[نسمات الفجر]

السلام عليكم
صديقتي خُطبت لشاب غير ملتزم برغبتها رغم معارضة أمها فكانت تجلس معه أحيانا من غير النقاب و تخرج معه وتحادثه بالتليفون و الأم راضية (الوالد متوفى والأخ لا شأن له بشيء) المهم أن الفتاة تابت إلى الله وقررت تغيير كل هذا وطالبت بفسخ الخطبة ورفضت أمها بشدة وهيجت الجميع ضدها والحجة أنها معه منذ سنة ولا يجب أن تنهي الأمر بل تحاول أن تأخذ بيده للالتزام
حدثته فى وجود خالها أن يلتزم و يتغير و وعد هو بذلك وطلبت منه عدم محادثتها في الهاتف أو أن يأتي للبيت إلا لضرورة قصوى رفض ذلك تماما بحجة أنها تظلمه وأن هذه حقوقه عليها وأنه ليس أجنبىًا عنها كما تذكر
استخارت الله عدة مرات و وجدت نفسها راضية أن تتركه و صلّت الحاجة ليعينها الله على الجميع لتتخلص منه ثم كلمته وأخبرته أنها ترفضه تماما وأن أهلها يزيفون الحقائق له و يقولون له هي تحبك لكنها غاضبة فانتظر
ثم إن الأم غضبت عليها وطالبتها أن تحادثه في الهاتف و تجلس معه وتفعل كل شيء و تطيع أمها وهي (الأم) تتحمل الوزر فرفضت البنت فغضبت أكثر ودعت عليها الأم ولا تزال ليل نهار تدعو عليها و تقول أنها غاضبة عليها وأن ذنب هذا الفتى في رقبتها لأنه كان سيلتزم على يديها و هي تركته.
عذرا على الإطالة شيخي الفاضل سؤالي الآن : هل غضب الأم ودعاؤها على البنت متقبل عند الله و هي ستخسر الآخرة كما تقول أمها لها ؟



الجواب :
أولاً : صلاة الحاجة لا يصحّ فيها حديث .

ثانياً : لا يجوز للفتاة أن تخرج مع شاب أجنبي عنها ، ولا أن تُحادِثه بهذه الصورة ولو كانت مخطوبة له .
فقول الشاب : ( إنها تظلمه وإن هذه حقوقه عليها وأنه ليس أجنبي عنها )
هذا كله باطِل !
فليس في هذا ظُلم له ، لأن كل ما في الأمر أنها أعادة الأمور إلى نصابها ، وأنها تَركتْ ما كان مُحرّما عليها .

وليس من حقِّـه عليها أن تخرج معه ولا أن تُجالسه وتُحادِثه .
بل يَحرم عليها أن تَخرج معه ، كما يَحرم عليها أن تخلو به .
وهو أجنبي عنها ، وإن كان خاطِباً ، فالخاطِب أجنبي عن المخطوبة ، فلا يجوز له أن يخلو بها ، ولا أن يُصافِحها .

ثالثاً : لا يجوز للأم أن تدعو على ابنتها ، فهذا من الظلم ، لأن الأم كانت تُقرّ ابنتها لم كانت مُخطئة وتفعل ما حرّم الله عليها ، والآن تدعو عليها وتُعاتبها وتُشنّع عليها لما تَرَكَتِ الحرام !
هذا من عجائب هذا الزمان ! والله المستعان .

رابعاً : لا يجوز للفتاة طاعة أمها في ارتكاب معصية ، فَمَع عِظَم حقّ الوالدة إلا أنه لا تجوز طاعتها في معصية الله ، لأن حقّ الله أعظم .
ولذا قال عليه الصلاة والسلام : لا طاعة في معصية الله ، إنما الطاعة في المعروف . رواه البخاري ومسلم .
ولقوله عليه الصلاة والسلام : على المرء والطاعة فيما أحبّ وكرِه إلا أن يؤمر بمعصية ، فإن أُمِرَ بمعصية فلا سمع ولا طاعة . رواه البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، ومسلم من حديث عليّ رضي الله عنه .

خامساً : خسران الآخرة ليس بِيَد الأم !
بل لا يَخسر أحد الآخرة إلا المشرك والتارك لِدينه ، أما من استقام على دِين الله ، فإنه هو الذي رَبِحَ الآخرة .
وغضب الأم يُراعَى إذا كان في حقّ ، أما إذا كان في باطل فلا يُلتَفت إلى غضبها .

سادساً : على هذه الفتاة أن تُقنِع والدتها بالتي هي أحسن ، وأن تُحسِن إليها ، وأن تتلطّف معها .
لأنه في بعض الأحيان إذا وقعت المنافَرة والخلاف وَقَعت الإساءة في المعاملة .
ومهما كان الخلاف فإنه لا يُسوِّغ سوء المعاملة .

والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض