ب – أن لا يُتَنَاوَلَ باليَدِ اليُسْرى تكريما للمُصْحفِ ، فقد كان النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلمَ يُعجِبُه التيمنَّ في تَنَعّلِهِ ، وترجّلِهِ ، وطُهورِهِ ، وفي شأنِهِ كلِّهِ . رواه البخاريُ ومسلم .
قالتْ حَفصةُ رضي اللهُ عنها : كان النبيُّ صلى الله عليه يَجْعَلُ يَمِينَهُ لأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ ، وَوُضُوئِهِ وَثِيَابِهِ ، وَأَخْذِهِ وَعَطَائِهِ ، وَكان يَجْعَلُ شِمَالَهُ لِمَا سِوَى ذَلِكَ . رواه أحمد وأبو داود . وصححه الألباني والأرنؤوط .
ج- أن لا تُمَدَّ الأقدامُ تِجَاهَ المَصَاحِفِ ، وأن لا يُتَخطَّى ، ولا يُجْتَازَ مِن فوقِه .
قال ابنُ نُجَيْم : يُكْرَهُ أَنْ يَمُدَّ رِجْلَيْهِ فِي النَّوْمِ وَغَيْرِهِ إلَى الْقِبْلَةِ أَوْ الْمُصْحَفِ أَوْ كُتُبِ الْفِقْهِ إلاَّ أَنْ تَكُونَ عَلَى مَكَان مُرْتَفِعٍ عَنْ الْمُحَاذَاةِ.
وقال الحجاوي : ويُكْرَه مَدَّ الرِّجْلَين إلى جِهَتِه أَيْ : الْمُصْحَفِ . وَفِي مَعْنَاهُ: اسْتِدْبَارُهُ وَتَخَطِّيهِ وَرَمْيِهِ إلَى الأَرْضِ بِلا وَضْعٍ وَلا حَاجَةٍ ، بَلْ هُوَ بِمَسْأَلَةِ التَّوَسُّدِ أَشْبَهُ .
وقالَ شيخُنا العثيمينُ رحمَهُ اللهُ :
لا شـكَّ أنَّ تعظيمَ كتابِ اللهِ عزَّ وجلّ مِنْ كمالِ الإيمانِ ، وكَمالِ تعظيمِ الإنسانِ لِربِّـهِ تباركَ وتعالى .
ومَـدُّ الرِّجْلِ إلى المُصحفِ أوْ إلى الحوامِلِ التي فيها المصاحفُ أو الجلوسُ على كُرسي أو مَاصَّةٍ تحتُها مُصْحَفٍ يُنافي كَمَالَ التعظيمِ لكلامِ اللهِ عزَّ وجلّ ، ولِهَذا قالَ أهلُ العِلمِ : إنَّهُ يُكرَهُ للإنسانِ أن يَمُدَّ رِجْلَهُ إلى المصحفِ ، هذا مع سلامةِ النيةِ والقصدِ .
أما لو أرادَ الإنسانُ إهانةَ كلامَ اللهِ فإنَّه يَكْفُرُ ؛ لأنَّ القرآنَ الكريمَ كلامُ اللهِ تعالى .
وإذا رأيتم أحدًا قَدْ مَـدَّ رِجْليهِ إلى المصحفِ سواءً كان على حَامِلٍ أو على الأرضِ ، أو رأيتم أحدًا جالسًا على شيءٍ وتحتُه مصحفٌ ، فأزيلوا المصحفَ عن أمامِ رِجْليه أوْ عنِ الكُرسي الذي هُوَ جَالِسٌ عَليهِ ، أو قولوا له : لا تمـدّ رجليكَ إلى المصحفِ . احْتَرِمْ كلامَ اللهِ عزَّ وجلّ .
والدليلُ ما ذكرتُه لك مِن أنَّ ذلك يُنافي كَمالَ التعظيمِ لِكلامِ الله ، ولهذا لو أنَّ رَجُلاً مُحتَرمًا عندكَ أمامكَ ما استطعتَ أن تمـدَّ رجليك إليهِ تعظيماً له ، فكتابُ اللهِ أوْلى بالتَّعظيمِ .
د – أن لا يُنظِّفَ أنفَهُ حالَ القراءةِ مِنْ المصحفِ ، خشيةَ أن يُصيبَ المصحفَ شيءٌ منْهُ ، ولو لم يُخْشَ مِن ذلكَ فإنَّهُ يجِبُ احترامُ المصحفِ ، فإنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَضَعُ المُصحفَ بينَ يديْه مفتوحًا ، ثمَّ يأخذُ المناديلَ ويُنظِّفُ أنْفَهُ فَوقَ المصحفِ ، وهذا في حقيقتهِ سُوءُ أدبٍ مع كتابِ اللهِ .
هـ - أنْ لا يضَعَ الْمُصحفَ مقلوبًا عند السجودِ ، فإنَّ ذلكَ مِن عدمِ تعظيمِ شعائرِ اللهِ .
قالَ اللهُ عَزّ وَجَلّ : (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) والمصحفُ مِنْ أعظمِ شعائرِ اللهِ .
وبعضُ النَّاسِ إذا انتهى مِنْ القراءةِ ألقى بِالْمُصحفِ على الرَّفِّ إلْقاءً ، وربما أحْدَثَ صوتًا ، وهذا خِلافُ الأدَبِ مع كتابِ رَبِّنا تباركَ وتعالى .