محب السلف

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 2
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : سلطنة عمان
المشاركات : 2,125
بمعدل : 0.41 يوميا

محب السلف غير متواجد حالياً عرض البوم صور محب السلف


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : قسـم المحرمـات والمنهيات
افتراضي هل الموسيقى حلال ؟
قديم بتاريخ : 07-02-2010 الساعة : 10:12 AM

هل الموسيقى فعلاَ حرام قولاً واحداً لا شك فيه ؟ هل كان عبد الرحمن بدوي على حق عندما قال إن الإسلام عدو للفن؟
يرى الفقيه الفيلسوف أبو محمد بن حزم صاحب المذهب السني الخامس , أن استماع الموسيقى مباح مثل التنزه في البساتين ولبس الثياب الملونة. أما الأحاديث التي وردت في النهي عنها فيقول ابن حزم : لا يصح في هذا الباب شيء أبداً وكل ما فيه فموضوع ومنقطع.
واستدل ابن حزم بأثر صحيح الإسناد عن عبد الله بن عمر و عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما أنهما استمعا للعود.
واحتج أيضاً بحديث أن ابن عمر سمع مزمارا فوضع إصبعه في أذنيه و نأى عن الطريق , وقال: يا نافع هل تسمع شيئاً ؟ قال: لا , فرفع إصبعيه وقال: كنت مع الرسول عليه السلام فصنع مثل هذا. قال ابن حزم: فلو كان حراماً ما أباح رسول الله لابن عمر سماعه ولا أباح ابن عمر لنافع سماعه.
غير أني هنا أختلف مع ابن حزم في تصحيح هذا الحديث والصحيح أنه موقوف على ابن عمر.
وأجاب ابن حزم عن الاحتجاج بالآية : ( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله) قال ابن حزم:هذا ليس عن رسول الله ولا ثبت عن أحد من أصحابه و إنما هو من قول بعض المفسرين ممن لا تقوم بقوله حجة, ثم لو صح لما كان فيه متعلق لأن الله تعالى يقول : ( ليضل عن سبيل الله ) و كل شيء يقتنى ليضل به عن سبيل الله فهو إثم وحرام ولو كان شراء مصحف أو تحفيظ قرآن .
و الحق أن ابن مسعود أقرب للاتساق إذ لا فرق بين الدف وغيره من الآلات الموسيقية. ثم ما هي الآلات التي كانت موجودة في عصر النبوة ؟ فالعود لم يعرف فيها إلا بعد عصر الفتوحات الإسلامية.
و يستمر ابن حزم في تضعيفه لهذه الأدلة فيرد الحديث الذي رواه البخاري معلقاً غير مسند : ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر و الحرير والخمر والمعازف. فهذا اللفظ صريح لكنه معلق أما الروايات المسندة من غير طريق البخاري ففيها : " تغدو عليهم القيان و تروح عليهم المعازف".
ويقول الأوزاعي: ندع من قول أهل الحجاز : استماع الملاهي والجمع بين الصلاتين من غير عذر.( السير 7-131)
من هم علماء الحجاز الذين تحدث عنهم هذا الرجل الذي مات سنة 157 للهجرة؟ إنهم فقهاء مكة عطاء بن أبي رباح وعكرمة وابن جريج وفقهاء المدينة السبعة الذين كانوا هم فقهاء السنة قبل نشوء المذاهب الأربعة.بل قال القفاّل أن مذهب الإمام مالك نفسه إباحة الغناء بالمعازف كما في كتاب "إبطال دعوى الإجماع على تحريم السماع" للشوكاني.وقال ابن طاهر في إباحة العود : هو إجماع أهل المدينة.
وقال الإمام الشافعي في الأم ( 6 - 209 ): ليس بمحرم بيّن التحريم. وقال أبو حنيفة:من سرق مزماراً أو عوداً قطعت يده ومن كسرهما ضمنهما. و نقل الماوردي في الحاوي ( 2 - 545) أن أبا حنيفة ومالك و الشافعي لم يحرموه. وأباحه الأئمة الغزالي وابن دقيق العيد و سلطان العلماء العز بن عبد السلام و الشوكاني.

الشيخ الفاضل
هل هذا صحيح أن الموسيقى حلال؟؟ هل هذه الأحاديث صحيحه؟؟ هذه وصلتني فلم أجد الرد عليها لعملي ان الأغاني حرام ، فهلا أتحفتني بردك جزاك الله خيرا"
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته


الـجـواب :

أولاً : ما من مسألة إلا وفيها خِلاف ، والخلاف قد يكون قويّاً ، وقد يكون ضعيفاً .والخلاف في هذه المسألة ضعيف .ولذا قيل :
وليس كل خلاف جاء معتبرا *** إلا خلافا له حَظّ من النظرِ

كما أن من العلماء من لا يعتدّ أصلاً بخلاف ابن حزم إذا انفرد .

قال الإمام النووي في المجموع في مناقشة مسألة أخرى : فكأنهم لم يعتدوا بخلاف داود ، وقد سبق أن الأصح أنه لا يُعتد بخلافه ، ولا خلاف غيره من أهل الظاهر لأنهم نفوا القياس ، وشرط المجتهد أن يكون عارفا بالقياس . اهـ .
وداود هذا هو ابن علي الظاهري ، مؤسس المذهب الظاهري .

ثانياً : قول القائل :
هل كان عبد الرحمن بدوي على حق عندما قال : إن الإسلام عدو للفن ؟

فالجواب عنه أن الإسلام يُحرِّم الباطِل الذي ليس فيه منفعة ولا مصلحة راجحة . والغناء ضرره أكبر من نفعه ! والقاعدة النبوية عندنا : لا ضرر ولا ضِرار . وأهل الغناء والطّرَب يشهدون بذلك قبل غيرهم ! ويعلمون أنه لا خير فيه بوجه من الوجوه !

ولم نَـرَ يوما من الأيام مُغنِّـيـاً يدعو إلى فضيلة وإلى خُلُق فاضِل ! بل عامة طربهم وغنائهم في الخمر والعشق والهوى والدعوة إلى الرذيلة ! فأي خير في هذا ؟ ولِمَ لا يُحارِب الإسلام ما يدعو إلى الرذيلة ؟!

ثالثاً : قول القائل :

يرى الفقيه الفيلسوف أبو محمد بن حزم صاحب المذهب السني الخامس , أن استماع الموسيقى مباح مثل التَّنَزُّه في البساتين ولبس الثياب الملونة.

أقول : هذا من الأعاجيب !
فابن حزم ينفي القياس ! بل ويمنعه ! ويَرى ابن حزم أن القياس مذهب إبليس !!! ثم يأتي ابن حزم ليقيس قياساً باطلاً ! فهذا فعلا من الأعاجيب - إن كان ابن حزم قالَه - !

ثم إن هذا القياس مع الفارِق ، والقياس مع الفارِق قياس باطل .
قاسَ السّماع على اللبس والتّنَزّه !
فأي عِلة تجمع بينهما ؟!

ونقل عن ابن حزم قوله :
أما الأحاديث التي وردت في النهي عنها فيقول ابن حزم : لا يصح في هذا الباب شيء أبداً وكل ما فيه فموضوع ومنقطع .

فالجواب عليه أن الأحاديث صحّت في تحريم الغناء ، وصححه غير واحد من أهل العِلم . بل قد ثبت في صحيح البخاري بإسناد متّصل صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف . فهل نَـردّ تصحيح الإمام البخاري - أمير المؤمنين في الحديث - ونأخذ بقول ابن حزم في هذه المسألة ؟

والأحاديث في تحريم الغناء كثيرة مشهورة منها الصحيح ومنها الحسَن ، ومنها ما دون ذلك . فالشاهد هنا أن ابن حزم رحمه الله زلّ في هذه المسألة ، والعالِم لا يُتابِع على زلّته ، ولا يُتبَع في زلّته .

وهناك رسالة للشيخ الألباني رحمه الله بعنوان : تحريم آلات الطرب .
ورسالة أخرى بعنوان : الكاشف في تصحيح رواية البخاري لحديث تحريم المعازِف ، والردّ على ابن حزم المخالِف ومُقلِّده المجازِف . للشيخ علي بن حسن الحلبي .

وأما الاحتجاج بحديث عائشة رضي الله عنها فقد سبق الجواب عنه هنا :
الدف للرجال والنساء في غير الأعراس
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=128

رابعاً : ذُكِر في السؤال قول القائل :
واستدل ابن حزم بأثر صحيح الإسناد عن عبد الله بن عمر

أقول : لا يصحّ عن ابن عمر من ذلك شيء .بل أوْرَدَ بعد ذلك مباشرة ما يُناقِض ذلك ، حيث أورَد عن ابن عمر أنه لما سمِع مزمارا وضع إصبعه في أذنيه ونأى عن الطريق .فهذا يردّ قول القائل ، ويَردّ على ابن حزم - إن كان صحح سماع ابن عمر للعود - .

خامسا :
قوله : وأجاب ابن حزم عن الاحتجاج بالآية : ( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله) قال ابن حزم : هذا ليس عن رسول الله ولا ثبت عن أحد من أصحابه و إنما هو من قول بعض المفسرين ممن لا تقوم بقوله حجة, ثم لو صح لما كان فيه متعلق لأن الله تعالى يقول : ( ليضل عن سبيل الله ) وكل شيء يُقتنى ليضل به عن سبيل الله فهو إثم وحرام ولو كان شراء مصحف أو تحفيظ قرآن .

أقول هذا مردود بأن قد ثبت عن الصحابة رضي الله عنهم ، كابن مسعود وابن عباس تفسير الآية بالغناء .وذكرته في هذا الرابط :
حُـكـم الغناء والمزامـير
http://saaid.net/Doat/assuhaim/132.htm

وفيه بيان لكلام أهل العلم في تحريم الغناء .

وقول ابن حزم هنا :
وكل شيء يُقتنى ليضل به عن سبيل الله فهو إثم وحرام ولو كان شراء مصحف أو تحفيظ قرآن .

مردود بأن الآية في لهو الحديث ، وقد فسّره تُرجمان القرآن - ابن عباس - بالغناء .

سادساً : قوله :
لا فرق بين الدف وغيره من الآلات الموسيقية .

أقول هذا مردود أيضا بالتفريق بين الدفّ وغيره . وبيّنته في حكم الدفّ ، في الرابط الذي ذكرته أعلاه . ثم إن الدفّ جاء النص بإباحته في الأعراس دون غيره من آلات الطرب ودون بقية المعازف .

سابعاً : قوله : ويستمر ابن حزم في تضعيفه لهذه الأدلة فيرد الحديث الذي رواه البخاري معلقاً غير مسند .

وهذا مردود أيضا ؛ لأنه عند أهل الحديث ليس من باب المعلّق ، وإن زعم ابن حزم أنه مُعلّق .

فالبخاري يروي الحديث عن شيخه هشام بن عمار ، فأي تعليق في الحديث ؟ ومن قال إنه مُعلّق فقد قلّد ابن حزم دون بينة ولا دليل . فالبخاري يروي الحديث عن شيخه هشام بن عمار بإسناد متّصل صحيح . فمن يرد هذا الحديث تقليدا لابن حزم فكأنه يطعن في البخاري .بل لو كان مُعلّقا بصيغة الجزم لكان هذا الفعل تصحيحاً من الإمام البخاري .

وإن كان القائل أنصف فقال :
والذي أعتقده أن ابن حزم أخطأ في تضعيف هذا الحديث , غيرأنه ليس من قبيل السنة التشريعية , فهو وصف لحال أناس يكونون في آخر الزمان ممن يستحق الخسف به في باطن الأرض.

فأقول : بغض النظر عن كونه وصف حال لأناس يأتون في آخر الزمان ، إلا أن الحديث جاء وصحّ بلفظ :
ليكونن من أمتي أقوام يستحلون .
فما معنى (يستحلون) ؟

معناها أنه مُحرّمة فيستحلّونها أي يجعلونها حلالاً ويُصيّرونها حلالاً من عند أنفسهم ، وهذا دليل صريح في تحريم المعازف . ومَن أباح المعازف فقد حلّل ما حرّم الله ! وقد استحلّ ما حرّم الله !

ثامنا : قول الأوزاعي : ندع من قول أهل الحجاز : استماع الملاهي والجمع بين الصلاتين من غير عذر .

أي أن هذا القول مِن زلاّت العلماء التي لا يُتابَعون عليها .فأهل الحجاز زلّوا في زمن من ألأزمنة في هذه المسالة ، فلذا لم يأخذ العلماء بقولهم في هذه المسألة .

كما أن أهل الكوفة زلّوا في مسألة النبيذ ، وهو نوع من الشَّراب ، فلم يؤخذ بقولهم في هذه المسألة ولذا لما سُئل الإمام أحمد رحمه الله عن شُرب بعض العلماء للنبيذ . ذكر أنها زلاّت علماء .

قال أبو حاتم الرازي : ذَكَرت لأحمد بن حنبل من شرب النبيذ من محدثي الكوفة ، وسَمَّيْت له عددا منهم ، فقال : هذه زلاّت لهم ولا تسقط بزلاّتهم عدالتهم .

وقال الإمام الذهبي رحمه الله :
ومن تتبّع رخص المذاهب وزلاّت المجتهدين فقد رقّ دينه ، كما قال الأوزاعي أو غيره : من أخذ بقول المكيين في المتعه ، والكوفيين في النبيذ ، والمدنيين في الغناء ، والشاميين في عصمة الخلفاء ، فقد جمع الشرّ ، وكذا من أخذ في البيوع الربوية بمن يتحيّل عليها ، وفي الطلاق ونكاح التحليل بمن توسّع فيه ، وشِبه ذلك ، فقد تعرّض للانحلال ! فنسأل الله العافية والتوفيق . اهـ .

تاسعا :
أما دعوى أن أهل الحجاز قالوا بذلك جميعا ، بما فيهم الفقهاء السبعة ، فهذا غلط !
بل نَقَل الإجماع غير واحد على تحريم الغناء ؛ فقد نَقَله القرطبي وابن القيم .

قال الإمام القرطبي : قال العلماء بتحريم الغناء ، وهو الغناء المعتاد عند المشتهرين به الذي يُحرِّك النفوس ويبعثها على الهوى والغزل والْمُجُون الذي يُحرِّك الساكن ويبعث الكامن ؛ فهذا النوع إذا كان في شِعر يُشبّب فيه بِذِكر النساء وَوَصْف مَحَاسِنهن وذِكر الخمور والمحرمات : لا يُختَلَف في تحريمه لأنه اللهو والغناء المذموم بالاتفاق . اهـ .

وقال أيضا : وأما مذهب أبي حنيفة فإنه يَكره الغناء مع إباحته شرب النبيذ ، ويجعل سماع الغناء من الذنوب ، وكذلك مذهب سائر أهل الكوفة إبراهيم والشعبي وحماد والثوري وغيرهم ؛ لا اختلاف بينهم في ذلك . اهـ .
وقال أيضا : وأما مذهب الشافعي فقال : الغناء مَكْرُوه يُشبِه الباطل . اهـ .
والكَرَاهة في كلام المتقدّمين قد تُطلَق على التحريم .

وأطال ابن القيم الكلام في المسألة في كتابه " إغاثة اللهفان " .
بل قال فيه قولا شديدا ، فإنه قال في " إغاثة اللهفان " عن الغناء : وأما سَمَاعه مِن المرأة الأجنبية أو الأمْرَد فَمِن أعظم الْمُحَرَّمَات وأشدّها فَسَادًا للدِّين . اهـ .

عاشرا : قوله : وقال الإمام الشافعي في الأم ( 6 - 209 ): ليس بمحرّم بيّن التحريم .

أقول : مَن نَقل عن الإمام الشافعي لا شك أنه بَتَر كلامه ، وأخذ منه ما وَافَق هَواه ، كما أنه اقتصر على موضع واحد مِن كلام الشافعي رحمه الله .

قال الشافعي رحمه الله تعالى في الرجل يُغني فيتّخذ الغناء صناعته يُؤتى عليه ويأتي له ويكون منسوبا إليه مشهورا به معروفا والمرأة : لا تجوز شهادة واحد منهما ، وذلك أنه من اللهو المكروه الذي يُشبه الباطل ، وأن مَن صنع هذا كان منسوبا إلى السَّفه وسقاطة المروءة ، ومن رضي بهذا لنفسه كان مُستخفّا ، وإن لم يكن محرما بيِّن التحريم . اهـ .

كما لا يصح نسبة القول بإباحة الغناء إلى الإمام مالك رحمه الله .

قال ابن الحاج في المدخل :
وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الصَّلاحِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى أَنَّ آلاتِ الطَّرَبِ إذَا اجْتَمَعَتْ فَهِيَ مُحَرَّمَةٌ . وَمَذْهَبُ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الطَّارَ الَّذِي فِيهِ الصَّرَاصِرُ مُحَرَّمٌ ، وَكَذَلِكَ الشَّبَّابَةُ ، وَيَجُوزُ الْغِرْبَالُ لإِظْهَارِ النِّكَاحِ .اهـ .

وقال ابن العربي المالكي : وأما الغناء فإنه من اللهو المُهيّج للقلوب عند أكثر العلماء ، منهم مالك بن أنس . اهـ .
وقال في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) قال :
فيه ستة أقوال :
الأول : الشرك
الثاني : الكذب
الثالث : أعياد أهل الذمة
الرابع : الغناء
الخامس : لعب كان في الجاهلية يُسمى بالزور ، قاله عكرمة .
السادس : أنه المجلس الذي يُشتَم به النبي صلى الله عليه وسلم . اهـ .

وقال أيضا في قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ) قال : هو الغناء وما اتَّصَلَ به . اهـ .
وقال الإمام القرطبي - وهو مالكي المذهب - :
وذَكَرَ إسحاق بن عيسى الطباع قال : سألت مالك بن أنس عما يُرخِّص فيه أهل المدينة من الغناء . فقال : إنما يفعله عندنا الفُسّاق . وذَكَر أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري قال : أمّا مالك بن أنس فإنه نَهَى عن الغناء وعن استماعه ، وقال : إذا اشترى جارية ووجدها مُغَنّيَة كان له ردّها بالعَيب ، وهو مذهب سائر أهل المدينة إلاّ إبراهيم بن سعد ، فإنه حَكى عنه زكريا الساجي أنه كان لا يرى به بأسا . اهـ .

فأنت ترى أن هؤلاء الأئمة وهم على مذهب الإمام مالك نقلوا عنه النهي عن الغناء ، وأنه قال : لا يَفعله عندنا إلا الفسّاق ! وعدّ الغناء عيبا في الجارية .

أفبَعْدَ هذا يُقال إن مذهب الإمام مالك إباحة الغناء ؟
لو كان الغناء مُباحاً .. هل يُفسّق الإنسان بفعل المباح ؟!!


والْحُجّة عند التّنازع : الكتاب والسنة
وقد دلّت أدلّة الكتاب والسُّنّة على تحريم الغناء ؛ فمِن ذلك :
قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ )
وقوله عليه الصلاة والسلام : إن الله حَرَّم عليّ - أو حَرَّم - الخمر، والميسر، والكُوبة . قال : وكل مُسكر حرام . قال سفيان : فسألت علي بن بذيمة عن الكُوبة ؟ قال : الطبل . رواه أبو داود وصححه الألباني .
فإذا حُرِّم الطبل ، فغيره مِن آلات الطرب أوْلَى بالتحريم .

والغناء هو صوت الشيطان
قال القرطبي أيضا :
قوله تعالى : ( بِصَوتِك ) وصوته كل داع يدعو إلى معصية الله تعالى . عن ابن عباس ومجاهد : الغناء والمزامير واللهو . وقال الضحاك : صوت المزمار . اهـ .

وأما دعوى الإجماع ولو من أهل المدينة فمنقوضة بالخلاف ، بل لم يُجمِع أهل المدينة على ذلك ، فالخلاف قديم بين أهل المدينة أنفسهم ، فضلا عن غيرهم .
بل إن مذهب جماهير العلماء على تحريم الغناء .

وهذا الإجماع يُقابَل بإجماع مُتقدِّم ، وهو أولى منه .
قال الطبري : أجمع علماء الأمصار على كراهة الغناء والمَنع منه . اهـ .

بل كان العلماء يُسمّون الْمُغنّي (مُخنّثا) !!
وقد نصّ العلماء على أنه لا يَضْرِب الدفّ إلاَّ مَن كان مِن المخنّثين !

قال ابن قدامة عن
ضرب الدفّ : وَأَمَّا الضَّرْبُ بِهِ لِلرِّجَالِ فَمَكْرُوهٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ ؛ لأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ يَضْرِبُ بِهِ النِّسَاءُ ، وَالْمُخَنَّثُونَ الْمُتَشَبِّهُونَ بِهِنَّ ، فَفِي ضَرْبِ الرِّجَالِ بِهِ تَشَبُّهٌ بِالنِّسَاءِ ، وَقَدْ لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ . اهـ .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : ولما كان الغناء والضرب بالدُّفّ والكَف من عمل النساء كان السلف يُسمّون من يفعل ذلك من الرجال مُخَنَّثا ، ويُسمّون الرجال الْمُغَنِّين مَخانيث ! وهذا مشهور في كلامهم . اهـ .
وقال في موضع آخر : كَانُوا يُسَمُّونَ الرِّجَالَ الْمُغَنِّينَ مَخَانِيث . اهـ .


وقد طُعِن في بعض الرواة بسبب سماع الغناء ، أو بسبب أنه سُمِع في بيوتهم صوت غناء ! فقد جاء في ترجمة المنهال بن عمرو : تَرَك الرواية عنه شعبة فيما قيل لأنه سَمِع مِن بيته صوت غناء . أهـ .
ولذا قال الإمام القرطبي : الاشتغال بالغناء على الدوام سَفَـهٌ تُرَدّ به الشهادة . اهـ .

وأما الرواية عن عكرمة في سماع الغناء ؛ فقد رُوي عنه خلاف ذلك ، كما نقله القرطبي رحمه الله .
.فقال القرطبي : في قوله تعالى : (وأنتم سامدون) : أي لاهُون مُعرِضون ، عن ابن عباس رواه الوالبي والعوفي عنه ، وقال عكرمة عنه : هو الغناء بلغة حِمير ، يقال سمد لنا : أي غَنِّ لنا . اهـ .

وأما مسألة ضمان آلة اللهو ؛ فجمهور العلماء على أن مَن كَسر آلة غناء أنه لا يضمن . وعجيب أن يؤخذ قول شاذ أو مهجور ثم يُعوّل عليه دون قول العلماء سلفاً وخَلَفا .
وهذه طريقة أهل الأهواء ، وليست مِن طُرُق أهل العلم والْحِلْم .

ولو كان الغناء حلالا ؛ لم يَكن مِن شِيَم الكِرام ، بل ولا مِن أفعال العُقلاء ! فإنما يَفعله السفهاء في كل مجتمع ، بل وفي كل زمان !! لأنه مِن توافه الأمور حتى عند الكُفّار !!
وهل رأى الناس قديما أو حديثا (مُغَنّيا) صار رأسا في مُجتَمعه ، وكان نافِعًا ، أو تَرَك أثَرًا ..؟؟!!

ولا يمتهن الغناء عاقل ولا مَن يحترم نفسه، وذلك في كل مجتمع
وإنما هُم سَقَط المجتمعات

قال رجل للحسن البصري : ما تقول في الغناء يا أبا سعيد ؟
فقال : نِعْم العَون على طاعة الله تعالى ؛ يَصِل الرَّجُل به رَحِمه ، ويُواسي به صديقه .
قال : ليس عن هذا أسألك .
قال : وَعَمّ سألتني ؟
قال : أن يُغَنِّي الرَّجُل .
قال : وكيف يُغَنّي ؟
فجعل الرَّجُل يَلوي شِدْقيه ، ويفتح منخَريه !!!
فقال الحسن : والله يا ابن أخي ، ما ظننت أن عاقلا يفعل بنفسه هذا أبدا !

فوائد :

سأل عبيدُ الله بن عبد الله بن عمر ، القاسمَ بن محمد : كيف ترى في الغناء ؟ فقال القاسم : هو باطل . قال : قد عرفت أنه باطل فكيف ترى فيه ؟ قال القاسم : أرأيت الباطل أين هو ؟ قال : في النار ! قال : فهو ذاك .

قال ابن سيرين : يرحم الله سليمان - يعني ابن عبد الملك - افتتح خلافته بإحياء الصلاة واختتمها باستخلافه عمر ، وكان سليمان ينهى الناس عن الغناء .

تنبيه :

قد يُطلق الغناء في عُرف المتقدّمين ويُراد به الإنشاد ، دون آلة ومن غير مُتخصص .

ثم رأيت اعترافا وتراجعا لأبي عبد الرحمن بن عقيل - أحسن الله خاتمته - عن الغناء والمعازف ، وكان يُتابع فيها ابن حزم رحمه الله ، وينصح أن لا يُتابَع ولا يُتّخذ قدوة في هذه الزلّـة !
هنا
http://safeshare.tv/v/OThzIwxGyao

وهنا :
بماذا نرد على من يرى بجواز استماع آلات الموسيقى ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=279

شبهات حول تحريم الموسيقى
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=4166

هل سماع الأغاني أو الموسيقى حرام أم لا ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=149

ما هي الحكمة من تحريم الموسيقى ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=135

ماحكم سماع الأغاني الوطنية المصحوبة بموسيقى؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=508

هل يصح أن يسمع الإنسان أغنية وطنية أو على الأم وفيها موسيقى ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=5629

ما حكم الموسيقى بشكل عام ؟ وهل سماع الموسيقى في الأغاني الإسلامية حرام ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=18343

هل يجوز حضور مجالِس يُسمَع فيها الغِناء ؟ وهل يجوز أن تُستبدل أشرطة الدفوف بالغناء ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14856


والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم


رد مع اقتباس
 

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
سؤال عن الموسيقى الهادئة نسمات الفجر قسـم المحرمـات والمنهيات 1 14-03-2010 06:16 PM
ما حُـكم الموسيقى والشِعر ؟ عبق قسـم المحرمـات والمنهيات 0 25-02-2010 04:43 PM
ما هي الحكمة من تحريم الموسيقى ؟ عبق قسـم المحرمـات والمنهيات 0 07-02-2010 03:24 PM
القرآن...إعجازه الموسيقي وأصول الموسيقى محب السلف قسم القـرآن وعلـومه 0 05-02-2010 06:57 PM

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 06:35 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى