العودة   منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية فتاوى الإرشاد أقسام الدعوة والإنتـرنت والفتاوى العامة قسـم الفتـاوى العامـة
منوعات المجموعات مشاركات اليوم البحث

إضافة رد
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع

نسمات الفجر
الصورة الرمزية نسمات الفجر

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 19
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 3,356
بمعدل : 0.65 يوميا

نسمات الفجر غير متواجد حالياً عرض البوم صور نسمات الفجر


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم الفتـاوى العامـة
افتراضي ما حكم كتابة شعر وخواطر المدح بغرض الكسب المادي؟
قديم بتاريخ : 09-01-2017 الساعة : 01:22 AM


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعدك الله شيخنا الكريم في الدنيا والآخرة ورزقك جنات النعيم ورؤية وجهه الكريم
سؤالي هو : ما حكم كتابة الشعر والخواطر التي فيها مدح لشخصيات كبيرة مثل التجار وأصحاب المناصب العليا لهدف الكسب المادي ، والمدح يكون على شيء أنجزه فيستحق الشكر عليه ومدحه
ما حكم ذلك ؟
علماً أن المدح يكون معقولا وليس مبالغاً فيه ، وليس تجاوزاً لقدرة الله سبحانه وتعالى
وهل يعتبر ذلك من النفاق؟
وبارك الله فيك وحفظك الله



الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .

أصحاب هذا المسلك يستحقون أن يُحثَى التراب في وجوههم .
فقد أنكر السلف المديح في الوجه ، وإن كان الممدوح أهلاً لذلك .
فقد روى الإمام مسلم من طريق همام بن الحارث أن رجلا جعل يمدح عثمان رضي الله عنه ، فَعَمِد المقداد فَجَثَا على ركبتيه ، وكان رجلا ضخما ، فجعل يحثو في وجهه الحصباء ! فقال له عثمان : ما شأنك ؟ فقال إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: إذا رأيتم المدَّاحِين فاحْثُوا في وجوههم التراب .

ومن هو عثمان رضي الله عنه في فضله وعِلمه ومكانته وحيائه ؟
قَالَ ابن ألأثير فِي " النِّهَايَةِ " : وَأَرَادَ بِالْمَدَّاحِينَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَدْحَ النَّاسِ عَادَةً ، وَجَعَلُوهُ بِضَاعَةً يَسْتَأْكِلُونَ بِهِ الْمَمْدُوحَ . اهـ .

ولا يجوز أن يُتَّخَذ المديح وسيلة للتكسُّب ؛ لِعدة أسباب :

الأول : لِمَا فيه مِن التغرير بالممدوح ، وهو الذي اعتبره النبي صلى الله عليه وسلم قَطْعا لِعنق الممدوح .
ففي الصحيحين من حديث أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قَال : مَدَحَ رَجُلٌ رَجُلاً عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : وَيْحَكَ قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ ، قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ ، مِرَارًا ، إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ مَادِحًا صَاحِبَهُ لا مَحَالَةَ فَلْيَقُلْ : أَحْسِبُ فُلانًا وَاللَّهُ حَسِيبُهُ ، وَلا أُزَكِّي عَلَى اللَّهِ أَحَدًا ، أَحْسِبُهُ إِنْ كَانَ يَعْلَمُ ذَاكَ كَذَا وَكَذَا .

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : الْمَدْح هو الذَّبْح .

وقد عاقَب عمر رضي الله عنه الذي مَدَحه في وَجْهه .
روى الإمام مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ: اخْتَصَمَ إِلَيْهِ مُسْلِمٌ وَيَهُودِيٌّ، فَرَأَى عُمَرُ أَنَّ الْحَقَّ لِلْيَهُودِيِّ، فَقَضَى لَهُ . فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ : وَاللَّهِ لَقَدْ قَضَيْتَ بِالْحَقِّ . فَضَرَبَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِالدِّرَّةِ ، ثُمَّ قَالَ : وَمَا يُدْرِيكَ؟ فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ: إِنَّا نَجِدُ أَنَّهُ لَيْسَ قَاضٍ يَقْضِي بِالْحَقِّ، إِلاَّ كَانَ عَنْ يَمِينِهِ مَلَكٌ، وَعَنْ شِمَالِهِ مَلَكٌ، يُسَدِّدَانِهِ وَيُوَفِّقَانِهِ لِلْحَقِّ مَا دَامَ مَعَ الْحَقِّ، فَإِذَا تَرَكَ الْحَقَّ عَرَجَا وَتَرَكَاهُ .
قال ابن عبد البر : إِنَّمَا ضَرَبَ عُمَرُ الْيَهُودِيَّ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - لأَنَّهُ كَرِهَ مَدْحَهُ وَتَزْكِيَتَهُ لِحُكْمِهِ فِي وَجْهِهِ . اهـ .

وَجَرَى على هذا عمل السلف :
قال أبو الوازع قلت لابن عمر : لا يزال الناس بخير ما أبقاك الله لهم ، فغضب وقال : إني لأحْسَبك عراقيا ! وما يدريك ما يُغْلِق عليه ابن أمك بابه ؟!
وقال أبو المليح : قال رجل لِمَيْمُون بن مِهران : يا أبا أيوب ما يزال الناس بخير ما أبقاك الله لهم . قال : أقبل على شأنك ! ما يزال الناس بخير ما اتقوا ربهم .
وقِيلَ للإمام أحمد : جَزَاكَ اللَّهُ عَنْ الإِسْلامِ خَيْرًا . فَقَالَ: قِيلَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: جَزَاكَ اللَّهُ عَنْ الإِسْلامِ خَيْرًا، فَقَالَ: لا ، بَلْ جَزَى اللَّهُ الإِسْلامَ عَنِّي خَيْرًا. ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لِلرَّجُلِ أَنَا ؟ وَمَنْ أَنَا وَمَا أَنَا؟ وَفِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ قَالَ لِلرَّجُلِ : أَنْتَ فِي غَيْرِ حِلٍّ مِنْ جُلُوسِكَ .

الثاني : أنه ما مِن إنسان يُمْدَح إلاّ وَفِيه ما يُذمّ في الغالب ، عدا رسول الله صلى الله عليه وسلم والكُمَّل مِن أهل الفضل والعَدل .
فمتى ما أُكثِر مَدْح الرجل في وجهه أفسده ذلك ، ونسي إصلاح عيوبه ، وظنّ أنه بلغ درجة الكمال .
قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: قُلْت لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: لا يَزَالُ الرَّجُلُ يُقَالُ لَهُ فِي وَجْهِهِ: أَحْيَيْت السُّنَّةَ . قَالَ : هَذَا فَسَادٌ لِقَلْبِ الرَّجُلِ .

الثالث : أن المادِح يُذلّ نفسه مِن أجل المدح ، ويحمله المدح على قول الزور ، وإن بدا له أنه في البداية لن يقول إلاّ الحق .
ولهذا غَلب على شِعْر شعراء المدح الإسراف في المدح ، والْحُكم للغالب .
قال الله عزّ وَجَلّ : (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ) ثم استثنى القِلّة ، فقال : (إِلاَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا) .
ولا يجوز أن يُذلّ الإنسان نفسه .

الرابع : أن الممدوح قد يبذل مالاً أو عطية جزلة في حال نشوة المدح . فلا يجوز للمادِح أخذه ؛ لأنه لا يَحِلّ مال امرئ مُسلم إلاّ بِطيب نفسٍ منه .
قال ابن القيم رحمه الله : من دقيق الورع أن لا يُقْبَل المبذول حال هيجان الطبع مِن حُزن أو سرور ، فذلك كَبَذْل السكران ! ومعلوم أن الرأي لا يتحقق إلاَّ مع اعتدال المزاج ، ومتى بَذَل باذِل في تلك الحال يَعقبه نَدَم . اهـ .

وعلى المسلم أن يَستعفّ ويستغني عمّا في أيدي الناس ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام : من يستعفف يعفه الله ، ومن يستغن يغنه الله ، ومن يتصبر يصبره الله ، وما أُعطي أحد عطاء خيرا وأوسع مِن الصبر . رواه البخاري ومسلم .

ونَهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يُتبِع المسلم نفسَه أموال الناس ويتعرَّض لها .
فقد روى البخاري ومسلم مِن حديث عُمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعطيني العطاء ، فأقول : أعطه أفقر إليه مِنِّي ، حتى أعطاني مرة مالاً ، فقلت : أعطِه أفقر إليه مني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خُذْه ، وما جاءك من هذا المال وأنت غير مُشرف ولا سائل فَخُذْه ، وما لا ، فلا تُتْبِعْه نفسك .

وسُئل أبو ذر رضي الله عنه : ما تقول في هذا العطاء ؟ قال : خُذْه ، فإن فيه اليوم معونة ، فإذا كان ثمناً لِدِينِك فَدَعْه . رواه مسلم .

والاستعفاف عمّا في أيدي الناس مِن الجود
قال ابن القيم في مراتب الجود :
المرتبة العاشرة: الجود بِتَرْكِه ما في أيدي الناس ، فلا يلتفت إليه . ولا يستشرف له بِقَلْبِه ، ولا يتعرض له بِحَالِه ولا لسانه . وهذا الذي قال عبد الله بن المبارك : إنه أفضل مِن سخاء النفس بالبذل .
فلسان حال القَدَر يقول للفقير الجواد : وإن لم أُعطك ما تجود به على الناس، فَجُد عليهم بِزُهْدِك في أموالهم وما في أيديهم ، تفضل عليهم، وتزاحمهم في الجود، وتنفرد عنهم بالراحة . اهـ .

ومِن عَجَب أن المخلوق يتعرّض لِمَدْح مخلوق مثله ، وقد يكذب في مدحه إياه ، فيَكون مَدَحه بالباطل ، وقد يَجود عليه الممدوح وقد لا يَجود عليه .
ويترك مَدْح مَن مَدْحه فَخْر وشَرَف ، وكلّه حقّ ، وهو الجواد الكريم الذي لا يَردّ مَن سأله ، وهو الله عزّ وَجَلّ .
ثم مَدْح أكمل البشر ، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وسبق :
الحميد
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=6714

وسبق :
متى نحثو التراب ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=4488

والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
خُطبة جُمعة عن (الكسب الحرام) نسمات الفجر قسم الخُطب المنبرية 0 28-10-2014 09:24 PM
حكم المدخول المادي من أشغال فنية متنوعة لحفلات الأعراس الإسلامية وغير الإسلامية ؟ نبض الدعوة قسـم الفتـاوى العامـة 0 13-02-2013 03:40 AM
ما حكم ما تفعله بعض النساء بالإسراف المادي لمفارش النفاس ؟ ناصرة السنة إرشـاد المـرأة 0 08-09-2012 05:18 AM
الكسب الحرام نتيجة عدم الثقة بالرزق محب السلف قسـم العقـيدة والـتوحيد 0 08-03-2010 07:38 PM
حلق اللحى هل يعتبر من الكسب الحرام عبق قسـم المحرمـات والمنهيات 0 10-02-2010 09:46 PM


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 01:48 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى