِن علاماتِ مَحبَّةِ اللهِ عَزّ وَجَلّ : أن يَكونَ ثَبَاتُ المسلمِ على دِينِه لا تُزَحْزِحُه العواصِفُ ، ولا تُحرِّكُه الفِتَنُ .
ففي الصحيحين مِن حديثِ أنسٍ رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ : أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَمَرَنَا بِاتِّبَاعِ الرَّسُولِ وَطَاعَتِهِ ، وَمُوَالاتِهِ وَمَحَبَّتِهِ . وَأَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إلَيْنَا مِمَّا سِوَاهُمَا ، وَضَمِنَ لَنَا بِطَاعَتِهِ وَمَحَبَّتِهِ مَحَبَّةَ اللَّهِ وَكَرَامَتَهُ . اهـ .
ومِن علاماتِ حُبِّ الله عَزّ وَجَلّ : كثرةُ ذِكْرِه تعالى .
يُرْوَى عن أنسِ بنِ مالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّهُ قَالَ : إنَّ مِنْ علامةِ حُبِّ اللهِ عز وجل حُبَّ ذِكْرِ اللهِ ، ومِن علامةِ بُغْضِ اللهِ بُغْضَ ذِكْرِ الله .
وَحَدَّثَ الربيعُ بنُ أنسٍ عن بعض أصحابه قالَ : علامةُ حُبِّ الله تعالى كثرةُ ذِكْرِه ، فإنك لن تُحِبّ شيئا إلاَّ أكْثَرْتَ ذِكْرَه .
فَتأمَّلْ هذا في نَفْسِك .. كَم تذْكُرُ اللهَ عَزّ وَجَلّ ؟
كَمْ مَرَّةٍ تستمِعُ إلى القرآنِ ؟
وكَم مرّةٍ تقرأُ فيها القرآنَ ؟
مُقابِلَ ما نَلْهُو وتَضِيعُ مِنّا نفائسُ الأوقات .
ووالله لو امتلأتِ القلوبِ إيمانا ما شَبِعَتْ مِن ذِكْر الله عَزّ وَجَلّ ، كما قالَ أميرُ المؤمنين عثمانُ رضي الله عنه : لَوْ طَهُرَتْ قُلُوبُكُمْ مَا شَبِعَتْ مِنْ كَلامِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ .
وَقَالَ عُثْمَانُ رضي الله عنه : مَا أُحِبُّ أَنْ يَأْتِيَ عَلَيَّ يَوْمٌ وَلا لَيْلَةٌ إِلاَّ أَنْظُرُ فِي كَلامِ اللَّهِ . يَعْنِي الْقِرَاءَةَ فِي الْمُصْحَفِ .
قال ابن القيم : مَن أراد أن ينالَ محبةَ الله عز وجل فليلهج بِذِكْرِه ، فإنه الدَّرْسُ والْمُذَاكَرَة ، كما أنه بابُ العِلْم ، فالذِّكْر بابُ الْمَحَبَةِ وشارِعُها الأعظم وصِرَاطُها الأقْوَم . اهـ .
وكيف لا تُحِبّ النفوسُ ربَّها عَزّ وَجَلّ ، وكُلُّ إحسانٍ منه عَزّ وَجَلّ ؟
وكيف لا تَلْهَجُ الألْسِنةُ بذِكْرِه تبارك وتعالى ؟
قال بُدَيل : مَن عَرَف رَبَّه أحَبَّه .