[*المتفائله*]

السلام عليكم ورحمة الله ؛ وبعد :
أود الاستفسار عن هذه العبارات التي أوردها أحد الكُتّاب في إحدى المنتديات العامة وهو يناقش بعض الأمور الشرعية حيث ذكر :
(ليس كل حرام خاطئ...و ليس كل حلال صحيح) وضرب أمثلة على ذلك منها :
_ القرض البنكي.- يقصد الربوي - ...حرام لكن صح
_أن تلبس لباس عربي و تذهب إلى مقابلة في شركة....حلال لكن خطأ
_حلاقة اللحية....حرام لكن صح
_أن تصلي فوق الطاولة....حلال لكن خطأ
فهل هذه القاعدة (ليس كل حرام خاطئ...و ليس كل حلال صحيح) قاعدة سليمة ، وإن لم تكن كذلك فما توجيهكم ؟
وفقكم الباري





الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ووفّقَك الله لِكل خير .

قائل هذا القول جاهِل !
وتلك العبارة خاطئة .
فلو لم يكن الأمر الْمُحرَّم خاطئا لَمَا حُرِّم ؛ فإن مِن الْمُتَقرِّر عند العلماء أن الشريعة لا تأمُر إلاّ بما مصلحته مُتحققة أو راجِحة ، ولا تنهى عن أمْر إلاّ ومَفْسَدته مُتحققة أو راجِحة .
فما كانت مفسدته مُتحققة أو راجِحة فهو خطأ .
وقائل ذلك القول مُنازِع لله في تشريعه ، بل ومُنازِع لله في حِكمته ، فهو يزعم أن الله أحلّ أشياء ليست صحيحة ، ويزعم أن الله حرّم أشياء ليست خاطئة .


وما ضَرَب به أمثلة دلّ على جَهْل مُركّب ، فالقَرْض الربوي – مثلا – حرام وهو خطأ بكل المقاييس ، حتى المقاييس العقلية ، فلا يُمكن أن يقول العقل السليم أن القَرْض الربوي صحيح ! لأنه مِما يُظْلَم به الناس ، ومما تُسْتغلّ به حاجات أصحاب الحاجات ، ومما تتراكم بسببه الدّيون على أصحاب القروض ، ومما تنعدم بسببه الرحمة ويختفي التكافل الاجتماعي ، وتتكوّن الطبقيَّـة !

ومثله حَلْق اللحية ، حرام ، وهو خطأ .
ومن صحح حلق اللحية فقد خالَف أمْر ربه وأمْر رسوله صلى الله عليه وسلم ، بل شَرَّع ما لم يأذن به الله ، ونازَع الله في تشريعه .
ومثله ما يُزْعَم مِن سماع الموسيقى والأغاني ، مِن أنها تُريح النفس ! وهي شقاء وبلاء .
فهي مُحرّمة ، وهي خطأ .

واللباس إذا خالَف اللباس الشرعي فهو خطأ ، سواء كان مِن أجل المقابلة الشخصية أو في غيرها .
ولا يُسوِّغ طلب العَمل أن يلبس الإنسان لباسًا لا يجوز لبسه شرعًا .

ولا يُوجِد عقل سليم يُخالِف ما جاءت به الشريعة ، بل الشريعة تتوافَق مع العقول السليمة . فمن وَجَد في نفسه خِلاف ذلك فَلْيتّهم عقله ، كما قال ابن القيم رحمه الله .

وقد ذَكَر العلماء أن رجلا أسْلَم ، فلَمّا سُئل عن سبب إسلامه قال : ما أمَر الإسلام بِشيء فَقَال العَقْل : لَيْتَه لَم يَأمُر بِه ، ولا نَهَى عن شيء فَقَال العَقْل : لَيْتَه لَمْ يَنْهَ عنه .


والله تعالى أعلم .


المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد